تعريف بكتابي: "كيف نحبب المدرسة لأبنائنا؟"

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

تعريف بكتابي: "كيف نحبب المدرسة لأبنائنا؟"

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

تعريف بكتابي: "كيف نحبب المدرسة لأبنائنا؟"
اختلفت النظرة إلى العلم والتعلم في السنوات الأخيرة من عصرنا الحاضر، فلم يعد مقبولاً وضع حواجز فاصلة بين مفاهيم العلم والمعلم والمتعلم والتعلم والتعليم، التي بدت أخيراً أنها متداخلة ومتبادلة في التأثر والتأثير، لأن حياتنا سريعة التغير بين عشية وضحاها، وأن كل مفهوم من هذه المفاهيم العلمية الخمسة المذكورة؛ يؤثر ويتأثر بالتغير المذكور، بالإضافة إلى تغيره بالمفاهيم الأخرى.
وكذلك التأثر المتبادل في طريقة تناول المعلم أو الطالب لهذه المفاهيم التعلمية، ومثل ذلك موقف الوالدين والمربين من الأبناء من ناحية، وموقفهم من العلم والتعلم من ناحية أخرى، وكثيراً ما يكون الأبناء على صواب، ويحسُن التعلم منهم، لأن المعلم الناجح والأب الحكيم الذي يتعلم من طلابه وأبنائه كذلك، ألم يكن عمر بن الخطاب  يُدخِل على مجلسه بعض الشبان الأحداث؟! ويقول: " هم أحدُّ ذكاءً وأسرع بديهةً." يستنير بحدة ذكائهم.
ومن أجل إقلال الشكوى من أبنائنا، وما يصدر عنهم بسبب تقصيرنا، سواء كنا في موقع الآباء أو كنا في موقع المعلمين، لإعادة اللحمة بيننا وبين أبنائنا في البيت والمدرسة والمجتمع، لحمة الحب والود والاحترام والاستقامة، أقدم بحثي هذا وفيه خلاصة سنوات طويلة من خبرة التعلم والتعليم، التي لم تخلو من الحماس يوماً على رغم تبدل ظروف الحياة، وذلك لأنني اخترت بمحض إرادتي هذه المهنة العظيمة، مهنة التعلم والتعليم التي اختير لها من قبل، خاتم الأنبياء عليه السلام حين قال: « إنما بعثت معلماً»( ).
والسبب الثالث في اختياري هذا البحث، أن أمتنا تخوض اليوم معركة التحدي الحضاري، وكل أدوات هذا التحدي بين أيدينا، وليس علينا سوى حسن الفهم والتوظيف لها، خاصة أن كثيراً من المهتمين بأمور التربية والتعليم يدركون اليوم أهمية النجاح في هذا الحقل من حقول الخدمة الاجتماعية، التي تطال كل فرد من أفراد المجتمع على اختلاف موقعه ومسئوليته.
والسبب الرابع في اختيار بحثي هذا، الحاجة إلى الأمن بمفهومه الشامل، وهذا يعتمد على حسن تربية وتعليم أبنائنا، الذين سوف يقوموا بمهام الحفاظ عليه في مستقبل الأيام، من خلال الاهتمام بصحتهم البدنية والعقلية والنفسية والروحية، وإعمار الوطن والعمل على تقدمه، والدفاع عن حياضه ومؤسساته ومكوناته وقيمه الرفيعة السامية، واللبنة الأولى الأساس في ذلك كله، بناء الأسرة الناجحة السعيدة، فضلاً عن الولوج بالوطن والأمة في البناء الحضاري الإنساني الشامل، وأن يكون لكل مواطن دوره في هذا البناء الحضاري الشامخ النبيل.
مدخل:
في البدء يُفتَرض أن تكون المدرسة البيت الثاني لتنشئة أبنائنا على القيم التي يرغب الوطن والمجتمع بها، لتحويلها في أذهانهم إلى معرفة وشعور وسلوك جميل مستحب، يوجه اكتسابهم لخبرات الحياة التي تيسر عليهم حسن التكيف، وتحقق لهم وبهم السعادة والنجاح، وتطوير أنفسهم ومجتمعهم بما يحقق للجميع الأهداف المشروعة التي يرغبون في الوصول إليها.
ومن مقتضيات ذلك أن يشعر الطالب بأبوة المعلم، ليتحقق للمدرسة هذا الوصف المذكور، مما يؤدي إلى التكامل بين البيت والمدرسة في تحقيق حسن الانتماء الأسري لأبنائنا تجاههما، فيكمل أحدهما قصور الآخر، ويحقق الانسجام بينهما في ذات شخصية الطالب، باعتبار ما يحتاجه منهما من رعاية وتعليم وخبرات ومودة وحب وتوجيه وإرشاد.
إلا أنه مع الأسف الشديد، نتيجة لظروف طارئة على مجتمعاتنا المعاصرة، بسبب سرعة التغير الحاصل في تشكيلاتها، بدءً من البيت والمدرسة، إلى السوق والشارع، ووسائل الإعلام والاتصال، كشف عن قصور شديد في قيام كل من البيت والمدرسة بتقديم ما يلزم أبناءنا من هذه الرعاية والمعرفة والحب الأبوي، نتيجة ضعف التواصل بين الطالب وذويه ومعلميه، وبالطبع لا يقصد بذلك التعميم المطلق، لكن هذا الأمر ظاهر عيان، وسنبرهن عليه في بحثنا بالدليل والبرهان.
وبالطبع لم يكن هذا القصور عن عمد أو قصد - إلا من قبل أعداء الأمة والراغبين في بقاء تبعيتها لمستعمراتهم فيما يعرف بالغرب الاستعماري - بمقدار ما صِير إليه بسبب تزاحم أولويات الفرد والمجتمع والأسرة، وتسارع وتيرة التغير والتغيير في الحياة العامة والخاصة، فوقع الوالدين والمعلم والطالب تحت ضغط الحاجات الضرورية الأولية، التي ينبغي تقديمها إلى الأبناء؛ من معارف وخبرات تؤهلهم لتحمل مسئوليات أنفسهم ومسئوليات الحياة المعاصرة، لتأمين مستلزمات الرزق والكسب والنجاح، بالحصول على شهادة النجاح والتخرج من خلال التحصيل الدراسي الأكاديمي التقليدي، بغض النظر عن النجاح الذاتي الحقيقي الداخلي للشخصية العصامية.
وعلى ضوء هذه العوامل والظروف، حُرِم كثير من الأبناء الروية في حسن التعامل، وحرموا الاستقلالية في تقدير الذات، وحرموا الشفافية في الحب والمودة، لتحقيق التواصل البنَّاء، مما جعلهم في حالة نفرة من السلطة الأبوية، سواء كان يمثلها الأب أو المعلم أو الكبير، ولهذا نتج عن ذلك كراهية للمدرسة والتعلم والمعلم، وكل ما يتعلق بذلك من كتاب وقراءة ومذاكرة واختبارات، حتى في حال نجاح الكثيرين فيها، لأن هذا النجاح مطلب أساس للوالدين والمجتمع.
ولعلاج ذلك رأيت أن أسطر كتابي هذا، وذلك لما له من أهمية كبرى في تحقيق ما تصبو إليه الأمة والوطن، وما يتمناه الآباء والمعلمون والمسئولون، في معركة التحدي الحضاري الذي تتعرض له أمتنا وأوطاننا العربية، وكذلك ما تتعرض له أسرتنا العربية من آثار الهجمة الشرسة للعولمة، التي تحاول تخريب حصانتها التي هي الحصن الحصين لقوة الأمة وتماسكها، من خلال محاولة جعلها سوقاً أو صُفَّة للتسويق والتسوق الاستهلاكي الرخيص.
بالإضافة إلى حاجتنا لتحقيق الأمن على الصعيد الفردي والمجتمعي، لأنه الشرط الأساس لإحداث النمو والتقدم والتحضر السوي لأبنائنا وأوطاننا معاً، لأن العلاقات القائمة على الخوف والقلق والاضطراب، لا ينتج عنها سلوكيات سليمة راقية ناجحة، بل يؤدي ذلك إلى تفكيك العلاقات القائمة، ليحل محلها الشك والبغض والكراهية والجفاء والشعور برهاب اجتماعي، يتحول في بعض صوره إلى ما لا تحمد عقباه.
والمشكلة الأساس التي أحاول علاجها في كتابي هذا، هي مشكلة جفاف العلاقة النفسية بين الطالب وذاته، وبين الطالب وأسرته، وبين الطالب ومدرسته، وبين الطالب ومجتمعه، باعتبار أن المدرسة هي المؤسسة المكلفة بالعناية بتربية الأبناء من الناحية المعرفية والناحية النفسية، وانعكاس ذلك على القيم والسلوك والخبرات المكتسبة، وبالتالي تكوين شخصية الأبناء بصورة متوازنة سوية، لتحقيق روح المواطنة الصالحة.
ولا يعني ما ذكرت أنه لا توجد شريحة من الطلاب والأسر والمعلمين أحسنت العلاقة فيما بينها، فأنتج ذلك طلاباً ناجحين بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وإنما أقصد بذلك شريحة أخرى فشلت في التأقلم الجيد والتكيف السليم، وهذه الشريحة تزداد يوماً بعد يوم، إذا لم ننتبه إلى ما تعانيه من مشكلات، وما تتعرض له من ضغوط، فنجد لها الحلول المناسبة، تصبح عالة على المجتمع وعبء على الوطن.
ولئلا يكون السبيل الوحيد أمام هذه الشريحة الأخيرة؛ سوى الوقوع في سلوكيات تؤدي بها إلى الانحراف والشذوذ والفشل، بينما بإمكاننا أن نمد لها يد العون، من خلال آليات حسن التفهم وجودة التواصل، فيردهم ذلك إلى جادة حب أنفسهم ومعلميهم وأوطانهم، فيدفعهم هذا الحب إلى تحقيق مستلزمات النجاح والتفوق والحياة السوية المنتجة، وتمثُّل روح المواطنة الصالحة.
ولتحقيق ما أصبو إليه في كتابي هذا، رأيت أن أركز على المحاور التالية:
1- كيف يصير المعلم أبوياً؟
2- كيف نحبب المدرسة إلى أبنائنا؟
3- كيف نبني ثقة الطالب بنفسه؟
4- كيف يتحقق التواصل بين المعلم والطالب؟
5- كيف تتواصل المدرسة والبيت؟
6- كيف نثير دافعية الطالب للتعلم؟
7- كيف نحقق الإيجابية في مدارسنا؟
8- كيف نغرس الانتماء الوطني لدى أبنائنا؟
ولأن هذه المحاور هي مرتكزات بحثي، ويتعاورها طرفي العملية التعلمية المعلم والطالب في جميع بنودها، سأجعل بحثي بشكل فصول تمهد للتعريف بهذه المحاور، حسب الحاجة والموقف إقلالاً وإكثاراً، والله من وراء القصد وهو ولي التوفيق.
المؤلف صاحب المنتدى: محمد نبيل كاظم.


أضف رد جديد

العودة إلى ”كتب وكتَّاب“