الدرس (3) في التنمية البشرية:

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

الدرس (3) في التنمية البشرية:

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

الدرس الثالث في التنمية البشرية
اكتشاف الذات وتنميتها: يتحقق من خلال:
1- معرفة أنفسنا أولاً: ومعرفة النفس التي تشكل شخصية الإنسان وهويته، وما تمتلك من قدرات ومواهب وميول وعطايا، وكذلك التقييم السليم لممتلكاتها من الآخرين: الوالدان والأقارب والجيران والأصدقاء والزملاء والعائلة والعشيرة، والوطن: وما يحتويه من خيرات ومسرات وإمكانات وثروات وبيئة طبيعية، وبيئة صناعية، والأمة: وما تشكله من ثقل وتاريخ وجغرافيا وقيم ومبادئ وحضارة، كل ذلك يدخل في إطار الإمكانات التي تقبل التوظيف والاستثمار في تنمية الذات وتحقيق الأهداف.
2- التعرف على إنجازاتنا: يتحقق من خلال التعرف على ذواتنا وتقدير أهميتها، والتعرف على ما أنعم الله به علينا من نعم لا تعد ولا تحصى، مع ما سخره الله لنا من الكون سماءً وأرضاً، وإنجازاتنا تعتبر خبرات ماضية؛ تحققت في مرحلة طفولتنا وفتوتنا وشبابنا، وكذلك في مرحلة كهولتنا، وكل ما أنجزناه من معرفة، وخبرات، وأعمال، وتطوع، وتعلم، وخير، قدمناه لأنفسنا وللأرحام والآخرين، سواء كان ذلك في المهارات الحياتية، أو العبادات النُسُكيَّة، من صلاة وصوم وصدقات ومعروف، وتعاون وبر وإحسان، فهي إنجازات، لأن من لا يقدِّر إنجازاته لا يستطيع البناء عليها، ولا يخطط لزيادتها ودوامها، مهما تكن صغيرة، فهي عند الله الكريم المحسن تعتبر كبيرة، والدليل " الحسنة بعشر أمثالها" إلى سبعمائة ضعف ويزيد، ويكفي أن يقول في الحديث القدسي: « الصوم لي وأنا أجزي به( )»، فهل بعد هذا من يقلل أهمية الإنجاز والعمل الصالح!.
3- التعرف على غاياتنا: وهي الأهداف المستقبلية التي نخطط لإنجازها فيما يُستقبل من الأيام، سواءً كان على المستوى الشخصي، أو الأسري، أو المجتمعي، أو الوطني، أو الإنساني، مع تحديد الغرض من وجودنا في الحياة ورسالتنا فيها، وهي مبررات وجودنا الآدمي والإنساني المكرَّم، "فنحن لم نخلق لنأكل ونشرب وننام ومن ثم نموت، كما قالت: التائبة الروسية "ماشا إليلي كينا( )": وإنما خُلِقنا لنتعرف على خالقنا ونعبده"، وهي فرصتنا للنجاح في اختبار الحياة، ليكون كلٌ منا أحسن عملاً، وتخطيطنا لإنجاز أعمال وأهداف مستقبلية، يعتمد على تقديرنا لأنفسنا وقدراتنا وإمكاناتنا وطاقاتنا، وما وهبه الله لنا في إطار الذات والأسرة والمجتمع والحياة، مسترشدين بقول النبي ?: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا( )» وتبقى الهمة العالية سيدة الموقف، في رفع مستوى مقياس نجاحنا وطموحاتنا وإنجازاتنا ورغباتنا.
4- أن نستثمر قدراتنا وإمكاناتنا: من خلال حسن توظيفها في تحقيق أهدافنا، وقيامنا بالأعمال الصالحة المثمرة، التي تعود على أنفسنا بالأجر الوفير والخير العميم، والنفع المفيد لكل من نتحمل المسؤولية تجاهه، لنكون قدوة حسنة لأبنائنا وأزواجنا وأسرنا ومعارفنا، واستثمار قدراتنا يتم من خلال القراءة، والمعرفة، والتعلم، والتدريب، والاقتداء بالناجحين والرجال الصالحين، وفي مقدمة هؤلاء جميعاً سيد المرسلين؛ محمد ابن عبد الله ?، وما من عطاء منحنا الله إياه، من قمة رأسنا إلى أخمص أقدامنا، في جميع جوارحنا وهبات الله لنا، إلا ويمكن تنميته واستثماره في نجاحات عديدة وأغراض كثيرة مفيدة، لصالح أنفسنا وأسرنا ومجتمعنا، ولهذا نزل الأمر في كتاب الله بالعمل واجتناب الكسل بقوله: ?وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ..( )?.
تزكية وتنمية الذات:
في مسيرة تطوير الذات وتنميتها واستثمار طاقاتها الجبارة التي منحنا الله إياها، ميراثاً أو كسباً، بعد التعرف عليها وتقديرها حق قدرها، وأنها الذات المكرَّمة التي جالست الملائكة يوم خلق الله آدم أبو البشرية، ومنحه نعمة العقل والفهم والعلم، تتم هذه التزكية بمعرفة الله الخالق، وما يجب علينا تجاهه من حب وطاعة وامتثال، بالإضافة إلى القيام بواجب الاستخلاف في الأرض، وإعمار نفوسنا فيها، باتباع الأنبياء والرسل عليهم السلام، من خلال توحيد الله تعالى، والعمل الصالح، والاتباع بإحسان، وهذه التزكية للنفس والذات تتم من خلال:
1-تنمية النفس الملكية: ( بفضيلة العلم): مدارسة وتعلماً وقراءة وبحثاً واستكشافاً.
2-وتزكية النفس السَبُعيَّة: (بفضيلة الحلم): بضبط الانفعالات والتحكم بالغضب.
3-وضبط النفس الغريزية: (بفضيلة العفة): بتحكيم القيم والتزام الأخلاق والأمانة.
4-وتحكيم النفس الميزان: (بفضيلة العدل): وهي القسط والتوازن في الحق والواجب.
وهذه القوى الأربع للنفس، هي التي تقود الذات إما إلى الجحيم والخسران والعصيان، وإما إلى
النعيم والاستقامة والنجاح والعرفان، وذلك من خلال التعرف على النفوس الأربعة التي ذكرها الله في كتابه الكريم وحسن قيادتها وهي:
1-إحسان قيادة (النفس الأمارة بالسوء): قال تعالى: ?..إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي..( )?، وذلك بترويضها وكفها عن السوء.
2-إحسان قيادة (النفس اللوَّامة): قال تعالى: ?وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ( )?، وذلك بالتوبة النصوح.
3-إحسان قيادة (النفس الهوائية الخوَّافة): قال تعالى: ?وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى( )?، وذلك باستحضار خشية الله، واجتناب الهوى.
4-إحسان قيادة (النفس المطمئنة): قال تعالى: ?يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ
رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً( )?، وذلك بتثبيتها على الاستقامة والإيمان.
هذا الفهم وهذه المعرفة لطبقات النفس وأنواعها وأوامرها ونواهيها، يقودنا إلى حسن التعامل مع أحداث الحياة، ومستلزمات النجاح والفلاح فيها، من خلال العمل على تنمية الذات وتزكيتها بالمعرفة السليمة والأعمال المشروعة، والنية الصالحة، والهمة العالية، والطمع في رحمة الله وتوفيقه، وبذلك فليفرح المؤمنون وليتنافس المتنافسون، قال تعالى: ?وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ( )?.
مهارات تنمية الذات:
تبدأ مهارات تنمية الذات من لحظة الوعي بالوجود البدني للطفل في نهاية السنة الأولى لميلاده،
ومن لحظة الوعي بالوجود النفسي له في نهاية السنة الثانية تقريباً، وعلامة ذلك الاختباء خلف الأبواب والحواجز، وهنا يبدأ تشكل وصياغة شخصيته المتميزة، والتأثر والتأثير في الآخرين من خلال التفاعل مع الوالدين والمحيطين به، والأسرة والبيئة الاجتماعية، ويظهر تفاعل جينات الوراثة، مع الخبرات والمهارات والمؤثرات البيئية، وطريقة استجابته المميزة المتفردة لهذه المؤثرات والجينات، وكذلك تفاعله مع المؤثرات المؤدية إلى التأثر ونمو الذات وتنميتها، من خلال نوع استجابته لهذه المؤثرات، سلباً أو إيجاباً، كفاً عنها ورفضاً لها؛ أو إقداماً وتقبلاً لها، وهذا يتم من خلال المهارات التالية:
1-التجربة والعمل: المؤدي إلى اكتساب مهارة أو صناعة.
2-القراءة والاطلاع: على معارف جديدة بالتعلم أو المشاهدة.
3-العلاقات الاجتماعية: مع الأهل والأقران والأصدقاء والزملاء.
4-ثقافة البيئة والأسرة والمجتمع: تشكل قيم ومبادئ وسلوك أبنائنا وخبراتهم.
5-الألعاب وفن الترويح عن النفس: مهارة أصيلة في تشكيل شخصية الإنسان.
6-العادات والتقاليد: دروس غير مدونة في تقييم الحياة والنظرة الاجتماعية لها.
7-البيئة الجغرافية: والتضاريس المكانية؛ والسكن والأحياء السكنية جزء من كل.
8-الزمن والعصر: وطريقة التعامل مع الزمن والوقت؛ يشكل اللوحة الخلفية للسلوك.
9-الأسرة والعائلة: وتكوين كلٌ منهما، له أثر كبير في طريقة تنمية الشخصية والذات.
10-الدولة والمجتمع: وتركيبة كلٌ منهما؛ ديمقراطياً أو استبدادياً، له أثره التنموي.
بقلم: محمد نبيل كاظم.


أضف رد جديد

العودة إلى ”التنمية والتغيير“