هل الحب حلال؟

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

هل الحب حلال؟

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

الحب والحياة
لماذا الحيرة الشديدة منا مع موضوع الحب؟ قبل أن أشارك بوجهة نظري، أثمن كل المشاعر الطيبة التي تعبر عن وجهة نظر أصحابها، لكن أشعر بأن كثير من هذه المشاعر الدفينة تخرج ثائرة مغبَّشة بضباب القهر والحرمان، وهذا يشوه الحب أخوتي جميعاً، فالحب - الأصل فيه أن يكون رقراقاً ناعماً دافئاً صافياً كزرقة السماء، ونقياً كزرقة البحر، وعذباً كماء المطر، لكن أن يكون الحب يحمل سيفاً ، ينطق بالقسوة ولعن الآخرين، والهجوم على المعتقدات، والانطلاق بالحب كالصاروخ، فالهوينا الهوينا أيها المحبين، ما من إنسان لا يحب، ولكن للحب إطار جميل، لأنه لوحة جميلة، وإلا تمزقت أشرعته قبل الوصول إلى مبتغاه الجميل الذي شرعه من أبدعه فينا وفي حنايانا، فرفقاً بالكلمات والعبارات أيها المحبين، وكم أحب العرب وعشاقهم لكن كانوا في حبهم كطهر البيت العتيق، والحرم القدسي الشريف.

لم أكن اود أن أنزل هذه المعمة، لكن الحب الذي أكنه لكم دفعني لمشاركتكم مشاعركم جميعاً، فياحبذا الدخول والمشاركة بآرائكم علها تنورني فأنا أحب أيضاً.
لماذا الحيرة في وضوح الحب إذا؟

السبب برئيي هو ثقافتنا المبتورة في طفولتنا، القائمة على حرماننا الحب الأبوي والأسري المشبع، الذي ينبغي أن نرضعه من أمهاتنا مع الحليب على صدرها الحنون، وكذا حرماننا الضم الأبوي والشم منه، بسبب ثقافة الجفاف العاطفي الضامر، الذي يبقى في قلوب الأبوين حبيس الضلوع والحنايا، ولا يظهر بزعم أنه يفسد التربية والتنشئة.
وينشَّأ الأبناء يتلفتون إلى من يعطيهم هذه الجرعات من الحنان من خارج الإطار الأسري لكثير من أسرنا العربية في عهودها المتأخرة، بينما كان السابقون على الفطرة، مما نشَّأ أبطالاً وجوهرات برزت في التاريخ بعطاءاتها، بسبب هذا الإشباع المناسب.
فلسفة العقاب والتربية بالضرب والقسوة، حرمت الكثيرين من الحب الصافي اللازم، إلا من رحم ربي، وكان هذا من عموم البلوى،( ثقافة التربية التقليدية الصارمة).

ولو درسنا سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لوجدناها قائمة على أعظم الحب، مما استوعب به العرب على بداوتهم وخشونتهم وصرامتهم، فألان القلوب ورقق المشاعر وهذب النفوس، ومقولته المشهورة لأحدهم، الذي يتفاخر بأنه لم يقبل ولداً من أولاده العشرة، :" ماذا أصنع لك إذا كان الله قد نزع الرحمة من قلبك؟( أو مافي معنى الحديث).

ولهذا من أعطِي الحب المشبع بالحنان والاحترام في بيت أهله، من والديه وأخوته وأخواته، فلن يطلب هذا الحب من أحد بتاتاً، إلا إذا كان من زوج يكمل معه مسيرة الحياة، ويترجم ما تعلمه في أسرته لأولادهما من جديد، وغير ذلك لا يلتفت إليه لأنه لا يجد له محلاً أولاً، ولأنه خداع وخداج ثانياً.
فلنتأمل في نفوسنا ونعي مشاعرنا بصدق كي لا نخدع.

(وأنتم تعلمون ماذا يحل بأبنائنا وبناتنا المراهقين إذا احتاجوا إلى لمسة حنان خارج أسرهم وبيوتهم)

ولهذا لما سألني أحد أبنائي الطلاب، هل الحب أمر جائز شرعاً؟ قلت له: وهل يحيا الإنسان بلا حب؟ إن الحب دفق الحياة في عروقنا، ونبض المشاعر في قلوبنا، والرغبة في السعادة والإسعاد في علاقاتنا، إنه خبز الحياة؛ لا بل ماؤها وهواؤها، كيف لا ؟ وهو أس الوجود الإنساني برمته، وعلاقته بالوجود كله، ابتداءً من حب واجب الوجود، الله الخالق الرازق، المانح المنعم المتفضل، وهل يُقابل الإحسان إلا بالحب والإحسان؟.
والحب يبتدأ من أعماق حب الإنسان لنفسه، وبالتالي لمن يُحسِن إليه، وهل هناك أعظم من إحسان الله إلينا؟ وقد خلقنا في أحسن تقويم، ومنحنا دفء الحب وفيئه، ومن ثم بالوالدين إحساناً جزاء إحسانهما.
وحب المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والمسرات والإحساس بها، ودواعي حصولها، ومن يعين عليها، كل ذلك يقتضي الحب والتحابب، والألفة والتآلف.
وحب الزوجين ديمة من نعم الحياة، وكذلك الصديق الوفي، والمحسن الأبي، ومن يمد يد العون في الخير من القريب والبعيد، والجار الجنب والصاحب بالجنب، وإنسان البراءة من طفل وامرأة، ومحتاج ومريض.
ولربما كان حب الحب بقيوده وشروطه، إلا أن يكون خداعاً وضلالاً، وفساداً وإفساداً، يفقد الحياة إشراقها، ويقلب حبها كراهية وبغضاً، ويحول لذتها ألماً وأذى، والعبرة في النتائج، قبل أن تكون في المقدمات.
والحب شعاع النفس تجاه الوجود بأسره، ويزداد ضياؤه بجمال الجمال، من وردة فوَّاحة، وعصفورة صدَّاحة، وبسمة فيها راحة، وألوان في كل الأشكال، وفن في كل الأعمال، على الطرقات في الأرض والسماوات، في الليل والنهار، وعلى قمم الجبال وشواطئ الأنهار، في الفيافي والقفار، في أشعة الشمس، وقطر الأمطار، على ضوء القمر.
ما أجمل الحب وأجمل به من إحساس وشعور، ودفء وعاطفة، تجمُل به الحياة والأحياء!


أضف رد جديد

العودة إلى ”الأسرة والزواج“