مجزرة مسجد نيوزلندا

المشرف: محمد نبيل كاظم

أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

مجزرة مسجد نيوزلندا

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

الإسلام ومجزرة نيوزلندا
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، صلوات الله وسلامه عليه، تسليماً كثيراً.
ورضي الله عن ساداتنا، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وبقية صحابته المبشرين بالجنة، وعن سائر الصحابة والتابعين، وتابعيهم وتابعي تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
ألا إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله -وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة - (أي في الدين)- بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أما بعد:قال تعالى:(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)).
ومن الإعجاز القرآني أن يذكر الله تعالى، قصة قتل قابيل لأخيه هابيل مقدمة يعقبها تحذير الله تعالى لليهود أن يشرعنوا هذا القتل في الأرض، ويحرضوا كل مجرم على هذا الإجرام الكبير، إهراق دم من خلقه الله من بني آدم، فقال تعالى:(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
أخوة الإيمان والإسلام: موضوع خطبتنا اليوم عن مجزرة مسجدي نيوزلندا، وقصة الصراع بين الحق والباطل، على وجه هذه البسيطة، وبخاصة الصراع بين أهل الإسلام وأعدائه، هذا الحدث الأليم الذي نفذه أحد مجرمي دعاة الصليبية الصهيونية العالمية، في بيت من بيوت الله، ليس الأول ولا الأخير أولاً، ويعبر عن درجة الهمجية البشرية التي ما جاء الإسلام عبر كل رسالات السماء؛ إلا من أجل حماية الإنسان أن يكون بهذه الهمجية، وأنسنته، ولهذا أوصى النبيص: « أن لا يقتل في الحروب وهي حروب- فضلاً في غيرها- الطفل ولا المرأة ولا المتعبد ولا المسالم ولا الجريح ولا الأسير، ولا من شهد أن لا إله إلا الله.» إنها أخلاقنا السامية؛ حتى بشر النبيصأصحابه، وعدي ابن حاتم الطائي بقوله: «فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله »، ومن يدرس حياة هؤلاء الغربيين وتاريخهم يعلم أنهم مجرمون في الأصل، وتاريخ إجرامهم مدون في كتبهم، وأقرب تاريخ لهذا الإجرام، هو الحروب فيما بينهم منذ خمسمائة سنة الماضية، أبادوا من بعضهم الملايين، وصرح أكثر من واحد من بني جلدتهم فقال: من أباد الهنود الحمر بالملايين في أمريكا؟ من قتل وأباد (السكان الأصليين) في أستراليا؟ من قتل الملايين في الحرب العالمية الأولى والثانية؟ من أقام محاكم التفتيش وأباد ملايين المسلمين في الأندلس؟ والفاتورة تطول ولا تسعها هذه الخطبة، وعتات إجرامهم هتلر، وموسوليني، وستالين، وماو تسي تونغ، وغيرهم، والقنبلة النووية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي شاهدة، والحروب الاستعمارية لبلادنا لن ننساها، وخطف الناس من أفريقية إلى أمريكا، ورمي الآلاف منهم في البحر، كل ذلك لا تنساه الإنسانية، ولا الرب الخالق سبحانه.
أما الذي حول شعوبهم إلى ما عليه الكثير منهم اليوم؛ من لطف وأناقة ورحمة وإنسانية هو إسلامنا الذي أخذوا منه الكثير؛ في احتكاكهم بنا في الأندلس والحروب الإسلامية، والصليبية منها كذلك.
أخوة الإيمان والإسلام:إن مهمتنا كمسلمين إحياء الناس جميعاً جسداً وروحاً، ألم يقل المصطفى: « من آذى ذمياً فقد آذاني؟»، عاش النصارى واليهود وغيرهم في بلادنا إلى يومنا هذا بكل احترام وأمن وأمان، لكن المجرمين لا يفقهون ولا يعقلون، وإن عقلوا فإنهم يكابرون ويجحدون، ولهذا سنتحدث اليوم عن هذه المجزرة التي استشهد بها خمسون من المسلمين المصلين الآمنين، في صلاة يوم الجمعة الماضي من وجهتين مختلفتين للإنصاف والعدل والحق والعلم:
أولاً- هذا المجرم لا يمثل نفسه إطلاقاً: كما يحاول المغفلون والغربيون أن يوهمونا، لأنه ينتمي إلى مناهج دراسية وثقافة غربية أصيلة، تحتقر كل من ليس غربياً، ويسمون ذلك بحضارة الرجل الأبيض، وهم في الأصل لا حضارة لهم؛ إلا ما أخذوه من منطقتنا عبر رسالات الله التي نزلت على رسل الله في بلادنا، فنبي الله موسى وإبراهيم وداود وسليمان والآخرون وعيسى وخاتمهم محمدصجميعاً من منطقتنا وفي بلادنا لكنهم أخذوا منا النظام والعلم والتحضر بعد همجية طويلة في محاربة شرائع السماء،وأخفقوا في الأخلاق والتوحيد والتدين الحقيقي!
ثانياً- حروب السيطرة والاستعمارتجاه الشعوب الفقيرة والضعيفة مستمر إلى يومنا هذا، وهذا ما يفعله ساستهم في بلاد الإسلام إلى يومنا هذا، لقتلنا وتقليل عدد سكان بلادنا: بالحروب تارة، وبالحصار تارة أخرى، ونهب ثروات بلادنا كذلك، ولا يكتفون بذلك وإنما يحاولون أن يغيروا خرائطنا الجغرافية والأخلاقية والعقائدية، وجعلنا مطواعين لهم تابعين، نصفق لهم وهم يسرقون فينا أخلاقنا وثرواتنا وبلداننا، والسبب في ذلك لا ينبغي أن نلقيه عليهم، لأن هذه مصالحهم الدنيوية، والسبب فيها تخاذلنا وجهلنا وتفرقنا وكل ما نعيشه من تخلف وفوضى وذل ومهانة وتقاعس، وعدم تقدير الكنوز التي حبانا الله بها في إنساننا، وفي أرضنا، وما فوق الأرض وما تحت الأرض، ولهذا يحسدوننا على ما وهنا الله إياه، حتى أن بعضهم يحسدنا على أخلاقنا، ولهذا نجد كثير من حكمائهم من يدخل في إسلامنا العظيم، ولهذا يخشى المجرمون منهم، أن لا يطول بهم زمن، إلا وشعوبهم تدخل في دين الله الإسلام أفواجاً...وهذا ما صرح به كثير من ساستهم ومحرضيهم وقساوستهم... الخ.
ثالثاً- شمعات مضيئة: هل في هذا الحدث خير وإيجابية، نعم نعم:
1-دماء هؤلاء الشهداء تحولت إلى عرس دعوي إسلامي لا يمكن إنكاره ولا تغطيته، ولو أراد زعماؤنا – وهم لن يفعلوا- صرف مليارات لإيصال رسالة الإسلام لما تحقق لهم ما تحقق عن طريق دماء هؤلاء الشهداء، الذين لفتوا انتباه أهل نيوزلندا النصارى وغيرهم الذين كانوا يغطون في نومهم أو سكرهم وخماراتهم إلى طهارة المسلمين المتوجهين إلى الله بقلوبهم لأداء هذه الفريضة العظيمة – صلاة الجمعة، فهالهم قسوة التوحش والإجرام الذي اتصف به ابن بلدهم وابن جلدتهم وابن ديانتهم، وهم يحبون الحياة ويعشقون الحرية، فانقلب مراد المجرم عكس ما خطط له، فخرج المئات والآلاف إلى ساحة المسجد وقد وضع النساء الأوربيات الحجاب على رؤوسهن تضامنا مع المسلمين، بما فيهم رئيسة الوزراء، وهذا نصر للإسلام وللحجاب الإسلامي وانتصار للقيم الإسلامية، ولهذا أرسل إليها أحد هؤلاء المجرمين رسالة تهديد بالقتل، لأنها تعاطفت مع الأبرياء والشهداء.
2-أعلنت ضابطة في شرطة نيوزلندا وهي مسلمة في كلمة التأبين افتخارها بإسلامها، وتوقيرها العظيم للنبي محمدصخاتم النبيين، وشوهدت شرطية نصرانية مكلفة بحراسة المسجد وهي تضع الحجاب على رأسها وتحمل البندقية، وتضع وردة على صدرها، وليس هذا فحسب، بل شارك العشرات من النيوزلنديات بالتعاطف مع المسلمين ولبسن الحجاب الإسلامي، واحترام قيم الإسلام في هذا الجانب الذي ربما في بعض بلادنا العربية يحارب الحجاب والنقاب حتى في المدارس الشرعية.
3-رفع الأذان في جميع محطات القنوات النصرانية في البلد عدة مرات، ورأي الخشوع على وجوه هؤلاء
النصارى، وبعضهم تأثر بالأذان إلى درجة أن تخرج دموعهم من مآقيهم، لعظمة السدح بكلمات الله أكبر الله أكبر من حنجرة المؤذن، ونُقِلَتْ صلاة الجمعة التي شارك فيها الآلاف من المسلمين الذين قدموا من شتى أنحاء المدن الأخرى، ليصلوا الجمعة أمام المسجد في ساحة ضخمة، كأنها تظاهرة واحتفال وعرس إسلامي ينقل عبر وسائل الإعلام العالمي في شتى بقاع الدنيا، أليس هذا انتصار لدماء الشهداء؟ وحضر النصارى بأعداد كبيرة يحرسون المصلين في هذه الصلاة، من أي عدوان قد يفكر به مجرم آخر، وشاركت رئيسة الوزراء وهي تضع الحجاب على رأسها متأثرة، مستشهدة بحديث نبوي شريف عن الجسد الواحد وتعاون الناس في مصائبهم.
4- أعلنت في اسطنبول في جامع السلطان أحمد المغنية الأمريكية الشهيرة ديلا مايلز إسلامها وارتدت الحجاب
ونطقت على حسابها بالشهادتين في نفس الوقت الذي كانت فيه صلاة الجمعة تقام كأنها عرس إسلامي بسبب هذه الحادثة الأليمة، لتبرهن لأمثال هؤلاء المجرمين وأمثالهم، أن الإنسانية والإسلام توأمان لا ينفصلان، فكان أثر ذلك على مواقع التواصل كما تعلمون كسرعة البرق، لما لهؤلاء من تأثير في عالم الشباب في الغرب، وكأن الله يجعل من غلطة هذا المجرم وأمثاله لعنة عليهم وعلى مقاصدهم من حرب الإسلام فينتشر أكثر وأكثر وأكثر.
رابعاً- وأخيراً: لا نتمنى لأحد من الناس أو المسلمين أن يراق دمه، تحت أي ذريعة، ولكن لا بد من القول: بأن الله أمرنا أن نعد العدة لكل طارئ ونستعد أحسن الاستعداد، بتربية الأجيال من أبنائنا على القيم الإسلامية، والصلاة والأخلاق والدين، ونحصن بلادنا بالعلم والتعاون والحب فيما بيننا، لنكون أمة نستحق نصر الله، ونستحق كل تقدم وخير ورزق وعلم واستقلال وكرامة وعزة، وأن لا نستسلم للإجرام العالمي، الذي يتحالف فيه أعداؤنا لذبحنا بأيدي إسلامية كما يحدث في بلاد الإسلام اليوم، من قبل بعض الجهلة أو الخونة الذي يستجرهم أعداؤنا إلى التشدد والغلو والتطرف، ومن خلال أمثال هؤلاء يَختَرِقُ أعداؤنا الصفوف، ويحدثوا فينا ما يسميه خطباء الجمعة في كل جمعة، (كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) وهذا ما حذر منه رسول الله منذ ألف وأربعمائة سنة، ولا ييأس مسلم من انتصار إسلامه عاجلاً أو آجلاً، وأعداؤنا يعلمون ذلك بإحصائياتهم المتكررة التي تقول: بأن القرن القادم هو زمن انتصار الإسلام، وعودة الخلافة على منهج النبوة كما في الحديث الصحيح المشهور، ستكون بعد الفترة الجبرية، إسلامية إسلامية على منهج النبوة، فلنكن نحن بأخلاقنا وقيمنا وصدقنا وحرصنا على هذا المستوى؛ الذي يحقق بشرى رسول اللهصكما أخبر وبشر، أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانيةالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أيها الأخوة المصلون، أخوة الإيمان والإسلام: ما ذكرناه في خطبتنا اليوم، يعطينا الأمل بانتصار الإسلام على أعدائه عاجلاً أو آجلاً، وهو وعد الله، ووعد رسول الله، في المبشرات الكثيرة التي نراها اليوم في صحوة الأمة من ناحية، ودخول كثير من الناس من كل الأمم في الإسلام، وجميع الملل تقل أعدادها، والإسلام دون غيره هو الذي يزداد، بشهادة المحبين والمبغضين على السواء.
1-اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وحببنا فيه، وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه وكرهنا فيه، اللهم احفظ أوطاننا ويسر أمورنا، واغفر زلاتنا، وارحمنا وارحم موتانا وموتى المسلمين، اللهم احفظ بلدنا هذا وجميع بلاد المسلمين، وانصرنا على أعدائك أعداء الدين، فإنك القوي القادر على ذلك، إنك أنت الغفور البر الرحيم.
2- اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي ثِمَارِنَا وَزُرُوعِنَا وكُلِّ أَرْزَاقِنَا يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
3- اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وأقم الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا َتصْنَعُونَ)45/العنكبوت.
بقلم: محمد نبيل كاظم.


أضف رد جديد

العودة إلى ”خاص بخطبة الجمعة“