ما الذي رآه ليبولد فايس (محمد أسد) في إيران؟

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

ما الذي رآه ليبولد فايس (محمد أسد) في إيران؟

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

قال محمد أسد ( 1) : " أدركت السر الذي شدني وهز أعماقي في رؤية الحزن والتعاسة الباديين في عيون الإيرانيين، مما يجعلهم في حالة عبوس دائم خاصة مع الغريب، وكأن حديثهم من شفاههم، بينما أرواحهم هناك في خلفية بعيدة لا تمت للواقع واللحظة بصلة، كمن يضعون أقنعة على وجوههم، وهي تعبر عن القدر المأساوي لشعبهم، وابتسامتهم التعيسة ترتبط بالأفيون الذي ينتمي إليهم وينتمون إليه، كانتماء التعاسة والاكتئاب والانقباض الذي تراه في كل الوجوه وفي كل المناسبات، في الحياة اليومية والأعياد والاحتفالات الدينية، مما يجعل مشاعرهم تختلف عن المشاعر الدينية للعرب.
والسر وراء ذلك: الحزن والحداد الدائم على واقعة مأساوية حصلت للحسين من مئات السنين، وكأن حياته أهم مما يدعو إليه الإسلام من حياة وعمل وعبادة، ويدور درويش على تجمعات الناس في القرى والمدن يلقي على تحلقاتهم سيرة الشهيد وآله؛ وما فعل أعداؤه بسرد نصف مغنى، ثم يلعن المغتصبين لحقه وحق آل بيته، ويتمنى لهم الجحيم وعذاب النار، فتبكي النساء وينوح الرجال، ويشهق آخرون بالحزن والأسى، ثم يضعون له النصيب (صدقة) في قحف ثمرة جوز الهند ويمضي".
يقول: " ذهلتُ لهذه المشاعر الدفينة – في زيارتي لإيران سنة 1925م - ومحَّصت الأمر أكثر فوجدت أن له علاقة بالفتح العربي لفارس على يد عمر بن الخطاب، الذي به دالت دولة الفرس الكسروية، وكأن الجذور العميقة للقومية الفارسية نزعت من الأرض؛ لكنها لم تغادرها كلية إلى ما أنعم الله عليهم من الإسلام، فحل التأرجح بين ماضي لم ينسى وحاضر لم يزهر تمام الإزهار بحيث يكون أخضراً يانع الخضرة، - " لدى فريق كبير منهم على الأقل(2 ) " - فالإيمان الذي يعبر عن مشاعر الحرية عند العرب، هو يعبر عن الرفض والحزن والتباكي عند الإيرانيين (3)" .
______________________

1-ليبولد فايس نمساوي يهودي أسلم وتسمى محمد أسد، وكان صحفياً غربياً لامعاً، صديقاً للملك عبد العزيز آل سعود.

2-استثناء من المؤلف، لئلا يُظلم أهل فارس الأوائل الذي أحبوا الإسلام والعرب وشاركوا في حفظه ونشر حضارته.

3-مختصر بتصرف من كتاب " الطريق إلى مكة " الفصل التاسع (رسالة فارسية) ليبولد فايس (محمد أسد ) .


أضف رد جديد

العودة إلى ”الحوار والفكر التنويري“