فضل اغتنام وقت السحر

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

فضل اغتنام وقت السحر

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

اغتنام وقت السحر ـ
الشيخ : أحمد شريف النعسان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
مقدمة الدرس
فنحن نعلم بأن الله عز وجل اختصَّ بعض الأزمنة وبعض الأمكنة وبعض الأشخاص, وصدق إذ يقول: {وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء}. فمن الأزمنة التي اختصها برحمته وقتُ السحر, وفيه خصوصية لم تكن في سائر الزمن, ألا وهي نزول ربنا عز وجل إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله وجماله, نزولاً خلاف الذي يتصوره البعض أو يتوهَّمه, لأن الله تعالى يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}.
جاء في الحديث الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ, يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ, مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ, مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) رواه البخاري.
المطلوب منا نحو هذا الحديث وأمثاله من الآيات:
وتجدر الإشارة هنا إلى جانب عَقَدِيٍّ, ألا وهو نزول ربنا عز وجل في كل ليلة إلى السماء الدنيا, فأقول: إياك أن يخطر في بالك مقارنة بين فعل من أفعال الله تعالى مع فعل من أفعال العباد, الله تعالى خالق والعبد مخلوق, ولا يمكن أن يكون فعل المخلوق كفعل الخالق جلَّت قدرته.
علينا أن نؤمن بأفعال الله تعالى وصفاته من حيث هو جلَّ جلاله, فلا نشبِّه ولا نمثِّل ولا نعطَّل, ونقول كما قال تعالى في كتابه العظيم: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}. لأن هذا من الأحاديث المتشابهة التي يجب علينا أن نؤمن بها كما نؤمن بالآيات المتشابهة, قال تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَاب}. فالآيات المتشابهات والأحاديث المتشابهة المطلوب منا نحوها الإيمان فقط, أما الآيات المُحْكَمَة والأحاديث المُحْكَمَة فالمطلوب منا العمل بها, ففي القيامة لن يسألنا الله عز وجل عن الآيات المتشابهات والأحاديث المتشابهة هل عرفنا كيفيتها أم لا؟
فأقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل الآخر, وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد, كما روى عن عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ, فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ) رواه مسلم.
اغتنام وقت السحر:
فالصائم في شهر رمضان المبارك يغتنم فرصة السحر, وذلك بالقيام, وتلاوة القرآن, وذكر الله عز وجل, والدعاء, متأسياً في ذلك بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قيام الليل في وقت السحر:
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}. وهذه الآية كانت في ابتداء الوحي, والبدايات تدلُّ على النهايات, فإذا كانت هذه بداية النبي صلى الله عليه وسلم فكيف نهايته؟
اغتنام فترة القوة والشباب والحيوية, فكان صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تورَّمت قدماه , حتى قام صلى الله عليه وسلم آخراً قاعداً .
شبابك أين تقضيها؟ اسمع يا أخي قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) رواه البيهقي. فبداية النبي صلى الله عليه وسلم {قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}.
وقيام الليل كان فرضاً على سيدنا رسول صلى الله عليه وسلم, وهذا ما يؤكِّده قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}. فصلاة التهجد {نَافِلَةً لَّكَ} أي فريضة زائدة لك على الصلوات المفروضة, وهذا من خصوصيات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, أما في حق الأمة فمسنون, فهل نحافظ على هذه السُّنة المهجورة؟
مشكلة هجر السُّنة:
مشكلة هذا العصر هجر السُّنة إلا من رحم الله تعالى, وكأنه صارت عند الناس قاعدة: السُّنة يجب تركها, والمكروه يجب فعله, وقطعاً هذا ليس من شأن المحب, فشأن المحب الاتباع والتأسِّي, وهذا ما كان عليه أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين سمعوا قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. وقد شهد الله عز وجل لهم بذلك بقوله: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}.
هل عندنا اتباع لسلف هذه الأمة؟ هل نحن ينطبق علينا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم}. هؤلاء الذين جاؤوا من بعد الصحابة من المهاجرين والأنصار صفتهم الاتباع لهم, قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم}.
سلفنا الصالح حالهم التأسي بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وشهد الله عز وجل لهم بذلك كما عرفنا في الآية التي سبقت من سورة الفتح, وكما قال الله عز وجل عنهم في سورة المزمل: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ}.
قد تقول: قال الله تعالى: { وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ}. يعني ليسوا جميعاً, أقول: صحيح, لأن فيهم الضعيفَ والمريضَ والهرمَ والمسافرَ وأصحاب الأعذار الأخرى.
أما نحن فما عُذرنا في تركنا للسنة, كلُّنا يعرف السنة المؤكَّدة وغير المؤكَّدة, ولكن أكثرنا لا يحافظ على السنة غير المؤكدة, والمؤكدة.
أحياناً يدعها, نقول له: صل سنة الظهر البعدية أربع ركعات يقول لك: سنة غير مؤكدة, نقول له: صل سنة العصر القبلية أربع ركعات يقول لك: سنة غير مؤكدة, نقول له: صل سنة العشاء القبلية أربع ركعات يقول لك: سنة غير مؤكدة, هذا فضلاً عن صلاة الأوابين وقيام الليل وصلاة التهجد إلى غيرها من السنن.
وبعد كل هذا التقصير يقول كل واحد منا إن سئل: هل تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدق؟ يقول: نعم وروحي الفداء له صلى الله عليه وسلم, أرجو الله عز وجل أن لا نكون أصحاب دعاوى بدون بينات, لأن نبينا صلى الله عليه وسلم ما كان يرضى لواحد من أصحابه أن يدعي دعوى بدون بينة, فهذا سيدنا حارثة رضي الله عنه, عندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فاستقبله حارثة بن النعمان، فقال له: (كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمنا حقاً، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظر ما تقول، فإنَّ لكل قول حقيقة فما حقيقة إيمانك؟ قال: فقال: عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً، وكأني أنظر إلى أهل الجنة كيف يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار كيف يتعادون فيها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : عرفت فالزم) رواه البيهقي.
أحيوا هذه السُّنة قيام الليل, فمن أحياها فقد أحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبَّه, ومن أحيا السُّنة وأحبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه في الجنة.
الإسلام يكره السهر بعد العشاء:
وسبب هجر سنة القيام هو طول السهر الذي اعتاده الناس اليوم, والإسلام ينهى عن السهر بعد العشاء, فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (جَدَبَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ. يَعْنِي زَجَرَنَا). وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا سَمَرَ بَعْدَ الصَّلاةِ ـ يَعْنِي الْعِشَاءَ الآخِرَةَ ـ إِلا لأَحَدِ رَجُلَيْنِ: مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ), وروى البخاري ومسلم عن أبي برزة رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا).
قال الإمام النووي رحمه الله في رياض الصالحين: والمُرادُ بِهِ الحَديثُ الذي يَكُونُ مُبَاحاً في غَيرِ هذا الوَقْتِ، وَفِعْلُهُ وَتَرْكُهُ سواءٌ. فَأَمَّا الحَديثُ المُحَرَّمُ أو المَكرُوهُ في غير هذا الوقتِ، فَهُوَ في هذا الوقت أشَدُّ تَحريماً وَكَرَاهَةً.
وأَمَّا الحَديثُ في الخَيرِ كَمُذَاكَرَةِ العِلْمِ وَحِكايَاتِ الصَّالِحِينَ، وَمَكَارِمِ الأخْلاَقِ، والحَديث مع الضَّيفِ، ومع طالبِ حَاجَةٍ، ونحو ذلك، فلا كَرَاهَة فيه، بل هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وكَذَا الحَديثُ لِعُذْرٍ وعَارِضٍ لا كَراهَةَ فِيه. وقد تظاهَرَتِ الأحَاديثُ الصَّحيحةُ على كُلِّ ما ذَكَرْتُهُ. اهـ.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ بَاطِلٌ إِلا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ, وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ, وَمُلاعَبَتَهُ أَهْلَهُ, فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وهذا السهر سببٌ كبيرٌ من أسباب الخلافات الزوجية, نعم أكثر الخلافات الزوجية سببها سهر الرجل الطويل بعد صلاة العشاء مع أصدقائه وخلاَّنه, ويا حبذا لو أنه في طاعة الله عز وجل, أكثر السهر في اللعب بالورق والطاولة ومشاهدة المسلسلات, أوقات تقضى في اللهو وفي الغفلة, ثم بعد ذلك ينام, لا أقول ينام عن صلاة القيام بل ينام عن صلاة الفجر, لا أقول ينام عنها في جماعة, بل ينام عنها إلى ما بعد طلوع الشمس.
لقد خالف الكثيرُ السنةَ حيث ينام قبل المغرب, ويسهر بعد العشاء إلى منتصف الليل, ولا شك أن المخالف يدفع الثمن, وثمن هذه المخالفات هي الخلافات الزوجية, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
علينا أن نحيي سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي هجرها أكثر الناس اليوم, ألا وهي سنة قيام الليل سنة التهجد اللهم اجعلنا كذلك آمين.
اجعل من شهر رمضان دورة تدريبية لك:
فاجعل يا أخي الكريم من شهر رمضان دورةً تدريبية لك على القيام بالأسحار, لينطبق عليك قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون * فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون}. ولتكون من أهل الجنات والعيون التي أعدها الله لعباده المتقين, قال تعالى:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُون * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِين * كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم}.
هؤلاء هم أهل الأسحار الذين ما اقتصروا على الفرائض فقط, بل زادوا عليها, لأنهم أحبوا الله تعالى فأحبهم تبارك وتعالى, فانطبق عليهم قول الله تعالى في الحديث القدسي الذي يرويه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَة َرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ, وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ, فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ, وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ, وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا, وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا, وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ, وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).
ولعلنا أن نتعرف على فوائد قيام الليل في السحر في الدرس القادم, وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم, سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
منقول


أضف رد جديد

العودة إلى ”الرقائق والأدعية“