مبدعون يهزمون البطالة

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

مبدعون يهزمون البطالة

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

مبدعون يهزمون البطالة
تامر أبو العينين الكفاح يولد نجاحا تضرب مشكلة البطالة بأطنابها في العديد من البلاد الأوربية، وتشمل قطاعات عديدة من المهن والحرف، وطالت حتى الأكاديميين منهم، إلا أن اليأس لم يعرف طريقه إلى نفوس الأغلبية، ففكروا وابتكروا طرقًا ووسائل للعمل وكسب المال، وقصص بعضهم مشوقة للغاية، وتبعث الأمل في النفوس.. فتعالوا لنعرفها ونتعلم منها، وكيف استفادت الشركات في أوربا منها.
تخرج موريتس ليخنر في معهد الفيزياء في زيورخ بسويسرا، واحتار في العثور على عمل يبدأ به حياته المهنية، إلا أن الرفض كان القاسم المشترك في كل الخطابات التي تأتيه ردًّا على طلبات البحث عن وظيفة التي يبعث بها إلى الشركات والمؤسسات.إلا أن ليخنر لم ينسَ أنه تعرف من خلال دراسته على بعض المشاكل التي تعاني منها الشركات الصناعية، وكان قد جمع بعض المعلومات حول حاجة الشركات لمقاييس دقيقة لدرجات الحرارة والضغط والرطوبة في تطبيقات صناعية مختلفة.وبالعودة إلى الكتب والمذكرات الجامعية ومتابعة ما توصلت إليه كبريات الشركات العالمية في هذا المجال، تمكن الشاب السويسري من وضع بعض الأفكار حول ما يمكن أن يكون جديدًا في هذا المجال.ومن الفكرة إلى التصميم ثم التنفيذ الأولي في مرحلة التجارب، بدأ ليخنر بالاتصال بالشركات التي يمكنها أن تستخدم ابتكاراته، حيث جمع بين عدة فوائد في أجهزته، فهي تقيس درجة الحرارة ومعدل الضغط ونسبة الرطوبة في آن واحد، وتحول النتائج إلى قاعدة بيانات ترتبط إما بلوحة عرض أو بوحدة تشغيل، أي أن التعامل معها يمكن أن يكون آليًّا أو يدويًّا.الجديد أيضًا هو حجم هذا الجهاز الذي لا يزيد عن 7 سنتيمترات بكفاءة عالية ومهيأ للعمل في ظروف صعبة، فكان الإقبال عليه كبيرًا من مصانع الصناعات الغذائية أولاً، ثم امتدت إلى قطاعات واسعة.تعامل ليخنر مع تصنيع الجهاز ببساطة، حيث كانت بدايته في ورشة صغيرة في ركن من البيت الذي يسكن فيه، وحرص في كل خطواته الأولى على أن تكون أسعاره أرخص من تلك المتواجدة حاليًّا، ولم ينظر إلى أن الأجهزة التي صممها يجب أن تباع بسعر غالٍ؛ لأنها متميزة وجديدة.استغرقت تلك المرحلة الأولية 4 سنوات أسس خلالها مع زميل آخر له يعمل في نفس المجال شركة لوضع نشاطهما في إطار تجاري وقانوني في نفس الوقت، وكانا يقومان بتصنيع النماذج الأولية لجهازهم بخامات عادية جدًّا وبشكل مبسط، ثم تواصلت طلبات المصانع على أجهزة الاستشعار التي ينتجانها، حتى أصبح يعمل لديهما الآن 35 شخصًا في الإنتاج والتوزيع والاتصال بالعملاء ومتابعة كل تطور، ومحاولة اللحاق به.الرزق في البرامج دانيال ديتس، مثال سويسري آخر لتحدي الظروف الصعبة، فقد درس البرمجة وعلوم الحاسب الآلي، وعلى الرغم من أن هذا المجال مطلوب بشدة في جميع أنحاء أوربا، فإنه آثر أن يكون مستقلاًّ في بداية حياته العملية؛ لتنفيذ فكرة، كان يعتقد بأنها ستدر عليه ربحًا وفيرًا.لقد لاحظ ديتس بأن جميع أجهزة الهواتف المحمولة والنقالة تستعمل برامج بلغة جافا. ومع صغر حجم الأجهزة وتعدد الإمكانيات التي تقوم بها والخدمات التي توفرها، وجد أنه من المستحسن أن تكون تلك البرامج تعمل بشكل أسرع، ولا تحتاج إلى مساحة كبيرة للتخزين، فعمل مع أخيه على ابتكار برنامج يؤدي تلك المهام، ونجحا بل وطوراه لاستخدامه في مجالات أخرى تعتمد على البرمجة بلغة جافا، مثل ألعاب الحاسب الآلي بأشكالها وأنواعها المختلفة.وكان لتصميم هذا البرنامج صدى كبير في الأوساط المهتمة به فقررت إحدى الشركات ضم الأخوين في شركة مستقلة بهما لمواصلة تطبيق هذا البرنامج، وحقق الشابان بفضل مثابرتهما نجاحًا منقطع النظير في هذا المجال.الطبيب وبيانات المرضى وفي مجال البرمجة أيضًا انهمك طبيب شاب مع مبرمج للحاسوب في مشكلة بيانات المرضى المتراكمة في المستشفيات والعيادات الخاصة والتي يلاقي الجميع مشكلة في الحفاظ عليها، أو الاستفادة من البيانات الواردة فيها، فصمما برنامجًا متكاملاً يحفظ جميع بيانات المريض، وحتى صور الأشعة وأنواع الأدوية التي تعاطاها ومددها، والأطباء الذين زارهم، أي بمعنى آخر السجل الطبي الكامل لكل مريض.الفكرة قد لا تكون جديدة، ولكن ما قدمه الطبيب والمبرمج هو ربط جميع كل تلك المعلومات في شبكة لقواعد البيانات، تربط المستشفيات وعيادات الأطباء المهتمين بالمشاركة في تلك الشبكة، مع سجل كامل بأنواع الأدوية المتوفرة في السوق ومواصفاتها وتركيبها، وموسوعة طبية للتشخيص السريع بمجرد إدخال مجموعة من البيانات، ومقترحات للعلاج.وقد نجح الاثنان في تسويق هذا البرنامج المتكامل، بعد أن تفرغا تمامًا له، وبعد ظهور بوادر النجاح قاما بتأسيس شركة تضم الآن 15 شخصًا لمواجهة الطلبات المتزايدة على هذا البرنامج في سويسرا وألمانيا وحتى موسكو، وذلك بعد 4 سنوات فقط من أول انطلاقة للفكرة.ساعد نفسك بنفسك وبعيدًا عن البرمجيات والعلوم الطبيعية والتقنية والاختراعات، ابتكر عدد من الشباب وسيلة جيدة في مجال الخدمات، فقدم موقعًا على الإنترنت يحمل اسم "ساعد نفسك بنفسك" http://www.hilfdirselbst.ch/index.php يضم باقة من عناوين الدورات التدريبية ومكانها وتخصصها، وساحة للحوار حول تبادل الأفكار والآراء للبحث عن عمل أو الدخول في مشروع، ويمول هذا الموقع نفسه من الإعلانات التي تنشرها الشركات التجارية فيه.كما لجأ ثلاثة شباب ممن أنهوا تعليمهم الفني في أعمال السكرتارية إلى فكرة جيدة، فقد استفادوا من وجود الحسابات الآلية في بيوتهم، ونشروا إعلانًا في الصحف يعرضون فيه خدماتهم على الشركات الصغيرة في القيام بأعمال المحاسبة والسكرتارية، فوجدوا صدًا طيبًا لدى الشركات حديثة التأسيس، والتي ليس لديها رأس المال الكافي لدفع راتب شهري ثابت، لمن يقوم بهذه الوظيفة بشكل أساسي متفرغ، واستطاع الشباب كسب ثقة عدد لا بأس من الشركات الصغيرة، حتى أصبح مكتبهم يضم 15 آخرين من زملائهم.مجموعة أخرى شكلت "خلية لرعاية كبار السن"، من خلال تقديم خدمات كثيرة لهم، بداية من شراء المواد الضرورية للحياة اليومية، أو قضاء خدمات عامة لهم أو اصطحابهم إلى الأطباء أو حتى إلى النزهة في الأماكن العامة، أو الاكتفاء بإعداد وجبات الطعام الرئيسية لهم، وهذه الخلية نشيطة تشمل حاليًّا 20 شخصًا يتناوبون العمل بينهم على مدار الساعة.هذه الأفكار تحتاج بالطبع إلى خلفيات متعددة أولها الثقة بالنفس والقدرة على الاستفادة من الخبرة الدراسية، ومعرفة احتياجات الآخرين، فالفيزيائي الذي ركّب جهاز الاستشعار لم يأتِ في واقع الأمر بجديد تمامًا، إلا في تحسين ظروف تجميع هذا الجهاز الجديد حتى توصل إلى تصغير حجمه إلى شكل قياسي، واعتمد على الاتصال المباشر والتعرف على احتياجات الشركات من المجلات العلمية المتخصصة، ومن ثَم سهل عليه الاتصال بهم.معهد الشركات الشابة وقد انتبهت قطاعات كبيرة من الشركات في أوربا إلى إمكانية الاستفادة من شباب الخريجين بشكل أو بآخر، فهم أكثر نشاطًا، ولديهم القدرة على التعلم بسرعة والتأقلم بسرعة مع ظروف العمل، ويمكن الاستعانة بهم في أعمال مؤقتة.ولتوجيه هؤلاء الشباب إلى الطريق الصحيح للاعتماد على النفس شكلت مجموعة من الشركات في سويسرا مؤسسة تحمل اسم "معهد الشركات الشابة" ساهم فيها بنك كبير وشركة اتصالات وأخرى للتأمينات وثالثة للبرمجيات.ويقدم هذا المعهد جميع النصائح الخاصة بتشكيل الشركات، وكيفية الدخول إلى السوق وإعداد دراسات الجدوى وكيفية تحويل الفكرة إلى مشروع، كما يوفر فرصة التلاقي بين أصحاب الأفكار والمشاريع الباحثين عن رأس المال والمستثمرين، وقسمًا للباحثين عن وظيفة، وآخر لمن يبحث عن كفاءات معينة.ومن تجاوز هذه المرحلة،وبدأ أول خطواته على سلم الاعتماد على النفس يمكنه الالتحاق بمجموعة http://www.estarter.ch التي ترعاهم في مجالات مختلفة مثل التسويق أو شئون الإدارة، وهي مجموعة خاصة أيضًا بتمويل من المؤسسات المشاركة في المعهد السالف الذكر.وهذا النموذج الأخير يعكس أيضًا مدى إحساس الشركات الخاصة في أوربا بالمسئولية في التعامل مع الأجيال الشابة، بل إن هناك من الشركات الصناعية المتخصصة من تقوم بالاتصال مع طلاب المعاهد الفنية في السنوات النهائية، وتحاول من خلال تشغيلهم بشكل مؤقت أثناء العطلات في التعرف على العقول الماهرة منهم.في الوقت نفسه تسعى المعاهد الفنية تحديدًا في الاتصال بالشركات التي تعمل في نفس التخصص، والتعرف على المشكلات التقنية التي تواجهها وتتفق معها (أي المعاهد مع الشركات)، على تمويل مشاريع للبحث عن حلول لها، فتضع الشباب بذلك على أولى خطوات الحياة العملية وربط الدراسة النظرية بالتطبيق المباشر.. وكذلك تعليمهم أن الفرصة لا تأتي إلا لمن يسعى ويتعب من أجلها.


أضف رد جديد

العودة إلى ”الإبداع والمبدعون“