شيعة أم تشيع ؟ فقهي أم سياسي؟

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

شيعة أم تشيع ؟ فقهي أم سياسي؟

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

الغَدِيْرُ وَالخِلافَةُ وَالحِوَارالأستاذ : مروان القادري دخل "فادي" إلى الشركة التي يعمل فيها لا ككل مرة؛ إذْ تظهر عليه ملامح الحزن المُشْرَبِ بغضب وإعياء مما دعا زميلَه في العمل إلى مبادرته قائلاً:
• وليد: خيراً إن شاء الله؟! ما الأمر؟ ولماذا تَلْبَس السواد؟
- فادي: هل نسيتَ أن اليوم هو الأول من شهر محرم؟ بل أنت لماذا ترتدي البياض؟
• وليد: كيف أنسى وقد حضرت البارحة احتفال ذكرى الهجرة النبوية؟ وأما البياض فهو لون كان يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- فادي: أما أنا فكنت في مجلس العزاء الحسيني لليوم الأول، وقد عَرض لنا السيد تفاصيل حَادثة الغدير، وأنشدَنا بعض أبيات بطرس سلامة في "ملحمة عيد الغدير".
• وليد: نعم إنه اليوم الذي أكد فيه النبي صلى الله عليه وسلم الفكرة التي طالما كررها؛ ألا وهي عظمة ومكانته عند الله وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي قلب كل مسلم.
tالإمام عليّ مؤمن.
- فادي: هل هذا هو عيد الغدير عندكم؟
• وليد: إنني لا أعرف أنه عيد يضاف إلى عيدي الفطر والأضحى، ولكن ماذا يعني لكم أنتم هذا اليوم غير ذلك التكريم العظيم؟!
- فادي: ألم تسمع بالوصية التي أعلنها النبي صلى الله عليه وسلم لصهره بالإمامة مِن بعده؟ تذكَّر تفاصيل القصة. ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعَلِيٌّ مولاه. اللهم والِ مَن والاه وعادِ من عاداه". إنه صاحب الحق بالإمامة بعده...
• وليد: -يقاطعه- هل سمعت نتائج الانتخابات العراقية أمسِ؟ لقد غطت تحليلاتها الصفحات الأولى في الجرايد اليوم، وكادت تصريحات بوش وبلير حول العراق تُنسينا العراكَ على قانون الانتخابات النيابية في لبنان ودوائر بيروت.
- فادي: هكذا دائماً نتهرب من مواجهة الحقيقة!
• وليد: دَعْنا الآن يا فادي من موضوع مَرَّ عليه 1400 عام، فإنا إذا لم نتحدث عنه لا نُحاسب، ولكن إن تحدثنا فقد نَزِلّ ونُصيب قوماً بجهالة فنحاسب ونعاقب. فلنتكلم على واقعنا لِنَحُلَّ مشكلات اليوم.
- فادي: إن مشكلات اليوم لا تُحل إلا انطلاقاً من تصحيح أخطاء الماضي. ولكن ربما تكون الحقائق مُحرِجة، أَليس كذلك؟!
• وليد: لعلك تقصد أن الوصية بالإمامة لعلي رضي الله عنه أَمْرٌ رباني، وبالتالي فما جَرى يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من مبايعة أبي بكر رضي الله عنه بالخلافة كان استغلالاً لانشغال الإمام علي رضي الله عنه بتجهيز النبي صلى الله عليه وسلم لدفنه؟
- فادي: -يحرك رأسه علامةً على الإقرار-.
• وليد: وبناء على ما سَبق فكل الذين بايعوا أبا بكر رضي الله عنه في السقيفة أو حتى بعدها -وهم كل الصحابة إلا 6 بحسب مراجعكم- قد خانوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وغدروا بعَليّ، وهُم بالتالي فسقة خائنون بل ربما ارتدوا عن الإسلام أو أظهروا نفاقهم المَخْفيّ! أليس كذلك؟
- فادي: -وقد انفرجت تقاسيم وجهه وعلاه السرور يقول:- عافاك! أنتم تعرفون كل القصة إذنْ!
• وليد: ولكنني لم أكملها كلَّها، بقي المشهد الأخير إذا مَشَينا على نفس المنطقِ وطريقةِ التفكير؛ وهو أن عليّاً أيضاً -إذا قلنا إنه هو الوصي وسكت على اغتصاب الإمامة والحكم منه- يكون قد خان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وفسق وربما ارتد!
- فادي: -وقد تمعّر وجهه- لا أبداً. إنه سكت عن الموضوع لكي لا يُحدث فتنة ولا يشق صف الأمة.
• وليد: إذا سكت هو عن الموضوع في وقته لكي لا يحدث فتنة -كما تقول- فلماذا لا تسكت أنت عن الموضوع بعد مرور 1400 سنة لكيلا تحدث فتنة؟! ثم متى كان تنفيذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة؟ ولماذا قاتل عليٌّ معاويةَ رضي الله عنهما بعد نحو 30 سنة هل صارت الفتن مقبولة يومها؟
- فادي: إن الإمام وجد من يعاونه على الحق يومَ اختلافه مع معاوية، وهل تريده أن يواجه أمة وحده لينتحر؟ قد "هوجِم دار علي (ع) وهُدِّد إذا لم يُبايِع أن يُحرَق بالنار" إنه كان موضوع خطبة الجمعة (17 ذو الحجة 1425) التي حضرتها لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله..
• وليد: -يقاطعه- ماذا؟!!! لا أكاد أصدق ما أسمع! عذراً يا صاحبي، فلعلك تتكلم عن عَلِيٍّ غير الإمام علي بن أبي طالب الذي أعرفه تربَّى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل خِصال الإيمان والشجاعة؛ على ألا يخشى في الله لومةَ لائم، إنه صاحبُ سيف "ذو الفقار"، أبو الحسنين سيدَيْ شباب أهل الجنة، زوجُ الزهراء، فاتحُ خيبر وحاملُ الراية فيها وقاتلُ بطل اليهود مِرْحب، ومبارزُ بطل قريش عمرو بن عبدِ ودّ وقاتلُه... وهل ابنه الحسين رضي الله عنه أحدث فتنة أو انتحر بسبب قلة عدد جيش؟ أم أنه أشجع من أبيه رغم وجود وصية لِعلي -كما تدّعي-؟ الآن أكاد أفهم معنى قول مدير تلفزيون المنار السابق الأستاذ نايف كريم في مقالته "قاطعوا صناع الأساطير": (شوّهنا هذه الصفحة التاريخية المشرقة وارتكبنا خيانة كبرى بحق الإمام الحسين (ع)، بحيث إنه لو ظهر إلى عالم الوجود المادي اليوم، لاتهمنا بقلب حقيقة الواقعة رأسا على عقب، ولقال: إنني لست ذلك الحسين الذي رسمتموه في خيالكم). ولعلك تقول: إنها من الإمام علي رضي الله عنه تقية؟!
- فادي: ولِمَ لا؟ إلا أن تتقوا منهم تُقَاة.
• وليد: يا لَلعجب! تَقِية من مثل الإمام علي رضي الله عنه ؟ ثم ينضم إلى صَفِّهم ويُقاتل تحت رايتهم ويتولى القضاء في دولتهم ويُسمي أولاده بأسمائهم فمنهم: أبو بكر وعثمان (اللذان استشهدا مع أخيهما الحسين في كربلاء) وعمر؟ وكذا الحسنُ والحسينُ رضي الله عنهما يُسميان بهذه الأسماء في حياة أبيهما! ثم هل تَصِل "التقية" والخوف إلى حَدِّ أن يزوِّج عليٌّ ابنتَه أُمَّ كلثوم من عمر قبيل وفاة عمر (رضي الله عنهم جميعاً) إذا كان عمرُ خائناً مغتصباً لحق عليّ في الخلافة بل وكافراً؟! هذا نفاق وجُبن لا يرضاه الأرذال فكيف تجرؤ بنسبته إلى سيد المؤمنين علي رضي الله عنه ؟
- فادي: فبماذا تفسِّر "مَن كنتُ مولاه فعليّ مولاه..."؟ أم هو من الإسرائيليات!
• وليد: أولاً إن كل ما سبق يَدل على أنه يستحيل أن يكون معناه الوصية بالإمامة من بعده، ومن قال إن كلمة "مَوْلى" ليس لها معنى إلا الإمام الحاكم؟ نعم الحديث فيه بيان عظمة سيدنا عليّ وهذا لا يُنكر، ولكن هل مجرد العظمة هي علامة على استحقاقه الحكم "بالتزكية" ودون منافسة؟ هناك نصٌّ ثابت عندنا قد يكون أقرب إلى غايتك وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ رضي الله عنه: "أما تَرضى أن تكون مني بمنـزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي".
- فادي: مِن فَمِك أُدينُك،هل هنالك أوضحُ من هذا الكلام؟ أليست هذه وصية؟ وماذا ستفعل بهذا الحديث؟!
• وليد: سأحاول أن أَفهمه بتجرد دون أحكام مسبقة أو عصبية أو تحريف. متى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؟ ولماذا؟
- فادي: متى؟ وما هو تأثير ذلك على هذه الألفاظ الصريحة؟ سواء أكان قُبيل وفاته أو حتى في مكة!
• وليد: لِنُحاول أن نَفتح عقولَنا؛ إن سبب هذا الحديث هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أراد الخروج إلى غزوة تبوك، ولَّى عليّاً على المدينة المنورة، فقال المنافقون إيذاءً له: إن النبي استبقاه ليتخلص من صحبته!! فلبس سلاحَه ولحق بالجيش على بُعد 3 أميال وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم الحاقد. فقال صلى الله عليه وسلم: كَذَبُوا. ولكني خَلَّفتك لِمَا تركتُ ورائي. فارجع فاخلُفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا عليّ أن تكون مني بمنْزلة هارون من موسى؟" أي أنا أستخلفك كما استخلف موسى أخاه هارون على قومه عندما ذهب إلى ميعاد ربه 40 ليلة. وربما ستفاجأ إذا عرفت بأن هارون مات قبل موسى ولم يكن خليفته من بعده. إذن لا علاقة لهذا الكلام بالخلافة.
- فادي: وماذا تفعل بالكم الضخم من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الإمام علي عليه السلام إذن؟ هناك نصوص أخرى.
• وليد: مثلما أفعل بالكم الضخم من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل باقي الصحابة. لماذا يضيق صدرُك عن أن تكون التربية النبوية أنتجت عظماء كثيرين تميز بعضهم في جانب وبعضهم في جوانب كثيرة؟ "لو كان بعدي نبي لكان عمر" "ما طلعت الشمس بعد النبيين على خير من أبي بكر" "يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر"... وماذا تفعل بالقرآن ﴿ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا﴾ ولماذا كلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالصلاة إماماً في مَرَضِ موته هل نسي أن له ابن عم اسمه عليّ؟ لماذا تدخل التاريخ عشوائياً بشكل يولّد البغض ويشق الصف ويغيّبنا عن واقعنا كان الأحرى أن تتخصص فتدرس بموضوعية وتتكلم بحكمة، أو تسكت عن تخوين أناس لم تعايشهم ﴿تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يفعلون﴾ إنك لو متَّ ولم تسب إبليس لم تعاقب، فكيف بمن قال الله في 1400 منهم: ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذْ يبايعونك تحت الشجرة فعَلِمَ ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم﴾ فاتق الله فيمن رضي الله عنهم وعلم ما في قلوبهم. ولا تدَعْنا نتفرق من أجل كرسي الحكم القديم ليتسلّم الأمريكان كرسيّ الحكم المعاصر. وماذا نقول لله تعالى في يومِ ﴿وقِفُوهم إنهم مسؤولون﴾؟


محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

Re: شيعة أم تشيع ؟ فقهي أم سياسي؟

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

وقد يقول قائل: الوحي الثاني " السنة " ذكرت ذلك في حديث غدير خم الصحيح، عند رجوع الصحابة من حجة الوداع إلى المدينة، وفيه: « من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ( )»
والرد على سوء فهم الحديث واستنطاقه ما لا ينطق به هو التالي: ونحن نعلم أن كثيراً من الآيات لها أسباب نزول وكثيراً من الأحاديث لها أسباب ورود، توضح المعنى والمقصود وهو الآتي:
1- أرسل النبي صعلياً بن أبي طالب خلف خالد بن الوليد إلى اليمن ليخمّس الغنائم و يقبض الخُمس، كما ذكره البخاري، انظر: الفتح (65/8) فلما خمّس عليٌّ الغنائم، كانت في الغنائم وصيفة هي أفضل ما في السبي، فصارت في الخُمس، ثم إن علياً خرج و رأسه مغطى وقد اغتسل، فسألوه عن ذلك، فأخبرهم أن الوصيفة التي كانت في السبي صارت له فتسرى بها، فكره البعض ذلك منه، وقَدِم برُيدة بن الحصيب بكتاب خالد إلى النبي صكان ممن يبغض علياً فصدَّق على كتابِ خالد الذي تضمن ما فعله عليٌّ، فسأله النبي: يا بريدة أتبغض علياً ؟ فقال: نعم، فقال النبي: « لا تبغضه فإنه له في الخُمس أكثر من ذلك » ذكره الإمام أحمد في المسند (5/350 ).
2- رجع عليٌّ من اليمن وتعجل ليلقى الرسول صبمكة في الحج، واستخلف رجلاً من أصحابه على الجند، فكساهم حللاً من البز الذي كان قدم عليٌّ بها من اليمن، فلما دنا الجيش من مكة خرج عليٌّ ليلقاهم، فإذا عليهم الحلل، فقال لنائبه : ويلك ما هذا ؟! قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس، قال: ويلك، انزع قبل أن تنتهي بهم إلى الرسول، فنزع الحلل و ردها إلى البز، فأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم عليٌّ، ذكره ابن هشام في السيرة (4/603).
3- كما وأن أصحاب عليٍّطلبوا منه أن يركبوا و يريحوا على إبل الصدقة، بحجة أن بإبلهم خللاً وضعفاً، فأبى عليهم ذلك وقال: ( إنما لكم منها سهم كما للمسلمين )، فعندما ذهب إلى الحج سأل أصحابُه خليفَتَه ما كان عليٌ منعهم إياه، فوافقهم على ذلك، فلما جاء عليٌ عرف أن الإبل قد رُكِبَتْ، فذم خليفته ولامه، و عدَّ بعضُ أصحاب علي ذلك منه غلظة وتضييقاً، فشكاه أبو سعيد الخدري إلى النبي ص، فوافق الرسولعلى هذا المسلك من علي، فندم أبو سعيد على شكواه، وقال: " والله لا أذكره بسوء أبداً سراً ولا علانية".
انظر: البيهقي في الدلائل (5/398-399) مطولاً، وأحمد في المسند (3/86) مختصراً) وأورد ابن كثير في البداية (5/120) رواية البيهقي وقال عنها: هذا إسناد جيد على شرط النسائي ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة.
4- لهذه الأسباب السابقة وجَدَ أصحابُ عليٍّ وجندَه في أنفسهم عليه، وبسبب هذه الأمور كثر القيل والقال في عليٍّ واشتهر الكلام فيه في الحجيج؛ وبالأخص بين أهل المدينة، ولم يُرِد الرسولأن يفعل شيئاً أثناء موسم الحج، لأن الحادثة رغم انتشارها بقيت محدودة في أهل المدينة، كما أنه لم يؤخرها حتى يصل المدينة حتى لا يُمكِّن المنافقين من استغلال مثل هذه الحادثة في مكائدهم، و بعد فراغهمن الحج، وأثناء عودته إلى المدينة، قام في الناس عند غدير خم خطيباً، فبرأ ساحة علي و رفع من قدره و نبه على فضله و نوه بشأنه، ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس عنه، فقال: « من كنت وليه فعلي وليه، وفي رواية: « من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » انظر البداية والنهاية (5/104-105 )، المراد به ولاء الإسلام ومودته، وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضاً لا أن يعادي بعضهم بعضاً، و هو في معنى ما ثبت عن عليأنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأميإليَّ، أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
5- استغل الشيعة لأمر يدبروه بليل هذا الحديث فأوَّلوه على أنه حجة ودليل على وصية النبيلعلي بخلافته بعد موته، وهذا لا يصلح لهذا الاستنتاج بتاتاً:
أولاً- لما مر من مناسبات الحديث.
ثانياً - أن معنى الولاية المحبة والود والمناصرة ( وقواميس اللغة شاهدة على هذا المعنى ) ولا يعدو معناها قول الله تعالى:والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض( )ومعنى الخلافة والاستخلاف شيء آخر لا يدل عليه الحديث.
ثالثاً- لو أراد النبيالاستخلاف لذكره في خطبة حجة الوداع أمام جموع حجاج العرب والمسلمين قاطبة، لأن هذا أمر يهم الجميع، ولم يذكره داخل المدينة ليسمع به من فاته الحج مع أخوانه لأهميته كذلك، وإنما كان حديث المودة في الطريق عند غدير خم لإصلاح ما كان بين علي وجنوده.
رابعاً- وكذا كان يمكنه أن يذكره بوضوح وكلمات جامعة وهو الذي أوتي البلاغة وجوامع الكلم، ولذكره كثيراً وفي مناسبات متعددة لا أن يقتصر على مرة واحدة بكلمة لا تدل على المراد وهو بمثل هذه الأهمية العظيمة المكافئة للصلاة والزكاة إذا لم تفوقها في الأهمية، وفي الصحراء ليس إلا.
خامساً- وما كان بإمكانه أن ينفرد بجلال ومقام الإمامة دون تأييد من الله في كتابه العزيز، بشكل لا يتطرق إليه وهم أو شك أو ريبة، وهذا أمر لم يدعيه عليٌّ ولا بني العباس ولا بني عبد المطلب - وإن كان البعض منهم تطلع إلى مثل هذا المقام والرئاسة قبيل وبعد وفاته، لأنهم كانوا في مقامها في الجاهلية، وازدادوا شرفاً بابتعاث محمدمن بنيهم - والله أبطل التفاخر بالآباء والأجداد ليجعل فخر الإنسان عمله وإيمانه وتقواه، وليس نسبه وقرابته ودمه.
(3): تمام الدين بتمام البلاغ: اتم الله دينه الخاتم بأركان الإسلام الخمس وأركان الإيمان الست، نظرياً وعملياً، من خلال كتاب الله تعالى وسيرة نبيه المصطفى، وتطبيق أكثر من مائة ألف صحابي كانوا مع النبيفي حجة الوداع، ونزل قوله تعالى:
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ( )يوم جمعة عرفة من حجة الوداع عصراً سنة عشر للهجرة، والنبيعلى ناقته العضباء، وعندما قرأ ابن عباس هذه الآية ومعه يهودي قال: لو نزلت هذه الآية علينا في يوم لاتخذناهعيداً، فقال ابن عباس: فإنها نزلت في عيدين اتفقا في يوم واحد: يوم جمعة وافق ذلك يوم عرفة.
نزول الآية السابقة في عرفة حجة الوداع دليل في منطوقها الواضح على أنه لا تكليف بشيء جديد غير ما كلف الله به المؤمنين والمسلمين فيما سبق، ولم يكن بعدها تكليف بإمامة أو غيرها كما يزعم الواهمون، وخطبة حجة الوداع ضمنها رسول اللهمعالم وخطوط وصاياه لأمته، وكان مما أوصى به: رعاية حقوق الأخوة الإسلامية وحفظ دمائهم وأموالهم وأوصى بالنساء خيراً، وحذر من الربا، وأمر بالاعتصام بالكتاب والسنة، ولم يذكر شيئاً عن الحكم والإمامة على الإطلاق، أما حديث غدير خم فكان في الطريق إلى المدينة مبيناً فضائل علي ووجوب محبته، وأن شدته على جنوده فيما حدث بينهم وبينه تقوى منه ومخافة لله، حيث قال أبو سعيد الخدري: " اشتكى الناس علياً، فقام رسول اللهفينا خطيباً فسمعته يقول: « أيها الناس لا تشتكوا علياً، فوالله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله، من أن يُشكى( ) ».
أما آخر ما نزل من القرآن كله( ) قوله تعالى:واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون( )وعاش النبيبعد نزولها تسع ليال، اشتد به الوجع والحمى فيها، فلما لم يستطع الخروج إلى المسجد للصلاة بأصحابه، أمر أبا بكر أن يصلي بهم، ولما علم عبد الله بن زمعة بغياب أبي بكر في عمل له، ندب عمر بن الخطاب للصلاة بالمسلمين، فلما سمع الرسولصوته بالقراءة، قال: فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، فبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس – أي أبا بكر - وصلى بهم أياماً إلى أن لقي الرسولالرفيق الأعلى، واستأذن رسول اللهنساءه أن يمرَّض في بيت عائشةفأذنَّ له، ورأى العباس في وجه النبيالموت، فقال لعلي بن أبي طالب: " فاذهب بنا إلى رسول اللهفلنسأله فيمن هذا الأمر من بعده، فإن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا كلمناه فأوصى بنا، فقال علي: والله لئن سألناها رسول اللهفمنعناها لا يعطيناها الناس أبداً، فوالله لا نسأله أبداً ( )"، وكان جل ما أوصى بهفي مرض موته، بالصلاة والزكاة وملك اليمين وبالأنصار.
أضف رد جديد

العودة إلى ”الحوار والفكر التنويري“