فتح الله جولن.. مزيج الدين و الحداثة

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

فتح الله جولن.. مزيج الدين و الحداثة

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

فتح الله جولن.. مزيج الدين و الحداثة أحمد بركات30-04-2009
يعد فتح الله جولن من أبرز المفكرين الناشطين على الساحة العالمية، حيث تحظى طروحاته برواج وقبول كبير في العالم الغربي؛ بسبب تفضيلاته للديمقراطية التي يعتبرها أفضل حل لمشكلات العالم الثالث، كما أن جولن لا يدعو إلى تطبيق أحكام الشريعة في الفضاء العام.
ويقود الرجل حركة تمتلك مؤسسات تنشط في المجال التعليمي بشكل خاص والإطار المجتمعي بشكل عام ولديها مئات المدارس داخل وخارج تركيا، وبرغم أن كولن المعروف بسعيه الدءوب للتوفيق بين الإسلام والحداثة لا يلقى استرابة من الدوائر الغربية، إلا أن البعض داخل تركيا يتوجس من حركته ويعتبرها محاولة لتقويض العلمانية الأتاتوركية من خلال استخدام الأدوات الناعمة. ولا ينسى خصوم كولن تلك اللقطة التلفزيونية الشهيرة التي ظهر خلالها كولن وهو يقول لأتباعه إنه يسعى إلى تغيير هوية النظام في تركيا من العلمانية إلى الإسلام من خلال التحرك البطيء. وبرغم ندرة تناول هذه الحركة عربيا فإنها مثار دراسات متخصصة ومستفيضة في الغرب، ومن بين هذه الدراسات تلك التي قام بها "ماكس فرار" -أستاذ علم الاجتماع بجامعة ليدز ميتروبوليتان الإنجليزية- والذي ذهب إلى إستانبول من قبل منظمة "مجتمع الحوار" اللندنية كأحد أعضاء فريق بحثي مكون من أربعين أكاديمي، ومفكر من تركيا، وشمال أوربا، والولايات المتحدة الأمريكية، ممن ينتمون إلى ديانات مختلفة وملحدين لدراسة حركة فتح الله جولن. يبرز "فرار" ـ خلال مقالته المنشورة على موقع Open Democracy تحت عنوان "الإسلامية الأناضولية: أنسنة الرأسمالية" ـ أن وسائل الإعلام الغربية عند طرحها لفتح الله جولن وحركته عادة ما تعمد إلى إثارة تساؤلين على درجة من الأهمية، برغم كونهما ينضويان على ذات الجوهر ويؤديان في النهاية إلى نفس النتيجة، وهما: هل يتوافق باطن هذه الحركة مع ظاهرها الانفتاحي؟ وهل تمثل هذه الحركة الإسلام المعتدل الذي طالما تقصاه الغرب كبديل أيديولوجي وسياسي للإسلام المتطرف؟ ولكلا السؤالين دلالته، فالأول -في حال إثباته- يمثل الطرح المضاد لما يروج له أنصار العلمانية الأتاتوركية من أن هذه الحركة إنما جاءت لتقويض المذهب العلماني الذي تقوم عليه الدولة التركية منذ إعلان الجمهورية في 29 أكتوبر 1923 والقفز إلى مقاعد السلطة، فهي ـ كما تتبدى من هذا المنظور ـ ثورة أصولية يمينية ضد اليسار الحاكم تهدف إلى فرض النظام الأصولي على سدنة الحكم في الجمهورية التركية كبديل للنظام الذي وضعه مصطفى كمال أتاتورك في الربع الأول من القرن المنصرم عندما كان يعيش الفكر الحداثي أوج أمجاده. وهذا بدوره يجيب عن التساؤل الآخر، فهذا التوصيف الأصولي لفكرية الحركة يجعلها في سلة واحدة مع بقية الحركات التي تمثل الإسلام الأصولي المتشدد، والتي يرفض الغرب تقبلها كلاعب أصيل في اللعبة السياسية. ولكن حركة جولن التي يصفها العديد من الأكاديميين والباحثين على أنها رأسمالية إنسانية، وبوتقة حركية ينصهر فيها الفكر الديني مع الفكر الحداثي، تجد نفسها قابعة في مكان ما بين الكابوس الأتاتوركي العلماني، والحلم الغربي الباحث عن بديل يمكن المراهنة عليه في مقابل الإرهاب الديني. ولكن، هل ثمة أجندة غير معلنة لهذه الحركة؟ لقد قامت جامعة ليدز ميتروبوليتان الإنجليزية بالتعاون مع منظمة (مجتمع الحوار) ـ ومقرها لندن ـ على مدى العامين الماضيين بدراسة الحركة دراسة مستفيضة، وأخضعتها للتدقيق العلمي والبحث الأكاديمي، وكان الهدف الرئيسي لاجتماع الفريق المكلف بهذه الدراسة (المشار إليها سلفا) هو دفع الحوار العقلاني حول حركة جولن والذي بدأ في المؤتمر الدولي الذي عقد لإخضاع الحركة للدراسة الأكاديمية (في الفترة من 25-27 أكتوبر عام 2007 بالعاصمة الإنجليزية لندن برعاية العديد من الجامعات، والمعاهد العلمية، مثل جامعة برمنجهام وجامعة ليدز ميتروبوليتان ومعهد الشرق الأوسط)، وإعطاء صورة كاملة لوسائل الإعلام عن هذه الحركة. الثروة والروح تتمتع حركة جولن بمستوى عالٍ من الثراء، الأمر الذي طالما أثار تساؤلات -أو شبهات- حول المصادر التي تعتمد عليها الحركة في تمويل أنشطتها، ويحمل هذا التساؤل مغزى واضحا بأن سوء المصدر يقتضي بطبيعة الحال سوء الأهداف المضمرة في فكر الحركة، إن مجرد إجابة بسيطة وبدائية عن مصادر التمويل لا يمكن أن تفي بالغرض مهما كانت درجة ثراء رجال الأعمال المنتمين إلى حركة جولن -وهم كثر- وأيا كانت حجم التبرعات التي تصل للحركة على أيديهم. فمن المعروف أن هناك العديد من المؤسسات الاقتصادية التي تتبع شبكة فتح الله جولن، وتأتي على رأس هذه المؤسسات المدارس والجامعات والجمعيات الموزعة على ما يزيد عن مائة دولة في مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى عدد من المؤسسات الإعلامية، والشركات الاستثمارية، ولا شك أن هذه المدارس تحقق نجاحات مستمرة، وليس أدل على ذلك من حصول زعيم الحركة على المركز الأول كأهم رجل مثقف في العالم في الاستفتاء الذي أجرته جريدة Prospect المرموقة في شهر يوليو 2008. ويؤكد "فرار" أن الشك في مصادر التمويل ليس في محله، فالمترصدين بالحركة كثر، وعلى رأسهم الأتاتوركيين الذين ما كانوا ليضربوا الذكر عن أي مصادر تمويل غير "بريئة"، دون أن يبادروا بكشف النقاب عنها لضرب الحركة، إن حركة جولن دائما ما تؤكد أنها حركة ديمقراطية متسامحة، وأنها حركة محافظة تقبل بتوجيهات الإتحاد الأوروبي، وأنها تعمل على دعم التعليم العلماني الحداثي، ودعم الإستراتيجيات الاقتصادية الحديثة، وهى -من ثم- تشكل تهديدا مباشرا للحركة العلمانية الأتاتوركية، خاصة بعد نجاحها في أن تحل محلهم في قلب الحياة الثقافية في الدولة التركية بالطرق الديمقراطية، ولكن يبقى أنها لا تشكل أي تهديد للعلمانيين الذين يقدرون الممارسات الدينية المعتدلة. كذلك هناك أجهزة جمع المعلومات الاستخباراتية التي ترقب الحركة من طرف خفي، والتي لعبت دور البطولة في مثول الحكومة التركية الموالية لجولن أمام المحكمة بسب مؤامرة "إرجنيكون". ولكن في مقابل مثل هذه التحديات المستمرة، والمراقبة الدقيقة، يبدو أن حركة جولن تتمتع بحالة من الهدوء الداخلي، وتعيش مناخا من الوئام الذاتي بن أعضائها، فليس هناك أي دلالات على ما وصفه "باموك" بـ"الفراغ الروحاني" بين الصفوة التي ترعرع في أحضانها. الدين في دائرة الضوء يؤكد الكاتب في هذا الصدد الانسجام الكامل بين توصيف الحركة لنفسها، وبين واقعها الفعلي من خلال ثلاث قضايا مهمة: أما القضية الأولى فهي الرد العملي الذي تقدمه الحركة على من يتهمونها بأنها حركة لاهوتية بطريركية، ليس لها وجود فعلي في الحياة العملية، إن النساء اللاتي قابلهن "فرار" أثناء وجوده في إستانبول من حركة جولن يتمتعن بدرجة عالية من الذكاء والثقة والانطلاق، كذلك فهن مشغولات بدرجة كبيرة بهموم الحياة العامة، تماما مثل النساء في الغرب، فهن -على سبيل المثال- يشكلن ثلاثة أرباع القوة العاملة في مجموعة "زمان" Zaman الإعلامية، والتي تقدم عددا من المطبوعات وثيقة الصلة بالحركة - وفى مقدمتها "زمان اليوم" Today's Zaman. ومن ناحية أخرى تتميز الحركة بالتفعيل التام للآيات القرآنية التي تدعو إلى المساواة ين المرأة والرجل، برغم ما تؤكده الناشطة النسائية المسلمة "كيشة علي" Kecia Ali من أن الإسلام لا يدعو إلى المساواة الاجتماعية الكاملة بين المرأة والرجل، ولكن -بدلا من ذلك- يدعو إلى تكامل الدور الاجتماعي الذي يقوم به الرجل والمرأة لخير ورفاهية المجتمع. كذلك فالعلاقات بين المسلمين من ناحية وغير المسلمين من ناحية أخرى متميزة في الإطار الفكري والعملي للحركة، وتنطلق هذه العلاقات من قاعدة أصولية قرآنية تقوم على مبدأ: "لا إكراه في الدين". السياق الإسلامي أما القضية الثانية فتتمثل في أن الحركة وضعت نفسها في مكانة مرموقة داخل السياق الإسلامي، فهي ليست مجرد حركة ملتزمة بتغيير الممارسة الإسلامية على الأصعدة المختلفة، بل هي حركة إصلاحية مسئولة عن إحداث التجديد الشامل، والذي -كما يؤكد عبد الله جولن- يستمد جذوره من القرآن والسنة. ولعل هذه الجذور القرآنية والسنية هي وجه الشبه الوحيد الذي يربط بين حركة جولن والتيار السلفي ذي الفكر الأصولي المتشدد، الذي يتمتع بنفوذ واسع في المملكة العربية السعودية، إن هجوع الحركة إلى الإسلام واتخاذ القرآن والسنة دستورا لها، إضافة إلى وجود مفكر إسلامي كبير على رأسها هو ما يعطي حركة جولن صفة العالمية، والقدرة على الوصول إلى المسلمين والتأثير فيهم في شتى البقاع. والمتأمل في الحركة من الخارج يلمس بسهولة حجم التطور الفكري الذي تتمتع به، فالحركة تولي اهتماما أكبر لبناء المدارس من المساجد، وبرغم أن نموذجها التعليمي يبدو كأنه خاص بالصفوة، فإن هناك العديد من المنح التي تقدم للفقراء، ومرة أخرى هناك مساواة كاملة بين الجنسين داخل هذا النموذج الفريد.وتتهم الحركة المنفتحة في خطابها الشعبي الأتاتوركيين بالأصولية العلمانية الإرهابية المتشددة، حيث يستخدمون العلمانية كعصا غليظة يلوحون بها في وجه المؤيدين لحركة جولن، وتؤمن الحركة أن نموذج الدولة العلمانية في الغرب أفضل من النموذج التركي، حيث يقوم الأول على الفصل الحقيقي والتام بين الدين والدولة (وليس تهميش الدين لحساب الدولة كما هو الحال في العلمانية الأتاتوركية)، ومن ثم فهو يكفل حرية العبادة للجميع، ويفعل مبدأ إسلاميا مهما يقوم على أيديولوجية: "لا إكراه في الدين". أما عن النظام السياسي للحركة فهو عبارة عن نسيج مبدع من الأصولية القرآنية والهدي السياسي النبوي القائم على الشورى في الحكم -والتي تمثل أوراق الاعتماد الدينية للحركة- من ناحية، والديمقراطية الغربية الحديثة من الناحية الأخرى - الأمر الذي يشكل فرقا جوهريا بينها وبين السلفية التي ترفض القوانين الوضعية. ويؤكد فتح الله جولن أن القرآن الكريم من حيث كونه وحيا إلهيا لا يخضع للتغير أو التعديل، أما الممارسة السياسية النبوية فهي بداية لعمليات تأويلية تفسيرية تطورت -ولا تزال- عبر زهاء ألف وأربعمائة عام، وتخضع في تطورها للمقدرات الزمانية والمكانية، ويمكن أن نستنتج من هذا أن الإسلامية الأناضولية التركية الحديثة تمثل مرحلة من مراحل تطور الفكر السياسي الإسلامي والتي من شأنها أن تؤثر على فكر العديد من الجماعات الإسلامية المنتشرة في أنحاء المعمورة. الشخصية والحركة أما القضية الثالثة فهي نموذج الشخصية المنتمية للحركة، وفى هذا الصدد يؤكد "فرار" أنه حال مقابلاته للعديد من الشخصيات العاملة في إطار حركة جولن من صحفيين وأكاديميين وطلاب ورجال أعمال ومتطوعين، وجد فيهم مزيجا إبداعيا بين الشخصية الدينية التي تعبئ لأمر العاطفة، وتهتم بالآخر، وتقوم العلاقات بينها على الدفء والمودة من جانب، والشخصية المنتمية بل والملتزمة بقوة بمبادئ الرأسمالية الليبرالية الحديثة شأنها في ذلك شأن القادة الغربيين من سياسيين واقتصاديين ومحافظي البنك المركزي، وغيرهم، من الجانب الآخر، لقد نجح فتح الله جولن في رسم متغير رائع لرسالة "ماكس ويبر" في الدمج الإبداعي بين الأخلاقية البروتستانتية من ناحية والروح الرأسمالية من الناحية الأخرى في نسيج متكامل وقوى، دون أن ينزلق جولن إلى رسائل "ويبر" الظلامية عن الحداثة. لا غرو إذن -كما يؤكد أحد الباحثين في جامعة (هارفرد)- أن تكتب "العديد من الدوريات الغربية عن جولن تصوره كزعيم حركة اجتماعية إسلامية قومية غير معادية للغرب، ووجه المستقبل للإسلام الاجتماعي في الشرق الأوسط، وأن تعتبرها النموذج الذي ينبغي أن يحتذى بسبب انفتاحها على العالم، وخطابها الفكري... وإذا كان تأثير إقبال قد اقتصر على النخبة العربية، بينما كان تأثير المودودي سياسيا وحركيا، فإن تأثير جولن الاجتماعي و(التربوي) سيكون الأعمق على المدى البعيد على المجتمعات العربية". وفي الختام يؤكد "ماكس فرار" أن ما شهده في إستانبول هو جهد ضخم ومنظم، يبذله أناس متدينون "لأنسنة" الوحش الرأسمالي، ولكن، لا تزال حركة جولن -شأنها في ذلك شأن كل الدعوات القائمة على أساس ديني في كل الأنحاء- تواجه المظالم القاسية واللامساواتية الآسنة التي تفرزها الرأسمالية. كاتب ومترجم مصري


محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

Re: فتح الله كولن صديق الغرب.

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

الدراسة أعلاه تثبت ما لاشك فيه أن كولن صديق الغرب والعلمانية والحداثة الغربية، وهذا بحد ذاته مؤشر كبير على الشك في ولاء الرجل للإسلام أم لخدمة أعداء الإسلام، شأنه شأن كثير من العلماء الذين اشترتهم واستدرجتهم الماسونية العالمية لخدمة أهدافها، ولا يعقل في ميزان التفكير السليم، أن يلتقي محب الله ورسوله مع مبغض الله ورسوله، إلا في مصلحة مشتركة لهما تنفي صفاء هذا الحب، وميله باتجاه إحدى الكفتين، وهذا ما صنعه فتح الله كول، من حيث فشله في استيعاب وطنه وأهله وتوجه شعبه التركي، فلجأ إلى الغرب، لا كمقيم بل كداعم ومؤيد ومناصر ومتبني لفكره الذي لا يمكن أن يقال عنه أنه مناصر أو مؤيد للإسلام، وأصابع الاتهام تشير إلى ضلوعه في محاربة الحكومة التركية المنتخبة ديمقراطياً، على رغم زعمه الدائم أنه مناصر للديمقراطية، لكنه يثبت بعد المحاولة الانقلابية الأخيرة في تركيا وقبلها، أنه يؤيد الديمقراطية التي تستبعد الإسلام والإسلاميين، مهما كانوا مسالمين ومتسامحين، وبهذا يلعب دوراً تخريبياً في العمق، بأسلوب ناعم باطني يعرفه أصحاب الطموحات الأرضية الدنيوية، وإن تلبس بمظاهر إسلامية قشورية، تخفي وراءها ما كان يخفيه ابن سبأ وابن العلقمي وأدعياء المسردبين وغيرهم.
أضف رد جديد

العودة إلى ”تجديد الخطاب الإسلامي“