المنهج القرآني في التغيير

المشرف: محمد نبيل كاظم

أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

المنهج القرآني في التغيير

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

المنهج القرآني في التغيير
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، صلوات الله وسلامه عليه، تسليماً كثيراً.
ورضي الله عن ساداتنا، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وبقية صحابته المبشرين بالجنة، وعن سائر الصحابة والتابعين، وتابعيهم وتابعي تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة - (أي في الدين)- بدعة، وكل بدعة ضلالة.
قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
وقال تعالى:(إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)الرعد.
قصة: (أحد ملوك اليمن مع ملك الصين الذي منع ختان المولود الذكر المسلم، فهدده ملك اليمن المسلم بمنع تزود سفنه من شواطئ اليمن فتراجع).
أين كنا؟ وأين صرنا؟، العالم بأسره يعلم ذلك!، والسبب والحل موجود في هاتين الآيتين اللتين ذكرناهما في المقدمة.
تزكية وتنمية الذات:في مسيرة تطوير النفس (الذات) التي خلقها الله تعالى فينا، وكلفنا عن طريقها، لتنميتها واستثمار طاقاتها الجبارة التي منحنا الله إياها، ميراثاً أو كسباً، بعد التعرف عليها وتقديرها حق قدرها، وأنها الذات المكرَّمة التي جالست الملائكة يوم خلق الله آدم أبو البشرية، ومنحه نعمة العقل والفهم والعلم، تتم هذه التزكية بمعرفة الله تعالى الخالق، بعد معرفتها، وما يجب علينا تجاهه من حب وطاعة وامتثال، بالإضافة إلى القيام بواجب الاستخلاف في الأرض، وإعمار نفوسنا فيها، باتباع الأنبياء والرسل عليهم السلام، من خلال توحيد الله تعالى، والعمل الصالح، والاتباع بإحسان، وهذه التزكية للنفس والذات تتم من خلال معرفة أنواعها وأقسامها الأربعة وخصائصها وهي التالية:1-تنمية النفس الملكية: ( بفضيلة العلم): مدارسة وتعلماً وقراءة وبحثاً واستكشافاً.قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) 30-32/البقرة.
أخوة الإيمان والإسلام: أعظم ما كرمنا الله به العقل، ومن لفظه يفهم معناه: العقل هو الربط والإحكام، والضبط والإتقان، والفهم والعرفان، به نسمو وبه نسود، وعن طريقه نرتقي ونقود، وبه نسعد ونرضى وإلى جنة الخلد نعود، وأول كلمة نزلت من كتاب الله (اقرأ....).
أخوة الإيمان والإسلام: لما كرم الله تعالى العرب ببعثة النبي الخاتم، تحول رعاة الغنم فيهم إلى علماء وملوك، وصعاليكهم إلى أمراء وقادة، وأصحاب ذوق وأدب، وحكمة وجميل أرب، كل شعوب الأرض اليوم تفتخر بأن لهم إليهم نسب، في الهند وبلاد الأفغان، وفي أندونيسيا وجزر الملايو وتركستان والسودان، والمغرب، لم كان ذلك؟! لأنهم اهتدوا إلى صراط الله المستقيم، ونهلوا من علوم الأرض والشعوب، وزادوا فيها مما فتح الله عليهم، إلى أن عرف فضلهم القاصي والداني، قالت: المستشرقة الألمانية تصف مدارس وطلاب المسلمين بأنهم "كخلية النحل يخرجوا للناس شهداً وعسلاٌ" واليوم يا ويح اليوم، لم يعد للعقل من غاية، سوى جمع المال والتنافس فيه، والتسلط على عباد الله، وهدر الكرامة من أجله، حاوروا أنفسكم وابنائكم في العلم والدين فإنهما النجاة يوم الدنيا ويوم الدين.
2-وتزكية النفس السَبُعيَّة: (بفضيلة الحلم): بضبط الانفعالات والتحكم بالغضب.
قال رسول الله:« لرجل سأله الموعظة فقال: لا تغضب، كررها مراراً» لأن النفس السبعية، تميل إلى مقاتلة من يسيء إليها، حتى الطفل الصغير يغضب، لكن الإسلام ونبي الإسلام علمنا كيف نزكي النفس السبعية بالحلم والتسامح والانضباط، فلا ننفعل لتوافه الأمور، وإذا غضبنا إنما لنصرة دين الله بالضوابط الشرعية، والكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة، وهذه تكون بالمران والتدريب، منذ الصغر، حينما نعود أنفسنا أن نسمو بها لمعالي الأمور، لا لسفسافها، ترى الإنسان أحياناً يقيم الدنيا ولا يقعدها من أجل جنيه واحد، في باص أو حافلة، وكذلك عند التعامل بالدينار والدرهم، أين العقول التي لا ترخص نفسها بريال أو جنيه؟ إنها التربية إنها الحلم إنها إعلاء الشأن، وربما تسمعون في الصحف أو غيرها عن دماء أريقت من أجل دراهم أو حاجات لا تساوي إلا فلوساً، ولهذا لما جاء يهودي يختبر رسول الله: « في دين أقرضه للنبي فقال ما قال: وأسلم في النهاية، لأن النبي يسبق حلمه غضبه».
ونعلم أبناءنا أن لا يكون لهم رد فعل على ما يغضبه إلا بعد أن يعدوا خمس عدات أو تسبيحات، أو استغفارات، ثم يحاوروا بهدوء وروية وبحلم دون عصبية.
3-وضبط النفس الغريزية: (بفضيلة العفة): بتحكيم القيم والتزام الأخلاق والأمانة.
بعض الغرائز فينا تنتسب إلى عالم الحيوان، من المنكح والمطعم والمشرب، وكذلك جمع المال إلا إذا كان ذلك بضوابطه الشرعية، فلا نكاح إلا بعقد وشهود ورضى، وضبط النفس بغض البصر، ومنع الاختلاط المحرم، واحترام الأعراض والنفوس، كما في قصة أصحاب الغار الثلاثة، حينما قالت المرأة لابن عمها: (اتق الله لا تفض الخاتم إلا بحقه).
ومن ذلك تقوية شخصية أبنائنا ليميزوا بين الحلال والحرام وآثارهما في العلاقات الجنسية، من خلال التربية السليمة والترابط الأسري، فيأنف الأبناء أن يسيئوا إلى أجسادهم وأسرهم وأهليهم وعشيرتهم ودينهم ووطنهم.
لا يقبلوا الغش في الامتحانات، ولا يقبلوا الغش في العلاقات، ولا يقبلوا الغش في الوظائف، ولا يقبلوا الغش في البيع والشراء والتجارة، ولا يقبلوا الغش في شيء، لأن العفة كف النفس عن كل ما يعاب منه أو ينتقص من الكرامة.
ذكرت صحف خليجية عن قاضٍ خليجي ارتشى بمليون ريال لتغيير إثبات ملكية أرض، وفي نفس التاريخ حاول شباب في البر إغراء راعٍ سوداني كان يرعى أغناماً لشخص (خليجي) بأن يبيعهم شاة بعد أن أشعلوا ناراً في الصحراء وهم بعيدين عن المدينة، لشوائها عليها، ولم يكن راتبه سوى 600 ريال، يصرف نصفها ويرسل نصفها لأهله في السودان، فأبى، فأكثروا من إغرائه وألحوا فأبى وقال بالنهاية: (ذمتي ليست للبيع)، وكتبت الصحف الخبر فقال: مربي تربوي نفسي د. مصطفى أبو سعد، إن القاضي لم يربى في بيته ومن قبل والديه على الكرامة، والراعي السوداني رباه والداه على الكرامة، وهي القيمة رقم 1 بعد الإيمان، في القيم الإسلامية التي ينبغي أن نربي أبناءنا عليها، لأن الشعور بالكرامة هو الذي يجنب المسلم كل الرذائل.
4-وتحكيم النفس الميزان: (بفضيلة العدل): وهي القسط والتوازن في الحق والواجب.
قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ.)25/ الحديد.
"زار سلمان الفارسي - رضي الله عنه - أخاه أبا الدرداء - رضي الله عنه - فما وجده, لكنه وجد أم الدرداء وهي متبذِّلة، فسألها عن شأنها, فقالت: أخوك أبو الدرداء ليس له بنا حاجة في الدنيا! فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعامًا, فقال له: كُل, قال: فإني صائم, قال: ما أنا بآكل حتى تأكل, قال: فأكل, (لأنه صوم تطوع) فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال: نَم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَم فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَم, فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قُم الآن، فَصَلَّيَا, فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقّه، فأتى أبو الدرداء النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان. (رواه البخاري)".
جاءت الشريعة الإسلامية الخاتمة لإزالة الغلو الذي وقع من أهل الكتاب، إفراطاً أو تفريطاً، وذكر القرآن أنه جعل أمة الإسلام أمة العدل والإحسان والوسطية، في كل شؤون الحياة، عدل يسعد النفوس، وعدل ينشر الأمن والأمان، وعدل يحفظ صحة الإنسان، وعدل يكافئ المحسن على إحسانه، ويمنع جور الظالم من طغيانه، ويمنع المسرف من شيطانه.
وقصة الصحابي الذي منعه النبي: من الإسراف في الوضوء ولو على نهر جارٍ»
العدل حتى في القبلة للبنت إذا قُبِّل أخيها أمامها، وذكرنا كيف حمل النبي، أمامة في الصلاة، كما حمل الحسن أو الحسين في صلاة أخرى، ولو كانا معاً في الوقت لعدل النبيمعهما، صغارنا سيصبحون كباراً يوماً ما، فلنحقق لهم العدل والعدالة قدر المستطاع.
وقال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ..) 171/النساء.
الشعور بالكرامة؛ وهذه القوى الأربع للنفس:
هي التي تقود الذات إما إلى الجحيم والخسران والعصيان، وإما إلى النعيم والاستقامة والنجاح والعرفان، وذلك من خلال التعرف على النفوس الأربعة التي ذكرها الله في كتابه الكريم وحسن قيادتها وهي:
1-إحسان قيادة (النفس الأمارة بالسوء): قال: (..إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي.).
وذلك بترويضها وكفها عن السوء، والسيئات، كيف؟باجتناب المقدمات التالية:-بغض النظرات:وتتبع العورات، ومشاهدة المسلسلات، وقراءة المجلات الهابطة..(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ويحفظوا فروجهم...).
-واستبعاد الخطرات: بعدم التمادي، واستحضار مراقبة الله، والجنة والنار، والاستغفار، والتسبيح والأذكار.
-وكف الخطوات:(وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (208)البقرة، واجتناب البيئات والشبهات التي تقود إلى المعصية.
-واجتناب المقدمات:ما من معصية إلا ولها مقدمات، فإذا خاض المرء فيها وقعت، والنجاة باستبعادها واستبدالها بما هو أصلح وأجدى وأنفع، والصلاة كفارة، والصحبة الصالحة، والتفكير السديد، وقوة الشخصية، بالتربية السليمة، والعلم النافع، والعبادات.
2-إحسان قيادة (النفس اللوَّامة): قال تعالى: ( وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ، وذلك بالتوبة النصوح، والحنيفية السمحة.
إذا أذنب ولدك أو أذنبت: فقارن نتائج الطاعة ونتائج المعصية، ووازن بينهما لتتعرف على المضار والفوائد، فإن النفس تميل إلى الخوف من الألم فتذكر ألم العقاب في الدنيا، وألم العقاب في الآخرة، والفرق بين الشجاع والجبان، والسفيه والحكيم، والمهذب والسافل، والمتعلم والجاهل، والشريف والوضيع، معرفة الفوارق، وهذه تحجزنا عن المعاصي والعصيان، والمعرفة الحقة تجنب صاحبها المعصية والخطيئة.التوبة تكون: بعد الوقوع بالمعاصي، ومعروفة بشروطها الأربعة، كالاقلاع والندم والعزم ورد.
والحنيفية تكون: قبل وأثناء وبعد الفعل والعمل، سواء كان سلبياً أو إيجابياً، صحيحاً أو خطأً، لأنه يعني بلغة القرآن الكريم التحسين والإحسان، والتجويد والعرفان، والتقييم والتقويم الدائبين.
ومثالها: الصلاة: كما أخبر رسول الله: « عن عمار بن ياسر إن رسول اللهقال: " إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له نصفها، ولا ثلثها ولا ربعها ولا خمسها ولا سدسها ولا عشرها " وكان يقول: " إنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها ". (أخرجه أحمد وداود والنسائي).
3-إحسان قيادة (النفس الهوائية الخوَّافة): قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)، وذلك باستحضار خشية الله، واجتناب الهوى.الإيمان وزيادته بازدياد المعرفة بالله تعالى وعجائب قدرته، يزيد مقام الله في النفس، وهذا يجعل الإنسان المسلم يخاف هذا المقام وهو الجبار المنتقم القوي ال...ال...وكلما ازدادت معرفتنا بالله كلما ازددنا قوة في نهي النفس عن الهوى والشهوات والمنكرات..
في هذه المرحلة قصص كثيرة لإسلام كثير من الأجانب من الشرق والغرب، في لحظة وعي أو معرفة.
4-إحسان قيادة (النفس المطمئنة): قال تعالى: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِرَاضِيَةً مَرْضِيَّةً )، وذلك بتثبيتها على الاستقامة والإيمان.
هذه المرحلة ليست أماناً على إطلاقها، ما دمنا في الدنيا، لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبهاكيف يشاء، فمن كان على صلاح فلا يغتر بنفسه، فالغرور قد يوقعه في حبائل الشيطان، يقول له: أنت أنت يغرهولهذا قال المصطفى، إنما ندخل الجنة (لا بعملنا) بل برحمة الله بنا.
كم عالم أو مجاهد أو تاجر أو موظف، زل في آخر عمره، أو آخر مشواره، فأصبح يخدم الشيطان، لهذا دعاؤنا الدائم: " اللهم ثبتنا على دينك، وثبتنا على صراطك..."
وقصة عمر بن الخطاب، وكلنا يعلم من هو ابن الخطاب، إذا مر من طريق وكان الشيطان فيه يهرب منه إلى طريق آخر، ومع ذلك رؤي يحمل قربة ماء وهو خليفة، فقيل له: فقال أعجبتني نفسي فأردت أن أذلها( أأدبها)، البقاء على الصراط المستقيم إلى آخر نفس...هو شعار المسلم.
هذا الفهم وهذه المعرفة لطبقات النفس وأنواعها وأوامرها ونواهيها، يقودنا إلى حسن التعامل مع أحداث الحياة، ومستلزمات النجاح والفلاح فيها، من خلال العمل على تنمية الذات وتزكيتها بالمعرفة السليمة والأعمال المشروعة، والنية الصالحة، والهمة العالية، والطمع في رحمة الله وتوفيقه، وبذلك فليفرح المؤمنون وليتنافس المتنافسون، قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ).
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أيها الأخوة المصلون أخوة الإيمان والإسلام:
كل الذي ذكرناه في خطبتنا اليوم، من ورائه مقاصد شرعية سامية، منها: عدم اليأس من رحمة الله، والثقة بنصر الله، والثقة بقدرتكم على تغيير نفوسكم إلى ما يرضي الله ويرضيكم، وذلك حسب ما ذكرنا من وسائل وأفكار وخطوات وطرق تساعدنا في العودة إلى أصالة ديننا الحنيف، وأصالة الشخصية المسلمة المتحلية بالكرامة والعزة والتقوى الحقيقية، والإحسان.
عَنْ عَائِشَةَقَالَتْ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِى آدَمَ عَلَى (سِتِّينَ وَثَلاَثِمَائَةِ مَفْصِلٍ) فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ وَحَمِدَ اللَّهَ، وَهَلَّلَ اللَّهَ، وَسَبَّحَ اللَّهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ (السِّتِّينَ وَالثَّلاَثِمِائَةِ) السُّلاَمَى: فَإِنَّهُ يَمْشِى يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ». (رواه مسلم)
اللهم احفظ أبناءنا وبناتنا، واجعلهم ذخراً لدينهم وأهلهم ووطنهم، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وحببنا فيه، وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه وكرهنا فيه، اللهم احفظ أوطاننا ويسر أمورنا، واغفر زلاتنا، وارحمنا وارحم موتانا وموتا المسلمين، اللهم احفظ بلدنا هذا وجميع بلاد المسلمين، وانصرنا على أعدائك أعداء الدين، فإنك القوي القادر على ذلك، إنك أنت الغفور البر الرحيم.
1-اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وشكر نعمتك، وحسن عبادتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار.
2-اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبيل نجاتنا، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش وكل عمل يبور.
3-اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا.
4-اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفر والكافرين.
5-اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
والحمد لله رب العالمين، وأقم الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)45/العنكبوت.
بقلم: محمد نبيل كاظم.


أضف رد جديد

العودة إلى ”خاص بخطبة الجمعة“