اضطراب النفس وقلق البال

المشرف: محمد نبيل كاظم

أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

اضطراب النفس وقلق البال

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

قلق البال من الضلال
القوى العقلية، عجيبة النفس البشرية، وهي هبة الله لبني الإنسان، تلك الملكة التي بها يُكلَّف، وعليها مدار المسئولية، وبسببها تعمر المدنية وتتقدم الحياة البشرية، وما في النفس من إشراقات وأشواق، يتمثلها العقل إدراكاً وإبداعاً، وتتفاعل في الشعور الباطن والظاهر، فيحدد اتجاه السلوك السوي الإنساني، لتكون المحصلة في النهاية خَلْقاً وخُلُقاً في أحسن تقويم.

فإذا ضل الإنسان عن الصراط وانحرف عن الفطرة غوى وتعس، وزلت النفس والقدم، واضطرب البال وفسد، فصار إلى أتعس حياة، لا يعرف للخير طريقاً ولا للحق سبيلاً، قال تعالى:  والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم  [محمد:8] يخرِّبون العمار ويعمِّرون الخراب، يدمرون الحياة ويصنعون الموت ويتفننون فيه، وينشرون قلق البال، فلا يأنس بإنسانيتهم إنسان، فضلاً عن حيوان ونبات وجماد، ولا يقدِّرون لكرامة الإنسان قدر، ولا يعتبروا لها أدنى اعتبار.

فالإنسان المعلوم لخالقه، المجهول لنفسه وإخوانه، يحار الحكماء فيه، أهو قابيل أو هابيل، أو هو من كليهما، ويبقى المسلم الحق أمل الأحياء والأحِبَّاء، ومنارة التائهين وأنس المستوحشين، وأمان الخائفين، أخلاقه من أحسنها وحكمته من أبينها، وعمله من أصلحها، يكفِّر الله سيئاته إن كبا، ويهديه إن أخطأ وزل، يصلح باله ويقيه العلل ويحفظه من الدجل، ويتبعه الحق من ربه، ويطمئن نفسه ويلقي السكينة عليها، ويهدي لبه إلى الإيمان، ويقيم صلبه بالركوع والسجود لرب العالمين، رب السماوات والأراضين، يهديه نور الحق المبين، مصباح المهتدين الصالحين المؤمنين.
يخرج وليد الفقير والغني، وابن الباغي والولي، إلى الحياة في أحسن صورة وأنقى سريرة، فإذا تلقاه مجتمع نظيف وبيئة صالحة، كان ما يكون، الإنسان الصالح الذي نريد، والجندي المخلص الذي يتمنى الوطن، يشارك في بناء المجتمع الآمن الرشيد، وإلا فتتمزق نفسه إرباً بين ما يرى من انقسام وتناقض؛ ما بين مجتمعه الصغير ومجتمعه الكبير، أو ما بين المُثُل والقُدوات، أو ما بين الأهداف العليا للمجتمع والأهداف الدنيا للناس، فيصاب بالقلق والاضطراب، ومن ثم يؤدي إلى ما يعرف بقلق البال، وهو ما نقول عنه أنه يؤدي إلى الضلال، وعندها نحتاج إلى إصلاح الإصلاح، ويصيب الاختلاف عليه البلادَ بالضنكِ والفساد.

بقلم: محمد نبيل كاظم/ من كتابي " كيف تصيد خواطر ذهبية" (يوميات مدرس).


أضف رد جديد

العودة إلى ”الصحة النفسية“