العودة إلى دار أبينا آدم (دار السلام) الجنة

المشرف: محمد نبيل كاظم

أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

العودة إلى دار أبينا آدم (دار السلام) الجنة

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، صلوات الله وسلامه عليه، تسليماً كثيراً.
ورضي الله عن ساداتنا، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وبقية صحابته المبشرين بالجنة، وعن سائر الصحابة والتابعين، وتابعيهم وتابعي تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة (ليست من الدين) بدعة - ومن سن سنة حسنة كان له أجرها، واجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
أخوة الإيمان والإسلام: يا عباد الله، دار أبينا آدم في الجنة، ولكل منكم ميراث فيها إن أراد أن يرثه، فليس عليه سوى إثبات بنوته الصالحة لأبيه، حتى يسترجع ميراثه منه، وينال قصوراً وجناناً فيها ، والدليل على هذا ما ذكره الله من تكريم ليس لآدم فحسب، بل لبنيه أيضاً كما قال تعالى:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ، وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)) الإسراء.
1- أخبر الله تعالى ملائكته في أنه سيخلق خليفة في الأرض، يعمل بحرية وقدرات لا يملكها غيره، إعماراً لها أو إفساداً، فكان ذلك الإخبار أول التكريم.
قال تعالى: ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) البقرة.
2- ثم خلقه من ماء الأرض وترابها، الذي تتخلق منه الجنان والفاكهة والريحان، فذلك التكريم الثاني.
قال تعالى: ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ، وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)) الحجر.
3- ثم خلقه بيديه، من دون سائر الخلائق الأخرى، فذلك التكريم الثالث.
قال تعالى: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)ص.
4- ثم خلقه وصوره (في أحسن تقويم). فذلك التكريم الرابع.
قال تعالى: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) التين.
5- ثم نفخ فيه من روحه، فذلك التكريم الخامس.
قال تعالى: ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9)) السجدة.
6- ثم أمر الملائكة بالسجود له، فذلك التكريم السادس.
قال تعالى: ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)) البقرة.
7- وعلمه النطق والكلام والبيان: (وإن من البيان لسحرا): وذلك التكريم السابع.
قال تعالى: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)) الرحمن.
8- ثم منحه العلم بالأسماء والمسميات (العقل) : فذلك التكريم الثامن.
قال تعالى: ( وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)) البقرة.
9- وخلق له من نفسه زوجاً يأنس بها وتأنس به، فذلك التكريم التاسع.
قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً (21)) الروم.
10- وأسكنه وزوجه الجنة، يأكل منها حيث يشاء عدا شجرة، فذلك التكريم العاشر.
قال تعالى: (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)) البقرة.
11- ثم علمه التوبة وقبلها منه بعد الأكل من الشجرة الممنوعة، فذلك التكريم الحادي عشر.
قال تعالى: ( فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) البقرة.
12- ثم أهبطه الأرض، وأذن له بتسخير ما فيها، فذلك التكريم الثاني عشر.
قال تعالى: ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) ) الجاثية.
13- ثم أرسل آدم ومن ذريته رسلاً له لهداية الناس، فذلك التكريم الثالث عشر.
قال تعالى: ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)) الإسراء.
14- وأنزل كتباً لتعليم الناس دينهم، فذلك التكريم الرابع عشر.
قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (25)) الحديد.
15- ووعد من آمن والتزم صراط الله، أن يعيده إلى موطن أبويه في الجنة، فذلك التكريم الخامس عشر.
قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)) آل عمران.
16- وتكفل الله بمستلزمات حياته، فذلك التكريم السادس عشر.
قال تعالى: ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)) طه.
17- وجعل خطأه واحداً وحسنته بعشر أمثالها، فذلك التكريم السابع عشر.
قال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160)) الأنعام.
18- وجعله حراً لا يجبر على طاعة، ولا على معصية، ويفعل ما يريده منهما، فذلك التكريم الثامن عشر.
قال تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) 29/الكهف.
19- وجعل رفقة الأنبياء ورؤيتهم في الجنة ممكنة للصالحين، فذلك التكريم التاسع عشر.
قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)) النساء.
20- وجعل له حراساً من الملائكة عن اليمين والشمال، وكتبة، فذلك التكريم العشرون.
قال تعالى: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)) ق.
21- وجعل له من الرزق أشكالاً وألواناً ونعماً لا تعد ولا تحصى، فذلك التكريم الحادي والعشرين.
قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)) النحل.
- وشتان بين من ينسب الإنسان للقرد، ومن ينسبه إلى جليس الملائكة.
- والعودة إلى دار السلام (الجنة) ميسرة، لكل من رغب بهذه العودة، وجعل الله سبيلها ميسوراً ب:
1- جواز سفرها بطاقة كلمة: ( لا إله إلا الله ).
2- دليها السياحي: (سيدنا محمد صلى الله عليه وسلـم).
3- النقود التي تحتاجها ليست سوى ( الحسنات، الواحدة بعشر أمثالها).
4- خريطة الطريق: ( أركان الإسلام الخمس) على قدر الاستطاعة.
5- الفيزا المطلوبة هي ( أركان الإيمان الستة).
6- دندنة السفر ونشيدها هي ( ذكر الله والأذكار).
7- فريق الرحلة ورفقاء السفر ( إنما المؤمنون أخوة).
8- والمعراج إلى الجنة الصلاة، الصلاة.
حديثُ البطاقةِ: عن عبد الله بن عمرو: عن النبي : "في الرَّجلِ الَّذي يُؤتَى به ويُوضعُ له في كفِّه تسعةٌ وتسعون سِجلًّا, كلُّ سِجِلٍّ مدَّ البصرِ , ثمَّ يُؤتَى بتلك البطاقةِ فيها: لا إلهَ إلَّا اللهُ فيقولُ: يا ربِّ , وما هذه البطاقةُ مع هذه السِّجلَّاتِ ؟ فيقولُ اللهُ تعالَى: إنَّك لا تُظلمُ، فتُوضعُ تلك البطاقةُ في كِفَّةِ الميزانِ ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فطاشتِ السِّجلَّاتُ, وثقُلتِ البطاقةُ" (صحيح الترمذي).
وأخيرا قلب خالٍ من الأمراض: كالحسد، والحقد، والطمع، والغيبة، والنميمة، والغرور، والهموم، وأخطرها الكبر: ومن طهر قلبه من هذه البلايا، كثير من الأطباء يقولون: " أنهم ضامنون أن لا يصيب أجسادهم ولا أرواحهم بأي مرض يقعدهم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه، والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أيها الأخوة المصلون أخوة الإيمان والإسلام: (ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة):
ونيلها ونيل نعيمها الذي لا حدود له، ولا يخطر على قلب بشر، ميسور لكل من يسر الله له طاعته،
اللهم احفظ أبناءنا وبناتنا وأهلنا وزوجاتنا، واجعلهم ذخراً لدينهم وأهلهم ووطنهم، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وحببنا فيه، وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه وكرهنا فيه، اللهم احفظ أوطاننا ويسر أمورنا، واغفر زلاتنا، وارحمنا وارحم موتانا وموتى المسلمين، اللهم احفظ بلدنا هذا وجميع بلاد المسلمين، وانصرنا على أعدائك أعداء الدين، فإنك القوي القادر على ذلك، إنك أنت الغفور البر الرحيم.
- اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وأقم الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45))العنكبوت.
[/size]
بقلم: محمد نبيل كاظم.


أضف رد جديد

العودة إلى ”خاص بخطبة الجمعة“