ملخص كتاب "مستقبل الخوف" أحمد دعموش

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

ملخص كتاب "مستقبل الخوف" أحمد دعموش

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

[size=150]تلخيص كتاب " مستقبل الخوف"
أحمد دعدوش – 2021م
مقدمة
"بيل غيتس" : كتابه " الأعمال بسرعة الفكر" شرح ما قدمته التكنولوجيا له وللناس من خدمة تنفيذ الأفكار للتو بعد طرحها وولادتها في الأذهان، لكن " ألفن توفلر" كتابه " صدمة المستقبل" عبر عن حالات الخوف المعاصر بسبب سرعة التبدلات غير المتوقعة، وشكر لمن ساعده في إتمام الكتاب.
الفصل الأول: وباء كورونا...والخوف المباغت
هذا الوباء سجن البشرية قاطبة وأنا منهم، مع أن الأوبئة أمر طبيعي في كل عقد من الزمن، ثم ينتهي، إلى أن يحل وباء آخر بعده، والمستفيد الأكبر شركات الأدوية، وعلى غير العادة أصاب هذا الوباء الدول الغنية وليس الدول الفقيرة، وأجبر الناس فيها على البقاء في منازلهم، مع أنهم في هذا العصر شبه هجروا بيوتهم إلا في حالة النوم فقط، وغدت سماوات المدن خالية من حركة الطائرات وشوارعها من السيارات والمشاة، كأنه يوم القيامة.
التكيف والمرونة: بسبب هذه الجائحة انتقلت كثير من الأعمال إلى المنازل، ومنعت الاجتماعات والتجمعات، وتوقف السفر، وأصبحت الناس ملثمة، وأصبحت الاجتماعات الدولية تدار عبر الفيديوهات، والمساجد أقفلت، وخلا صحن المسجد الحرام حول الكعبة من الناس، وسرح آلاف الموظفين، وتعطلت كثير من الأعمال.
جدل المؤامرة: لم تعط إجابة شافية عن صناعة وباء كورونا 19، لأن كل الاتهامات والردود عليها لا دليل مؤكد واضح عليها، لكن المستفيد من تحطيم اقتصادات دول وشركات هو النظام المصرفي الأمريكي القائم على جيوب محدودة من عائلة روتشيلد اليهودية وأخواتها، وهذه تحصد خزائن أموال العالم كل عقد أو عقدين من الزمن بأزمة اقتصادية، أو حروب طاحنة، أو وباء من هذا النوع، وهذا شبه مؤكد، كما أكده كثير من خبراء الاقتصاد والسياسة.
الوجه الآخر للحضارة: عبَّر كثير من الشباب الهولندي الأوروبي عن سعادته بالتخلص من كبار السن عبر موتهم بوباء كورونا، كما ارتفعت معدلات الجرائم في هذه الآونة، ونشطت المافيات في تقديم خدماتها للزبائن، وفي أكثر من بلد حدث مثل ذلك، ووجد عدد كبير من المسنين موتى على أسرتهم، بعد هروب الموظفين المكلفين بهم، وفرغت أرفف المتاجر بسبب تخوف الناس من افتقاد حاجاتهم منها، واندلعت حرب الكمامات بين الدول، وأصبحت الدول الأوربية تبحث كل واحدة عن مصالحها دون الآخرين.
العولمة على المحك: وجد اليمين المتطرف فرصته في هذه الأزمة، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي انفردت أمريكا بالتحكم في العالم منفردة، وأصبحت العولمة الرأسمالية مثل الوحش الذي يبطش بكل ما حوله، لكن الصين برزت كقوة استطاعت التعافي أسرع من أمريكا وأوروبا، وبانت هشاشة النظام المعولم، والخاسر الأكبر فيه أمريكا.
الرأسمالية على المحك: لأن الأزمات ومنها كورونا دفعت بعض الدول الغربية إلى إجراءات اشتراكية، كانت مرفوضة قبل هذا الوباء، مما أدى لتغيير في أنماط سلوكيات العالم الرأسمالي، حكومات وشركات وأفراد، كما أن رفض تدخل الدولة في الاقتصاد وحياة الناس، أصبح مقبولاً بعد هذه الجائحة.
الديمقراطية والحرية على المحك: أظهر هذا الفيروس الصغير تهديده للعولمة والرأسمالية والديمقراطية وزعم حرية الإنسان، الذي تبجح به الغرب طويلاً أمام النموذج الشيوعي، فسقطت النازية ثم الشيوعية ثم الرأسمالية الليبرالية كذلك، فكانت هذه الجائحة هي الفاضحة، ببطلان هذه الأنظمة الأرضية المزعومة، وكشفت وظيفة (منسق تشريعي) مدرب في دورات شركات الضغط، على عمل (مدير علاقات حكومية) للدعاية وتسويق سياسات لصالح عملاء يدفعون له لتمرير صفقات وعمل دعايات لأعتى حكومة تريد تحسين صورتها الفاسدة في الرأي العام، وبشكل قانوني لا غبار عليه، حسب هذه الوظيفة، بالتأثير على صناع القرار في الدول المركزية المؤثرة (الديمقراطية!) وتحدث كبار الفلاسفة السياسيين عن هذه المواضيع بصراحة أثناء حلول هذا الوباء الكاشف الفاضح، وكتب أكثر من واحد مقالات بعنوان (اليمين البديل، واليسار المزيف) وأن الحكومات استغلت الوباء لتمين سيطرتها على الناس وتصرفاتهم، بحجة حالة الطوارئ، وتمثلت حالة الحكومات بالخوف، كما هو خوف الشعوب والأفراد، أمام وباء صغير، لكنه قاهر ومسيطر، كيف إذا كانت مصيبة أكبر؟ وعبر فيلسوف فرنسي عن قلقه بالقول إن أوروبا غدت (عالم ثالث جديد)، بعجزها عن صناعة كمامات للفرق الطبية، حتى استوردتها من دول فقيرة كالصين، وعبر أحدهم عن هذا بالقول: (انهيار أيديولوجية أوروبا) حين وضعوا كبار السن في ممرات المستشفيات، وتركهم يموتوا فيها، لتفضيلهم علاج الشباب عنهم، لكن جميع المفكرين الكبار والفلاسفة كانوا متشائمين من مزاعم الديمقراطية، والديكتاتوريات التي تدعمها هذه الديمقراطية، ولم يعد هناك فرق بين الدول الديمقراطية والديكتاتورية أمام هذا الوباء للتصرف حياله، لأن الخبرة والاستعداد هو الأساس، بحيث يمكن تفوق (المستبد العادل) على غيره إذا كان كفأً، فأنزل هذا الفكر كل الأنظمة على اختلافها من عروشها، عدا ما يتعلق (بالحكم الرشيد).
عودة إلى التاريخ: طاعون (وباء الموت الأسود) عام 1347م قتل ثلث سكان أوربا (ملايين) وآخرين من العالم الإسلامي وغيره، فانتفضت جماهيرهم على اسقاط نظام الإقطاع في أوروبا، ونشوء دول جديدة، وانهارت ثقة شعوب أوروبا بسلطاتها السياسية والدينية (بابا الفاتيكان)، وانتفض الفلاحون عام 1381م وتنازل الإقطاعيون لهم بزيادة أجورهم وحقوقهم، فكانت بداية تشكل النظم الديمقراطية، وشاعت العنصرية ضد اليهود، فاتهموا بتسميم المياه، وقتل منهم الآلاف، في فرنسا وإسبانيا، ونتج بعدها عصر التنوير والنهضة والثورة الصناعية، فتحول الفلاحون إلى عمال مصانع، ومع ذلك ظهر وباء جديد (الأنفلونزا الإسبانية) عام 1918م مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، والسلاح البيولوجي كان بيد المحتلين والاستعمار قديماً، فاستخدم في إبادة الهنود الحمر فقتل منهم (112) مليون إنسان في أمريكا الشمالية على يد المهاجرين الأوربيين إليها، ومها (وباء الجدري) كما جاء في كتاب " أمريكا والإبادات الجماعية" لمؤلفه (منير العكش): - وحق التضحية بالآخر – (طبع دار رياض الريس 2002م)، وذكر استخدام الأوبئة للتمكن من احتلال والسيطرة على الدول الفقيرة، عدد من المؤلفين والمفكرين الغربيين، ولهذا تكثر الإرساليات الطبية للتبشير المسيحي في البلاد الفقيرة والإسلامية للتحكم بحاجة الناس ودفعهم لقبول معوناتهم وأفكارهم ودياناتهم، واعترفت مذكرة أمريكية (دراسة الأمن القومي) الأمريكي، عام 1974م بإشراف (هنري كسينجر وزير الخارجية اليهودي الأمريكي) بالتآمر للتصدي للنمو السكاني في دول العالم الثالث، فقامت مؤسسات خيرية بعمليات قطع نسل (تعقيم) النساء في بعض الدول الآسيوية، وحذر كيسنجر من خطر فشل إدارة أزمة وباء الكورونا مما يؤدي إلى إشعال العالم وتغيير النظام العالمي للأبد، وكان عمره في هذه المقالة – 97 سنة – عام 2020م، ومات بعدها بحوالي سنتين، وذكر مثل ذلك (طيب أردوغان)، عام 2020م، وغيرهما من كبار سياسيي أوروبا.
إفلاس العلمانية: النظام الغربي الحداثي بدأ تشكله في بداية عصر النهضة الغربية في القرن 15م، من الشيوعية مقابل الرأسمالية، والليبرالية مقابل القومية، والعلمانية مقابل الدين، ومبادئ السوق الحر على يد (آدم سميث) والبراغماتية من أجل المكاسب والربح، دون التفات إلى رضا الإله، فتساوى المسيحي والملحد في شؤون الحياة المادية، بغض النظر عن تعاليم الكنيسة، (كلاهما يعاقر الخمر، ويواقع النساء) بحرية، والعلمانية رديف الدنيوية، عند الملحد الوجودي والمؤمن المسيحي، وغايتهما النجاح والسعادة، أما الآخرة فهي مجرد رواية ثقافية، وجذور هذا النظام يعتمد على أربعة اكتشافات علمية: 1- هامشية الأرض (كوبرنيكس) وعدم مركزيتها فيه، 2- كتاب " أصل الأنواع" 1859م (لداروين) وتطور الإنسان من كائنات غير عاقلة، 3- ونظرية (فرويد) بان سلوك الإنسان ليس من الوعي والعقل، بل من اللاوعي والعقل الباطن للسلوك الجنسي، 4- نظرية البريطاني (تورينغ) أن الذكاء الصناعي ثورة القرن العشرين، وغير هؤلاء وجدوا في الانتقال من الزراعة إلى الصناعة، ثم التحول الرقمي والكمبيوتر، والذكاء الصناعي والتكنولوجيا، والريبوتات، ألغت دور اليد العاملة وصار الإنسان شيء كالأشياء الصناعية، مما جعل الأوربي يقبل فكرة صراع الإنسان مع الإله في إدارة نفسه والكون، وأن الإنسان صنع ما يفوقُه قدرةً وذكاءً، (الأسلحة الذكية) بحيث قارب أن يكون إلهاً أو منافساً له في تقرير مصير نفسه والكائنات والكون، وبهذا وصلت (العلمانية المتطرفة) إلى مشارف نهايتها وعجزها، مع كل هذه الادعاءات التي فضحها فيروس كورونا الصغير، ورَدَّ على (العلمانويين) المفكر الفلسطيني الشهيد (إسماعيل راجي الفاروقي)، بأن العلم مهما تقدم لا يتجاوز اللايقين في كل نظرياته واكتشافاته، وإلَّا فإنه يصل إلى العدمية السفسطائية، في كتاب " التوحيد: ومضامينه على الفكر والحياة" ص 85، واعترف كثير من مفكري الغرب بفشل العلمانية، ولكنهم لم يقروا بحاجة الإنسان إلى الإله إلا من الناحية النفسية والاجتماعية الدنيوية، لا من ناحية الأبدية والآخرة، وهذا مثل الذي قاله ورواه (عمير بن طلحة النميري عن أبيه، أنه جاء اليمامة ليقابل مسيلمة الذي ادعى النبوة، وعندما تحقق من كونه دجَّالاً يأتيه الشيطان لا ملك، قال له بوضوح: " أشهد أنك كذاب وأن محمداً صادق، ولكن كذَّاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر" (تاريخ ابن جرير الطبري: 2/508)، وآزره حتى قتل معه يوم عقرباء.
يقول الكاتب (إريك وينر): " إن الفلسفة والعلم لا تقدم أجوبة عن أسئلة ليس من السهل الرد عليها، مثل: كيف تجد اليقين في عالم غارق في الشك؟ ومع ذلك ينصح بقراءة تراث كبار الفلاسفة الذين وضعوا نظرياتهم في الأوقات العصيبة، دون انتظار وعود بأجوبة على الأسئلة المهمة" بينما القرآن الكريم يوضح بيقين أن الدنيا والحياة ابتلاء للصراع بين الحق والباطل، بين بني آدم وجنود إبليس.
في الوقت الذي أعلنت فيه شركة (فايزر) العملاقة لصناعة الأدوية عن نجاحها في تجربة اللقاح المضاد للوباء، أعلنت بريطانيا عن اكتشاف سلالة متحورة جديدة للوباء، وظهر في هذه الأثناء ست لقاحات لهذا الوباء الخطير، بعد أن وثقت الإحصاءات حوالي اثنان مليون وفاة، وإصابة ما لا يقل عن 84 مليون مصاب به، وبدأ الناس يشكُّون في مؤامرات على الجنس البشري، من قبل العمالقة، وزيد عليها بأن هذه اللقاحات ستستخدم ذريعة لحقن الناس بمكونات مجهرية الكترونية للتحكم بالبشر، والسيطرة عليهم.
وتراجعت دول العالم عن الاحتفالات الصاخبة بأعياد رأس السنة، وكذلك عن زخم حضور مباريات كرة القدم، وغيرها من الاحتفالات، ومنها تنصيب رئيس أمريكا "بايدن"، عام 2021م، وما هي الدروس المستفادة من هذه التجربة المريرة؟ هل أعدنا التفكير في طريقة حياتنا؟ هل رجع الناس إلى الله تعالى، أم أن الناس رجعوا القهقرا إلى الأسواق والمقاهي واللهو والشواطئ المزدحمة؟ ما أسرع نسيان الناس للمصائب! هل تراجع مؤشر الظلم والتظالم بين البشر؟!، وحسب دراسة استقصائية، فإن 28% من الأمريكيين أعلنوا أن الوباء قوى إيمانهم الشخصي، و10% من البريطانيين ازداد إيمانهم، بينما 5% من الألمان واليابانيين أقروا ببروز الدين في حياتهم بعد هذا الوباء، و2% من الدنماركيين، لكن الآية الكريمة ذكرت أمثال هذا الخوف والنسيان في قوله تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)) سورة العنكبوت.
الفصل الثاني: المدينة الفاضلة...بين الخوف والحُلُم
يذكر المفكر "باومان" أن المجتمعات الحديثة تشعر بأمان عالي، ولكن الفرد فيها لا يزال يشعر في أعماقه بمخاوف لا حصر لها، لأنه يلهث وراء الأمن التام الذي هو مجرد حُلُم أكثر منه حقيقة، وعلى الرغم من استسلام إنسان العصر الحديث لمخاوف الطبيعة (زلازل وأعاصير...) لم يستطع السيطرة على هشاشة الجسد البشري (أمام الأوبئة)، وبقي الخوف الثالث من عدوان الإنسان على أخيه وازدياد وسائل هذا العدوان (بالأسلحة الذرية والذكية)، وكل وسائل مقاومتها (العيش في الملاجئ، والحراسات، والسيارات المصفحة، وكاميرات المراقبة، والأسلحة الفردية، وتعلم رياضات الدفاع عن النفس) لم تجدي نفعاً في إزالة الخوف والمخاوف، [قتل الحريري، رئيس وزراء لبنان، مع اتخاذه لكل هذه الوسائل]، يقول "باومان" بدل نشر السلوك المهتدي بالعقل، انحط الإنسان إلى دركات اللاعقلانية"، لأنه أخرج الوحي الإلهي من معادلة عقل الإنسان – بإلحاده – وجعله رهينة شهوته النفسية حتى لو كان واعياً لما يدور حوله، لأن الحرية التي زعمت أوروبا بلوغها بالتحرر من تحالف الإقطاع والملوك، عادت ليتحالف رأس المال مع السياسيين لضبط الرعية والفقراء، ولم تتحقق المدينة الفاضلة في هذا النظام العلماني الجديد، فتجد المشردين في الشوارع تحت شرفات القصور والفلل العملاقة.
الرأسمالية المتوحشة: بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تعافت الدول الغربية المنتصرة بالحرب، وظهر النظام العالمي العولمي الجديد، وبات يعتمد على المؤسسات الكبرى مثل: صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، وفرضت شروطها على الدول النامية لئلا تقوى على منافسة الدول الاستعمارية وتبقى هامشية في سوق الكبار، وهناك من عبر عن هذا بمصطلح (الرأسمالية المتوحشة)، وما نتج عن سياساتها بما سمي (رأسمالية الكوارث)، وأثبت " ستيفن بنكر" أن ما ذكره المتفاخرون بالرسوم البيانية للتقدم الحاصل في الصحة والتعليم والأمن والحرية، يقابله رسوم بيانية أخرى معاكسة تبين تراجع: الفقاريات 58% و81% من كائنات المياه العذبة، وازدياد الانبعاث الكربوني، ونقص المياه العذبة، وتراجع المساحات الصالحة للحياة والزراعة، وتراجع رضا وسعادة الناس، واجبار السكان الأصليين على حياة لا يرغبون بها، لانتزاعهم من أراضيهم الطبيعة إلي حياة المدن المزدحمة.
الماركسية ونهاية التاريخ: يؤكد " هنري لوفيفر" في كتابه (نهاية التاريخ)، من وجهة نظرية الديالكتيك الماركسي، مأساة البشرية بعد إعلان "نيتشه" موت الإله في الغرب، فيكون الإنسان حراً في ممارسة القسوة والجنون، بعد وصول البشرية إلى نهاية الصراع بين أقطابها، ووقوع الكارثة، وتحقق ذلك بسقوط جدار برلين بين الألمانيتين، ودائما كنا نرى هروب من الدول الشيوعية (الديكتاتورية) إلى جاراتها من الدول الأخرى، وليس العكس.
أحلام الشعراء والفلاسفة: ومنهم أفلاطون في مدينته الفاضلة، وغيره من المفكرين، ومثله فعل "الفارابي" بكتاب بنكهة إسلامية، وكذلك فعل "فرانسيس بيكون في كتابه (أطلنطس الجديدة) عام 1627م، وحلم اليهودي "صموئيل هارتليب" عام 1641م بمثل هذه المدينة فسماها (مملكة ماكاريا) الفينيقية في ليبيا، لتكون موطناً لليهود بعد أن ضاقت أوروبا بهم.
من المزارع والغابات إلى الروبوتات: على يد تقليعات الهيبيز الغربيين، في النزوح إلى الأرياف لممارسة مثل هذه الأفكار مع مشاعية اللذة والجنس والمخدرات والكحول، ليس أكثر، ونَظَّرَ "ميخائيل باكونين" الماركسي الفوضوية والتمرد على كل السلطات بما فيها الإله، والأبوين والحكومات، في كتاب (الإله والدولة) عام 1876م، لكن رسول الله حقق صورة من المدينة الفاضلة بشكل واقعي في دار هجرته (المدينة المنورة) ولم يحتاج إلى رفاهية وصناعة بقدر ما بنى إنسان أخلاقي مستقيم السيرة من خلال الالتزام بالوحي الإلهي والتآخي الإيماني، وتجاوز مفهوم النجاح الدنيوي، إلى مفهوم أعم وأوسع وهو الفلاح المزدوج (دنيا وآخرة).
حلم " العولمة الفاضلة": كان على يد كثير من الملوك أصحاب الطموحات العالمية لمملكة قوية فاضلة، حسب أحلامهم، منهم الاسكندر المقدوني، ومن ثم هتلر ألمانيا، لكن ذهبت أحلام الألمان أدراج الرياح، وسبقه "كارل ماركس" في الحلم الشيوعي، وسقط هذا الحلم بتفكك الاتحاد السوفييتي وانهيار الشيوعية، وافترض " فوكوياما" في كتابه (نهاية التاريخ) أنها ستكون في الرأسمالية والديمقراطية، واعترف عام 2004م بفشله في هذا الحلم، وفي عام 2008م أطلق ناشط "زايتغايست" مبادرة بعنوان (روح العصر) لإقامة حضارة عالمية سلمية، تقدس العلم، وتحارب البنوك المصرفية الربوية، وتؤيد الذكاء الاصطناعي، لعلاج مشكلات العصر، معتبرة نفسها بديل الأديان والفلسفات، يقود مشروعهم كمبيوتر عملاق يوزع ممتلكات البشرية على كل الناس، دون حروب ولا سياسة ولا سجون، ولا معابد وكهان، وكأن مشروعهم اشتراكية بتقنيات تكنولوجية، لم يفلح أساتذتها
البلاشفة في تحقيق حلمهم الذي رمي في سلة نفايات الأفكار العالمية.
عولمة الهوية: الإنسان العالمي ينبغي أن تحتويه هوية عالمية، كما تخيلها (إيمانويل كانط) ونسبها إلى فيلسوف يوناني ق1 قبل الميلاد (ديوجين) وتبنى مثل ذلك مفكران سوريان (جودت سعيد + خالص جلبي) اعتماداً على ما بشر به (مالك بن نبي) من نهضة إسلامية، وأضافا إليها فلسفة (مهاتما غاندي) الهندوسية في المقاومة السلمية، وهذا ما يبشر به التقدميون العرب، اعتماداً على التطور المعرفي العلمي، وتحسن ظروف الحياة اليوم عما سبق، ومثل ذلك بشر به الكاتب (أمين معلوف) في كتابه " الهويات القاتلة" مشيداً بالحداثة الفرنسية، متناسياً مجازر الفرنسيين في الجزائر وأفريقيا، مع أن هذه الأفكار تتبجح بها كل المنظمات الغربية الاقتصادية والثقافية، لكننا نؤمن بما تنبأ به رسول الله من الفتن والحروب التي ستنتهي بدولة راشدة يقيمها المسلمون، ومن ثم المهدي، ومن ثم عيسى عليه السلام بعد نزوله آخر الزمان.
العلمنة غطاء للشيطنة: تقوم به منظمات مشبوهة معروفة تقود من خلالها اليوم المنظمات الدولية لقمع دول العالم الثالث، ومن يمثلهم في الدول الديمقراطية، تَرَأسَ منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) البريطاني (جوليان هكسلي) كلب داروين كما سمته الصحافة الغربية، وكان من آرائه تحديد النسل العالمي، من خلال فرض ثقافة بديلة خاصة بالأمم المعاصرة، (تستبعد الأديان من هذا المشروع)، وأعلنت حقوق الإنسان بعيداً عن أي ممثل للأديان السماوية، وطُلِبَ نشرها وتعليمها في مدارس كل دول العالم، مع تسريب ثقافة (تأليه الإنسان) في بنود هذه الحقوق، ويقول الفيلسوف الإنجليزي (جيريمي بنتام): " أن من يملك سلطة سن القوانين، هو الذي يقرر ما هو الطبيعي من المزيف" ، مثل: " مفهوم المثلية والشذوذ " شيء طبيعي وقانوني، تحت راية "الأخوة الكونية" التي تتخطى كل الأديان، ومن هذا الباب ما سمي (مؤسسة النوايا الحسنة العالمية) وإرسال سفراء باسمها إلى كل دول العالم وشعوبها، مع إعلان بعض هؤلاء السفراء ولاءهم لإبليس أو الشيطان، لدمج الإنسان تحت مظلة السلام المزعومة.
المدينة غير الفاضلة: التي يحكمها الآن مخاطر الانقراض، بسبب نقص التكاثر، والحماقات المتعددة التي تحكم تصرفات دعاة الداروينية وأخواتها، يصرح بها الكاتب الأسترالي (جوليان كريب) في كتابه "اجتياز القرن21" ويرى أن الإنسان الحداثي نرجسي وأحمق، وأن بوادرها انقراض الفقاريات بنسبة تفوق مئة مرة عن المعدل الطبيعي، ولا ينسى هو وأمثاله خطر الانقراض بالسلاح النووي، أو الفيروسات المصنعة، والأفلام الهوليودية لم تقصر في تصوير هذا المصير، وتحدث الكثيرون عن فكرة التخلص من البشر العبْ؛ والإبقاء على مليار واحد ذهبي لتتم السيطرة عليه لخدمة عبدة الشيطان، وقد سبق هؤلاء صاحب النظرية الاقتصادية للانفجار السكاني (توماس مالتوس)، واستخدم هذه النظرية أتباع عملية تعقيم الإنجاب في البشر لتقليل النمو السكاني.
عود على بدء: لا يغيب عن عيون المارة في كثير من المدن الكندية والأمريكية تزايد أعداد المشردين الذين افترشوا الأرض، والتحفوا السماء، وهم شبه عراة، وفي حالة سكر وغياب عن الوعي، بين الجسور وناطحات السحاب في المدن الرأسمالية، ولما عملت بحثاً عن أطفال الشوارع في دمشق لم أعثر على طفل واحد ينام في الشارع، وأكد لي أكثر من مصدر، أنه لا يوجد طفل واحد في المدن السورية ينام في الشوارع، على رغم الفساد المستشري في وطننا، ونحن نعلم صوره وأنماطه، إلا بعد أن قصف بالطائرات بالبراميل المتفجرة وَشُرِّدَ من قراه ومدنه، مع أن الانفاق على مشردي الغرب يفوق الخيال في حجمه، ومع ذلك لا يفي بالغرض المطلوب.
الفصل الثالث: صناعة الخوف
صناعة الخوف استراتيجية الحكومات الديمقراطية، لإبقاء سيطرتها على الشعوب والجماهير.
تحطيم الإنسان وترويضه: بعد أن جربت فرنسا والغرب عقوبة الإعدام بشتى الوسائل الوحشية، التي لا يتحمل سماعها أو رأيتها من لديه إحساس إنساني، من خلال عقوبات مبنية على آخر ما توصل إليه علم النفس والاجتماع الغربي، بحيث تظهر السلطات اللطف مع الرعية والناس، لكن تسجنهم وتسيطر عليهم من خلال الترويض وكسر النفوس بأساليب ذكية وغير مرئية، (السيطرة بالمراقبة)، وهذا ما كتب فيه " فوكو" من أن السيطرة والعقاب أخذ منحى صهر هويات الناس في قالب يرضي السلطة، من الخضوع والاستسلام، ونزع الكرامة والاستقلالية، دون أي احتجاج، من خلال وسائل الإعلام والتعليم والصحافة والأساليب السياسية، وعبر عن هذه السياسة الكاتب الطبيب النفسي " مصطفى حجازي" في كتابه (سيكولوجية الإنسان المقهور)، سواء كان في بلد ديكتاتوري، أو ديمقراطي، فالنتيجة واحدة، قمع إرادة التحرر لدى الإنسان المقهور، وذكر الأسير المحرر " وليد نمر" هذه الأساليب التي كان يطبقها الاحتلال الإسرائيلي في سجونه، بحيث تطال روح ومعنويات الأسير، وليس جسده، دون أن يلاحظ المراقب لها على أنها وسائل تعذيب خفية ناعمة، من خلال علم النفس والاجتماع، لطمس الوعي الإنساني لدى الفلسطيني تماماً، حتى لو كان خارج السجون، وهو ما يسمى (آليات الهندسة الاجتماعية) كما ذكرها (فايز الكندري) في كتابه " البلاء الشديد والميلاد الجديد" دون استخدام التعذيب الجسدي المباشر، من خلال التجريد من الثياب، ومضايقة الممارسات التعبدية، فصار البعض عملاء، والبعض ارتد عن الإسلام، من سجن (غوانتانامو)، ومن كان صلب العقيدة، وعلى وعي بهذه الأساليب ثبت ولم يصاب بالانهيار كما حدث لآخرين.
الخنوع أولى من الحب: مارسه الطغاة كما في كتاب " جمهورية الخوف" لكنعان مكية العراقي، و"أحمد منصور" في كتابه "قصة سقوط بغداد"، وهذا يشمل العقل الباطن لأغلب الناس في مثل هذه الأنظمة، من الخوف والخنوع لا يستطيعون أمام الكمرات أو عموم الناس إلا أن يتقمصوا دور الموافق الذي يحيي الزعيم الأوحد الذي صنعته العناية السلطوية.
الدولة السجن: لما استأذن طبي عيون غربي موافقة كوريا الشمالية على أن يجري عمليات إزالة المياه البيضاء من عيون الفقراء ليبصروا بعدها، كان أول ما تراه عيون المريض صورة جدارية للزعيم، فيشكره على ما أتاحه له من هذه الرؤية، ومثل ذلك فُعِلَ في المملكة السعودية بالمطار مع بعض الحجاج أثناء مغادرتهم من موسم الحج أن يوقع الحاج تحت صورة العاهل معبراً عن شكره، فتتشابه الأساليب المتفقة في الغرض منها، وهذا في حد ذاته انتزاع لكرامة الإنسان الحر المستقل، الذي ينبغي أن تكون طاعته مطلقة لله تعالى وحده، ولا يظن أن هذا ما كان يفعله زعيم كوريا الشمالية، بل فعله كذلك، (عبد الناصر+ حافظ الأسد+ معمر القذافي + وصدام حسين) وغيرهم كذلك، بصورة من الصور.
الغرب المتحضر: نظر الغرب على روسيا على أنها آسيوية، فبرر لشعبها التمسك بزعاماتهم ضد العدوان الغربي، مع أن ديانة الطرفين واحدة وهي المسيحية، والدعاية النازية جعلت العنجهية الألمانية ثقافة للشعب الألماني في نظرته للأوربيين الآخرين، ومثله فعل موسوليني في إيطاليا، فصعدت الفاشية والنازية (والدكتاتورية) فيهما لتحقيق نفس الأغراض الأخرى للدول الأخرى، فيكون الإنسان والشعوب هي الضحية، كما ذكر عالم النفس اليهودي (إريك فروم) في كتابه " الخوف من الحرية" عام 1941م، وكذلك الحركة التجديدية (البروتستنتية) لعبت دوراً في توجيه أتباعها إلى الأخذ بمبادئ الرأسمالية الحداثية وهي الخلاص من خلال العمل ونبذ الخمول والكسل، والاهتمام بالمال وتحصيله وادخاره، فوقعت فيما أراده المسيطرون من إهمال روح الفردية والخلاص الروحي، فوقع في مخاوف جديدة تسلبه حريته الحقيقية، فعاد إلى الاستعباد المادي بديلاً عن الخضوع لله ومنهجه السماوي، ويستبدل الفرد هذا بثلاث عوامل قاتلة وهي: الخضوع للنظام، والتدميرية الهاربة من الحرية، وانسلاخ الفرد عن الذات ليصبح كالآلة (ريموت مجتمعي)، واستغل هتلر هذه الظروف في محيط ألمانيا ليلهب الشعب الألماني في السير خلف طموحات القوة للجميع من خلال الأمة وشخصه المهووس بالعظمة، وتحقق له بالدعاية المركزة تحقيق ذلك، فصار الشخص الأوحد، الذي يمثل الكل، واستبدل عن الخوف من الله ومراقبته بالخوف من الدولة ومراقبتها.
حروب أكثر حداثة: بعد توقف الحرب العالمية الثانية 1948م استمرت 150 حرباً أخرى بمستوى أقل إلى عام
1990م راح ضحيتها سبع ملايين جندي، وملايين أخرى من الجرحى والأسرى والمدنيين، ولم تتوقف هذه الحروب في هذه الفترة سوى مدة ثلاثة أسابيع فقط، من كتاب (الحرب وضد الحرب) ل: "ألفين وهايدي توفلر" ص 41، وفي عام 1991م سقط في حرب العراق بقيادة أمريكا حوالي مئة ألف جندي عراقي، وآخرين جرحى وأسرى ومدنيين، ولم يسقط من الطرف الآخر سوى 200 قتيل فقط، (وكانت الشعوب العربية مخدرة بأننا لا نهزم)، دعاية خادعة تخديرية، والجيش العراقي دُمِّرَ في طريق عودته من الكويت وانسحابه مع آلياته عن بكرة أبيه، في ساعات، (طريق الموت)، بطريقة هوليودية مرئية سينمائياً، لا يستثنى من هذه الحروب الحديثة سوى حركة طالبان في أفغانستان بسبب وعورة طبيعتها الجبلية، فعقدت مع أمريكا سلام وانسحاب عام 2020م.
الحرب على الإرهاب: بعد هذه الدراما المرعبة أتيح لبضعة مارقين وتكفيريين الفرصة بشكل مريب أن يعلنوا عن قيام "دويلة إسلامية" في العراق وسوريا، ليتشكل حلف عالمي بقيادة أمريكا ضد الإرهاب الإسلامي، عام 2014م، مع أن العملية ليست سوى ذريعة لتحريك الجيوش الغربية والسيطرة على البلاد الهامشية الضعيفة، وإنتاج ما يمكن تسميته إحلال الخوف لدى الجميع لتحقيق السيطرة والتوسع والتمكين واستمرار لعبة الحرب منذ الحرب العالمية الأولى والثانية، مع أن عمليات القتل من قبل الأمريكيين المتطرفين اليمينيين كانت نسبته أكثر من 90% من الإرهاب، لكنه من البيض لا يسمى إرهاباً، لأن التسمية خاصة بالمسلمين.
الشمولية الليبرالية: صرح أكثر من كاتب غربي، ومنهم "باسكال بونيفاس" الفرنسي، أن ما سمي (الفاشية الإسلامية) من أحداث 11 سبتمبر 2001م ليس سوى صناعة لاستثمار الخوف لدى الغربيين، لتبرير تحريك الجيوش والأساطيل عبر المحيطات في العالم، لأن حمولته العاطفية تسمح بذلك، ودبلجة مقتل مدرس فرنسي على يد شيشاني مسلم، لإثارة الناخبين الفرنسيين لتأييد مكرون في الوصول للرئاسة، وقبول المسلمين وخطباؤهم في المساجد (قيم الجمهورية الفرنسية)، وأن يكون إسلامهم فرنسياً، وفرض قبول المسلمين لكل المخالفات التي تتعارض مع دينهم وإسلامهم بقوة القانون: [الحجاب – عدم المصافحة – صور الإساءة للنبي – عدم التعري ]، شبيه بأفعال ومحاكمات محاكم التفتيش في أسبانيا (الأندلس)، مع (الموريسكيين).
عندما يخاف الطاغية: يخاف الطاغية بالمقدار الذي يخافه المضطهدين منه كذلك، لكن العامل الرئيس في ذلك انتشار الجهل أو العلم، لأن ما يساعد الطاغية جهل الرعية، فإذا تعلموا العلوم الكاشفة عن فلسفة الحياة وحقوق العباد خاف منهم أكثر، كما ذكرها الكواكبي في كتابه " طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" وقد عايشت أمثال ما ذكره الكواكبي في دمشق وحلب، ولمسته بنفسي كمراسل حربي في مناطق الاحتكاك بين الفريقين الخائفين، مع أن الطرف الذي كان يمارس حريته ويستمتع بها لم يكن يخاف نفسياً لأنه سعيد بحريته حتى لو كلفته حياته.
الفصل الرابع: تجارة الخوف
حركة البقائية: تعتمد على نظرية (إدارة الذعر) فتبيع للخائفين المقتدرين ما يبدد قليلاً من مخاوفهم، مع أن الإيمان الديني هو الذي يحفظ الناس من أثر هذا الخوف، ولهذا تجار هذه البضاعة يصنعون المخاوف وينشرونها من أجل تسويق بضائعهم، وفي زمن الكورونا أفلست شركات، وربحت أخرى، خاصة البضائع المتعلقة بالحماية من الإرهاب والخوف، وصنعت أفلام حربية لهذا النوع من المخاوف.
حركة التخفف: من الاستهلاك ردة فعل على مفهوم زيادة الاستهلاك لدى أتباع كل فريق، لإحداث توازن في الحياة، ويقابله في الإسلام مفهوم الزهد، واختراع عملة (البيتكوين) كانت من هذا الباب.
سوق التمرد: وهذا ما صنعته جماعات (الهبيين) الهيبز، لكنها اختفت بعد فترة، واستثمر التجار والصناعيون هذه الظاهرة فقدموا لهؤلاء ما يناسب تقليعاتهم البسيطة المتمردة، حتى في نشر فكر وأديان مختلقة أو بدائية.
الفصل الخامس: عولمة الخوف
سيارة لكزس أم شجرة الزيتون؟: يرى كاتب صحفي يهودي أمريكي، في العولمة والتقدم بديل عن الهويات
المعنوية التي تتقاتل على شجرة، وآخرين يصنعون رفاهية الإنسان تكنولوجياً مثال: سيارة لكزس اليابانية، وهذا من أوهام العلمانيين، الذين لا يفرقون بين الحيوان وعلفه، والإنسان وكرامته، ومع انغلاق أمريكا على نفسها قبل الحرب العالمية، لكنها بعد انتصارها في الحرب، غيرت مواقفها 100% لتتدخل في عشرات الدول احتلالاً أو شبه احتلال، حتى كرهها أقرب المقربين لها، فضلاً عن كل شعوب العالم.
من ينتصر...النسر أم التنين؟:
كل الدراسات والأبحاث تؤكد التقدم السريع للصين على جميع المستويات الاقتصادية، وأنها ستتجاوز أمريكا وأوروبا في زمن ليس بالبعيد، لكن كثير من المحللين لا يؤيدون هذا الاحتمال لأسباب كثيرة جداً توجد وتنخر في الصين ونظامها، مع أن يقظة الغرب وأمريكا ستعيق تحقيق ما ترغب به الدولة الهرمة (الصين).
وحشية جديدة: في عصرنا الحالي في الصين ضد حرية الناس الفكرية والدينية، خاصة ضد المسلمين، بإقامة معسكرات تطهير لعقولهم من قيم دينهم، لإثبات الإخلاص لوطنهم وثقافته الشيوعية الملحدة، (حجز فيها مليون مسلم صيني تركستاني) مورست عليهم تجارب وتدريبات غسل الدماغ، وتحطيم حرية الكرامة الإنسانية، ولئلا تتخلف عما وصل إليه الغرب في الانترنت سمحت به على طريقتها، فأسست مواقع خاصة بها، تغنيها عن المواقع العالمية الغربية، وكذلك لمراقبة المسلمين (الإيغور) في كل مكان حتى في بيوتهم وهواتفهم، ووضعت نصف مليار كميرا عام 2020م، وبذلك فاقت مراقبة وإرهاب الصين مراقبة وإرهاب أمريكا للناس، بسبب فكرها الشيوعي والإلحادي، وهذا ما يخيفنا من صعود الصين، والتحكم في العالم.
نمل بين الأفيال: مقولة للسياسي "عبد الله النفيسي" تمثل واقع دولنا الممزقة استعمارياً، وهذا ينطبق على فيلة الغرب بين بعضهم، مع ذلك تراجعت الأمبراطورية البريطانية، وخسرت العملاقة الألمانية، لتفوز أمريكا، واليوم تتراجع لصالح الصين، وهذه قد تخسر لصالح تبدلات وتغيرات أخرى عالمية، ويشبه وضعها الآن وضع ألمانيا السابق الذي خسرته في الحربين العالميتين، وأن خرافة التنمية والتطور في البلاد المتخلفة، لا تصل إلى مبتغاه الدعائي، لأن منحاه ازدياد غنى الأغنياء، وازدياد فقر الفقراء، ما عدا قليل من الرفاهية الاستهلاكية التي يلهى بها الناس، حتى يظنون أن بلادهم تتقدم، لكن إلى أين؟ وكيف؟ ومتى؟ إذا كانت أمريكا يزداد الفقر فيها على حساب قلة من أصحاب المليارات، وكشف ذلك وفضحه فيروس كورونا، الذي شرد آلاف الأمريكيين فلم يستطيعوا دفع آجارات منازلهم، فما بالك بمسار النمل إذا وقع تحت إحدى خبطات قوائم الفيلة؟.
الفصل السادس: الخوف من الشيطان:
آدم وإبليس: وقصة إغواء إبليس وحسده لآدم فكان سبباً لإخراجه من الجنة بالعصيان غير المقصود، ثم جاء من ذريته أناس أغراهم بعمل تماثيل لبعض الصالحين، وبعد زمن جاءهم فأغواهم بأن لهم حظوة عند الله فعبدوهم، ثم نسوا الله، فأصبح هؤلاء الأصنام آلهة تامة النفع والضر، لكن شياطين الأنس أشد من إبليس وشياطين الجن، ذكر القرطبي قول مالك بن دينار: "إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً".
كيد إبليس: التهوين من عمل إبليس ومكره، جزء من وسوسته وخططه في تبرير السكوت عن ألاعيبه وتحريضه على عصيان الله تعالى، لقوله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)) سورة فاطر.
فدور الشيطان (إبليس) وجنوده لا يستهان به، وكذلك شياطين (الإنس) وجنودهم لا يستهان بهم، كلاهما متحالفين ضد أهل الحق وحزب الله، وأولئك الأبالسة هم حزب الشيطان، وقد تمثل الشيطان يوم تشاورت قريش للتخلص من النبي ودعوته بشكل أعرابي نجدي ناصح، فوافق أبي جهل على اقتراحه قتل النبي في بيته وتفريق دمه بين القبائل، وكذلك تمثله بهيئة "سراقة بن مالك يوم بدر لتأييد قريش في حربهم الرسول، (والروايتين ضعيفتان) لكنهما يستأنس بهما على كيد إبليس، وثالثة صرخة إبليس يوم هزيمة المشركين في أحد، فرجعوا للقتال مع مؤخرتهم مع خالد، (الرواية عن عائشة في البخاري برقم 6890) ورابعة تعرض إبليس للنبي في صلاته بشهاب من نار، فتعوذ بالله منه فهرب (رواه مسلم )، هذا كله يؤيد عدم استهانتنا بشياطين الجن ولا بشياطين الأنس.
قدرات الشياطين: من عالم الغيب، والتأكد منها محفوف بعدم التأكد، منها المؤكد مما أخبرنا به الوحي (القرآن) والسنة (الحديث)، رؤيتهم لنا، الطيران عالياً في الجو، التشكل بصورة الحيوان والإنسان، والقتلى من الإنس بسببهم، والوسوسة والخداع، والتحريض على المعاصي، وهذه الأمور محدودة ومرتبطة بالسحر، كما أنها اختبار وابتلاء واستدراج للعصاة من الجن والأنس، عقابهم عند الله تعالى، وممارسة السحر له ضريبة باهظة على من مارسه، تصيب قواه العقلية والجسدية والروحية، وقد يقتل هو وأهله وأسرته بسبب هذا، والتائبون منهم يعترفون بذلك بعد توبتهم، وهناك علاج احتمالي للمس الشيطاني، عن طريق الطب، أو الرقية الشرعية، والجزم بذلك صعب، كونه أمر غيبي خفي، لكن ما نراه في الواقع قد يؤكد أو ينفي هذه الافتراضات الملموسة، ولبعضهم قدرات خارقة سخرها الله للنبي سليمان عليه السلام من الجن فيصنعون له خوارق، بعض آثارها العظيمة في الأهرامات والآثار الضخمة، لا نجد إلى اليوم لها تفسيراً علمياً، والبعض نسبها إلى كائنات فضائية، وبالتالي هي جن (خفاء).
طموح الألوهية: لدى إبليس يجعله لا يكتفي بأن يعادي بني آدم، ليجرهم معه إلى مستقره (النار)، بل يجعلهم يعبدوه كذلك، ولهذا نجد الأساطير والخرافات المتألهة في قصص الشعوب البعيدة عن الوحي، بعد أن كانت قبلها موحدة تعبد الله، لكن الفساد والكبر يدفع ضعيفي النفوس والإيمان إلى تأليه غير الله لا لشيء سوى الخروج من المأزق الفكري الذي يفرض عليهم تكاليف الاستقامة، فيلجؤون إلى تأليه ما لا يفرض عليهم سوى ما هم يخترعوه باسمه للسيطرة على العامة ثم يصدقوا أسطوانة الكذب، وهذا ما يصنعه العلمانيون اليوم والملحدون، في إنكار الدين وجحود الخالق، فيجعلون من الطبيعة ومن أنفسهم آلهة مزيفة، واليهود كذلك لهم باع طويل في ادعاء اتحاد الإنسان في الله، أو العكس، من أجل تحقيق أطماعهم الدنيوية الخسيسة، ونقلوا الفكرة إلى المسيحية كذلك، واليوم كتاب قصص الخرافات والشعوذة أصبح تجارة هوليودية بعد أن كانت قاصرة على مجرد كتب تقرأ ويعمل لها دعاية بتزويقات فنية تدغدغ مشاعر المراهقين والكبار.
علم السحر: جمعيات ولوبيات التأثير على صناع القرار، لم يوفروا كل وسائل استبعاد الدين من هذا التأثير، لئلا تؤثر قيمه الفاضلة على قراراتهم، التي لا تعرف للنبل والشرف طريقاً إلى عقولهم، وأصبح العلم المادي هو الدين، ومعه المال والمختبرات، وسبقهم إلى مثل هذا العلماء المسلمون الباطنييون، الذين حذر منهم أبو حامد الغزالي في كتابه (تهافت الفلاسفة)، و (فضائح الباطنية)، وكثير من علماء الغرب الذين اشتهروا ببعض اكتشافاتهم العلمية منذ عهد نهضة أوروبا، كانوا يؤمنون بالسحر ويربطون بينه وبين العلوم، كنوع من التمرد على الدين، وبعضهم ينسب اكتشافات العلماء إلى تعاونهم واتصالهم بالجن والشياطين، واليوم كثير من علماء الإسلام ينكرون ما ذكرته، ويقللون من تأثير السحر والشياطين على حياتنا، وهذا بتأثير العلمنة، وإنكار الغربيين لعالم الغيب، الذي لا يمكننا إنكاره بسبب إقراره بالقرآن والسنة.
الصعود من جديد: انكسار عبادة الله في كثير من الأمم السابقة واضح مما ذكره القرآن الكريم عنهم، وخوف النبي صلى الله عليه وسلم أن يحل بقومه وقريش ما حل بمن سبقهم من الأمم، لكن الله شاء انتصار أمتنا وإسلامنا الخاتم، انتصاراً لا مثيل له في البشرية، وبشارات النبي صلى الله عليه وسلم، بالعودة إلى دولة إسلامية على منهج النبوة، أكدته الأحاديث الصحيحة، ومع هذا لا ننسى الخطط والمؤامرات لإحداث ثورات العالم الغربي، التي قادها اليهود ومحافلهم، ونشرت هذه المؤامرات وطبعت في كتب، بعد أن وقعت في أيدي السلطات البافارية، ومن هذا القبيل كتاب (أحجار على رقعة الشطرنج) للضابط الكندي " وليام غاي"، وكان هؤلاء المتآمرين يسمون (جماعة المتنورين) وله كتاب آخر اسمه (الشيطان أمير العالم).
الفصل السابع: الخوف من الدجال
الدجال لا يظهر إلا بعد أن ينسى الناس ذكر الشيطان ومكره، حتى أن الخطباء على المنابر لا يحذرون منه في خطبهم، وهذا ما يقع اليوم، نتيجة لضعف الثقافة القرآنية من ناحية، ولانتشار الثقافة العلمانية المادية من ناحية أخرى، وقد ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عن الصعب بن جثامة، (صححه البعض وضعفه الأرناؤوط)، حذر النبي فيه من فتن أكبر من فتنة الدجال قبل ظهوره، وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً مختلفاً عن صبيان زمنه وهيئاتهم اسمه (ابن صياد) وارسل أبا ذر ليسأل أمه عن حمله وولادته، فقالت: " أنها حملت به اثنا عشر شهراً" وسأله النبي عما يراه؟ فأخبره (بعرش إبليس على الماء) كما في الحديث، ورآه ابن عمر في أحد طرق المدينة، فأغضبه بكلام، فانتفخ حتى ملأ السكة (الطريق) – أعجوبة – فسأل أخته أم المؤمنين حفصة فقالت له: "رحمك الله ما أردت من ابن صياد؟ أما علمت أن رسول الله قال: "إنما يخرج من غضبة يغضبها". (رواه. مسلم).
ابن صياد والجساسة: حلف عدد من الصحابة أن ابن الصياد هو الدجال قبل ظهوره، أما النبي فلم ينكر عليهم، [ بسبب شكله وخلقته وأقواله وأحواله]، - وفسره البعض بانه توقف من النبي عن الحكم عليه - ويؤيد هذا الصحابي تميم الداري – كان نصرانيا – وسافر في البحر فرمتهم السفينة إلى جزيرة رأوا فيها دابة مشعرة كلمتهم (الجساسة)، وأخبرتهم أن في الجزيرة موثقاً بالسلاسل ينتظرهم، فلما كلموه أخبرهم أنه " المسيح " الدجال، وأنه ينتظر الأذن بالخروج للناس، فأخبر النبي بقصته وأسلم، (رواه مسلم) وآخرون، - طعن في الحديث بعض المحدثين والعلماء، ومع ذلك فإن النبي حذر الصحابة من فتن بينهم – واقتتال – هي أكبر من فتنة الدجال، وربما كانت فتنة اليهودي – ابن سبأ – مدبر مقتل عثمان والتحريض على التشيع لعلي، وحرب الجمل وصفين بالفعل هي فتنة الدجال قبل ظهوره آخر الزمان، ومثله صنع اليهودي (شاؤول بولس) في المسيحية، وحرفها إلى التثليث وقتل المسيحين الموحدين واضطهادهم، وكلاهما (ابن صياد + ابن سبأ) اختفيا فجأة ولا يعرف أحد نهايتهم.
بين الخوف والأمل: ثقافة التواكل جعلت البعض يكذب أخبار ظهور المهدي آخر الزمن، على اعتبارها توحي بالكسل والانتظار، وتمنع المبادرة والفاعلية، مع أن قاعدتنا: " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً"، وروي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه: " إن سمعت بالدجال قد خرج، وأنت على وديَّة تغرسها، فلا تعجل أن تصلحها، فإن للناس بعد ذلك عيشاً" (أخرجه البخاري في الأدب المفرد)، وقال مثله عمر بن الخطاب حين كان بعض الصحابة ينحر نتاج فرسه، لأن قيام الساعة قد اقترب، فنهاهم عن ذلك" (البخاري في الأدب المفرد)، وكان بعض الصحابة يرون ابن الصياد ويعرفون أنه ربما كان هو الدجال، ولم يمسوه، ولم يلتفتوا إليه، وهم يخرجون ويعودون للجهاد وفتوح البلدان شرقاً وغرباً.
الفصل الثامن: الخوف من الإسلام
عنوان فصل في كتاب (المثقفون المغالطون) ل" باسكال بونيفاس" الإسلام يخيف" ويؤيده في هذا الخوف المتطرفة " مارين لوبان" الفرنسية، ويقول: " لا يصبح المسلم معتدلاً إلا إذا تخلى عن الصلاة والصوم"، (ص53)، واليوم الغربيون يحترمون ويقدرون الثقافة الهندوسية الوثنية الطبقية، على الإسلام الحضاري، ويرفضون باسم المساواة امتناع رجل عن مصافحة امرأة غير محرم، على أنه إرهاب ورجعية وتخلف.
أسطورة الاستبدال العظيم: بعد الحرب العالمية استقدم الغرب عمالاً من دول العالم الثالث، لتغطية النقص في عدد الرجال العاملين، لكن بعد فترة صاروا يعلنون عن الخوف من هؤلاء المستقدمين، بسبب اختلافهم وإسلامهم، خاصة بعد انتهاء إعادة الإعمار لأوروبا، وبالأخص بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م، وشاركت هيوليود في صناعة أفلام سنوياً تصور هذه الفكرة، وهي نمطية المسلم الإرهابي الثري المتخلف، وتشكلت جمعيات للتخويف من المسلمين، في كثير من الدول الأوربية، وبدأ الاضطهاد للمهاجرين المسلمين، في كثير من بلدان وشوارع أوروبا، ويكشف اعتراف القائد الأعلى لحلف الناتو، عقب مؤتمر حضره عن استغرابه من قرار أمريكي وغربي لاحتلال العراق، وتدمير سبع دول عربية، خلال خمس سنوات، والمبرر الذي سيستند عليه هو تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك من قبل إرهابيين مسلمين ! ولهذا انشغل العالم الغربي بهذه الحادثة المروعة، واستثمرتها أمريكا للسيطرة على العالم كله بحجة حرب الإرهاب الإسلامي، لكن بالمقابل هناك من تعاطف مع المسلمين كأقلية مضطهدة، على طريقة الغربيين في التفكير الإنساني والتحرري الاجتماعي.
الإرهاب الأبيض الجديد: ومثَّلَه هذه المرة رجلٌ أبيض (أندرس بريفيك) الثلاثيني، من النرويج، ففجر شاحنة أمام مقر حكومي، ثم لبس ثياب شرطي، ودخل معسكر صيفي للحزب الحاكم، وقتل 77 قتيلاً و 319 جريحاً، وسلم نفسه للشرطة، وحجته تخاذل الحكومة وحزبها الحاكم مع الهجرة الإسلامية، ولم يكن يؤمن بالمسيحية كما يظن البعض، بل مجَّدَ في منشوراته إسرائيل التي تبيد الفلسطينيين، وهو يرى أن على حكومته والعالم أن يفعلوا ذلك مثل إسرائيل، لمجرد الحقد على الإسلام والمسلمين.
دعم الإسلاميين المعتدلين: فوجئ العالم بثورات العالم العربي، وإسقاط حكوماته الضعيفة المتخاذلة، ولهذا برزت دراسة ومشروع على يد القانوني اليهودي " نوح فيلدمان" الأرثوذكسي، عام 2003م بعنوان (ما بعد الجهاد: من أجل ديمقراطية إسلامية) معتدلة، في جامعة هارفارد، وكان يرى دعم هؤلاء بشرط التنازل عن تطبيق الشريعة الإسلامية، وشارك الرجل في كتابة دستور العراق ما بعد صدام، 2004م، والدستور الأفغاني، وعرض مثل ذلك على حزب النهضة التونسي، ولكن الغرب انقلب على هذا المشروع وأبطل مفعوله بدعم الدكتاتورية من جديد.
الخوف من المهاجرين: مُثِّلَ له أفلام تخوف الغربيين من المسلمين، مع أن نسبتهم إلى عدد السكان ضئيلة جداً، لكنه الإسلاموفوبيا، مع أن نسبة المسيحيين في بلادنا تصل نسبة معتبرة، وهم متنفذون ويحظون بمناصب كبيرة في دولنا، ولم يكن لدى المسلمين أي فوبيا منهم، لكن الغربي أخذ نتيجة هذا التحريض يخاف على ثقافته الغربية، ملحدة أو مسيحية على حد سواء، فوقف هذا الموقف من المهاجرين والمسلمين.
إحياء الاستبدال العظيم: حظي المجرم النرويجي "أندرس" بكل أنواع الرعاية القضائية داخل سجنه – خمس نجوم – ويكمل دراسته الجامعية من خلف القضبان، مع إشهاره كبطل قومي ينافح عن استقلال أوروبا عن المسلمين خاصة، وتبعه في هذا الإجرام الأسترالي (برينتون تارانت) في نيوزيلندا المسالمة، فقتل خمسين مصلياً في أحد مساجدها، مع بث هذه المجزرة عبر الانترنت مباشرة، معلناً استعداده للمحاكمة، مع بيان من 73 صفحة، نشره على موقعه، معلنا ثأره للحروب الصليبية التي قتل فيها وطرد المسيحيين من القدس وفلسطين، مع أنه اعتبر نفسه وثنياً وليس مسيحياً، وحكم عليه القضاء النيوزيلندي بالسجن مدى الحياة.
الإسلاموفوبيا على الطريقة الهندوسية: حيث أن الهندوس بعد أن استعمرهم الإنجليز، لم يكن همهم طرد المستعمر الإنجليزي، وإنما تطهير الهند من الإسلام والمسلمين، بعد أن حكموهم 800 سنة وبنوا حضارتهم الهندية الإسلامية الرائعة، وكان ذلك بإيحاء من المستعمر الإنجليزي الذي صادق الهندوس وصادقوه، وجعل فكرهم أشبه بالحركة الصهيونية، وزعيم حزبها المتطرف " بهاراتيا جاناتا" استطاع الوصول إلى رئاسة الدولة، ليمارس كل أنواع الاضطهاد العنصري ضد المسلمين، إلا إذا عادوا إلى دين أجدادهم الهندوس، وبالضغط والإكراه والفقر، أعادوا بعضاً من هؤلاء إلى الهندوسية بطريقة ماكرة وخادعة، مع حرمانهم من كل حقوقهم في المواطنة.
الإرهاب البوذي: في سيرلانكا ضد المسلمين بمجازر مروعة، 2012م، و2014م، و2018م وفعل مثل ذلك مع مسلمي "ميانمار" (بورما)، حتى هُجِّرَ حوالي مليون مسلم إلى بنغلاديش، حين حرقوا قرى مسلمة بسكانها.
خوف الصين العظيم: من المسلمين حيث وضعوا مئات الآلاف من الآباء والأمهات في معسكرات (إعادة التأهيل) ووضعوا أطفالهم في مدارس غسيل مخ هؤلاء الأطفال حتى يصبحوا أي شيء غير أن يكونوا مسلمين، مع تعقيم أمهاتهم عن الإنجاب، ومنع الحمل، مع مصادرة كل ما يتعلق بالهوية الإسلامية.
خوف على المسلمين أم منهم؟: حين أعلن أمير "بروناي" المسلمة التي لا يتجاوز عدد سكانها نصف مليون، 89%
منهم مسلمين، عن تطبيق أحكام الشريعة، قامت أوروبا إعلاماً وسياسيين بالتنديد بهذا الإعلان الذي اعتبروه
إرهاب قانوني وثقافي، وقريب من هذا تعامل الغرب مع الطفلة " ملالا" الأفغانية التي صورها الغرب أنها حرمت من حرية التعلم والتعليم من قبل طالبان، واستقبلها الرئيس أوباما ووسائل إعلام غربية ومنحت جوائز نوبل للطفولة، ليس لشيء سوى أنها تحدثت عن تشدد حركة طالبان ضد المرأة، مع أن الغرب يقذف بالطائرات النساء والأطفال والمدارس والمساجد دون أي مراعاة لحقوق إنسانية.
أليس منكم رجل رشيد؟: لا أنكر وقوف وانتقاد كثيرين من هذه البلدان لمواقف حكوماتهم ومواطنيهم المنغمسين في العنصرية والإرهاب ضد المسلمين العزل.
الفصل التاسع: الخوف من الموت وما بعده
من يتحدى الموت؟!: مثلت عدة أفلام حول مسألة الموت وما بعده، وكتبت في ذلك روايات وقصص تؤكد وجود نفس أخرى غير مادية تحتوي أفكارنا وخيالاتنا ورغبتنا في الخلود، الذي ننكره ولا نستطيع استبعاده من مخيلتنا، وأشهر كتاب في هذا الموضوع (فن اللامبالاة) ل مارك مانسون، للتصالح مع الموت " بمفاهيم التنمية البشرية" دون الاقتراب من الأسئلة الوجودية عن الروح والحياة، مع أن مثل هذا التفكير هو من ثقافة الشيطان وأتباعه الأنسيون، ولقد صرح المخرج أو الممثل الأمريكي " وودي آلن" أن الحياة لا معنى لها، وأن السينما مجرد خداع، وهي لتشتيت أذهان الجمهور عن مصيرهم المحتوم بالموت والفناء.
ماذا أعددت لها: عن أنس رضي الله عنه، سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله متى الساعة؟ قال: " ويلك، وما أعددت لها؟" قال: ما أعددت لها؛ إلا أني أحب الله ورسوله، قال: " أنت مع من أحببت"، قال أنس: فما رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام فرحهم بها" (متفق عليه).
وبما أن الإنسان مفطور على حب الراحة وطلب الدعة، فإن الرسول أمر بأن يحذر قومه تحذيره من جيش يريد الإغارة عليهم وتدميرهم، (البخاري)، ولم تنتظم أوروبا إلا بعد سلسلة من الحروب والصراعات المدمرة، وهذا ما نلحظه جيدا في انتشار كمرات المراقبة الحكومية في كثير من مدن العالم، حتى أن في مدينة صينية (تاي وان) تنتشر نصف مليون كميرا تقريباً، ولندن الثالثة عالمياً في هذا الأمر، وموسكو، وسنغافورة، وسيدني، وفي عام 2021م يقدرها المراقبون في العالم بمليار كميرا، نصفها في الصين، وهذا يبطل مفهوم الوازع الذاتي الذي يدعيه الملحدون والعلمانيون، بينما الإيمان يجعلك تراقب نفسك بنفسك، لأن الحساب قادم يوم القيامة.
كجناحي طائر: اخترع بعض كتاب الغرب (الدين العالمي) القائم على الحب والإنسانية، لكنهم لم يستطيعوا أن يبرهنوا عن صدق دعواهم، بينما نجد الإسلام حقق هذه المعادلة بوسطيته، حينما سئل ابن عمر: " هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم، والإيمان في قلوبهم كالجبال" (أخرجه عبد الرزاق في مصنفه) وهذا نجد القرآن يجمع بين الترغيب والترهيب معاً بتوازن، قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) ﴾. سورة الأنبياء.
قبل الوداع:
عرفت فالزم!: سفينة الحياة تسير نحو مصيرها بما فيها من أنواع البشر، وبما يحف بها من مخاوف أو شعور بالأمان من الغرق والهلاك.
عصر الفتن: يحتاج منا الحذر والعمل والقيام بالواجبات التي تحمينا من هذه الفتن، والحذر والاحتياط واجب، ولا تدع شيء من العادات السلبية يتحكم في حياتك ومصيرك، مع اخلاص النية وترتيب أوراق حياتك الآمنة السوية.
جدل المؤامرة: أو عدم المؤامرة وتسخيفها، كلاهما غير مجدي لأنهما على طرفي نقيض من الحياة الواقعية المطلوب من الإنسان المتوازن مواجهتها بالصحيح من القيم والشرع، مع اجتناب صغائر الآثام بدعوى الترفيه التي تحولك مع الزمن إلى كبارها، واحذر القراءة العشوائية غير الهادفة، بل (اقرأ باسم ربك الذي خلق) واغتنم ما لديك كما أخبرك رسول الله، ولا تستهين بقدراتك، كما فعلها كثير من الصحابة في جهادهم وثباتهم، ولا تترك الساحة لشياطين الأنس والجن أعداء الإسلام العظيم، والحمد لله رب العالمين. [انتهى تلخيصه 3/3/2024م].
[/size]


أضف رد جديد

العودة إلى ”كتب وكتَّاب“