القسوة مع الأبناء لا تأتي بخير

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

القسوة مع الأبناء لا تأتي بخير

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

السلام عليكم..
أنا كنت أتعامل مع ولدي بقسوة لأنه إذا رخيت له يتدلل كثيرا، وأتخذ معه أسلوب التهديد والعقاب من الأشياء التي يحبها، مع العلم أن والده دائما عندما يأتي من العمل يحضر له المفاجآت كما يدعوها هو، ولديه في غرفته كل ما يتمناه أي طفل لكن والده يتفق معي في القسوة أحيانا."أحبه كثيرا ولكن لا أعرف كيف أتعامل معه؟"..
حبيبتي من هنا أبدأ حديثي معك كما أرى أنها نقطة البداية والانطلاق في رحلتنا الرائعة الممتعة المجهدة جدا مع أبنائنا.. نحبهم جدا جدا ولكن لا نعرف كيف نتعامل معهم؟.
فكري بينك وبين نفسك: ما الذي نفعله إن أردنا أن نعرف كيف نتعامل مع "موبايل" جديد أو أي جهاز جديد نشتريه؟.. هل نهم بالتعامل معه مباشرة أم أننا نهرع لسؤال البائع ونفتح كتيب العمل مرات ومرات؟!أظننا نفعل ذلك وأكثر، والكثيرون منا لا يغامر بالتعامل مع هذا لجهاز قبل فهم حقيقي له؛ لأننا نحبه ودفعنا فيه الكثير ولا نريد أي عطل به.. أليس كذلك؟ هل يقترب من قريب أو بعيد مقدار حبنا لهذا الجهاز من مقدر وكيفية حبنا لأبنائنا؟ بالطبع لا وألف لا.حبيبتي كلنا ندخل حياة الأمومة والزواج دون تأهيل حقيقي لهذه الأدوار، ولذا تقف الكثير من الأمور البديهية حائلا بيننا وبين سعادة حقيقية يمكن أن نجنيها من أكبر نعمتين في الحياة: الزواج والأمومة.ولذا أرجو أن تبذلي بعض الجهد في تعلم "الحياة" التي لم ندرسها في مدارسنا أو جامعاتنا.. تعلم كيف نفهم البشر، وكيف ننشئ الأبناء، وكيف نحب الزوج ونعبر له عن هذا الحب، وكيف نقيم علاقات مشبعة مع ذوينا وأحبائنا.. عودي لاستشارة طفلتي تسب.. انتبه واقرأ الكتالوج! لتكون لك مقررا دراسيا لتزيدي فهمك وقدرتك على التعامل مع أغلى الناس في الحياة "زوجك وابنك".أرجو أن تطالعي هنا ما على كل أم وأب تعلمه عن ابنهم، وسأجمله لك في نقاط قصيرة على أن تعودي للتفاصيل في طي الاستشارة السابقة.كتالوج الأبناء -إن جاز أن نسميه- يضم:1- معرفة طبيعة النمو وسمات المرحلة، وهي توضح لنا هل سلوكهم يقع في الحدود الطبيعية للسن أم أنها متأخرة قليلا أو متقدمة قليلا، ولكل منهما دلالة.. على أن مناحي النمو تضم: النمو المعرفي "العقلي"، والنمو اللغوي، والنمو الوجداني، والنمو الاجتماعي، والنمو الجسمي والحركي، والنمو الروحي والأخلاقي أيضا.

2- الأنماط المزاجية وهي تشكل طريقة استجابة أطفالنا لما حولهم بشكل عام، فنفهم من هذه الأنماط طريقة ابني المميزة في التفاعل مع الضوضاء مثل: درجة حساسيته للضوء، وللحرارة، ودرجة تشتته أو قدرته على التركيز في مهمة واحدة، ودرجة حساسيته تجاه التجارب الجديدة أو إقباله على التجارب الجديدة، ومبادأة الطفل أو ميله الطبيعي تجاه الانتظار والتروي قبل الإقدام.وغير ذلك الكثير من النقاط التي تيسر علينا التعامل الأفضل لنخرج أفضل ما في أبنائنا من سلوكيات، ونختار أفضل طريقة لتهذيبهم، والوقوف على النقاط التي يحتاجون فيها للتدريب ليصلوا تلقائيا لـ: القدرة على ضبط الحركة، والقدرة على التأقلم مع التغيرات، والقدرة على التركيز في مهمة واحدة، والإقدام على التواجد في بيئة جديدة أو تقبل تجربة جديدة... وهكذا.

3- الذكاءات المتعددة، وتمثل نوعية الذكاءات المختلفة الأعلى والأقل لدى أبنائنا والتي تدعمنا في التعامل مع الكثير من تفاصيل حياة أبنائنا، كمعرفة نقاط قوتهم، ومواهبهم، وطريقة تعلمهم الفضلى، ومجال العمل أو الدراسة الذي يمكن أن ينبغوا فيه، ونوعية الرياضة التي يمكن أن تكون أفضل لهم.

4- الاحتياجات الوجدانية: والتي تمثل دوافع السلوك لدى جميع البشر، فإن علمنا ما الاحتياجات الأساسية لأولادنا استطعنا أن نلبيها بالطرق الشرعية حتى نصل لأقرب ما يمكننا من السواء النفسي وحسن السلوك، فلدي مقولة دائما ما أكررها: "وراء كل سلوك سيئ احتياج غير ملبى".. فغالبا ما نسعى بوعي أو بدون وعي لتلبية احتياجاتنا، فإن أمكننا ذلك بطرق لائقة مقبولة في بيئتنا فأهلا وسهلا وإن لم نتمكن من ذلك لجأنا إلى سلوكيات ننعتها بعد ذلك بـ "سلوك سيئ"أظن أن هذه النقاط هي أهم ما يمثل كتالوج الطفل، والذي أتمنى من كل قلبي أن يفرد له الآباء وقتا وجهدا لاستذكاره ومطالعته قبل الإقدام على تربية الأبناء.ننتقل للنقطة الثانية التي ذكرتها: "أتفق مع والده في القسوة".دعيني أعاتبكما في ذلك، فكيف نتفق على "القسوة" وقد أكد سيد الخلق عليه الصلاة والسلام في أكثر من موضع أن الرفق كله خير، ومن أوتي نصيبه من الرفق فقد أوتي نصيبه من الخير، وما كان الرفق في شيء إلا زانه وما خلا منه شيء إلا شانه، بل لعلنا نقف متفكرين في موقفنا حين نشك في فعالية العقاب فتأتينا المقولة الجازمة: "أن نخطئ في العفو خير من أن نخطئ في العقاب".لماذا نرى الأمور وكأنها أضداد ولا اختيارات، فإما تدليل أو قسوة، هناك حزم وحب وتهذيب.. هناك الكثير من الاختيارات المتعددة، ولكل موقف أداته ولكل مقام مقال.حبيبتي، أبناؤنا بحاجة للحب والرفق، بحاجة لأن يطمئنوا لحبنا لهم، وجزء من هذا الحب تهذيبهم وتعليمهم الصواب والخطأ، مع الصبر عليهم حين يحاولون وحين يخطئون.أظن أنك بحاجة لإعادة النظر في فكرة القسوة لأني أكاد أجزم أنها لا يمكن أن تأتي بخير حقيقي، قد تأتي ببعض القمع لبعض تصرفات الابن إلا إنها على المدى لا تعلمه الصواب، لا تعلمه كيف يتبع الصواب ويصبر عليه، لا تعلمه أن يكون رفيقا مع الناس وأولهم الوالدان.الأبناء بحاجة لتهذيب وليس للقسوة، وللتهذيب الكثير من السبل والطرق التي يمكننا أن نتعلمها ونلوذ بها محاولين مرة بعد مرة الدخول لأبنائنا عن طريقها، ويعيننا بالطبع فهمنا للأبناء الذي تحدثنا عنه، فلو عرفنا طبيعة الطفل وشخصيته ومداخله ومرحلته التي يمر بها لكان أيسر علينا أن نجرب الطرق التي توصلنا لما نريد.وأما ما ذكرته حول ما يتعلق بالتشتت والاستذكار فأذكرك أن تحاولي تشجيع ابنك وتنويع طرق الشرح والاستذكار له، وحبذا لو استطعت أن تستخدمي الحركة في بعض الشرح له، وكذلك الأنشطة التي تعتمد على اليدين والجسم كله.. أظن ذلك سيعينه كثيرا.وهناك حقيقة هامة لابد من سوقها هنا: "المخ كائن وجداني يحفزه الأمن ويحجمه التوتر"، فإذا ما كانت تجربة التعلم مصحوبة بتوتر وخوف فالنتيجة أن يذهل العقل عما يقوم بتعلمه منصرفا للتفكير في طرق للهروب من هذا الموقف الضاغط.وبالطبع إن كانت تجربة التعلم مصاحبة للتشجيع مع التركيز على نقاط القوة وتقسيم المهام للإشعار بالإنجاز، بالإضافة للمرح واللعب والابتسامة والتصفيق؛ والتذكير بالحاجات السابقة، أظن حينها أن الطفل سيحب أن يكرر هذه التجربة وسيستفيد من موقف التعلم الذي يمر به.

آخر ما تسألين عنه هو قلق الطفل من النوم منفصلا، وأظن أننا بحاجة للتدرج في فصل المنام، فحاولي أن تخففي التوترات أثناء اليوم بحيث يمكن لطفلك أن ينام نوما أكثر هدوءا، إضافة للثناء عليه إن نام وحده في غرفته ولو فترة قليلة، فالأصل هو التدرج حتى يعتاد غرفته اعتيادا تاما، ولعل صغر سن ابنك يعطي سببا منطقيا لرغبته في النوم برفقة الأم والأب اللذين يمثلان مصدرا للأمن.أرجو أن تطمئني لأن هذا أمر طبيعي لا مشكلة فيه بإذن الله وستنتهي مع إشعاره بالأمن والثناء على خطوة عملية الفصل، مع الصبر حتى الاعتياد، وأرجو أن تطالعي الموضوعات التالية؛ لأنها ستفيدك في التعامل مع ابنك في ضبط سلوكياته:
- حب وحزم بلا استبداد
- صداع سوء السلوك.. كيف تعالجه؟أمنياتي لك ولأسرتك بكل خير، والله المستعان.


أضف رد جديد

العودة إلى ”مشكلات الأبناء“