في الدوحة 2010.. "صلاح الدين" يحرر القدس

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

في الدوحة 2010.. "صلاح الدين" يحرر القدس

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

قدمته فرقة "إنانا" ضمن احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة
في الدوحة 2010.. "صلاح الدين" يحرر القدس
محمد فوراتي تصفيق حار رافق جميع لوحات العرض استعاد المخرج "جهاد مفلح" في عمل مسرحي موسيقي تعبيري ضخم قصة محرر القدس صلاح الدين الأيوبي، مستحضرا مناقب وخصال البطل القائد والإنسان، ومنازلاته الكبرى مع الصليبيين في الحرب والسلم. وقد شدّ العمل الفني الملحمي الجمهور الغفير الذي حضر إلى مسرح المدينة التعليمية بالدوحة مساء الخميس الماضي، وانبهر بالعرض الذي قدمته فرقة "إنانا السورية" ومزجت فيه بين التمثيل والغناء واللوحات الراقصة والمشاهد السينمائية، وتخللت العمل مشاهد درامية مؤثرة، تفاعل معها الجمهور، وذكّرته بما يعيشه المسجد الأقصى والقدس من تهويد واحتلال.
ويأتي العرض ضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010، وشارك فيه ممثلون وفنانون من سوريا وقطر منهم: عبد الحكيم قطيفان في دور صلاح الدين وعبير شمس الدين في دور عصمة الدين خاتون، وعلي ميرزا محمود في دور القاضي الفاضل، ونوار بلبل في دور الأمير رينو، وحسام الشاه في دور الملك غاي، وعادل علي في دور البطريرك هرقل، وغسان عزب في دور الأمير ريموند ورامز أسود في دور الأمير باليان. مسيرة التحرير يبدأ العمل مع تولي صلاح الدين بن يوسف بن أيوب مقاليد السلطنة قبل نحو ثمانية قرون في دمشق ومصر، وينتهي بفتح بيت المقدس ودخولها محررة من الصليبيين أو "الفرنجة" كما سماهم العرب، وبين الحدثين المفصليين ترصد اللوحات التعبيرية والتمثيلية الوقائع التي سبقت معركة التحرير، في مصر ودمشق وفي القدس، متيحة للمتلقي إجراء مقارنة بين المعتدين الصليبيين الذين حولوا المسجد الأقصى لزريبة، وأباحوا دماء الأبرياء ومنهم حجاج بيت الله الحرام، وبين صاحب الحق الذي يسعى لتحرير الأرض بشهامة وأخلاق، وعفوه وسماحته على جميع سكان القدس من معتنقي جميع الأديان السماوية. وتقدم المشاهد البصرية واللوحات الراقصة بشكل فني غير مسبوق حالة الضعف والوهن والفساد التي أصابت الصليبيين في آخر أيامهم بالقدس، مقابل العمل الدءوب والاستعدادات الكبيرة التي يقوم بها صلاح الدين وصحبه وجيشه استعدادا ليوم النصر الكبير.
كما تبرز اللقطات التمثيلية القليلة مناقب صلاح الدين ومنهجه في الإصلاح وتوجيهاته الحكيمة لأتباعه، والتي التزمت بالأخلاق الإسلامية وباحترام حقوق الناس، كما تبرز أسلوبه في الحرب كما في السلم وشدته في الحق ورأفته على خصومه بعد النصر.
وكانت فرقة "إنانا" السورية بارعة في تجسيد تلك اللوحات، معتمدة على حسن الأداء التعبيري، واستغلال الأزياء المختلفة واللعب على الأضواء والألوان، فقدمت مشاهد تحبس الأنفاس صفق لها الجمهور طويلا. مشهد النصر واحتفلت الملحمة بحدث النصر بلوحات تعبيرية ومشاهد سينمائية، فأظهرت جيش صلاح الدين وهو يسير بمعنويات عالية وعزة وهمة لتحرير القدس، وحالة الضعف والهوان التي يعيشها جيش العدوّ الذي فقد الثقة في قادته، وانهارت معنوياته قبل المعركة وخاصة أمام ما يصلهم من أخبار عن صلاح الدين الرجل الذي لا يقهر، واختتم المشهد بحوار بين صلاح الدين والملك المهزوم الذي يطلب العفو والخروج بأمان وبدون شروط مجحفة من المنتصر.
ويسدل الستار على الملحمة بتذكير الجمهور بحالة القدس وفلسطين الآن، في إحالة إلى الواقع من خلال مشاهد اللاجئين الذين يخرجون من فلسطين أفواجا منذ 1948، منتظرين صلاح الدين جديد، منشدين إصرارهم وصبرهم على المكاره حتى تحرير آخر، ومن خلال هذه اللقطات التي فتح فيها المخرج أفقا جديدا، يبث روح التفاؤل باستعادة القدس وفلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، كما استعادها في يوم من الأيام صلاح الدين من الصليبيين، ويحث المشاهد على عدم نسيان تلك الملحمة التي تعتبر إنجازا تاريخيا يبعث في نفس العربي العزة والنخوة والتمسك بالحق. رؤية بصرية جديدة نجح العرض الملحمي في المزج بين عدة فنون في عمل واحد لا تتجاوز مدته الساعة، فجمع بين التمثيل المسرحي واللوحات التعبيرية الراقصة والمشاهد السينمائية والموسيقى العربية والأناشيد الحماسية، فأثار إعجاب الجمهور والنقاد.
كما مزج العمل المشاهد التاريخية وبالأخص خلال حدث الانتصار والتحرير بالدبكة الفلسطينية فرحا وبهجة بما تحقق من الفارس المغوار صلاح الدين الأيوبي، كما ارتفعت الأناشيد مكبرة ومهللة فخورة بما تحقق للقدس وللمسلمين في تلك اللحظات التاريخية، ومادحة القائد الذي سجل اسمه من ذهب في كتب التاريخ بأخلاقه وفكره قبل شدته في الحرب.
وكانت اللوحات والأغاني والموسيقى فسيفساء ناجحة من العمل الإبداعي المتكامل الذي ينتفض له الجسد، متفاعلا متماهيا، مما جعل جمهور المسرح يقف محييا الفرقة على أدائها الساحر أكثر من مرة خلال العرض.
وتبدو هنا قوة العمل كملحمة تاريخية وفنية، تشدّ المشاهد وتدغدغ لديه روح الانتماء والعزة، كما تذكر بمناقب الرجل الذي كان له الفضل في ذلك الحدث العظيم ألا وهو تحرير القدس، مذكرة بأخلاقه وقيمه التي استمدها من الإسلام ومن القرآن الكريم وسيرة النبي المصطفى.
وقد كان مشهد العفو عن الفرنجة، والسماح بخروجهم من المدينة دون إكراههم بشروط مذلة، مشهدا إنسانيا عظيما اعترف به العدو قبل الصديق، وقد أحسن الممثل عبد الحكيم قطيفان في تجسيد دور صلاح الدين بهيبته وبأخلاقه مع أصحابه وأهله وجيشه وأعدائه.
ورغم عدم التجاء المخرج إلى الاعتماد كثيرا على النص، وهو اختيار صائب، فقد حقق العمل غرضه، ووصل إلى قلوب الناس كما وصلت الرسالة التي أراد تبليغها، اعتمادا على لوحات جميلة أدتها فرقة إنانا السورية بكل إبداع، وعلى مشاهد سينمائية أحسن استغلالها، وأداء مميز للممثلين، ومؤثرات موسيقية قوية، وأغان عربية تناغمت مع الملحمة. إعجاب وقد عبر الكثير ممن شاهدوا العرض عن انبهارهم وتفاعلهم وقال الكاتب عبد الله الحامدي: "لقد استمتعنا حقيقة بعمل هادف وقوي فنيا ودراميا، وكانت فرقة إنانا السورية كعادتها مبدعة في اللوحات التعبيرية التي قدمتها، والتي تناسقت بشكل مذهل مع المشاهد السينمائية والتمثيلية".
من جهته قال الممثل القطري علي ميرزا الذي قام بدور القاضي الفاضل وهو شاعر وعالم كبير كان صديقا مقربا لصلاح الدين: "يكفيني سعادة أن نرى الجمهور سعيدا ويتفاعل بقوة مع مشاهد العمل التي قدمت حياة هذا البطل العربي (المسلم الكردي) الكبير".
وأضاف: "العمل كان لوحة فنية رائعة ومتكاملة وحققت انسجاما نادرا مع جمهور غفير في هذا المسرح الجميل، وهو عمل يحمل لنا رسالة نبيلة وهادفة عن ثراء تاريخنا بالأحداث والرجال العظام وكيف يمكن أن نستلهم من سيرتهم وبطولاتهم الكثير".


أضف رد جديد

العودة إلى ”الأدب والشعر“