صفحة 1 من 1

سيرة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب.

مرسل: السبت ديسمبر 02, 2017 11:55 am
بواسطة محمد نبيل كاظم
عمر بن الخطاب رضي الله عنه للفاروق "عمر بن الخطاب" مآثر وإنجازات شهد بها القاصي والداني، وظل الكثير يتحاكى بشخصيته رغم مرور قروناً عدة على خلافته للمسلمين، وها هم كتاب ومفكرو الغرب يتحدثون عن عظمة الفاروق عمر وشخصيته التي جمعت المسلمين، وطريقة إدارته للدولة الإسلامية، والحضارة التي كان عليها المسلمون في عهده، ومن هؤلاء:
- الكاتب ويليان موير قال في كتابه "الخلافة" عن عمر:
( كانت البساطة والقيام بالواجب من أهم مبادئ عمر واظهر ما اتصف به في إدارته عدم التحيز، والتعبد، وكان يقدر المسؤولية حق قدرها وكان شعوره بالعدل قوياً ولم يحاب احداً في اختيار عماله، مع انه كان يحمل عصاه ويعاقب المذنب في الحال، حتى قيل إن درة عمر اشد من سيف غيره، إلا أنه كان رقيق القلب وكانت له أعمال سجلت له شفقته على الأرامل والأيتام)
- واشنطن ايرفنك كاتب ومؤلف أمريكي يقول في كتابه "محمد وخلفائه":
(إن حياة عمر من أولها إلى أخرها تدل على انه كان رجلاً ذا مواهب عقلية عظيمة، وكان شديد التمسك بالاستقامة والعدالة، وهو الذى وضع أساس الدولة الإسلامية ونفذ رغبات النبي اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبهأجمعين، وثبتها وآزر أبا بكر بنصائحه في أثناء خلافته القصيرة ووضع قواعد متينة للإدارة الحازمة في جميع البلدان الذي فتحها المسلمون، وأن اليد القوية
التي وضعها على أعظم قواده المحبوبين لدى الجيش، في البلاد النائية وقت انتصاراتهم لأكبر دليل على كفاءته الخارقة لإدارة الحكم وكان ببساطة اخلاقه واحتقاره للأبهة والترف مقتدياً بالنبيوصحبه أجمعين، وأبي بكر وقد سار على أثرهما في كتبه وتعليماته للقواد ..).
- قال الدكتور مايكل هارت مؤلف كتاب أعظم عظماء التاريخ:(إن مآثر عمر مؤثرة حقاً، فقد كان الشخصية الرئيسة في انتشار الاسلام بعد محمد، وبدون فتوحاته السريعة من المشكوك به أن ينتشر الاسلام بهذا الشكل الذى هو عليه الآن، زد على ذلك أن البلاد التي فتحها معظمها بقيت عربية للآن، ومن الواضح أن محمداً له الفضل الاكبر في هذا المضمار، ولكن من الخطأ الفادح أن نتجاهل دور عمر وقيادته الواعية الحكيمة ...)
- وقال الكاتب الألماني وايزمر في كتابه "دراسة في تسامح محمد وخلفائه الذين جاءوا بعده":
(عندما تسلم عمر كرسي الخلافة قطع وعداً بحكم عادل نزيه وقال: والله ما فيكم أحداً أقوى عندي من الضعيف، حتى آخذ الحق له، ولا أضعف عندي من القوي حتى آخذ الحق منه" وقد طبق ما قال بالضبط على أرض الواقع).
- وقال المفكر والكاتب البريطاني توماس أرنولد من "كتابه دعوة الإسلام:
( إن إسلام عمر كان نقطة تحول في تاريخ الإسلام، حيث مكن المسلمين، حيث استطاع المسلمون من اتخاذ مواقف أكثر جرأة، وخرج النبي من دار الأرقم وتمكن المسلمون من أداءعباداتهم علناً وجماعة حول الكعبة).
وذكرت الموسوعة البريطانية إصدار 2009 عن الفاروق عمر رضي الله عنه:
(كان عمر حاكماً عاقلاً بعيد النظر وقد أدى للإسلام خدمة عظيمة .. لقد تحولت الدولة الإسلامية في عصر عمر من إمارة عربية إلى قوة عالمية، وخلال هذه الفتوحات الرائعة وضعت سياسة عمر المنضبطة جداً، المبادئ لإدارة البلدان المفتوحة, وان تركيبة الإمبراطورية الإسلامية التي قد حكمت بعده بما تتضمنه من خبرة قانونية يعود الفضل بوجودها إليه).

بقلم: محمد نبيل كاظم.

عبقرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه

مرسل: الثلاثاء إبريل 12, 2022 2:33 pm
بواسطة محمد نبيل كاظم
عبقرية عمر 

الأديب المفكر العربي عباس محمود العقاد (1889-1964) قراءة مشروعه لشخصياته الفذة التي كتب عنها تحت عنوان العبقريات: منها: كتاب "عبقرية عمر" الذى يعد أشهر كتب العقاد.
يقول الكتاب تحت عنوان "عبقري" : مقولة النبي صلى الله عليه وسلـم عن عمر رضي الله عنه: "لم أر عبقريًّا يفرى فريه" (البخاري).
كلمة قالها النبى، عليه السلام، فى عمر، رضى الله عنه، وهى كلمة لا يقولها إلا عظيم عظماء، خُلِق لسياسة الأمم وقيادة الرجال.
فمن علامات العظمة التي تحيى موات الأمم أن تختص بقدرتين لا تعهدان في غيرها، أولاهما: أن تبتعث كوامن الحياة، ودوافع العمل في الأمة بأسرها، وفى رجالها الصالحين لخدمتها، والأخرى: أن تنفذَ ببصيرتها إلى أعماق النفوس، فتعرف بالبديهة الصائبة والوحى الصادق فيم تكون عظمة العظيم، ولأى المواقف يصلح، وبأي الأعمال يضطلع، ومتى يحين أوانه، وتجب ندبته، ومتى ينبغي التريث في أمره إلى حين.
كلتا القدرتين كان لهما الحظ الوافر في سيرة عمرَ بن الخطاب.
فأين لولا الدعوة المحمدية التي بعثت كوامن العظمة في أمة العرب كنا نسمع بابنِ الخطاب؟ وأي موضع له كان من مواضع هذا التاريخ العالمي الذى يزخر بكبار الأسماء؟
عبقريه عمر :
إنه الآن اسم يقترن بدولة الإسلام ودولة الفرس ودولة الروم، وكل دولة لها نصيب في التاريخ، فأين كنا نسمع باسم عمرَ لولا البعثة المحمدية؟!
لقد كان، ولا ريب، خليقًا أن يستوى على مكان الزعامة بين بني عدي، آله الأقربين، أو بين قريش، قبيلته الكبرى، ثم ينتهى شأنه هناك، كما انتهى شأن زعماء آخرين، لم نسمع لهم بخبر، لأنهم عظموا أو لم يعظموا، يعطون البيئة كفاء ما تطلب من جهد ودراية، وهى تطلب منهم ما يذكرون به في بيئتهم، ولكنها لا تطلب منهم ما يذكرون به في أقطار العالم البعيد.
وقد كان عمرُ قوى النفس، بالغًا في القوة النفسية، ولكنه على قوَّته البالغة لم يكن من أصحاب الطمع والاقتحام، ولم يكن ممن يندفعون إلى الغلبة والتوسع في الجاه والسلطان بغير دافع يحفزه إليه وهو كاره، لأنه كان مفطورًا على العدل، وإعطاء الحقوق، والتزام الحرمات ما التزمها الناس من حوله، وكان من الجائز أن يهيجه خطر على قبيلته، أو على الحجاز ومحارمه المقدسة في الجاهلية؛ فينبري لدفعه، ويبلى في ذلك بلاء يتسامع به العرب في جيله وبعد جيله، ولكنه لا يعدو ذلك النطاق، ولا هو يبالى أن يمعن في بلائه حتى يعدوه.
بل كان من الجائز غير هذا وعلى نقيضه.
كان من الجائز أن تفسدَ تلك القوة بمعاقرة الخمر والانصراف إليها، فإنه كان في الجاهلية، كما قال "صاحبَ خمرٍ يشربها ويحبها" وهي موبقة، لا تؤمَن حتى على الأقوياء إذا أدمنوها، ولم يجدوا من زواجر الدين أو الحوادث ما يصرفهم عنها، ويكفهم عن الإفراط في معاطاتها.
فعمرُ بن الخطاب الذى عرفه تاريخ العالم وليد الدعوة المحمدية دون سواها، بها عُرِف، وبغيرها لم يكن ليعرف في غير الحجاز أو الجزيرة العربية.
أما القدرة الأخرى التي يمتاز بها العظيم الذى خُلق لتوجيه العظماء، فقد أبان عنها النبى، عليه السلام، في كل علاقة بينه وبين عُمرَ من اللحظة الأولى؛ أي من اللحظة التي سأل الله فيها أن يعز به الإسلام، إلى اللحظة التي ندب فيها أبا بكر للصلاة بالناس وهو، عليه السلام، في مرض الوفاة.
سبر غوره، واستكنه عظمته، وعرفه في أصلح مواقفه؛ فعرف الموقف الذى يتقدم فيه على غيره، والموقف الذى هو أولى بتقديم غيره عليه.
وليست هي مفاضلة بين رجلين ولا موازنة بين قدرتين، ولكنها مسألة التوفيق بين الرجل والموضع الذى ينبغي أن يوضع فيه، والمهمة التي ينبغي أن يُندَب لها، والوقت الذى يحين فيه أوانه.
وربما رأينا في زماننا هذا رئيسًا يوصى لنصيرٍ من أنصاره بالوزارة، ويوصى لغيره بقيادة الجيش، فلا نقول إنه يفاضل بين النصيرين، أو إنه يرجِّح أحدهما على الآخر فى ميزان الكفاءة، وإنما يختار كلًّا منهما لموضعه في الوقت الذى يحتاج إليه، ولا غضاضة على أحدٍ منهما في هذا الاختيار.
فالنبي، عليه السلام، كان يعلم من هو أبو بكر ومن هو عمر، وقد عادل بينهما أَجَلَّ معادلة حين قال: «إنَّ الله عز وجل ليليِّن قلوب رجال فيه حتى تكون أَلْين من اللبن، وإنَّ الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشدَّ من الحجارة، وإنَّ مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال: فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى قال: إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، ومثلك يا عمر مثل نوح قال: رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، ومثلك كمثل موسى قال: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ".