المرأة وأهليتها للحكم والقضاء

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

المرأة وأهليتها للحكم والقضاء

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

المرأة والبرلمان* ما رأي فضيلتكم في ترشيح المرأة لأن تكون عضوًا في البرلمان، وما شابه ذلك؟- لعلك تعلم أن لي فتوى قديمة، نشرت في كتاب "فتاوى معاصرة"، وفيها انتهيت إلى أن من حق المرأة أن ترشح نفسها لمجلس الشعب، أو مجلس النواب، أو مجلس الشورى، أو سميه المجلس التشريعي، الذي يحاسب الحكومة من ناحية ويراقبها، ويصدر التشريعات والقوانين من ناحية أخرى.وقلت إن المرأة في هذا تدخل في قوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم من بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) ولا يوجد نص يمنع المرأة من هذا الأمر، وبعض الأشياء تحتاج إلى وجود المرأة، فهي نصف المجتمع كما يقولون، وربما تكون أكثر من النصف إذا نظرنا إلى تأثيرها في زوجها وتأثيرها في أبنائها، فكيف نهمل هذا النصف؟ ولا يوجد من يمثله في المجلس الذي يصدر قوانين تتعلق بالمرأة، وتتعلق بالأسرة وتتعلق بالطفولة، وتتعلق بالشيخوخة، وللمرأة فيها رأي ربما يغيب عن بعض الرجال.* لكن فضيلتك ألا ترى أن المرأة يعتريها بعض الأشياء، مثل الدورة الشهرية، والحمل وآلامه، وكذلك يعتريها الوضع وأسقامه، والرضاعة وأتعابها؟- المفروض أن المرأة التي تترشح في هذه المجالات، هي المرأة التي فرغت من هذه الأشياء، فليس معقولًا أن المرأة التي تحمل وترضع وعندها أطفال تذهب ترشح نفسها، لا يقول هذا عاقل، ولا يرضى المجتمع عن هذا، ولا يرضى زوجها، ولا يرضى أقاربها، إنما أحيانًا المرأة في سن معينة تكون قد فرغت من الحمل والإرضاع وكبر أولادها، ونضجت تجربتها، وأصبحت مؤهلة للمشاركة في الأعمال العامة، وهذه المرأة هي التي نرشحها للقضاء، على ما يقول أبو حنيفة، أو على ما يقول الظاهرية، وهي التي نرشحها للمجلس التشريعي؛ لأنها هي المؤهلة.المرأة قاضية* إذن فضيلتكم تجيزون للمرأة أن تتولى القضاء؟- نعم، لكن بشروط معينة أيضًا.* لكن أليس يغلب على المرأة الجانب العاطفي أكثر من الجانب العقلي، ولعل هذا يؤثر على حكمها فيما تحكم؟- ما معنى يغلب عليها الجانب العاطفي؟ يعني لا تفكر، لا المرأة مثل الرجل، كما جاء في الحديث "إنما النساء شقائق الرجال" والمرأة في بعض الأحيان يكون رأيها أكثر سدادًا الرجل، ولعل قصة أم سلمة حينما استشارها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأشارت عليه بالرأي السديد في قصة الحديبية خير دليل، فليس كل امرأة قليلة العقل، أو العاطفة تغلب عليها، ونحن نقول إن المرأة بحكم تكوينها، الجانب العاطفي والوجداني أغلب عليها لغلبة الحنان والشفقة من أجل إعدادها للأمومة، ولكن لا يعني هذا أنها فقدت العقل والتمييز والإدراك.* في قضية القضاء فضيلتكم مع من: هل مع رأي الجمهور أم مع رأي أبي حنيفة، أم مع رأي الطبري وابن حزم الذي يقول بولاية المرأة للقضاء في كل شيء؟- أنا آخذ برأي الطبري وابن حزم، وإن كنت أرى التدرج، يعني أول ما تعمل المرأة قاضية ليس من الضروري أن تعمل في الجنايات، ممكن أن تعمل في الأحوال الشخصية وشئون الأسرة، وكما هو المعتاد تعمل في محكمة ابتدائية، ثم أعلى منها، ثم أعلى منها، وقد تكون محكمة فردية، أو محكمة مشاركة فيها كعضو من الأعضاء.وأرى أنه لا نأخذ أي امرأة، فلابد أولاً تكون مؤهلة، وليس لأنها امرأة أفضلها على الرجال، وإذا كان هناك رجل أكفء منها وأقوى لماذا آخذ الأضعف وأترك الأقوى، وكذلك يجب أن تكون في عمر معقول؛ بمعنى بعد أن فرغت من الحمل والإرضاع وغيرهما، كما لابد أن المجتمع أيضًا يكون مؤهلاً لهذه القضية، وإذا كان المجتمع لا يسمح للمرأة أن تقود سيارة، فهل تعمل قاضية؟ فلابد أن يتطور المجتمع بحيث يقبل هذا الأمر.شهادة المرأة* البعض يقول إن تنصيف شهادة المرأة بالنسبة للرجل أصل وارد في القرآن والسنة، فكيف لها أن تتولى منصب مثل منصب القضاء؟- إن القرآن حينما جعل شهادة امرأتين في أمور المعاملات المالية، تقوم مقام شهادة رجل واحد، لم يقصد الانتقاص من قدر المرأة أو التقليل من أهليتها، وإنما أراد الاستيثاق بحقوق الناس، وهذا جاء في آية معروفة في القرآن اسمها آية المداينة، وهي أطول آية في القرآن الكريم، ونزلت هذه الآية الطويلة في شأن واحد هو توثيق الدين، حتى لا يتناكر الناس الحقوق وتضيع الديون على أهلها (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب...).ومن ضمن الاستيثاق الشهادة، إذن فلماذا شهادة امرأتين تقوم مقام شهادة رجل واحد؟ لأن المرأة لا تملك أمر نفسها، قد تكون عندها ولادة، وقد يكون عندها حمل متعب، وقد يكون عندها الدورة وتأتيها بآلام، وقد يكون زوجها رجلًا متعنتًا، ويمنعها من حضور أداء الشهادة، ومعنى ذلك ضياع حقوق الناس، ولكي نستوثق حقوق الناس، قال تعالى استشهدوا بالرجال، فالرجل أجدر على هذا الأمر من المرأة، فإن لم يكونوا رجلين، فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء، ثم علل هذا، بأن النساء عادة لا يتذكرن الأمور المتعلقة بالمال، والمعاملات، وحتى لا تضيع هذه الأشياء، فبدل امرأة واحدة امرأتان، (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) وهذا كله لتستقر حقوق الناس ولا تضيع.* هل هذا التنصيف على الإطلاق، يعنى أن المرأة ليس لها أن تشهد بمفردها؟- لا، في بعض الأحيان، مثل: مسائل الرضاعة، يكفي امرأة واحدة، كذلك في أمور الحيض والولادة، وفي التجمعات النسائية قد تكفي شهادة امرأة واحدة، مثلاً في أعراس النساء، واحدة ضربت واحدة وهشمت رأسها، فمن أين نأتي برجل يشهد، أو في حمامات النساء إذا حدثت مشكلة بين واحدة وأخرى واعتدت عليها، فمن أين نأتي بالرجال؟ فهذه الأشياء معروفة.ورواية الأحاديث، قالوا إن رواية المرأة مثل رواية الرجل، والمهم هو العدالة والضبط، والعجيب أنهم قالوا إن النساء لم يظهر فيهن امرأة كذابة مثلما في الرجال، مئات بل آلاف الكذابين.الإفتاء ورئاسة الدولة* هذا يجعل الأخوات يفتخرن بهذا الأمر؟- نعم، فقد أجمع الفقهاء على أن المرأة تصلح للإفتاء، بمعنى أنه ليس من شروط الإفتاء الذكورة، والمرأة إذا استجمعت الشروط والمؤهلات العلمية والعملية والخلقية اللازمة للإفتاء تكون مفتية، وكانت السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ تفتي الصحابة رجالاً ونساءً، ولها استدراكات على علماء الصحابة، حيث ألف الزركشي، والسيوطي، وغيرهما في استدراكات عائشة على الصحابة.* هل للمرأة أن تفتي في كل شيء أم لها أمور مخصصة مثلاً؟- حسب تخصصها، فإذا كانت متبحرة في الفقه تفتي في كل شيء، وإذا كانت متبحرة في الأحوال الشخصية وفقه الأسرة، وليس لها في المعاملات، أو ليس لها في السياسة الشرعية تفتي فيما تحسن. والرجال كذلك، الرجل يفتي فيما يحسن الفتوى، فإذا كان فيه أمر لا يحسنه ينبغي أن يتحرى ويبتعد عن هذا الأمر حتى لا يقع فيما لا يرضي الله سبحانه وتعالى.* فضيلة الشيخ نصل إلى قمة الهرم كما يقولون، وهو تولي المرأة منصب رئاسة الدولة، فالبعض يقول بالجواز، وبعضهم لا يقول بذلك، ويلحق الأمر بالإمامة الكبرى؟- هذا الأمر يدور الكلام فيه حول حديث رواه البخاري عن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ وجاء فيه قول النبي: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهذا قاله حينما ولى الفرس عليهم بنت كسرى بعد وفاة والدها، فبلغ ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".* يعني هذا كما يقولون هو حادثة عين؟- نعم، ولكن حادثة عين جاء فيها حديث بلفظ عام؛ لأنه قال "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهذه نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، وإنما هناك بحث آخر هل الأسباب لها علاقة بفهم ألفاظ العموم أم لا؟ هناك خلاف في هذه القضية، والرأي الراجح فيها أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.ولكن، بعض المحققين مثل الإمام الشاطبي في "الموافقات"، قال إنه لابد أن نرجع فيها إلى أسباب النزول، وإلا وقعنا في الخطأ، وضرب لها أمثلة، موضحا أن ابن عمر كان يرى الحروريين أو الخوارج شر الناس لأنهم يأخذون ما نزل في المشركين ويجعلونه في المسلمين.وأنا أرى أن هذا الحديث يجب أن يخصص؛ لأن القرآن ذكر لنا امرأة حكمت الرجال حكمًا عادلاً عاقلاً، وانتهت بهم إلى خيري الدنيا والآخرة، وهي ملكة سبأ "بلقيس"، فحينما جاءها الخطاب من سليمان (ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين) قالت: (يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرًا حتى تشهدون) امرأة شورية تستشير في كل شيء، قالوا لها (نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) فوكلوا لها الأمر، ونظرت في الأمر بغاية الحكمة وحسن التدبير، وانتهت إلى أنها لم تدخل المعركة وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.* لكن قد يعترض البعض هنا ويقول إن هذا شرع من قبلنا، وليس متفق على شرع من قبلنا؟لماذا ذكرها القرآن إذن؟ هل القرآن يذكر هذه الأشياء عبثًا؟ أم يذكرها لننتفع بها (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) فلابد أن الإنسان يذكر له هذا النموذج، امرأة ومع هذا وصلت بقومها إلى النجاة من دخول حرب خاسرة لا معنى لها، وانتهت إلى الإسلام مع سليمان لله رب العالمين.- فهذا يدل على أنه ليس كل امرأة غير صالحة للحكم، ولكن هناك إجماعًا للفقهاء على أن المرأة لا تصلح للخلافة العامة، أو الإمامة العظمى، والتي هي خلافة المسلمين جميعًا، ولكن هل الرئاسة الإقليمية في الدول القطرية الحالية تدخل في الخلافة، أم أنها أشبه بولاية الأقاليم قديمًا.* إذن فضيلتكم ترى أنه ليس هناك ما يمنع من ترشح المرأة لرئاسة، أو لتولي منصب رئاسة الجمهورية؟نعم.منقول عن إسلام أون لاين مع الشيخ العلامة يوسف القرضاوي-رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


أضف رد جديد

العودة إلى ”تجديد الخطاب الإسلامي“