كيف تبدل أمريكا الإسلام لصالح قيمها الغربية؟

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

كيف تبدل أمريكا الإسلام لصالح قيمها الغربية؟

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص كتاب " الإسلام الديمقراطي المدني: شيريل بينار
مؤسسة راند: تشكل العقل الاستراتيجي الأمريكي، وهذا الكتاب صدر بعد أحداث 11 سبتمبر، بغية محاربة الأصولية الإسلامية، ودعم الحداثيين الإسلاميين، وهي تسعى لتشكيل العقل المسلم والمنطقة الإسلامية، بما يلائم مصالح الغرب ومنظومته القيمية والسياسية.
والكاتبة نمساوية مهتمة بالشرق الأوسط، وأفغانستان، وتمكين المرأة وعلمنة الإسلام، وهي زوجة زلماي خليل زادة، السفير الأمريكي في أفغانستان والعراق، ودرست في الجامعة الأمريكية في بيروت، وأكملت دكتوراة في جامعة فينا، وقامت بهذه الدراسة لحساب المؤسسة المذكورة أعلاه.
توطئة:
ما هو دور العالم في تحديد الشكل الذي ينبغي على الإسلام الحديث أن يظهر به، لتكون آثاره على العالم إيجابية؟
وأهداف الولايات المتحدة لتحقيق هذا الأمر ثلاثة:
1- منع انتشار التطرف والعنف.
2- تحاشي ظهور انطباع أن أمريكا تعادي الإسلام.
3- إيجاد سبل للتحكم بمظاهر التحول الديمقراطي في الإسلام.
تصنيف العناصر والجماعات الفاعلة في تحقيق هذا التحول؛ لمعرفة من هو المتوافق منهم مع قيمنا الغربية، ومن هو المعادي لها جذرياً.
والإسلام المعاصر يعيش صراعات داخلية وخارجية لتحديد هويته، وموقعه من العالم المعاصر، وعلى الغرب فهم هذه الصراعات والتأثير عليها، والعالم الصناعي متوافق مع أمريكا في تفضيل إسلام متناغم مع النظام العالمي الديمقراطي الحديث، خوفاً من تصاعد النزعة الجهادية فيه، ومن الحكمة التعاون مع العناصر الحداثية في الإسلام، وأزمة الإسلام اليوم: هي الفشل في تحقيق النمو، والبعد عن الثقافة المعاصرة، والمسلمون تجاه هذا أربعة اتجاهات:
1- الأصوليون: المتزمتون، يرغبون بإقامة دولة سلطوية تطبق الشريعة بشكل متطرف.
2- التقليديون: يرغبون بإقامة دولة محافظة بعيدة عن الحداثة.
3- الحداثيون: يرغبون بتحديث الإسلام ليكون جزءًا من الحداثة العالمية.
4- العلمانيون: يرغبون بدولة ديمقراطية منفصلة عن الدين.
وكل مجموعة من هذه المجموعات وقفت من قضايا الحريات السياسية، والشخصية، والتعليم، والمرأة، والحدود، والابتداع، والموقف من الغرب، موقف مختلف.
فالأصوليون يعادون أمريكا، والتقليديون أكثر اعتدالاً، والحداثيون والعلمانيون أقرب إلى الغرب، والعلمانيون خاصة غير مرحب بهم لدى الجماهير المسلمة.
ينبغي البدء بدعم الحداثيين:
1- نشر أعمالهم ودعمها.
2- تشجيع الكتابة الحداثية للشباب.
3- دمج آرائهم في مناهج التعليم.
4- منحهم منابر إعلامية عامة لنشر أفكارهم.
5- طرح العلمانية والحداثة كخيار ثقافي للشباب المسلم الساخط.
6- تعبيد الطريق للوعي بالتاريخ والثقافة الجاهلية قبل الإسلام في المناهج الدراسية.
7- مساعدة منظمات المجتمع المدني المستقلة والثقافة المدنية العامة.
ينبغي دعم التقليديين ضد الأصوليين:
1- نشر انتقادات التقليديين للعنف والتطرف بشكل واسع.
2- تشجيع الخلاف بين التقليديين والأصوليين.
3- إحباط أية تحالفات بين الأصوليين والتقليديين.
4- تدريب التقليديين وهم يدينون بإسلام شعبي، لمناظرة الأصوليين الأكثر فصاحة، ليعرضوا (صحيح الإسلام).
5- زيادة وجود الحداثيين داخل المؤسسات التقليدية.
6- التمييز بين التقليديين وتحريضهم ضد بعضهم، الوهابية والحنبلية، ضد الحنفية.
7- تشجيع انتشار التصوف، والعمل على تقبل المجتمعات له.
مواجهة الأصوليين ومخالفتهم:
1- الاعتراض على تفسيرهم للإسلام وإبراز أخطائهم.
2- الكشف عن صلاتهم بالجماعات غير القانونية.
3- فضح ما يرتكبونه من أعمال عنف على الملأ.
4- إثبات عجزهم عن مباشرة الحكم أو أي تطوير إيجابي لبلادهم.
5- نشر هذه المعلومات بين الشباب والنساء والمتدينين التقليديين.
6- تجنب إظهار الاحترام أو الإعجاب بالأصوليين والمتطرفين.
7- تشجيع الصحفيين على التحري عن حالات الفساد في أوساط الأصوليين والإرهابيين.
8- تشجيع الانقسام بين الأصوليين.
دعم العلمانيين على نحو انتقائي:
1- التعامل مع الأصوليين كعدو مشترك للعلمانيين والغرب.
2- منع أي تحالف علماني ضد الغرب أو على أساس يساري.
3- تأييد فكرة فصل الدين عن الدولة.
4- وأخيراً لا بد من دقة اختيار القرار حتى لا تتضرر مصالحنا، أو مصالح من نؤيده وندعمه.
الفصل الأول: تحديد القضايا
مدخل لنطاق الأفكار داخل الإسلام المعاصر:
سعي العالم لدعم الإسلام الديمقراطي صار أمراً ملحاً بعد أحداث 11سبتمبر، لما لهذا الدين من نفوذ يلهم مجموعات أيديولوجية تهدد الاستقرار العالمي، فمن الحكمة دعم الاتجاهات السلمية الحداثية منها، والسؤال: ما افضل طريقة لهذا الأمر؟ سنبحثه في ثلاثة فصول:
بعد أحداث 11 سبتمبر، صرح صانعوا القرار في الغرب: ببراءة الإسلام مما حدث، وأنه دين التسامح، واستشهدوا بآيات قرآنية في خطبهم، - ومنهم الرئيس بوش - وأنه دين يجلب الطمأنينة لمليار إنسان، والحب لا البغض، وهذا ما صرح به ساسة أوروبيون، فسخر الإعلام منهم بالقول: " أنهم حصلوا على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية، تؤهلهم لبيان حقيقة الإسلام"، وكان الغرض في حقيقته؛ تجنيب الأقليات المسلمة في الغرب، العنف ضدهم، ومساعدة الحكومات الإسلامية في حربها على الإرهاب، والأمر الآخر، السعي لدمج الدول الإسلامية وساستها في النظام العالمي المعاصر، والتحق الأكاديميون بالركب من خلال كتاباتهم عن الجذور الإسلامية في الديمقراطية، وقال د. (ساخيدينا) القرآن أكد على كرامة الفرد، وحرية الوعي، وحب الله لكل البشر، وآخرون أكدوا توافق الإسلام مع السلم العالمي.
لكن بعد مضي سنة على أحداث سبتمبر كان هناك مجموعة من الأصوليين في لندن تؤيد الإرهاب، واعتبرت في مؤتمر صحفي أن ما حدث كان قصاصاً عادلاً، وأنه عمل إسلامي موفق( 1) ، ويرى الزعماء الغربيون: تعرية تفسيرات الأصوليين (الراديكاليين) للإسلام، لمواجهة الإرهاب، ودعم الاتجاهات المعتدلة داخل الإسلام، لكن ليس من السهل تغيير دين عالمي كبير، لأن بناء الأمم أمراً شاقاً، فكيف ببناء أديان؟
قضايا مشتركة وإجابات متباينة:
ازمة الإسلام اليوم، التخلف والعجز عن التنمية، مع فشل كل المحاولات القطرية والقومية والاشتراكية والإسلامية، وكذلك التخلف عن ركب الثقافة العالمية المعاصرة، واختلافات أتباعه باتجاهات أربعة:
1- الأصوليون: يقدمون نسخة عدوانية توسعية للإسلام، لتطبيقه بشكل صارم عالمياً، وبإطار أممي وليس قطري، وهم (النصوصيون) من الراديكاليين الشيعة، والوهابية السعودية السنية، وجماعة كابلان التركية، وآخرون (أصوليون متطرفون) كالقاعدة، وطالبان، وحزب التحرير، وآخرون اهتمامهم بالنصوص انتقائي لتبرير توجهاتهم، وهم غير مؤسسين علمياً، وهؤلاء يتجاوزون ما كان من تسامح ومساواة في القرآن والسنة في صدر الإسلام، وكثير من الأصوليين، لا يدعمون الإرهاب الأعمى، لكنهم لا يتوافقون مع قيم المجتمع المدني، والنظام الغربي والعلماني.
2- التقليديون: وهم قسمان:
أ- التقليديون المحافظون: يلتزمون بالتطبيق الحرفي للشريعة، وأنها من مهام الدولة، وهي لا تحبذ العنف ومعتدلون، وتنخرط في الحياة العامة، للحفاظ على قواعد وقيم الدين، ويعتبرون إغراءات الحياة الحديثة خطراً، ويقاومون التغيير، وثقافتهم محافظة، متكيفون مع الممارسات التقليدية، وهم أقل تعليماً، بينما الذين يعيشون في الغرب منهم، فهم أكثر تعليماً، ومتكيفون مع الخطاب العالمي، والآراء العصرية الاجتماعية.
ب- التقليديون الاصلاحيون: يتجاوزون التطبيق الحرفي للنصوص، ويتقبلون التغيير الحذر، ولديهم مرونة لتجاوز ظاهر النصوص إلى روحها (مقاصدها)، ومستعدون للمناقشة لإعادة تفسير النصوص.
3- الحداثيون: يسعون لفصل المناسبات التاريخية لتطبيق الإسلام في عهده الأول، والبحث عن الحقائق الأبدية لجوهر الإسلام، المتوافق مع الضمير الفردي، والمسئولية الاجتماعية، والقيم العصرية التي تنادي بها الديمقراطية الحديثة.
4- العلمانيون: يرون أن الدين أمر شخصي، لا علاقة له بالسياسة، وأن لا تتدخل الدولة فيه، رعاية لحقوق الإنسان، ونموذجها الكمالية التركية (أممت الدين لحساب الدولة).
والحدود الفاصلة بين هذه الفئات ليست دائماً واضحة، وأدلة كل فريق متباينة، ونمط الحياة هو ميدان سجال الجميع، إيديولوجياً وسياسياً، وأكثر ما يميز الفرقاء هو موقفهم من العقيدة ونمط الحياة، ولو أخفوا موقفهم من العنف حذراً من الملاحقة القضائية.
مواقف الفرق :
يعتقد التقليديون المحافظون: بصحة الممارسات الإسلامية في الماضي، وإن تصادمت مع أعراف الحاضر، لأن المجتمع الأول هو النموذج الواجب احتذاؤه، وإن لم يحاولوا تطبيقها( 2) وأدلتهم: القرآن، والسنة، والفقه، واجتهادات كبار الفقهاء.
أما التقليديون الإصلاحيون: يعيدون تأويل الممارسات التي تبدو مشكلة اليوم، أو يتجنبوها، وحجتهم نفس مصادر الشريعة الأصلية، لكنهم أميل للاجتهاد لجعل الإسلام صالحاً في عيون العالم لكل زمان.
أما الحداثيون: فيعتبرون أن الممارسات جزء من السياق التاريخي دائم التغير والإنتاج بصورة جديدة.
أما العلمانيون: فيحظرون الممارسات التي تتعارض مع الحداثة، ويعتبرون الأمور الدينية الخاصة تصرفات شخصية، والمعتدلون منهم يرون ضمان الدولة للحرية الدينية الشخصية، والمتطرفون منهم كالشيوعية (واللائكية) ( 3) يعادون الدين كلية، عكس ( الانغلوسكسونية) ( 4) ، التي توظف الدين ولا تعاديه بالضرورة.
وتوجد تشابهات تبعث على السخرية في رؤى كل من الأصوليين والحداثيين، لقضية التغيير، وبنفس المصادر التشريعية، فيجعل ذلك لهم قدرة على المناورة.
فالأصوليون: يهدفون إلى إقامة مجتمع هرمي مستمسك بالإسلام كله، والفصل بين الجنسين، وإكراه الدولة للناس على الإسلام، ولكل أهل الأرض، ويستدعي المتطرفون منهم (الاجتهاد) أو (المقاصد الشرعية) للنصوص.
ويتطلع الحداثيون: إلى مجتمع منفتح يدين بما يروق لهم من تعايش مع الأنظمة العالمية والأديان الأخرى، مع استعداد لمراجعة الثوابت، لمصلحة المجتمع، ولو بتغييرات جذرية.
كيفية تفسير الخلافات؟
الانقسامات بين الفرق الإسلامية (كصراع) قد تقوم على فوارق تافهة تشغلهم، مثل: الولاء والبراء – الحجاب – وإن قوانين الولايات المتحدة التي تعتبر الحجاب أمراً شخصياً، تصطف إلى جانب المتطرفين في أقصى اليمين المحافظ، في مواجهة الحداثيين.
المواقف من القضايا الأساسية
1): الديمقراطية وحقوق الإنسان: الموقف الأصولي من الديمقراطية والبرلمانات، أنها شرك: لأنها تسند سلطة التشريع للشعب لا لله، وأن هدف الإسلام هيمنة نظامه على ما سواه، وأن إقامة الخلافة هدف لتحكيم الشريعة (حزب التحرير).
2): تعدد الزوجات: منهج الأصوليين (طالبان) والتقليديون الذين يعيشون في الغرب، لا يشجعون عليه، وإن كانوا لا يعارضونه، ويدافعون عنه بذكر أن الأصل في الزواج الواحدة، بينما التعدد له أسبابه السياسية والاجتماعية، ويتفق الأصوليون والتقليديون على أن تعدد الزوجات أفضل من التعدد الغربي التسلسلي، القائم على (طلاق ثم زواج، ثم طلاق ثم زواج...) بينما في الإسلام لا يتخلى عن الزوجة، إن دعت الظروف لأخرى.
3): الحدود الجنائية الإسلامية: يدافع الأصوليون والتقليديون عن العقوبات الشديدة في الحدود، لكن الإصلاحيون يعتبرون المخرج هو درء الحدود بالشبهات، فالسرقة بدافع الفقر والحاجة، تمنع إقامة الحد، والشبهة تمنعه في الزنا، لكن الأصوليون (طالبان) لا يلتزمون النص حرفياً، فقد يقتلون بالرصاص، وغيره، لكن الإصلاحيون (رقية مقصود) ( 5) تقول: عقوبة الجلد تأديبية لها ضوابط تمنع أن تكون انتقامية، وشروط إقامتها محفوفة بالإنسانية والرحمة، مع منع التجسس على الناس، وتقول (شيريل): لم يعد الجلد مقبولاً كعقوبة متحضرة في الغرب.
4): الأقليات غير الإسلامية: القرآن يحوي آيات تحريضية على اليهود والنصارى، كما يحوي آيات تصالحية معهم، وكان هؤلاء محظوظين نسبياً – حماية وحرية - في الإمبراطورية الإسلامية، لكن بعض الأصوليين في باكستان هاجموا الكنائس، وفي السعودية محرومين من بنائها، وطالبان شددت على منع نساء المنظمات الدولية من قيادة السيارة، والتقليديون أميل للعالمية والدعوة بالحسنى، ووزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لطالبان، كانت الهيئة السعودية تدرب عناصرها.
5): ملبس المرأة المسلمة: القرآن لا يفرض الحجاب إلا على زوجات النبي( 6) ، ومع ذلك فالاهتمام شديد به، بينما القرآن يؤكد على اللباس المحتشم، والسلوك الحيي للرجال والنساء، أما الحداثيون والتقليديون الإصلاحيون، يؤكدون أن لا حجاب في القرآن، لأنه يعرضها للانتباه والتمييز في البلاد التي لا حجاب فيها ( في الغرب)، أما الأصوليون والتقليديون النصوصيون فدرسوا المسألة مطولاً، أما الأصوليون المتطرفون، فالحجاب فريضة، وحشمة الرجال كذلك مطلوبة، والقدوة رسول الله ص، واستشهدت الكاتبة بحديث أبو سعيد الخدري: " الرسول ص كان أشد حياءً من العذراء في خدرها" ر. البخاري، وهو أمر سيس بدرجة كبيرة، ووظفته الجماعات التقليدية والأصولية المعادية للغرب، وعلى أمريكا التوقف عن تأييد الحق الديمقراطي بلبس الحجاب، لأن الرسالة الكامنة خلف الحجاب شديدة الخطورة( 7).
6): ضرب الزوجات: لا يرى الأصوليون بأساً في ضرب الزوجات، والنصوصيون والمتطرفون منهم يرون ذلك متسقاً مع الشرطة الدينية المسلحة بالعصي والسياط، لضبط شعر الرجال وذهابهم للصلاة، وحشمة النساء ومنع طلاء أظافرهن، والتقليديون المحافظون، يرفضون ضرب نسائهم، والإصلاحيون لا يقبلونه مع تأويل النص القرآني، الذي لم يحدد فيه السلوك المعاقب عليه، وإن فسره البعض بأنه أقرب لحالة التمرد، ولعله إشارة للردة، أو النشاط السياسي الهدام للزوجة، ويرى القرضاوي جواز اللطم بعيداً عن الوجه، وقالت إحدى المجلات أنه بمثل الوخز بالسواك، أما الحداثيون فإنهم يرفضوه جملة وتفصيلاً، لأنه مخالف لأخلاق الرسول ص، ووصية الرسول ص قبيل وفاته بالنساء خيراً مشهورة، أن تدوين القرآن كان بعد وفاة رسول الله ص وضاعت منه سورتان على الأقل، لأن التدوين كان من الذاكرة، والتقليديون يؤمنون بأنه حفظ ودون حرفاً حرفاً، وادعاء نقصه كفر.
الفصل الثاني
إيجاد شركاء لترويج الإسلام الديمقراطي
العمل على تطوير الإسلام، من خلال كل الأطياف المذكورة، على أن تكون الأمور بدقة ومن غير تداعيات غير مقصودة، وبالتدريج.
1): العلمانيون: هم حلفاؤنا الطبيعيون في العالم الإسلامي، لكن مع الأسف أغلب هؤلاء مشكلتهم، بسبب أيديولوجياتهم اليسارية، والقومية، والاستبدادية، ويدرك الساسة الغربيون: أن الإسلام لا تلائمه العلمانية، مثل الثقافات الأخرى، لأنه دين سياسي ودنيوي معاً، والمراهنة على ذلك غير مجدية، لكن النموذج التركي يعطي الأمل بنجاح نموذجه العلماني في العالم الإسلامي، فعلينا أن نوظف ردة فعل الناس ضد الأصوليين المتطرفين، حال وصولهم إلى الحكم، بتغذية قبول الناس للتخلص من خشونتهم بالحداثة والعلمانية، وهذا ما يحدث لدى شباب إيران (وشباب السعودية كذلك) ولهذا لم تنجح إيران في مشروعها، فزاد فيها تعاطي المخدرات إلى الذروة، وشكل البغاء أزمة، فكرت الحكومة بفتح مواخير رسمية يشرف عليها الملالي، وتعتبر إيران نموذج لفشل التطبيق الإسلامي في السيطرة على مشكلات الحياة المعاصرة.
2): الأصوليون: (المتطرفون): يعادون الديمقراطية وأمريكا وقيمها الغربية، ونحن نعارضهم، وهم يعارضوننا، ولهذا لا يمكننا الالتقاء معهم، أما الأصوليون (النصوصيون): كالسعوديين( 8)، فالتحالف معها مؤقت، وتعاملنا معها تكتيكي جيوسياسي، واقتصادي، وأصبح لدى الأصوليين؛ الغزو العسكري لا يقارن بخطورة السيطرة الاجتماعية على حياة الناس، والتأثير عليها على غرار النمط الغربي.
3): التقليديون: شركاء محتملين لنا (للغرب) لأن شريحتهم كبيرة، وهم يتصفون بالاعتدال، بمقابل التزمت الأصولي، ويسعون لحوار الأديان، ولا يدافعون عن العنف، ولو تعاون بعضهم مع (الجهاديين) ويشكلون شرائح أسرية، ومسنين ونساء، وتلاميذ مدارس، وهم منظمون في قيادات، ولديهم منابر لترويج معتقداتهم، وبعضهم يؤيد قيم الديمقراطية، والإصلاح، ويمكننا (الغرب) التعامل معهم لتسويق الإسلام الديمقراطي.
التمييز بين التقليديين والأصوليين: يصعب حين نرى تقاربهم في موضوع تطبيق الشريعة، والموقف من الغرب، والعلاقة بين الجنسين والمرأة، والنظام السياسي المطلوب للطرفين، وقضايا فقهية أخرى، والتقليديون الإصلاحيون أقرب إلى السياسة الدولية منهم إلى الغرب، أدان (التقليدي المحافظ) شيخ الأزهر طنطاوي، قتل الأبرياء في إسرائيل، بينما ذكر (التقليدي الإصلاحي) يوسف القرضاوي: وهو – راديكالي – أن السياسة الخارجية الإسلامية، والحركة الإسلامية، ينبغي أن تناصر أية استغاثة إسلامية في: أريتريا المسلمة ضد نظام مسيحي ماركسي، وتناصر السودان ضد تمرد مسيحيي الجنوب، ومسلمي الفلبين ضد التعصب المسيحي الذي يبيدهم، ومسلمي كشمير ضد الهندوس، فضلاً عن مناصرة فلسطين، وأمسى الالتقاء بين التقليديين والأصوليين على أرض الواقع خطيراً، لاتحادهما في ضغينة الغرب المعاصر، وكتب " محمد العاصي" إمام مركز واشنطن الإسلامي، أن التعريف الغربي للسياسة ملوث وفاسد، ويسمي الاستغلال الاقتصادي سوق حرة، ورأسمالية، وهو يعادي الغرب في ثقافته وسياسته، وحين يلتقي التقليديون الأمريكيون يعبرون عن نفورهم من الغرب، ويحكمهم نزعة الخوف والشعور بالاضطهاد، والجهد الاستخباراتي يكشف بسهولة تعاون الفريقين، وهناك مواقع الكترونية يلجأ إليها المغتربون، حسب جالياتهم طلباً للإجابة عن أسئلتهم الدينية، وكانت (مؤسسة الحرمين) الإلكترونية قبل إغلاقها بعد أحداث 11سبتمبر، مرتبطة بجماعات إرهابية في باكستان، وأفغانستان، والبوسنة، والشيشان.
العناصر الديمقراطية الكامنة والتي يمكن توظيفها:
تحتوي منظومة التقليديين على عناصر ديمقراطية يمكنها دعم الإصلاح، وبعضهم يرى أن الإسلام سبق الغرب في دعاواه في الحرية والديمقراطية، لكن هؤلاء يستندون إلى قيم مغايرة للحداثة الغربية، كالتفكير النقدي، وابتكار الحلول، والحرية الفردية، مع تمسكهم بتطبيق الشريعة التي يرفضها الغرب.
والتقليديون مؤمنون بحتمية اتباع القرآن والسنة، كلياً وحرفياً، أو الاجتهاد فيهما، وبعضهم متردد حيالها كالقرضاوي، في اجتهاداته حيال بعض هذه الأمور.
والاتجاه التقليدي مرتبط بالتخلف والرجعية، وهو خيار أفضل، أما خيار الأصوليين فإنه سيؤدي إلى فقر وتخلف وعجز عن إيجاد مخرج للمسلمين، وأصدر برنامج الأمم المتحدة الإغاثي دراسة تبين: 1- أن غياب الديمقراطية، 2- وتدني وضع المرأة، 3- وإهمال التعليم، أسباب تخلف العالم العربي، وحكم التقليديين في أكثر من بلد إسلامي، فرَّخ اضطرابات يسرت ظهور التطرف.
خطر حدوث رد فعل احتجاجي في الغرب:
ظهر انتقاد حاد من التقليديين للثقافة الغربية في الغرب، وعلى العلمانيين تحمل ذلك وضبط النفس، لكن هذا لا يعني التسامح والسكوت عن تبني آراء بعض هؤلاء التقليديين، الذين أصبح لهم صوت مرتفع في الغرب، يقودون به التيار الإسلامي، بحيث أصبحت أوروبا قاعدة لبعض الإرهابيين، من خلال إدارة شبكة مساجد ومراكز إسلامية راديكالية، ولقد رأت الولايات المتحدة، أن إظهار شيء من الاحترام للإسلام ليتم احتواؤه، بينما وقف الساسة الغربيون موقف الاهتمام بالسياسة الخارجية التي تهم المسلمين.
إمكان الطعن في مصداقيتنا على الإقناع:
إفساح المجال أمام التقليديين؛ وتجنب انتقادهم يمكن إساءة فهمه، قال (عبد الرحيم جرين): " الغرب لا يؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان إلا إذا وافقت مصلحته فقط" ولقد تسرب إلى نظام الأمم المتحدة، بضغط من المؤتمر الإسلامي، وضع استثنائي – تجريم تدنيس المقدسات – دون أساس قانوني، وهذا يعرض القيم الغربية للخطر، وينبغي عدم التسامح فيها.
احتمال تقويض الاتجاهات الإصلاحية: دعم التقليديين يقوض جهود الإصلاحيين، وإعاقة أنصارنا من الحداثيين.
4): الحداثيون: فئة شديدة الاتساق مع قيم مجتمعنا الديمقراطي الحديث، وهذا يقتضي تجاوز الاعتقاد الديني الأصلي، أو تعديله، والعهد القديم لا يختلف عن القرآن في دعم بعض المعايير الشاذة، ولا مشكلة في هذا مع تصورنا لليهودية والمسيحية أنها مجرد تاريخ خرافي أسطوري، وهذا ما يتبناه الحداثيون المسلمون، ويلجؤون عادة إلى تجاوز النص من خلال مفهوم المصلحة، الذي طرحه الفقهاء الإصلاحيون في القرن الثالث عشر، لتجاوز القرآن به(9 )، وهناك مؤشرات على أن التغيير في الإسلام أمر مستطاع، وقد وقع فعلاً، مثل إلغاء الاسترقاق، مع ان القرآن يؤكده، والتقليديون يقرون بهذا الإلغاء، عدا المتطرفين الذين يدَّعون إمكانية ممارسته، مع أن هذا الإلغاء أقر بإجماع صامت.
الحداثة تحترم المثقفين والقيادات:
للحداثيين في الإسلام قادة محتملين، مؤهلين بالتعليم الشرعي والأكاديمي، ومنهم البين بين، كمفتي البوسنة " مصطفى سيريتش" والبروفسور " خالد أبو الفضل" أستاذ الشريعة بجامعة كاليفورنيا بأمريكا، وهو ينتقد النهج التبريري عند التقليديين، والنهج السلطوي المتزمت عند الأصوليين، ويدعو إلى النقد الذاتي، والتخلص من فكرة الصراع الحضاري مع الغرب، ولدينا "محمد شحرور" مؤلف كتاب (مشروع ميثاق العمل الإسلامي) للتعامل مع قيم الحرية والديمقراطية، و" شريف ماردين" يحاول كذلك في هذا الموضوع، و " فتح الله كولن" يطرح نسخة من الحداثة الإسلامية، المتصوفة والمتسامحة، وكذلك يدعو " بسام طيبي" الحداثي، إلى تشرب قيم الدول الغربية، وأفرزت إيران المعاصرة مجموعة من "الخوارج" الحداثيين، يمكن تلميعهم، كمثل عليا وأبطال ملهمين للحقوق المدنية، تعرضوا لاضطهاد الحكومة الإيرانية، وينبغي نشر أفكارهم.
ضعف الحداثيين:
الحداثيون أجدر الفئات لتطوير الإسلام، ولكن ينقصهم التمويل، لأن الأصوليين لديهم دعم وموارد مالية ضخمة وإعلام قوي، وكذلك التقليديون لديهم مصادر دعم وتبرعات المريدين، من المساجد والمدارس ودور النشر وقنوات تلفازية، بخلاف الحداثيين الفقراء في هذا، والعائق الثاني سياسي: تلفظهم بيئات الأصوليين والتقليديين، وقد تجرهم إلى محاكمات وأحكام بالإعدام، على أفكارهم، كما في مصر وباكستان، (نوال السعداوي)، أما الحداثيون في الغرب فإنهم يكتفون بالكتابة الرفيعة المستوى التي لا تصل إلى الشباب، والفئات الأخرى، وهم في الغالب أساتذة جامعات، ومنعزلين عن الأدوار الاجتماعية للمسلمين.
حالتان خاصتان للحداثة:
أولاً- الإسلام الغربي: للمسلمين الذين يعيشون في الاغتراب بهوية خاصة أو هوية مدمجة:
1): الإسلام الأوربي: طور مسلمو البلقان إسلاماً محافظاً مندمجاً مع الحداثة العلمانية الغربية، وهذا ما حدى بتدخل الغرب لمصلحة مسلمي البوسنة وألبانيا المضطهدين، واستضافت الأسر الأوربية مشردي الاضطهاد المسلمين، وقد جرمت المحاكم الجنائية الدولية، مجرمي الحرب ضد مسلمي البوسنة (10).
وبعد أحداث 11 سبتمبر تبين المعلومات أن غالبية مسلمي أوروبا حداثيون أو علمانيون، بينما الحكومات الأوربية تحابي التيار التقليدي، لأنه حليف مريح، وحاولت فرنسا إنشاء كنيست إسلامي، للسيطرة عليه، فسيطر عليه الأصوليون والتقليديون( 11).
2): الإسلام الأمريكي: كذلك واجهته العامة عناصر تقليدية، ولهذا يجب دعم الجمعيات الثقافية الإسلامية المدنية، داخل الجاليات، والأسلمة الظاهرية لهؤلاء يمكن تقويمها بالموسيقى والثقافة والمحاضرات في التاريخ، بينما التقليديون منهم يمتلكون المساجد والمنظمات، ويتلقون تمويلاً كبيراً ومطبوعات رخيصة، كما تعرض البقالات الأمريكية، كتابات المودودي في مطويات رخيصة، ومطبوعات غير مكلفة، وبعض المكتبات العامة تعرض منها كتاب " أنا مسلم" لشرح الإسلام، وهو يعرض مفاهيم إسلامية غير صحيحة، لأن النبي (ص) اعترض على كثير مما يعرضوه عن الإسلام. وتحاول المواقع الإلكترونية الإسلامية الباكستانية أو الأفغانية إبراز الفروض الإسلامية بشكل تقاليد محلية أو قومية متشددة، كلبس البرقع، وتفعل دور الأزياء الإسلامية نفس الشيء لإبراز مفهوم أن الفتيات المسلمات بحشمتهن "جواهر ثمينة".
ثانياً- ثقافة الشباب والثقافة المضادة:
نجح الأصوليون المتطرفون في تعبئة الشباب، فالحرس الثوري الإيراني، وطالبان، وحماس، والجهاد الإسلامي، والقاعدة، دعمت الشباب، وتستغل هذه الحركات سخط الشباب، وترغيبهم في تحقيق العدالة، ونصرة المستضعفين (خاصة بفلسطين)، وفي الشرق الأوسط، ويعتبر ذلك التطرف أداة تحدي الأنظمة الفاشلة المرتبطة بالغرب، للتنفيس عن المشاعر، وغموض إيديولوجية الأصوليين سهل عليهم إلحاق الأجندات الخاصة بالمظالم والفساد لغرض احترام الإسلام، ولذا يعتبر ذلك مظلة عاجلة لأسئلة تحقيق الكرامة والهوية والانتماء، ولا يعتمد ذلك على دراسة معمقة سوى تكاليف المحرمات، واللحية، والحجاب، ويمكن اعتبار الحجاب في الغرب، نوع من التحدي للآخر، واختبار شجاعة، وليس صعباً على الشباب اكتشاف ما يخدعهم به الأصوليون، حين يحشدوهم كانتحاريين، وترغيبهم بالموت والشهادة، وحين يحفزون الشباب ضد رغباتهم الجسدية، فيحثوهم على كبت مراهقتهم، وسيكتشف الشباب المسلم الخداع الذي يقوم به قلة من ذوي السيطرة يتحكموا فيهم، لجعلهم وقوداً لمعاركهم الخاسرة (12).
والرؤية التقليدية للإسلام هادئة، لكن الأصولية هي مصدر إلهام الشباب، والحداثة هي التي تصطف مع مصالح الشباب والنساء الموضوعية.
5): الصوفية: لا ينتمون لأي فريق سوى القرب من الحداثيين، ولهذا ينبغي دعم تفسيرهم للإسلام، في المدارس والمجتمع، خاصة في العراق وأفغانستان، من خلال الشعر والموسيقى والفلسفة، لأن ممارستهم تحقق القيام بدور الجسر الذي ينقل مجتمعاتهم خارج التأثيرات الدينية.
الفصل الثالث: استراتيجيات مقترحة
التطرف الإسلامي بتجلياته، وانخراطه في الحراك المتنوع، يجعل الأمر أصعب من أن يعالج بطريقة واحدة، ولهذا فإن التعاون مع المتزمتين من كل فرقة يصعب استثماره، ولهذا لا بد من مراعاة الظروف المتنوعة لكل فئة وبلد من خلال:
أولاً- دعم الحداثيين بالآتي:
1- تكريس رؤيتهم للإسلام محل الرؤية التقليدية، بتمكينهم من المنابر الإعلامية، وتدريبهم.
2- دعم العلمانيين بشكل فردي.
3- دعم المؤسسات والثقافة العلمانية.
4- دعم التقليديين (متى وحيثما كانوا من اختيارنا) لمنافسة الأصوليين، وحيلولة أي تحالف بينهم، وخاصة بعض مذاهب الفقه المطواعة مع مفهوم العدالة( 13) وحقوق الإنسان.
5- وأخيراً ملاحقة الأصوليين، وضرب نقاط ضعفهم، وإبراز فشلهم في تطبيق الإسلام وقيادة الحكم.
ثانياً- أنشطة إضافية لدعم هذا الاتجاه وهي:
1- إنهاء احتكار الأصوليين والتقليديين لتفسير الإسلام.
2- توظيف علماء حداثيين لإدارة مواقع الكترونية بفتاوى حداثية.
3- تشجيع العلماء الحداثيين الأكاديميين لتطوير المناهج الإسلامية والبحوث.
4- نشر كتب تمهيدية عن الحداثة في الإسلام، بأسعار مدعومة.
5- استخدام وسائل الإعلام المحلية المشهورة لإبراز هذه الأفكار.
الملاحق
الملحق الأول: " دروب الحديث"
إصلاح الإسلام اليوم يرتكز على جدل في بعض الممارسات من صحيح الإسلام، المستندة على ما يمكن تسميته "
حروب الحديث" ويمكننا استخدام الحديث للدفاع عن قيم المجتمع الغربي، كوسيلة تكتيكية ثانوية، لأن الأحاديث
تتسع لآراء متباينة متساوية الشرعية.
يرى "ابن وراق( 14)": أن مناقشة المتعصبين حول النصوص لا جدوى منها، لأن علم الحديث علم معقد وشديد الضبط، ولذا المناقشة في تدجين الإسلام، بلطف يحقق نتائج أفضل، وذكرت – الكاتبة – أكثر من عشرين سؤالاً عن درجة ومصداقية الحديث ، وقالت أن قاعدة واحدة من قواعده قد يحتاج إلى سبعة صفحات مليئة بالكتابة، وحللت طريقة انتشار الحديث بين الناس على المواقع (الإلكترونية)، بأنه يسري كمقولة شعبية ، وقليل من الناس من يعرف مصدر الحديث ودرجته وتوثيقه، وتناقش وتشكك بقدرة البخاري على تمحيص كتابه الجامع من ستمائة ألف حديث، ثم تطرح مشكلة تحريم الموسيقى عند التقليديين وطالبان، وتستشهد بإباحة النبي الغناء في عرس، وتلبس بقصة لعب الأحباش بالحراب في الشارع وأن النبي أمرهم بحفلة غناء في المسجد، وبحضور عائشة وان هذا دليل على الاختلاط في الحفلات الغنائية، وتسأل: هل سماع الغناء بنية الاسترخاء الحلال مباح؟ إذا كان حكمه لاستدعاء مجوني للخمر والمحرمات حرام؟ وتستشهد بكلام عن التجديد في الإسلام لمحمد إقبال، إستناداً إلى ترجمة له مليئة بالأغلاط وعدم الدقة (كما يقول المترجم الناشر)، وتقول هذا النقاش لن ينتهي، لكن هناك أمور أخرى، يستشهد بها الليبراليون قوله تعالى: ( لست عليهم بمسيطر)......و(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) .....و( لا إكراه في الدين) ....وتذكر أن الأحاديث عرضة لسوء الاستخدام، وأن غالبية المسلمين أميون لا يحسنون قراءة القرآن أو فهمه، وهناك تعدد في المذاهب الفقهية الخمسة، واختلافات في الأحكام فيما بينها، وتنقل عن كتاب " خالد أبو الفضل" فتاوى مضحكة عن علماء وقضاة سعوديون، مثل: حكم الكعب العالي للنساء، ومشد الصدر، وسفر المرأة بالطائرة، دون الاستناد إلى حديث صحيح، أو نزعه من سياقه، ليلائم التفسير الوهابي للإسلام، الذي يخضع له الكثيرون، وتذكر استفتاء امرأة المؤسسة الدينية السعودية عن حكم زيارتها لقبر زوجها، فكان الحكم بالمنع، لا لأنه محرم بنص، ولكن خشية أن يتحول إلى تجمع نساء، يتبعه تجمع رجال فيؤدي إلى انحراف أخلاقي.
بناء الإسلام الديمقراطي يتطلب ثلاثة أمور فيما يخص الحديث وتأثيره في الفقه:
1- تعليم الجمهور بشكل أفضل أدلة الأحكام وشروحها لرفع سويتهم الدينية المعرفية.
2- تشكيل لجنة "نقض الحديث" لبناء مجتمع أكثر تسامحاً، وهذا لا يحتاج إلا إلى دزينة من الكتب والنشرات لدعم الإصلاح الليبرالي.
3- حدث حراك مؤخراً في ميدان دمج الشريعة برؤى حداثية وقانونية، غير متقيدة بمذهب معين، لكن ينبغي جمعها في مكان واحد لاتساقها، حتى يطلع عليها الفقهاء والدارسون والجماهير.
الملحق الثاني: الحجاب كحالة للدراسة
بعض القضايا الإسلامية تتضمن معاني رمزية إيديولوجية تحشيدية، مثال منها لدى الساسة الغربيين الحجاب، باعتباره أمر لا ضرر منه، دون معرفة جذورها ومؤداها، فيرسل رسائل تشجيعية للنشطاء الإسلاميين، وإضعاف للقوى الحداثية، ولهذا يعد ارتداء الحجاب في أمريكا " فوزاً في المعركة ضد الثقافة الأمريكية" وتسييس له، كأنه حقل ألغام، مع أن أقلية من المسلمين تلتزم به.
وفي جريدة الواشنطن بوست، تناولت أستاذة في جامعة ميريلاند الأمريكية، موضوع الحجاب، بأسلوب غير نقدي – فاعتبرته طريقة صحية تعبر بها المرأة المسلمة عن ذاتها، وتخلط فيه ثقافتها الأمريكية بالعزة الإسلامية" بينما هو في أوروبا يعبر عن تحذير الليبراليين من كونه "يرمز إلى نيات المجاهدين العدوانية والقتالية" ويمكن اعتباره راية الحرب الإسلامية المقدسة، وموقع " مسلم لايف ان أمريكا" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية يحتوي في ربيع 2003م على 32 صورة نساء وفتيات وطفلات مسلمات محجبات، في مقابل 13 صورة لحاسرات عن رؤوسهن، وهذا دعم واضح للحجاب من جانب الحكومة الأمريكية.
الملحق الثالث: استراتيجية تفصيلية
1): بناء قيادة حداثية:
- بخلق زعامات حداثيون، وجعل بعضهم أبطال الحقوق المدنية، من خلال تعرضهم لاضطهاد الأصوليين، مثال: (نوال السعداوي)، و (سيما سمر) الوزيرة الأفغانية لشئون المرأة، وضم الحداثيين إلى الحراك السياسي في بلدانهم، وقصر الإسلام على أنه مكون واحد من مكونات الهوية والمجتمع.
- دعم المجتمع المدني في العالم الإسلامي، خاصة عند الأزمات والحروب، لإبراز وتدريب قيادات حداثية معتدلة.
- تطوير الإسلام الغربي بأشكاله المتعددة: إسلام ألماني- إسلام أمريكي – إسلام فرنسي...الخ، من خلال الأقليات والجاليات، وتطوير ممارساتهم المتنوعة على أرض الواقع.
2): استمرار الحملة الهجومية ضد الأصوليين:
- نزع شرعية جمعيات الإسلام المتطرف، وفضح أعمال علمائهم، وأنهم أنفسهم لا حصانة لهم ضد الفساد.
- تشجيع الصحفيين العرب في وسائل الإعلام الواسعة الانتشار، لنشر تقاريرهم عن زعماء الأصولية وفسادهم، وعن أعمال هيئة الأمر بالمعروف السعودية، ومخالفاتهم الإنسانية لحقوق الإنسان.
3): تعزيز قيم الحداثة الغربية بشكل حاسم:
- خلق نموذج لإسلام معتدل عصري وترويجه، مثل: " إعلان بيروت" 1999م، وميثاق العمل الوطني في البحرين.
- نقد عيوب الرؤية التقليدية للإسلام، وإظهار علاقتها بالتخلف، وعلاقة الحداثيين بالتقدم، ونشر تقرير التنمية العربية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعلاقة التخلف واضطهاد المرأة وتدني التعليم بالأنظمة الاجتماعية التقليدية.
- تعزيز مكانة التصوف: وزيادة الاهتمام به، وبثه في المقررات الدراسية، ونصيحتي: " أولوا الإسلام الصوفي مزيداً من الاهتمام" .
4): التركيز على التعليم والناشئة:
من المستبعد أن يغير الشباب الإسلامي الراديكالي آراءه بسهولة، أما الجيل التالي، فيمكن التأثير عليه وتشكيل وعيه بإدماج الحداثة في المقررات الدراسية، ووسائل الإعلام في الدول ذات الصلة، لقد بذل المتطرفون جهوداً جبارة في التعليم، لا يمكن إزاحتها دون معارك ضروس.
الملحق الرابع:
رسالة بخصوص الصورة التي تروجها الخارجية الأمريكية عن الإسلام
- أرسل عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا " توم لانتوس" خطاباً إلى وزير الخارجية "كولن باول" يوافق على سياسة الخارجية في كسب عقول وقلوب الآخرين حول العالم، لتأييد السياسة الأمريكية ضد الإرهاب، لكن يعترض على ذكر كلمة للشيخ يوسف القرضاوي، في البيان على موقع الوزارة، ويعترض على ذكر الشيخ عبد الرحمن السديس، باعتبارهما أعداء لأمريكا، وليسوا أصدقاء لها، ويعترض على نشر الموقع الإلكتروني للإسلام في أمريكا التابع للوزارة، كتاباً يعرف بالإسلام في أمريكا، قائلاً: هل نحن ننشر تعريف لليهودية في أمريكا، والبوذية كذلك؟ إن هذا ليس من مهمة الخارجية الأمريكية،
إن موقع " حياة المسلمين في أمريكا الإلكتروني، التابع للخارجية الأمريكية، يروج للإسلام المتشدد والحجاب، وهذه ليست مهمة دبلوماسية له، لأنها توصل رسالة مغلوطة إلى نساء الأفغان والإيرانيات اللواتي يرغبون في نزع حجابهن، لأن الحرب التي خضناها مع الاتحاد السوفييتي فانتصرنا فيها، نخوضها اليوم مع الإرهاب، الذي لا ينبغي تملقه، ولا التذلل له، فأرجوا تصحيح الوضع. " التوقيع " توماس لانتوس" .

...............
الهوامش:

(1 ): واستدلوا على هذا بمقولة أمير الجماعة الإسلامية بباكستان قاضي حسين أحمد يوم 2سبتمبر 2002م: " أن أمريكا أسوأ عدو للإسلام، وأن التحالف ضد الإرهاب، ما هو إلا حرب على الإسلام" .
(2 ) هؤلاء جزء من البنية الاجتماعية التي شوهها الاستعمار، ورسخ فيها هذه العقلية (الناشر) .
(3) هي العلمانية اللاتينية في السياق الكاثوليكي، من رحمها خرجت الثورة الفرنسية.
(4) هي العلمانية الأنغلو سكسونية في سياق بروتستنتي، ولدت مع الثورة الصناعية .
(5 ) مسيحية بريطانية أسلمت .
(6) هذا غير صحيح، فآيات الحجاب تأمر به جميع المسلمات البالغات. (الملخص).
(7) ذكرت الكاتبة أن محمداً كان يتسامح مع صديقات زوجته، وكأنه قس بروتستنتي أمريكي (الناشر) .
(8 )لقد دمر السعوديون آثار البلقان الإسلامية التاريخية، ولم يلتفت إليهم أحد، كما فعلوا مع طالبان (الناشر) .
(9)هذا تلبيس من الكاتبة، أو جهل، لأن مفهوم المصلحة كان عند الفقهاء الأوائل، وعند الصحابة أنفسهم رضي الله عنهم، وله ضوابط في غير المنصوص عليه .
(10 ) الكاتبة بغبائها وحقدها توحي بأن من يستمسك بإسلامه مصيره الموت ولن ندافع عنه (المختزل) .
(11)آخر الفقرة تناقض زعمها بغالبية العلمانيين (لكنه التحيز والحقد) م.ن .
(12) ما أشبه خطاب الكاتبة التحريضي، بخطاب الماركسية التحريضي ضد الرأسمالية (الناشر) .
(13) العدالة وحقوق الإنسان بنظر الكاتبة ما يخدم الغرب الاستعماري فقط (المختزل) م.ن .
(14) اتصلت بالوراق عبر الشبكة والبريد الألكتروني، في 2002م فنصحها بما ذكرته.


أضف رد جديد

العودة إلى ”حرب على الإسلام“