ظلم الشخص العادي لماذا؟

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

ظلم الشخص العادي لماذا؟

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

إحدى دورات التنمية البشرية الشهيرة كانت تبدأ بقصة حياة الأستاذ (عادي)، ذلك الشخص الذي عاش حياة (عادية) وحقق نجاحا (عاديا)، ثم مات في النهاية بشكل (عادي)!! وكتب على قبره: السيد (عادي)، ولد عام 1960م ومات عام 1960م!! لأن حياته لم تكن لها قيمة!! هذه القصة يحبها الكثير من مدربي التنمية البشرية، ولكني أنا في الحقيقة أكرهها جدّا؛ لأنها تظلم كثيرا هذا الشخص (العادي)، وتقلل من شأنه وتدعو لاحتقاره!! وأنا أومن أننا في أمس الحاجة لاحترام الأستاذ (عادي)؛ لأنه يقع على عاتقه 80% من نجاح أي مجتمع بالرغم أنه ليس قائدا أو حكيما، أو أديبا، أو ناشطا اجتماعيا، أو... أو.... أو.الأم (العادية) التي ترعى أبناءها وتحسن تربيتهم، المدرسة (العادية) التي تشرح الدروس لطلابها بضمير وتغرس فيهم القيم والمبادئ والحب.الزوجة (العادية) التي تُعد الطعام لزوجها وتحسن استقباله وعشرته، والصبر على طباعه.
هذا هو الإنسان العادي، وهذا هو أنت.والله سبحانه وتعالى لن يحاسبنا يوم القيامة على (حجم) دورنا -هل كان كبيرا أم صغيرا- ولكنه سيحاسبنا على (كيفية) أدائنا لهذا الدور (الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) وليس (أكبر) أو (أكثر) عملا.. المهم هو (الكيف).
أنا ما زلت أدافع عنك وعن كل شخص (عادي) يؤدي مهام (عادية)، بكل رضا وهدوء، فيقدم الكثير للدين ويترك أثرا في الدنيا (كما تقولين في رسالتك وإنجازات البسيطة عن أمنيتك لنفسك).أنا أدعوك -قبل كل شيء- لاحترام أدوارك البسيطة وعدم احتقارها، وألا تعتبري نفسك -كما تقولين- "صحراء"!!الصحراء لا تعرف الدراسة، والتخرج من الجامعة، والزواج والإنجاب، هذه كلها إنجازات (عادية)، ولكنها إنجازات حقيقية وطيبة، وجديرة بالرصد والاحترام.
هذه هي الخطوة الأولى: أن تحترمي ما وصلت إليه، ولا تعتبري نفسك (صفرا)، وأن تحبي وتتقبلي هذا النموذج (العادي) للحياة والبشر.ثم تأتي بعد ذلك الخطوة الثانية: وهي (المزيد) من اكتشاف النفس وتحديد شخصيتها وتطويرها، كما تلاحظين أن استخدام كلمة (المزيد) من الاكتشاف؛ لأننا متفقون على أنك لست عند نقطة الصفر.أنت لن تستيقظي يوما من النوم فجأة فتكتشفين شخصيتك، وتعرفين هل أنت حكيمة أم متهورة أو مرحة -ما تقولينه في سؤالك- ولكن أنت لك تجارب سابقة في الحياة، ثم تجارب أخرى لاحقة، ومع كل تجربة تكتشفين جانبا جديدا في شخصيتك، وبالتدريج تلاحظين نقاط ضعف حقيقية.
وستلاحظين أيضا نقاط قوة أو غير ذلك، المهم أنك طوال رحلة الاكتشاف والتطوير تحققين ثلاثة شروط مهمة:
1- القدرة -دائما- على رصد المميزات، والشعور بقيمتها وتعزيزها، وتأكيدها، واستثمارها.
2- القدرة -دائما- على رصد نقاط الضعف، ثم تقبل بعضها تماما، وعمل برنامج متدرج لإصلاح البعض الآخر بهدوء ودون جلد للذات.
3- القدرة -دائما- على الحب لنفسك والتعاطف معها، وتقبلها على أي حال، واليقين أن الكمال لله وحده، وأن الاختلاف بين البشر في الطباع أمر بشري ومقبول، وأنك لست مضطرة أن تكوني إلا نفسك، بكل جوانبها، بكل أوجه قوتها وضعفها أيضا.
لا أخفي عليك أنك قد تحتاجين مساعدة مُرشد نفسي -ولو بين الحين والآخر- ليساعدك في تطبيق هذه الشروط الثلاثة عمليا، ولكنك على أية حال تستطيعين أن تقومي بالجزء الأكبر بشكل ذاتي، وسأحاول أن أقدم لك نموذجا عمليا بسيطا:
أنت تعانين من الخجل، وضعف العلاقات الاجتماعية، وهذا فيه ميزة كبيرة، وهي أنه يساعدك على التفرغ أكثر لبيتك وزوجك، وابنتك، وقراءتك، وثقافتك، وعبادتك، ولكن على الجانب الآخر فيه عيب كبير، وهو أنه يجعل خبراتك في الحياة قليلة، وعلى جانب آخر هذا (طبع) راسخ في شخصيتك لن تستطيعي تغييره.
وبالتالي فإن أول خطوة هي (تقبل) وجود هذا (الطبع) بدرجة ما، بل والشعور بمميزات هذا الطبع، ثم من ناحية أخرى وضع حد أدنى للعلاقات الاجتماعية لا تقلين عنه (مثل صحبة خير في مسجد أو عمل تطوعي)، ثم تطورين من ذكائك الاجتماعي من خلال هذا الحد الأدنى، وهذه العلاقات البسيطة، فهذا الشهر مثلا ستتدربين على (المبادرة في الكلام)، ثم في الشهر التالي ستتدربين على (التعاطف) مع الآخرين، وفي الشهر الثالث (التعبير عن الرفض)، وهكذا.كلما تقدمت شجعي نفسك، وكلما انتكست لا تفقدي تفاؤلك أبدا؛ لأن اليأس من الشيطان، هذا مثال عملي، وبنفس الطريقة تعالجين كل الأمور، ولكن تذكري دائما المميزات، ورصد العيوب، وإصلاحا متدرجا، وتقبلا وحبا.
أختم إجابتي بهذه الكلمات حتى تظل عالقة في ذهنك مدى حياتك.


أضف رد جديد

العودة إلى ”التنمية والتغيير“