الدرس (2) في التنمية البشرية:

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

الدرس (2) في التنمية البشرية:

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

الدرس الثاني في التنمية البشرية
تقدير الذات وتزكيتها
(1): تقدير الذات:
أس الحياة الناجحة معرفة الذات وتقديرها، وهي: هوية وشخصية الإنسان والخريطة الذهنية التي يرسمها عن نفسه، وما يتعلق بها من جسد ونفس وعقل ومشاعر، وجِبِلَتُها في الأصل فطرية كما ذكر النبي ?: « كل مولود يولد على الفطرة..( )»، وهي قابلة للخير والشر، بحسب ما ننشئها عليه، ولذا كان تقدير هذه الذات، ومعرفة ما كرَّمها الله به من عقل ومعرفة أولية وقدرات كثيرة، للتأثير في ضبط الجسد الذي يحملها، وحفظ العقل الذي يوجهها، واستقامة النفس التي تقودها، وتوازن المشاعر التي تحركها، وبهذا علينا تقدير الذات في كياننا حق التقدير، لتقودنا إلى معرفة الخالق سبحانه، وطاعته فيما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وبهذا لا نكون من الناجحين فحسب، بل نكون من الفالحين (وهو نجاح الدنيا والآخرة) في حياتنا وأسرنا ومجتمعنا ووطننا وأمتنا، بأن يكون مطلبنا وطموحنا كما في كتاب الله تعالى: ?رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ( )?.;
وتقدير الذات من الأهمية بمكان، لأن من يقدِّر ذاته يحترمها ويحافظ عليها، ويجنبها الخطل والخطأ والشرور والآثام، ومن ثم يقدِّر ذوات الآخرين ممن يشاركوه الحياة على وجه الأرض، وخاصة المقربين، من الوالدين والزوج والأولاد والجيران والأصدقاء، والآخرين ممن يشاركوه الأخوة الإيمانية أو الأخوة الإنسانية، فيحقق ذاته من خلال حسن التعامل مع نفسه، ومن خلال حسن التعامل مع الآخرين، بإحاطتها بالأفكار والقيم والسلوكيات والعادات الإيجابية، ولهذا قال تعالى: ? ..وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.. ( )?
ويصدر تقدير الذات عن مدى معرفة النفس وتحديد الهوية التي يريدها الإنسان لنفسه، فإذا كانت معرفة النفس عميقة وذات دلالة سامية رفيعة، كان تقدير الإنسان لذاته عالياً، وكلما ازدادت معرفة الإنسان بنفسه وقدراته ومواهبه وممتلكاته المادية والمعنوية، كلما زاد ذلك من تقدير الإنسان لذاته وسمت بها طموحاته، وعمل على تطويرها ونموها والمحافظة عليها.
كثير من الناس ينظر إلى ذاته من خلال الإطار الخارجي لها، ويغفل عن جوهرها الداخلي، الذي يشكل القيم العليا والأهداف الكبيرة التي يطمح بالوصول إليها، ولهذا كان تقدير الذات يقوم على القواعد الأربعة التالية كما ذكرها د. ابراهيم الخليفي في إحدى محاضراته:
-التصدي لسلبياتنا.
-تنمية إيجابياتنا.
-تحقيق طموحاتنا.
-الوصول لنجاحنا.
تقدير الذات والنجاح في الحياة يقوم على تحديد واكتشاف نوعية المخرج السينمائي الذي نريده لقصة حياتنا، ونوعية الشخصيات المنفذة لهذا الإخراج، وهذا ما يجعلنا قادرين على صناعة أنفسنا، من خلال هذا (السيناريو) الذي نكتبه، و(الشخصية) التي تنفذه، إما أن يكون اتجاه المخرج إلى أعلى عليين، أو إلى أسفل سافلين، لأن هذا وذاك بالنهاية اختيار وقرار، قال تعالى عن ذلك في محكم كتابه: ? وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ، هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) ?.
ليس المقصود بالآية البكم البدني في الفم واللسان، وهو العجز عن القدرة على الكلام، لأن كثيراً من هؤلاء يتكلمون بالإشارات، ويتعلمون مهارات كثيرة، ويتقنون نجاحات عديدة، وإنما المقصود فسرته الجملة التالية من قوله تعالى: ? لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ?، البكم المعنوي وهو أشمل من البكم المادي، حيث لا يحسن شيئاً في الكلام، ولا في الفعال، ولا في السمات أو الصفات، يأخذ ولا يعطي، يستهلك ولا ينتج، متواكلٌ على من يرعاه ويرعى شؤونه، في عطالة تامة، أو شبه تامة، هل يستوي هو مع من كل أموره عدل واتزان وخير وإحسان وإنجاز وعطاء؟!
ويمثله قول لبيد بن الأعوص:
من العجائب والعجائب جمة ... ..................قرب الدواء وما إليه وصولُ.
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ..................والماء فوق ظهورها محمول.
ولهذا قال الإمام أحمد: " إذا بلغ الغلام الثالثة عشرة من عمره؛ فجددوا دينه، (بالنية والمقصد).
والسبب في ذلك أنه بلغ بداية سن التكليف وتحمل المسؤولية، ولأنه شارف على نهاية عهد الطفولة، ودخل عهد الشباب والرجولة.
بقلم: محمد نبيل كاظم.


أضف رد جديد

العودة إلى ”التنمية والتغيير“