تلخيص كتاب "كبرى اليقينيات الكونية" د. محمد سعيد رمضان البوطي

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 790
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

تلخيص كتاب "كبرى اليقينيات الكونية" د. محمد سعيد رمضان البوطي

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص كتاب "كبرى اليقينيات الكونية" د. محمد سعيد رمضان البوطي
تمهيد:
أولاً- المنهج العلمي للبحث عن الحقيقة:
إذا كان الوصول إلى الحقائق علماً، فإن المنهج الذي يوصلنا إليها ينبغي أن يكون كذلك علماً، وأول قواعده: 1- إن كنت ناقلاً فالصحة، أو مدعياً فالدليل.
1- السبيل المتخذة لتحقيق النقل والخبر: من خلال التأكد من صحة وسلامة اسناده إلى من رووه مع التأكد من الثقة بصدقهم وضبط حديثهم، عبر متخصصين في ثلاثة علوم تتعلق بالروايات والأخبار، هي : فن وعلم مصطلح الحديث، وعلم وفن الجرح والتعديل، وعلم وفن تراجم الرجال، تلتقي هذه العلوم لتميز الخبر الصحيح من غير الصحيح.
وهذا الصحيح من الأخبار له مراتب ودرجات متفاوتة، مع صحتها، بين رواية الآحاد الصحيحة، ورواية المشهور الصحيح، ورواية المتواتر، الذي هو في أعلى مراتب الصحة.
أما الخبر الظني، الفاقد لأحد شروط الصحة، فلا يعتد به في أمور العقيدة، لأنها لا تقبل الظن، لأن المدركات اليقينية تحتاج إلى أخبار يقينية، وهذه لا تتوفر في سوى الخبر المتواتر.
2- السبيل المتخذة للتحقيق في الادعاء: حسب اختلاف نوع الادعاء، فالأمور المادية والطبيعية، تحتاج إلى تكييف براهين من الحواس الخمس، (بالمشاهدة والتجربة) المعملية، والاسلام يتبنى كل ما يثبته العلم التجريبي، ولهذا لم يؤكد القرآن على أي اكتشافات علمية، إلا فيما هو إشارات لنا لنبحث ونتأكد بالطرق العلمية التي تتطور مع الزمن لدى العلماء، احتراماً للعقل وإطلاقه من قيود التسليم العقدي ليكون تسليمه علمي مخبري، عدا ما كان من أخبار اعجازية غيبية ليكون زيادة في أدلة مصداقيته لدى الباحثين، وما لا يخضع للتجربة والمشاهدة من أخبار غيبية، ذكر كثيراً منها، لمنع الاضطراب الذهني فيها مما لا يمكن معرفته بالتجربة، لعدم خضوعه لها.
وبعد أن ذكرنا طريقة اثبات صحة أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكذلك لدينا طريق آخر لإثبات صحة إسناد وصول ونزول القرآن الكريم على الرسول صلى الله عليه وسلم، بشكل متواتر لا يقبل أي ذرة من الشك، بالإضافة إلى طريق آخر لإثبات صحة مضمونه ومحتواه بطرق عقلية وعلمية مؤكدة عبر عشرات ومئات السنين والعلماء، لكن القرآن حملنا على التفكر والتأمل والسير في طريق العلم بشكل علمي صحيح، وهذا ما حفظ له مكانته لدى كل شعوب الأرض، وكل علماء الأرض إلى يومنا هذا.
ولهذا سلك الفكر الإسلامي وعلماء الكلام منهم، لإثبات وجود الله تعالى ووحدانيته، مسلكين اثنين، كلاهما منهج علمي دقيق لا خدش فيه:
الأول: البحث في ظاهرة الوحي: ثم البحث في صحة نقل الخبر ومقومات اليقين فيه، فإذا استيقن الأمر، صدَّقَه لصدق كل مقدماته.
الثاني: البحث في وجود الله بالفكر المجرد: والبراهين العقلية، دون أن ينخرط في مسألة النبوة وحقيقتها والقرآن وصدقه، فيلتقي الطريقان ليشد كلٌ منهما من أزر الآخر.
وما لم يصلنا الخبر المتواتر اليقيني بشكل صريح في أمر، فإن السبيل لمعرفة الحق فيه هو النظر العقلي وحده، وهو يتحقق بمسلكين اثنين:
المسلك الأول: اتباع ما يسمونه بدلالة الالتزام: وهو اطراد ارتباط شيئين بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر، بالاستقراء التام والتلازم، في كل الحالات والظروف، كدلالة المآذن على إسلام السكان، والنحول الشديد على المرض، وهذه الإمارات ليست علة على المعلول، وإنما قرينة رابطة دلالة بينهما بالاستقراء، وبواسطة دلالة الالتزام تميز وتتحقق من صدق دعوى، وبفقدانها تتبين كذبها.
أنواع دلالة الالتزام: 1- اللزوم غير البين: توقف الجزم به على إقامة برهان آخر، كالتلازم بين شكل المثلث، وزواياه المساوية لقائمتين، وهذا يحتاج إلى برهان لتصديق العقل له، فهو دليل يعضده البرهان.
2- اللزوم البين بالمعنى الأعم: ويتوقف إدراكه على النظر في كلتا المقدمتين، كدلالة الممكن على الحدوث، ودلالة واجب الوجود على أنه قديم، وهذا لا يحتاج إلى برهان سوى المحاكمة العقلية.
3- اللزوم البين بالمعنى الأخص: كدلالة سيارة الإسعاف على المريض، والأنين على المرض، والصوت في الظلام على الكائن الحي، وهو أقوى الدلالات.
المسلك الثاني القياس: (الشرعي): وهو استخراج علة أو سبب الحكم، ثم تلمسه فيما قد يشبهه من المجهولات الحكم، فإذا وجد اشتراك المعلوم الحكم، مع مجهول الحكم، في علة واحدة، قيس المجهول على المعلوم، في حكمه، بناءً على مبدأين عقليين: الأول: قانون العلية: أن لكل معلول علة وأثر مؤثر. والثاني: قانون التناسق والنظام في العالم، والقياس ينقدح منهما بالاستقراء، وهو شرط لكلا برهاني التلازم والقياس.
والاستقراء: بتتبع ما ادعي أنه علة لأمر، فتجدها لا تنفك عن معلولها، اطراداً وانعكاساً، وأنها مؤثرة بيقين، بأن تكون منضبطة واضحة غير مضطربة. فإن تدانت عن هذا المستوى اليقيني، لا تصلح في الاعتقادات، وإنما تصلح في المعاملات والشرعيات، لأنها تكون ظنية، منضبطة، ملائمة اجتهادياً.
مثال: وجود الناس في مكان يستدعي وجود الماء، لأن حياتهم لا تقوم بدونه (يقين)، وليس العكس: فإن وجود الماء، ليس علة لوجود الناس بالضرورة، لعدم حاجته إليهم في الوجود ( فوجودهم ظن).
مثال: دلالة كل ما فيه صنعة على وجود صانع، لأن المعلول لا ينفك عن علته، استقرائياً، لما لا يمكن إخضاعه للتجربة والمشاهدة، وهذا يؤكد إقامة الحكم العقدي عند المسلمين على أساس اليقين، وغيرها من الأحكام والحقائق، والوقائع، فهي تخضع للبحث الاحتمالي الاستقرائي السديد، وهذا هو أساس المنهج العلمي عند المسلمين.
منهج البحث عند الغربيين:
1- منهج تمحيص النقول والأخبار: ليس لدى الغرب منهج علمي للتأكد من صحة النقول والأخبار، سوى عمق الملاحظة والاستنتاج الفكري القائم على الوجدان والخيال، للتأكد من الآثار والروايات المنقولة عبرها، دون أي اتصال بصاحب الخبر وتسلسل رواته وصدق النقل، وصدق الراوي، فهذه أمور لا يعرفها الغرب، لأنها أخبارهم منقطعة أولاً، وجهد البحث عن صدقها مكلف ليس وراءه دافع قوي مادي أو معنوي، لتحمل مشاقه للوصول إلى الحقيقة وصدق الأخبار، فاستعاضوا عنها بما ذكرنا، من التوهم والظن، مع ما لهذا الأمر من أهمية في المنهجية، ومعرفة الحقائق، وهذا لا يغني عن الحق شيئاً، بينما توافر للمسلمين في منهج التحديث والرواية،
التي تدفع أحدهم - لإيمانه بالله ورسوله – إدراكه لأهمية التثبت من حديث واحد أن يقطع الفيافي والقفار من بلد إلى آخر ليلتقي براوٍ لهذا الحديث، على رغم حفظه له، ليزداد سنده متانة وتأكيداً.
ولنضرب مثلاً لذلك (بظاهرة الوحي) في حياة النبي ص: والمسلك الذي سلكه علماء الإسلام فيها:
1- تحقيق الرواية، وضبط اللفظ والسند: وأجمعوا على صحة الأخبار فيها بطرق كثيرة تجاوزت حد التواتر.
2- الاستقراء التام، الذي وضع علماء الإسلام أمام دليلي: التلازم، وقياس الأولى.
فأوصلت المسلمين إلى الاعتقاد الجازم بأن الوحي، الذي استقبله رسول الله، حقيقة ذاتية مستقلة، خارجة عن تفكيره الشخصي، وشعوره الوجداني، بعيداً عن كسبه وتفكيره.
أما المنهج الذي سلكه الغربيون في ذلك فهو:
1- اعتبار ظاهرة الوحي: حدث مبهم غامض، خلَّفه التاريخ.
2- إعمال الحدس والتخمين في استنتاج ما يمكن تفسير الظاهرة به، من إلهام نفسي، وجهد تفكري، وسلوك تحنثي، أدى إلى الإشراق الروحي بتخيل هذه الظاهرة، بغض النظر عن مصداقيتها، ولهذا اختلفوا في تفسيرها اختلافاً كبيراً، وبعضهم رآها حالة من حالات الصرع انتابت صاحبها فتخيل أنه نبي ورسول.
فأسقطوا الأخبار الصحيحة المتواترة المتعلقة بها، وتجاوزوا منهج الاستقراء بقاعدتيه، التلازم والقياس، فجاز لهم تخيل حياته على أنها متناقضة أوقعت النبي ص في دائرة الادعاء والكذب، مع أنه كان بين الناس معروفاً من قبل أعدائه قبل أصدقائه (بالصادق الأمين)، وفسروا نبوته بأنها نوع من الإلهامات النفسية.
منهج تمحيص الدعاوى العلمية: المنهج العلمي في الدعاوى والفرضيات التي توصل الغرب عبر المنهج التجريبي التأكد من صحتها وتفسيرها، (بالتجربة والمشاهدة) ينطبق على العلوم الطبيعية، التي درسها الغرب في عصر النهضة، ومنها اكتشفت الاكتشافات والاختراعات، بدقة عالية، لكن هذا المنهج لا ينطبق على العلوم الأخرى الإنسانية، لأنها غير قابلة للتجريب، وهي تخضع لمنهج علمي آخر، لا يقوم على المشاهدة، كما هو في علم النفس، وعلم القانون والقضاء، المبني على الأدلة الخبرية والتحليلية والاستدلالية.
وبمقدار تقدم الغرب في منهج العلوم التجريبية، بمقدار ما ابتعدوا عن الموضوعية في المجردات والغيبيات، كلٌ حسب ثقافة مجتمعه، وآرائه وميوله الشخصية، زاعمين العلمية من خلال أدلة استنتاجية موافقة لافتراضاتهم، ونظرياتهم المسبقة، مع تزييف الأدلة التي تناقض استنتاجاتهم تلك، على أن قلة من الباحثين صدقوا في تجردهم البحث بحيادية.
وأوضح من مثَّل المنهج المذكور المفكر الأمريكي (وليم جيمس) في كتابه " البراجماتزم" مقرراً أن اعتقاد الإنسان يستدعي الشعور بالحاجة إليه، واستجابة الإرادة لاستخراج أدلة مؤيدة وموافقة، وهذا يسميه الاتجاه الفكري الحي، في مقابل الاتجاه الفكري الميت وهو: الاعتقاد الذي لا تجد ميلاً في النفس إليه، فتستبعد أدلة امكانيته وصدقه، وإن خالفه علماء آخرون في هذا المنهج، إلا أنهم لم يبعدوا كثيراً عن طريقته وأسلوبه، وهذا يفقد بحوثهم الموضوعية المزعومة، ولهذا تجد أن عقيدتهم الدينية ترتبط بخيوط المصالح الدنيوية، وحياتهم المادية، وهذا ما صرح به المفكر البريطاني (بنتام) بقوله: " يجب أن تكون الديانة موافقة لمقتضى المنفعة، والنظر إليها من جهة الخير السياسي في الأمة، وما عدا ذلك لا يلتفت إليه"، حتى أنهم استهانوا بالعقل الذي يفكر بجدية في الدين، منكرين حججه وبراهينه، ليسلم لهم ما أقروه من قبل، ومن الأمثلة على ذلك:
1- ما نقله غولد زيهر: أن العرب بحثوا إمكانية نكاح العجم نساء العرب في الجنة، لإثبات أن وراء الإسلام قصد السيادة العربية، وهي قصة أعرابي سمعه الأصمعي يسأل عن هذا الأمر، وهي رواية ضعيفة في كتاب الكامل للمبرد. [ ج 2 فصل: الموالي عند العرب].
2- زعم (الويس غردية وغيره) أن عثمان بن عفان  جمع القرآن وقسمه سوراً حسب الطول إلى أقصر سورة، دعوى من غير دليل، كما قال الشاعر:
والدعاوى إن لم تقيموا عليها ........................بينـــــــات أبناؤها أدعياء.
متناسين وغاضين الطرف عن الروايات الثابتة عن رسول الله  أن ذلك مرده إلى ما أخبر به جبريل النبي ، في العرضتين الأخيرتين من آخر رمضان عاشه النبي قبل وفاته ،
3- يقول جب في كتابه " بنية الفكر الديني في الإسلام" : إن إحيائية الأعراف والبيئة العربية القديمة، دفعت محمداً إلى تضمين بعثة في بعثة أخرى، والأولى هي إحياء ما كان عند العرب من شعائر منسوبة إلى إسماعيل عليه السلام، مجتزئاً من كتاب " حجة الله البالغة" للدهلوي، كلاماً مقتطعاً من سياقه، في قوله: " اعلم أنه  بعث بالحنيفية الإسماعيلية، لإقامة عوجها وإزالة تحريفها، وإشاعة نورها، لقوله تعالى: (ملة أبيكم إبراهيم) الحج/78، وبهذا يظهر الاستنتاج المقصود في التحريف والاجتزاء بنية غير سليمة، ومع الأسف فإن بعض مفكري الإسلام المحدثين أعجبوا بهؤلاء، بعد أن تتلمزوا على أيديهم، وإن لم يوافقوهم في كل ما ادعوه، من مثل (عبد الرحمن البدوي)، الذي وصف مناهج الغربيين ( بالعلمية)، ووصف مناهج علماء الإسلام (بالاعتقادي).
العامل الرئيس في إخفاق مناهج البحث الغربية:
موقفهم من المسيحية بين ( متدينين)، وجدوا فيها ضمانة الوصايا الأخلاقية، مع ما فيها من انحرافات يأباها العقل، فأنكروا الرضوخ إليه من أجل اعتقاداتهم، فهم بحق (الاعتقاديين)، وآخرين (جاحدين) أنكروا على الدين أن يكون فيه ما يخالف العقل، فانحازوا للعقل، دون استخدامه فيما هو صحيح من الدين الحق، في المسيحية أو غيره، فأنكروا الأديان كلها، قياساً من غير دليل ثابت، وتبعهم من أبناء جلدتنا من تتلمذ عليهم، فحكموا على إسلامهم بنفس الطريقة التي حكم أساتذتهم على مسيحيتهم، مع أن علماء الإسلام وفقوا إلى منهج مغاير، يحكمه العقل المجرد، والعلمية المنهجية، وهذا ما قام برصده العالم الكبير ابن تيمية في كتابه الرائع " درء تناقض العقل والنقل" .
ثانياً- ما الذي أحوج الإنسان إلى العقيدة الصحيحة
عن الكون والحياة والتزام مقتضياتها
سؤال يسأله الجاهل: ما حاجة الله إلى معرفتنا به وعبادته المكلفة؟
مع أن السؤال خطأ محض، لأن الله لا حاجة له إلى معرفتنا به وعبادتنا له، إلا أن الحقيقة الواضحة تقتضي منا أن نعرف من خلقنا، ولم خلقنا؟ ولم سخر لنا الكون بأسره نعمِّر به أنفسَنا والأرضَ التي نقيم عليها؟، وما حقه علينا؟ وما جزاؤنا إن أدينا حقه علينا؟
الإنسان مجهز بأخطر الصفات والملكات: العقل وما يتفرع عنه من علم وفهم وإدراك، وأنانية تدفعه للتملك والسيطرة، وعزة للعظمة والجاه، وعواطف وأشواق للحب أو الكراهية، من أجل تسخير الكون وعمار الحياة، وهذه أسلحة ذات حدين، تستعمل لخير الإنسان وسعادته، أو لشره وشقائه، واعتبرها الله أمانة لديه، يشارك واهبها في مسماها، على ضآلتها لدى الإنسان، وهنا مكمن الخطر في انحرافه عن مقتضياتها، فيظلم نفسه والاخرين، وهذا ما يفسر صراع الناس والأمم، إذا انحرفوا عن منهج الله ورسالاته.
الدين الحق هو اللجام الذي يقي الإنسان خطورة الصفات الإنسانية: الذي يبين له العقيدة والتصور الصحيح للإنسان والكون والحياة والمصير، يهديه إليه عقله وفكره، ورسل الله الذين يبلغونه رسالات الله وهديه، حتى يستقيم في سلوكه، فلا يطغى على أحد، ولا يسلم أن يطغى عليه أحد، وهذه هي حقيقة الحرية التي وهبها الله لأبيه آدم وذريته من بعده، ولولا الدين لما عرف الناس هدف حياتهم، ولا عرفوا الفضائل التي ينبغي أن تحكم تصرفاتهم، قال تعالى: ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) 56/ الذاريات.
ثالثاً- موقع العقيدة في البنية الإسلامية
بنية الإسلام ثلاث: العقيدة – والتشريع – والأخلاق.
1- العقيدة الصحيحة: أساس الدين منذ خلق الله آدم عليه السلام، إلى بعثة خاتم الأنبياء محمد ، وهي الإيمان بوجود الله، ووحدانيته، والإيمان باليوم الآخر والحساب، ومسماه الإسلام لدى جميع الأنبياء والرسل، وأن كلمة (الأديان السماوية) خطأ محض، لأن الدين عند الله واحد، وهو الإسلام، لأنه من قبيل الأخبار الغيبية، والخبر لا يحتمل التغيير، قال تعالى: ( إن الدين عند الله الإسلام)، أما التشريع فهو متعدد بتعدد الأزمنة والمراحل إجمالاً، لأنه من قبيل الإنشاء، ولأنه مرتبط بمقتضيات مصالح العباد واختلافها عصراً بعد عصر، تنقسم إلى ما هو ثابت كالقيم، وما هو متبدل كالأحكام والمعاملات لتبدل تصرفات الناس وظروفهم وتطور حياتهم،
القسم الأول: الإلهيات.
أولاً- وجود الله عز وجل:
لتتعرف على حقيقة الكون، لا بد من أن تعرف خالقه  أولاً، والطريق إلى ذلك دعوى تتعلق من العلم بجانب لا يخضع للتجربة والمشاهدة، والسبيل إلى ذلك من طريقين:
أ- طريق التدرج من الأعلى: ولنبدأ بالحقائق البدهية: التي لا تحتاج إلى برهان، والتي تدلنا بعد الإقرار بها على وجود الله ، وهي:
1- برهان بطلان الرجحان بدون مرجح: وهو بقاء الشيء على حاله، حتى يؤثر فيه مؤثر آخر فيغيره ويبدله،
[ كالماء لا يتبخر إلا إذا تعرض لحرارة أو هواء ...الخ]، وأن الأشياء في أذهاننا تتصف بأحد الأوصاف الثلاثة: الوجوب – الاستحالة – الإمكان، الأول ما يحيل العقل عدمه، والثاني: ما يحيل العقل وجوده، والثالث: ما لا يحيل العقل وجوده ولا عدمه، وكوننا الذي نراه بما فيه، من عالم الممكنات: التي لا يترتب على عدمه أي محال، فوجودنا ووجوده ليس ضرورياً، ولهذا لا بد وهو قابل للوجود وقابل للعدم، من مؤثر ينقله من العدم إلى الوجود، بقوة خارجة عنه مؤثرة في إيجاده، وهي الله الخالق سبحانه.
فإن قيل أنه وجد من نفسه، يبطله القانون أعلاه، وهو الرجحان بدون مرجح، والدليل أن للكون عمراً يذكره العلماء، وينسبونه إلى (الانفجار الكبير) فمن فجَّره ونقله من العدم إلى الوجود ثم الانفجار الكبير؟ سوى الله.
وإذا قلت أن العالم قديم أزلي لا موجد له، يبطله الآتي:
2- برهان بطلان التسلسل: وهو بطلان أن المخلوقات أو الموجودات متوالدة عن بعضها إلى ما لا نهاية، بحيث كل موجود مسبَّب بما هو قبله، ومسبِّب لما هو بعده، إلى ما لا نهاية ولا بداية، دون أن يسبق ذلك سبب واجب الوجود، يمنح الموجودات عللها وأسبابها، وهذا محال عقلاً بالقانون المذكور أعلاه. لأنها من الممكنات، وليس من الواجبات الوجود.
مثال: [ ورد أو شجرة عند جارك سألته من أين أتيت بها؟ فقال: شتلة من جاري، سألت جاره فأخبرك أنه من جار آخر، إلى آخر وآخر، فهل يمكن بقاء الأجوبة على هذا الحال إلى ما لا نهاية، فإنك لا تقبل ذلك عقلاً وفطرة، حتى تحصل على بداية لها من خالقها، لأنها ليست واجبة الوجود، بدليل أن العالم كله لم يكن إلا كتلة الانفجار الكبير الذي ليس فيه حياة ولا نبات، فمن أوجدها بعد ذلك، العقل يسلم بأنه الله الذي خلق الحياة بعد الانفجار الكبير، لبطلان التسلسل الأبدي، وأنه منقوض بالحس والمشاهدة، والدليل انقراض الديناصورات، وكيف تنقرض إذا كانت هي علة تامة لوجود ما بعدها، مع أنها انقرضت ولم تعد علة لأحد. فبطل بها التسلسل.
3- برهان بطلان الدور: أن يتوقف وجود الشيء وتطوره، على شيء آخر في داخله، وهذا الشيء الآخر متوقف في وجوده على الشيء الأول قبله، وهذا باطل عقلاً بالفطرة، حسب القانون المذكور، أي أن الأشياء توجد بعضها بعضاً من غير مؤثر خارجي.
مثال ذلك: أراد احدهم الانتساب إلى كلية التربية، فقيل له عليك أن تكون موظفاً في التدريس، فلما ذهب إلى التربية ليتوظف مدرساً، قالوا له: ينبغي أن تكون متخرجاً من كلية التربية، فكل من الجهتين تحيل إلى الأخرى، وهذا لا يمكن ان يتحقق لبطلان قانون الدور فطرة، كما نقول: إن وجود الدجاج متوقف على وجود البيض، ووجود البيض متوقف على وجود الدجاج، ولا حل آخر إلا بعامل خارجي يفك طوق هذا الدور، ويخلق أحدهما بدون الآخر، وهو هنا الله الخالق سبحانه.
والهروب إلى مصطلحات غامضة: كالتفاعل الذاتي، والطبيعة، والبقاء للأصلح، لا يفسر وجود العالم والمفاهيم اللغوية تأتي بعد وجود الحقائق، وليست الحقائق نتاج المفاهيم اللغوية، والقول بحدوث العالم طفرة بدون علة تحدثه، يستلزم الرجحان بدون مرجح، وهذا باطل عقلاً وعلماً.
والقول بقدم العالم، يستلزم تسلسل الممكنات إلى ما لانهاية، وهذا باطل عقلاً وعلماً، والقول أن العالم علة نفسه، وأنه أوجد نفسه، بالتطور والتفاعل، بدون مؤثر خارجي، كأنك تقول أن الشيء فاعل ومفعول، وحادث ومحدث، وصانع ومصنوع، يبطله قانون بطلان الدور.
فلم يبقى لدينا عقلاً سوى الإقرار بأن العالم أوجده موجد مستقل بذاته، لا يحتاج إلى علة وجود لأنه واجب الوجود، ولولاه لما كان لشيء أي كيان أو وجود، وهو الله الخالق الأزلي سبحانه وتعالى.
قانون العلية أو " العلة الغائية": أو دليل الحكمة والنظام الكوني:
1- لو تفحصت أجزاء أي ساعة في العالم، لوجدت أن كل جزء له غاية وعمل يؤديه ليكمل غاية وعمل لجزء آخر، لا يتم عمله إلا بجزء وعمل آخر، إلى أن تكتمل أجزاء الساعة في مواضعها الصحيحة، وآخر قطعة رئيسة تتمم القصد النهائي منها في التحرك لقياس الزمن، حسب المخطط المرسوم لجميع أجزائها، وتدرك أن هناك مدير مخطط لهذه الآلة صناعة ومقاصداً، له مواصفات مهندس ومخترع ساعات.
2- ولو رأيت أحد أبواب مطار ما ينفتح بنفسه عند مرورك، ثم يغلق، ثم يفتح لمرور شخص آخر، فإنك بداهة تعلم أن هناك جهاز لا تراه ولا ترى أجزاءه، وضعه مهندس لتحقيق هذا الغرض، وأنت بمرورك، المؤثر الذي يفعِّل النظام المتحرك في هذا الباب، وكذلك في جميع الآلات والمخترعات، دليل العلة الغائية والحكمة والقصد والنظام في هذه الموجودات، وهذا يدلك على أن ما هو أكبر منها كالسموات والنجوم والأجرام، وجميع العوالم، وراءها علة غائية من وجودها، ومن يكون وضعها إن لم يكن الله القادر الخالق سبحانه؟! ولولا ذلك لحكم العالم الفوضى والفساد المدمر.
وهذه الغائيات تجدها في مقدار الجاذبية، وتجدها في مقدار الأرض وسرعتها، وتراها في الشمس وحجمها وبعدها، وتجدها في تركيب العين والسمع، وتجدها في تصميم القلب والشرايين، وتجدها في أعمال الرئتين والكبد والكليتين، وفي جلدك وظفرك، وفي أصابع يديك ورجليك، ....الخ، وكما أن لكل شيء نظام محكم، فإن للعالم منظم حكيم ولابد عقلاً وفطرة وخبراً من السماء بذلك.
الإلحاد الديالكتيكي: قد تجد أناساً يتهربون من الحقائق العقلية، بفكر مصنع للإنكار والجحود، على يد المتمردين على الإنسانية وقيم الفضيلة، بدوافع موتورة من الحقد والبغضاء والكراهية، فأنكروا وجود الله بنظريات اخترعوها من أجل ذلك:
1- المادية الجدلية: إن من المسلمات العقلية، أن لا يجتمع النقيضان في ذات اللحظة في حيز واحد، كالأبيض والأسود معاً، والمادة الجامدة الموات لا يمكن أن تكون مولدة للحياة وأصل الأحياء من نفسها وبذاتها، وهذا لا يُعقَل، ولا دليل عليه، وإذا افترض أن لا تناقض بين الجماد والحياة، فلماذا يعتبرون المادة أصل الحياة، من غير دليل علمي، ولديهم أكبر المعامل والمختبرات العلمية، ومع ذلك لم نجد في الأرض كلها من أخرج من المواد الكيماوية بالمعمل خلية حية واحدة، ولهذا القول بان الحياة انبثقت من المادة عبر الزمن دون مرجح، تجديف على العلم، وقول من غير برهان.
كيف وقد اعترف علماء الأرض، بما فيهم أنجلز زميل ماركس، أن العلم إلى وقتنا الحاضر لم ينجح في إنتاج الهيولى البسيطة، فضلاً عن خلية واحدة حية، من العناصر الكيميائية، وأكد ذلك اجتماع ستة علماء أحياء، كبار، عالميين في 1959م في نيويورك لبحث المسألة فأقروا بأن سر الحياة لا زال مجهولاً، وقد كان فيهم (الكسندر أوبارين) السوفييتي، الذي بحث المسألة 37 عاماً، ووصل إلى لا شيء، بعد أن كانت فلسفة بلاده تقوم على أن المادة هي كل شيء، ولا شيء غير المادة، فسقطت بذلك الفلسفة المادية للحياة.
2- المادية التاريخية: تفسر الحياة الإنسانية وقيمها ولغاتها وأفكارها ومعارفها، أنها ناشئة عن الوضع الاقتصادي المعلل بتأثير وسائل الإنتاج، ولا وجود للحقائق خارج هذا الإطار، والعالم تحكمه النسبية المتطورة في كل شيء، فالمعارف نتاج الظروف الاقتصادية، وهي تحمل بذور التناقضات التي تحورها إلى الضد، حتى ينتهي الصراع والتناقض أخيراً بزوال الدولة وزوال التناقضات، وزوال الصراعات فيحل السلام المطلق والأمن المطلق، وحينها تكون الشيوعية والمشاعية مهيمنة على الفرد والمجتمع.
والرد على هذا نقول:
1- وسائل الإنتاج التي تعتبرونها سبب كل ظواهر الحياة، موجودة في تاريخ الإنسان والحيوان معاً، فلماذا لم تطور حياة الحيوان فيكون له دين ولغة وقيم، مثل الذي للإنسان، طالما أن كل شيء أصله مادي اقتصادي.
2- قانون الدياليكتيك: الذي يفترض وجود التناقض مع التغير والتطور في الحياة من حالة إلى نقيضها، فلماذا أوقفتم فعل هذا القانون أخيراً؟ في آخر صور الاشتراكية، ولم تقروا بما سلمتم به من بذرة النقيض في كل شيء إلى النهاية، حتى بما هو نقيض الشيوعية.
3- لو صح أن تضخم رأس المال عند البرجوازيين بسبب الازدهار الاقتصادي، هو الذي يؤدي إلى ثورة العمال (البروليتاريا) على مستغليهم، لقامت الثورة في سويسرا وأمريكا وأوروبا، بينما هي قامت في روسيا والصين، وكان الاقتصاد ضعيفاً، وهذا عكس النظرية وما توقعه مختلقها.
4- إن فرضية الديالكتيك تستلزم القول بأن العقل ونشاطاته الفكرية انعكاس لوسائل الإنتاج والصراع الاقتصادي، وأن الحقائق المطلقة أمور نسبية، ولو صح هذا لحكمنا على نظريتكم بأنها امر نسبي لا حقيقة ثابتة لها.
والجواب على هذا كله نقول: ما هو علة التطور الاجتماعي؟ إذا لم يكن الاقتصاد هو الأساس؟
خاصة أن العامل الاقتصادي حكم حياة الإنسان والحيوان معاً، فلم يحرك فيه تعبيراً ولا تفكيراً، وبقي هو كما هو آلاف السنين إلى يومنا هذا، على اعتبار أنكم تقولون بأن محرك العقل والفكر المادة والاقتصاد، فما الذي طور دماغ الإنسان ولم يطور دماغ الحيوان، وهما في نظريتكم نتاج المادة والاقتصاد.
الجواب: أن الفكر حقيقة مستقلة عن الاقتصاد والمادة، تنزلت ووهبت للإنسان من خالقه.
ب- طريق التدرج من الأدنى: بالنظر إلى مسألة ما وتحليل حقيقتها، فإذا انكشف أمرها، نظرنا إلى مسألة جديدة أخرى متعلقة بها، فإذا تحققنا منها، انكشف لنا أمر آخر متعلق بها، إلى أن توصلنا إلى مسألة ليس وراءها مسألة أخرى، فإذا انكشفت لنا توقفنا عندها ولم نعد نسأل عن شيء آخر سوى القيام بواجبات ما يستحق علينا تجاه المصدر الأخير.
نحن أمام كتاب اسمه القرآن، ولدى التحقيق نعلم بأنه وصل إلينا بروايات (أخبار) بالتواتر، الذي يستحيل معه عقلاً الكذب والبطلان، وأنه نزل على محمد بن عبد الله، في القرن السادس الميلادي، في الجزيرة العربية، ووصلنا عن طريقه بروايات (خبرية) متواترة، وأنه أخبرنا (بالتواتر) أنه تلقاه وحياً من الله بواسطة جبريل عليه السلام.
فإذا تحققنا من صدق كلا الأمرين، ولا بد من التصديق، لأننا إن كذبنا هذا فلا يمكن عقلاً أن نصدق أي خبر تاريخي أو جغرافي، في العالم بأسره، لأن كثيراً من الأخبار التاريخية والوقائع الجغرافية، نحن نصدق بها تماماً بيقين عن طريق الروايات المتواترة، وإلا لانعدم التصديق بأي خبر أو علم، مهما أذاعه الناس أو العلماء.
وجميع الناس على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم، يصدقون الأطباء ويذهبون إلى التداوي لديهم، دون أن يتأكدوا من ادعاءاتهم بالعلم الطبي المتخصصين فيه، بناءً على شهاداتهم وأخبار الناس عنهم، مكتفين ببعض من جرب التطبب لديهم، أو الثناء عليهم، وهذا التصديق عقلي خبري تطمئن إليه نفوس أغلب الناس، واختيار الناس يكون بناءًا على الأكثر شهرة، وأعلى شهادة.
فإذا صدقنا بالقرآن والنبوة، نشأ منهما مسألة علمية جديدة هي ( ظاهرة الوحي).
والتحقق من ظاهرة الوحي، لا تعتمد على الخبر وسنده، وليست حقيقة محسوسة مشاهدة تخضع للتجربة العلمية، وإنما هي حقيقة عقلية مجردة، تخضع لبرهاني: اللزوم البين، والقياس اليقيني، القائمين على الاستقراء التام، وهذا سنبحثه في قسم النبوات.
فإذا تأكدت هذه الحقائق الثلاث: عن القرآن والرسول والوحي، لم يكن أمام المرء سوى الإيمان بالله الخالق الآمر الناهي سبحانه وتعالى، وطاعته فيما أمر ونهى.
ثانياً- صفات الله تعالى:
صفات كمال مطلق، وتنزه عن صفات النقصان، وهذا مقام ألوهيته تعالى، وهي عشرين صفة رئيسة، مقسمة إلى أربعة أقسام:
آ- الصفة النفسية: (الوجود): وهي وجود ذاته تعالى: وثبت لدينا ذلك من خلال البراهين العقلية السابقة، كما بينا فيما ذكرناه.
الوجود الكامل والوجود الناقص: الوجود الكامل ذاتي، والوجود الناقص تبعي، والله سبحانه ذاتي الوجود، وأزلي الوجود، ولا يقبل العدم، وما عداه وجوده ناقص وتبعي، ومشروط، وأي تعمق في وجود الله يوقع الإنسان في متاهات الخيال، لأن حقيقة وجوده لا تخضع لقوانين القياس والتجربة والإحاطة، لأن العقل البشري ليس مؤهلاً لإدراك أو إحاطة العلم بالله تعالىز
والعقل وما يملكه من قوانين الإدراك، ثبت لديه أن وجود الممكنات يستند إلى واجب الوجود، المتصف بما ذكرنا، وأنها غيره ومستقلة عنه، وبالتالي لا مفر من الإيمان بذاته سبحانه.
ب- الصفات السلبية: كثيرة وهي إذا كانت في الخلائق على الضد ممكنة وموجودة، لنقص الخلائق، فهي في الخالق معدومة لكماله سبحانه، ويجمعها خمس صفات.
1- (الوحدانية): وهي أنه واحد لا أجزاء فيه مركب منها، في علم أو قدرة أو صفة، فليس في ذاته أجزاء، ولا أفراد ولا أعداد، لأن هذا من مستلزمات الحوادث، وذلك باطل في حقه تعالى.
2- (القـِدَم): لأنه لو كان مسبوقاً بالعدم، لاحتاج إلى مؤثر في وجوده، ويكون هو القديم، وهذا محال، وإذا كان هذا السابق معدوماً ثم أوجده موجد سابق عليه، إلى ما لا نهاية، فنقع في قانون التسلسل الذي حكمنا ببطلانه عقلاً، بالبرهان العلمي الذي ذكرناه أول الكتاب، فإذا لم نهضم إدراك القدم في التصور، لأننا عقولنا مكيفة على التصورات المحسوسة، من الحواس، وليس لنا القدرة على الإحاطة بالمخلوقات، فضلاً على الإحاطة بخالقها سبحانه، المنزه عن المشابهة بشيء. فنحن يسهل علينا تصور كمال رحمته، وعدله، لأننا نتطلع إليها بعقولنا وأحاسيسنا، لكن يصعب تصور قدمه، لأننا محدثين محدودي التصور والقدرات، ولهذا يقول الفلاسفة: " عدم تصور وجود الشيء، لا يستلزم عدم وجوده في الواقع".
3- (البقاء): لا يُعقَل في ذات الله واجب الوجود القديم، العدم، لأن العدم صفة الحوادث والمخلوقات، لأن لها بداية ولها نهاية، والأزلية والبقائية من صفات الخالق سبحانه، هو الأول وهو الآخر، من غير بداية ولا نهاية، وإلا فيكن حادثاً سبقه العدم، وهذا ليس بالذي يمنح المعدوم الوجود والخلق، ويصعب على العقل الحادث البشري، أن يحيط بهذه الصفة، أو أن يتخيلها، وإن جزم بها وآمن لزوم صحة أحكامه على الخلق والكون وفهم نفسه والحياة.
4- (القيام بالذات): صفة لله وحده، وهي أنه لا يحتاج إلى شيء من الزمان أو المكان، لأنه خالقهما، وكل مخلوق يحتاج إليهما، وإذا صعب علينا فهم تنزه وجود الله عن الزمان والمكان، لأن كياننا – نحن المخلوقين- قائم عليهما، ولا ينفك عنهما، ونحن مع كل ما وصلنا إليه من علوم الأرض، لا يستطيع عالم الأعصاب والدماغ تصور عقله، وهو الذي يعالج أمراض الدماغ، ولو استطاع لتدخل فيه وجعله أكبر عقل بين البشر، وهذا غير ممكن ولا موجود، لعجز الإنسان عن فهم كنه روحه، أو فهم كنه عقله، إلا ما يكشفه الله لنا بمجاهداتنا وتعلمنا جزئياً وليس كلياً، وهذا معنى ما أخبرنا به الله ليريحنا من عناء الشطط في التفكر، بوجوب ( إيماننا بالغيب) لنتفرغ لفهم عالم الشهادة، وهذا هو الفرق بين المؤمن والملحد.
5- (المخالفة للحوادث): يثبتها العقل والنقل معاً، إذ الألوهية منافاة التشبه والمماثلة للمخلوقية، وإلا لما كانت ألوهية، (ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير) الشورى/11، وقوله تعالى: (ولم يكن له كفواً أحد) والكفؤ والمماثل واحد، وصفات العلم والقدرة والإرادة والإدراك، منح ربانية محدودة للإنسان بمقتضى التكريم له ليعمر الكون، ويعبد الله من خلالها، والفرق بينها وبين صفات الله، أنها محدودة وغير ذاتية، وقابلة للسلب بالجنون والمرض والجهل والانحراف.
ج- صفات المعاني والصفات المعنوية:
1- صفات المعاني: وهي صفات كمال كثيرة، تجتمع في سبع صفات رئيسة:
أ- ذكر هذه الصفات وبيان معنى كل منها ودليله:
1- (العلم): صفة أزلية قائمة بذاته غير مؤثرة في المعلوم إلا إذا توجهت إرادته إلى ذلك.
2- (الإرادة): صفة أزلية قائمة بذاته تعالى، تخصص ما يجوز على الممكنات من وجود أو عدم أو تكيُّف.
3- (القدرة): صفة أزلية قائمة بذاته، يوجد بها الممكن أو يعدمه أو يكيفه، في وقت أو مكان أو ظرف يريده.
4- (السمع): صفة أزلية لله، يدرك بها أصوات كل شيء لا عن طريق أصوات مخلوقيه، بكيفية لا نعلمها.
5- (البصر): صفة أزلية قائمة بذاته، يدرك بها وجود وصور وأفعال مخلوقاته، ظاهراً وباطناً، بكيفية لا نعلمها.
6- (الكلام): صفة أزلية قائمة بذاته، بها يأمر وينهى ويخبر، كما هو موحى بالكتب الثلاث السماوية، بكيفية لا نعلمها.
استغلال الكيد الصليبي لهذه المسألة: وممن أثار الشك والبلبلة في هذا الأمر بعض المستشرقين والقساوسة، في حوارهم المسلمين عن طبيعة عيسى الإلهية على زعمهم، مستشهدين بقوله تعالى: ( إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ) 171/النساء، ليتوصلوا إلى القول أن كلمة الله غير مخلوقة، وبالتالي عيسى غير مخلوق، فهو إله من الإله، وهذا مغالطة كبيرة، لأن كلمة الله تنسب إليه، أما عيسى فينسب إلى أمه والبشر، حادث مخلوق في زمان ومكان، وكلمة الله قائمة به في الأزل، وإنما وصلنا خبرها حين إنجازها وتحققها، وهذا ينطبق على جميع ما خلق الله في الزمان والمكان، بكلمة كن، لكن متعلقها المخلوق لا يرتبط بها قياماً أزلياً ذاتياً، كما هي كلمة كن، فأمر الله منفصل عن النتيجة المأمور بها، فالأمر قديم بذات الله، والنتيجة حادثة، ولا نعلم كيف والكيفية لهذا الحدوث؟.
7- (الحياة): صفة أزلية قائمة بذاته تعالى: ولا يتصور صفات الله السابقة إلا بمن فيه حياة كاملة، حتى يهب الحياة للمخلوقات، عقلاً وفطرة ومنطقاً، وأخبرنا الله بذلك في كتبه، وعن طريق رسله.
2- الصفات المعنوية: هي نتائج صفات المعاني، والأحكام المترتبة عليها، كونه: مريداً، سميعاً، بصيراً، متكلماً، حياً، وهي قائمة بذاته كأسماء له تعالى لما اتصف به من الصفات السالفة الذكر.
3- بيان متعلق كل صفة من هذه الصفات:
القسم الأول: فيتعلق بالواجبات والممكنات والمستحيلات: في صفتي العلم والكلام، تعلق دلالة وبيان وأمر ونهي، وعلمه كشف للحقائق على ما خلقها عليه دون تأثير فيها.
القسم الثاني: فيتعلق بالممكنات فقط: في صفتي الإرادة والقدرة، على وجه التخصيص والتأثير كالإيجاد والإعدام، لأن الواجب لا يمكن إعدامه، والمستحيل لا يمكن إيجاده، لأن في ذلك يقع التناقض.
تعلق الإرادة والقدرة بالممكنات وحدها لا يعني العجز: إرادة الله لا تتوجه إلى إيجاد المستحيل، (إله مثله)، لأن هذا ليس بإله، كونه سبقه عدم، وهذا لا يحد من إرادة الله ولا يسمه بالعجز، لأن الله؛ وصف الكمال له وحده، ويستحيل أن تتوجه إرادته إلى ذلك الناقص، لأن ذلك يناقض الوحدانية، وطبيعة السؤال هنا نوع من الهذيان!
كمن يسأل هل يستطيع الله أن يخلق محالاً؟ نقول: السؤال هنا ليس على قدرة الله، وإنما على وجود المحال، والمحال يبقى محالاً، لأنه وهم في ذهن السائل، ونوع من الهذيان!.
القسم الثالث: صفات الله من السمع والبصر، تتعلقان بالموجودات، وليس بالمعدومات، يسمعها ويبصرها.
القسم الرابع: صفة الحياة لله تعالى، لا تعلق لها بشيء لأنها قائمة بذاته وحده، سوى تعلقها بصفاته المذكورة.
ثالثاً- ما يترتب على هذه الصفات
من الحقائق الاعتقادية
1- تنزيه الله تعالى عن أضداد صفاته وعن سائر النقائص
الصفات الكاملة لله تعالى، يقتضي تنزهه عن نقصها وأضدادها، ولا يشبهها شيء مما خلقه في عباده، مما له نفس التسمية، فهذا إكرام من الله وليس مساواة معه.
المتشابه من آيات الصفات، وموقف السلف والخلف منها: بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تنسب إلى الله المشابهة مع خلقه، في نسبة الأعضاء إليه، كاليد والأصابع والسمع والعين والبصر، لكن الله في القرآن بين لنا كيفية فهمنا لهذه الآيات، من خلال آيات محكمة جامعة واضحة كلية، نضعها أساس لتفسير وفهم المتشابه، كقوله تعالى: ( ليس كمثله شيء) وقوله: ( ..ولم يكن له كفواً أحد )، وقوله: ( هو الذي أنزل عليك الكتاب، منه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ، فيتبعون ما تشابه منه، ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله..) 7/ آل عمران، فعلينا أن نرد ونقيد المتشابه منه بالمحكم، فينتفي الإشكال، ويكون تشبيه صوري لفظي لا فعلي كما هو في أذهاننا عن المشابهة مع خلقه، لتقريب فهمنا من المراد الذي لا يمكننا الإحاطة به بالكلية، لقصورنا ومحدودية قدراتنا.
القاسم المشترك بين فريقين:
- مذهب السلف: لم يخوضوا في تفسير أو تأويل المتشابه، بل أمرُّوها وأقروا بها بلا كيف، على ماهي عليه، مع تنزيه الله عن مشابهة خلقه، وإثبات ما نسبه إلى نفسه، على نحو ما يليق بكمال الله وجلاله.
- مذهب الخلف: تأويل هذه النصوص بما يليق بذات الله من التنزه عن مماثلة المخلوقات، استناداً إلى الاستعارات والتشبيهات والمجازات اللغوية، التي هي من أساليب العرب اللغوية، واستناداً إلى الآيات المحكمة التي ذكرناها في الفقرة السابقة، مع الإقرار الكامل بكمال صفات الله تعالى، حيث اتفق واجمع الفريقان على تنزيه الله عن مشابهة أحد من خلقه، حيث التقى الفريقان في هذه النقطة، فأصبح الخلاف لفظياً فحسب.
2- نفي العلة الغائية عن أفعاله 
تعريف العلة الغائية: هي الغرض الذي يسبق الوسائل لتحققه بعد إيجادها، شعور الإنسان بالحاجة للدفء، يوجهه أن يلبس الصوف، أو يشعل النار، فيتحقق له الغرض المراد، فهي ذهنية ابتداءً، وحسياً انتهاءً.
أولاً- صفة إرادة الله تامة كاملة حرة، منزهة عن الأغراض السببية أو الواسطية، لقدرته على فعل ما يريد دون مباشرة دون وسائط، فهو لا ينزل المطر بغرض إنبات الزرع، لقدرته على إيجاده دون مطر، وإلا كان إنزاله لإيجاده اضطراراً، وهذا منافٍ لإرادته وقدرته المطلقة.
ثانياً- صفة قدرة الله تامة كاملة كذلك، ليخلق ما يشاء كما يشاء، دون أن يحتاج إلى أي شيء.
النصوص الموهمة لثبوت العلل والأغراض: لا تفهم على ظاهرها، إلا كما يليق به سبحانه من التنزه عن الأغراض والحاجة إلى شيء من أجل تحقيق شيء آخر، لأنه كامل الإرادة وكامل القدرة، ولا يحتاج إلى سبب من أجل سبب آخر، ولام التعليل في الآيات، لام جعلية، وليست لام تعليلية، بمعنى، أنه بمشيئته المطلقة عن الأسباب، جعل بين مخلوقاته أسباب لنقص فيهم، وليست لحاجة لديه، أو غاية قاهرة.
الفرق بين ثبوت نظام العلية في المخلوقات، وانتفائه عن أفعال الله:
الكون قائم بأمر الله وقدرته وإرادته على نظام العلية، بين الخلائق، وليس بينه وبينها، لاحتياج الخلائق، وعدم احتياجه، لأنه خالق جميع الأسباب دون احتياج إليها، هذا لا يعني نفي الحكمة والمصالح عن كل ما خلق الله.
3- لا يجب على الله شيء
والحسن والقبح في الأشياء اعتباري
الحسن والقبح حالان اعتباريان لا موجدان ذاتيان، ولو شاء الله لعكس فجعل القبيح حسناً والحسن قبيحاً بقدرته، بحكمة تكييفه الخلق والأشياء، من خلال توابعها، كما خلق عالم الحيوان بعلاقات وتصرفات غير ما فطرنا وخلقنا على طريقة وقيم وحكم مختلفة، وترتيب الله لوجود الشيء بصورة تسميه قبيح، ولو أراد أن يبدل صورة الشيء نفسه فيجعله ويسميه حسن لفعل، فالأمور بالنسبة لله حكمية حكيمة، وبالنسبة لنا نسبية قدرية كما شاء تعالى ولو شاء غير ذلك لفعل وبدت حكمية حكيمة كذلك.
نتائج ما سبق:
1- الأشياء خالية من الحسن والقبح والنفع والضر: لكن الله صبغها بما أراد من ذلك.
2- الله خالق الضر والنفع الحسن والقبح: في الأشياء بقدرته وإرادته، وخلق فينا ما نشعر به منها أو نتأثر بها على هذه الصورة أو تلك.
3- الكمال والجمال من صفات الخالق: وليس من صفات المخلوق لزوماً، لأن الأصل في الخلق العجز والضعف والنقص، فإذا كان كذلك، فليس مستغرباً أن يكون في الخلق قبحاً وسوء صورة أو سلوك، وما يمنحه الله من نفع أو حسن لبعض مخلوقاته دون بعض، فهذه مشيئته، مع العلم بأن كل أفعال الله حسنة وجميلة، لأنها حكمته، وإرادته، وملكه وملكوته.
4- مصير الإرادة الإنسانية أمام إرادة الله : نوع لا حكم ولا اختيار للإنسان فيها تجاه أحداث الحياة، كولادته وموته، وجوعه وعطشه، مسيَّر مجبر، كباقي الأحياء، ونوع يختاره بإرادته واختياره، لأن الله مكنه من هذا الاختيار، بمنحه الإرادة التي هي محور التكليف والمساءلة، فإرادة الإنسان منطوية تحت إرادة الله، دون إكراه منه تعالى، حكمة إثابة العبد أو معاقبته، وتكرُّم من الله بحرية اختيار العبد لما أراد لإقامة عدل المحاسبة.
5- القضاء والقدر: معناهما ووجوب الإيمان بهما: علم الله بمخلوقاته، وتقديره لكينونتها على ما علم منها وفيها، وجميع أحوالها ابتداءً وانتهاءً، لكمال علمه، وكمال قدرته وإرادته ومشيئته، وهذا لا يعني إكراه وجبر الإنسان على أفعاله التي أعطاه الاختيار فيها، بمقتضى تحميله المسؤولية عنها، فعلم الله بها كشف لا جبر، ومخلوقات الله قسمان:
الأول: مخلوقات لا كسب لأحد فيها، كحركة الأفلاك والجمادات والحيوان، وكثير من وظائف الإنسان غير الاختيارية، في جسده ونومه ويقظته ومرضه وموته، إذ لا حساب عليها ولا مسؤولية عنها، إلا ما كان متسبباً باختياره.
الثاني: مخلوقات اكتسابية اختيارية، كطعامه وشرابه وعبادته وطاعته أو عصيانه، وهذه ذات وجهين: الأول أن الله خلق كل حيثياتها خارجاً عنا وعن اختيارنا، فإذا أقبلنا على فعلها واختيارها، كان منا الكسب المؤدي إلى تحمل المسؤولية عن هذا الاختيار، لأن الله يخلقنا ويخلق أفعالنا وشروط تحققها، متوقفة التنفيذ على إرادة الاختيار منا، فيخلق الله الفعل خارج اختيارنا، فإذا اخترناه بمحض إرادتنا، تحقق بأمر الله وقدرته، ويحاسبنا الله على اختيارنا وكسبنا، لأنه بإرادتنا كسباً، وبقدرة الله وجوداً، ولا يحاسبنا إلا على قصدنا واختيارنا وكسبنا، وهذا ما يفعله القضاة في دنيانا في جميع دول العالم، وتكررت كلمة ( الكسب) في القرآن مرات عديدة.
الإرادة الإنسانية خاضعة لألطاف الله ومقته: مع ما منح الله عباده من حرية الإرادة والاختيار، لكن مع ذلك يعين الله الإنسان الخيِّر على الخير، ويعين الإنسان الشرير على الشر، لطفاً منه وتكرماً، وهذا له أسبابه الكسبية غير الظاهرة للناس، تلطفاً منه سبحانه وتكرماً، وقد تجد أشر الناس ظاهراً، في لحظة ما يهديه الله ويزيده هداً، فينقلب إلى صف الصالحين، وقد تجد أصلح الناس ظاهراً، في لحظة ما يضله الله ويزيده ضلالاً، فينقلب إلى صف الطالحين الأشرار، ( ألم يكن إبليس جليس الملائكة) من كان من الملائكة يظن أن جليسهم هذا سيكون من أشر عباد الله، ( كان الكبر والحسد بذوراً في أعماقه، ظهرت بخلق الله لآدم )، فطرده ولعنه، فألطاف الله ينالها من أخلص لله ظاهراً وباطناً، ويحرمها من عصا الله ظاهراً أو باطناً، وكثير من الآيات بينت هذه الألطاف والحقائق، قال تعالى: ( يهدي به الله من اتبع رضوانه..)16/المائدة.
رابعاً- رؤية الله تعالى
الجانب الأول: ذهبت المعتزلة إلى أن العقل لا يجيز رؤية العباد ربهم مطلقاً، واستحالة ذلك: لأن الله ليس جسماً ولا تحده جهة، والعين أقل من أن تتمكن من ذلك لأنها مخلوقة والله رب الكائنات أكبر من أن يراه مخلوق.
وذهب أهل السنة والجماعة إلى إمكانية ذلك، بقدرة الله على خلق عين الرائي يوم القيامة بما يمكنه من رؤيته، كما أخبر في القرآن والحديث.
الجانب الثاني: هل هناك أدلة خبرية سمعية تدل على إمكانية الرؤية؟ استشهد المعتزلة بقوله تعالى: ( رب أرني أنظر إليك، قال لن تراني..) 143/الأعراف، وقوله: ( لا تدركه الأبصار..) 103/الأنعام، على عدم الرؤية، واستشهد مخالفوهم وهم جمهور المسلمين، بقوله: ( وجوه يومئذٍ ناضرة، إلى ربها ناظرة) 22/ القيامة، على إمكانية الرؤية، ورد الجمهور على حجج المعتزلة بردود قوية مؤيدة.
الجانب الثالث: هل ثبتت الرؤية لأحد في الدنيا؟: أنكرت عائشة أم المؤمنين حدوث ذلك، ولا لرسول الله ، واستشهدت بقوله تعالى: ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب )51/ الشورى، وأثبتها جمهور الصحابة برأي عبد الله بن عباس،  ، مستشهداً بقوله: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) 60/ الإسراء، وأحاديث كثيرة معها.
القسم الثاني: النبوات
ما من عاقل إلا ويدرك أن هذا العالم والكون وراءه قوة خارقة عظيمة أوجدته ونظمته وتسيِّره، ولولا ذلك النظام المحكم منذ آلاف السنين، لانتهى العالم بالفوضى ودمَّرت جميع أجرامه ومكوناته، منذ زمن بعيد، ولهذا قال تعالى: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون )115/ المؤمنون، وبعد هذا الإقرار بالحقيقة الكبرى، وأن الخالق المدبر وهبك عقلاً عظيماً للفهم والإدراك، ومكنك من تسخير الكون والتصرف فيه، لا بد من التساؤل عن وظيفتك في هذا العالم والحياة، ولا يهديك ويرشدك إليها مثل أنبياء الله ورسله، المبعوثون من قبل الله إلى عباده (الإنسان) المدرك لهذه الحقائق، والذي أعطي قوة التصرف في هذا الكون العظيم، ولهذا سنبحث هنا معنى النبوة والرسالة ووظائفها والأدلة على ذلك.
اولاً- معنى النبوة الرسالة: النبوة من النبأ (الخبر) من الله إلى نبيه وحياً، ثم إلى عباده بالقص والحكاية والإخبار، بينما الرسالة تكليف من المرسل (الله) إلى رسوله (برسالة) إلى الناس، ( بالتبليغ)، ففيها ثلاثة عناصر: مُرسِل - ورسُول - ومرسل إليه.
التعريف: " إنسان أوحى الله إليه بواسطة جبريل، أن يبلغ الناس أو فئة منهم من قبل الله، فإذا لم يؤمر بالبلاغ فهو نبي". والوحي الثابت هو ملك (جبريل) مكلف بأن يبلغ الرسول أو النبي برسالة الله المتضمنة أوامره ونواهيه وكلامه إليه، لينقله بعد ذلك إلى الناس، وتفسير الوحي بغير هذه الصورة، واعتبارها تفكر وتأمل وتحنث من الرسول النبي، إنما يراد له قطع العلاقة بين الله والرول، ومن ثم قطع العلاقة بين الله والناس، لينصرف الناس عن تقدير رسالة الله وتنفيذ ما فيها، ليوقعوهم في الضلال والفساد والإلحاد، ولهذا يؤكد ظاهرة الوحي الخبر الثابت المتواتر في القرآن والحديث والسيرة والتاريخ، وبالكيفية التي بدأ بها وتكرر بها، وما رافق ذلك من قرآن، وأخبار، وتاريخ، وحديث، وتأكيد هذا جاء على لسان زوجته خديجة، وابن عمها ورقة ابن نوفل، وقبيلة النبي وعشيرته، في الجدالات الحاصلة بسبب ظاهرة الوحي تلك ومستلزماتها الرسالية، ومن أدلة إثبات الوحي بالإضافة إلى ما ذكر:
1- التمييز الواضح بين القرآن وكتابته فوراً، والحديث الذي ينقله لأصحابه يحفظوه، ويمنعهم من كتابته.
2- يُسأل النبي أسئلة فلا يجيب عليها حتى ينزل قرآناً يجيب السائلين، وربما عوتب في القرآن.
3- كان الرسول  أمياً، والأمي لا يمكنه سرد قصص تاريخية معروفة لدى الأمم الأخرى وبالتفصيل.
4- لا يعقل لمن كان مشهوراً في قومه بالصدق أربعين سنة، أن يقع منه غير ذلك في مثل هذه الرسالة الإلهية.
ويأتينا الخبر المتواتر بما كان يأتي النبي من وحي بالرسالة والقرآن والسنة، الذي ستحيل على العقل إنكاره، ولدينا رسالات سابقة عليه لدى أمم أخرى مجاورة وبعيدة، تاكد ما نزل عليه .
وطريقة نزول الوحي عليه أول مرة وثانيها وثالثها، وخوفه وتدثره واستغرابه وتساؤله عن ذلك، بشهادة زوجته سيدة نساء قريش خديجة، أكبر دليل على أن الأمر ليس من بنات أفكاره ولا من مؤهلاته، ولا من تطلعاته، وسيرته الطويلة إلى وفاته، أحداثها الكثيرة تؤكد ذلك بما يقطع دابر أي شك يوسوس به جاهل أو متكبر أو مغرور.
ثانياً- الأنبياء الذين بعثهم الله ، والإيمان بهم: بعد أن أيقنا بوجود الله تعالى بالبرهان العلمي والعقلي، وأنه أوحى إلى نبيه محمد الخاتم، بالقرآن الذي سنثبت إعجازه والبرهان على أنه كلام الله، لا بد من معرفة الأمور التالية:
1- أن أول أنبياء الله هو أول إنسان خلقه الله، آدم عليه السلام، إذ أمر بتعليم أبنائه وذريته عبادة الله وطاعته.
2- أن آخر نبي خاتم الأنبياء محمد رسول الله، أنزلت عليه آخر رسالة إلهية وآخر كتاب منزل.
3- ذكر الله في القرآن خمسة وعشرين نبياً مرسلاً بأسمائهم، وأشار إلى غيرهم دون ذكر أو تفصيل، قال تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) 24/ فاطر، وذكر البعض أن عددهم 124 ألفاً أو يزيد، والإيمان بهم جملة واجب.
4- الفرق بين الأنبياء جميعاً ونبوة نبينا محمد ، أنه بعث إلى الناس كافة، وحفظت رسالته بالقرآن أبداً.
5- الأنبياء جميعاً يستحقوا التكريم نفسه للجميع دون تفريق، مع حفظ مقام نبينا الخاتم ومن فضله الله تكريماً.
6- الإيمان بالكتب المنزلة إجمالاً، ونؤمن بما ذكر منها بالاسم والأمة والنبي الذي أنزل عليه، مع اليقين بأنها ضاعت وحرفت وبدلت، ولم تعد حجة لأحكام الله، خاصة أنها نسخت بنزول القرآن آخر الكتب السماوية.
7- القرآن الكريم والوحي الأخير لا نسخ له ولا تبديل، لأنه ثابت إلى آخر الحياة الدنيا للناس جميعاً.
ثالثاً- الصفات الضرورية للأنبياء:
1- الذكورة: لم يكلف الله بنبوة ولا رسالة ( نبي – رسول ) أنثى، على الإطلاق، لأن الله لطف بالأنثى من التكاليف التي فيها مشقة، سوى الحمل والإنجاب.
2- الأمانة: وهي صدق القول والعمل، ظاهراً وباطناً، لأنهم قدوة في ذلك لبني البشر، فهم معصومون عن الكذب والخيانة، خاصة فيما يتعلق بالشرائع والتبليغ.
3- العصمة من الذنوب: كالكفر والكبائر، قبل البعثة وأثناءها، وأما الصغائر غير المخلة بالمروءة؛ فمحل خلاف، وهذا بخلاف الخطأ في الاجتهاد، لأنه تكليف ببذل الجهد المأجور عليه مع الخطأ، لكن الوحي يصوب الخطأ، ولا يبقيه عليه، بمقتضى البشرية والسلوك الإنساني، تعليماً للعباد.
4- كمال العقل والضبط والعدالة: لأنها من مستلزمات أداء رسالة الله، كما ينبغي لها، وإلا وقع الشك وهذا محال على الله أن يأمر ويرشد عباده عن طريق أنبيائه ورسله؛ بما هو محل شك، ولذا كانوا أفضل خلق الله.
وما عدا ذلك فهم كالبشر في الجوع والعطش والمرض والألم والشوق والحب والبغض ....الخ.
أمر زواج النبي وخصوصيته فيه: اختص النبي بخصوصيات من دون الناس، وهي أن الله أمره بزواج من تزوج من النساء، بوحي الأحاديث المذكورة في ذلك، وأباح له هذا العدد من الزوجات – كما ذكر في القرآن.
ومنعه الله من أخذ الصدقات والزكاة، ومنعه من أن يورث المال لأهله، وزواجاته لحكم كثيرة، وأما زواجه من زينب طليقة متبناه زيد، كانت بأمر من الله لإبطال عادة التبني في العرب، وإبطال اعتبارهم زوجة المتبنى كالإبنة.
رابعاً- المعجزات النبوية:
- تعريف: "كل أمر خارق للعادة، يؤيد الله به نبي أو رسول عند تحدي المنكرين له، ليبين صدق دعواه".
وهي لا تخالف العقل والإمكان، لأن الكون بما فيه معجز، فإذا كانت من رجل صالح أو نبي من غير ادعاء ولا تحدي فهي كرامة، أو تأييد، ويجب الإيمان بذلك، لأن الله قادر على كل شيء، وما من نبي إلا وأيد بمعجزات.
- معجزات سيدنا محمد : وأولها وأعظمها (القرآن الكريم): الباقي على مر الزمن، الناطق بنبوته أبداً، وبقاؤه شاهد على استمرار رسالته للناس جميعاً إلى يوم القيامة.
وفيه: ذكر المغيبات قبل وقوعها، في عدد من آياته، وذكر تشريعات صالحة للناس والعصور كلها، وفيه من النظم الاجتماعية التي لا تخطر على بال عالم ولا مشرع، وفيه قصص عن الأمم والملل السابقة أدق تفصيلاً مما يعرفه أصحابها وذويها، وفيه بلاغة عربية معجزة، لا تشبه شعرهم ولا نثرهم، ومع ذلك يسمعه الأمي ويقرؤه العالم والقائد والتاجر والمزارع والصغير والكبير والمرأة والطفل، فيستوعب منه فهماً محكماً مناسباً له، ويفسر للعجمي فيعجب من قوة بلاغته، وهو لا يعرف العربية ولا البلاغة، وهذا هو الإعجاز، وتحداهم القرآن أن يأتوا بمثله ولو سورة واحدة، وكل يوم يتكشف سر إعجاز علمي جديد في العلوم سبق القرآن إلى الإخبار به جملة بينة، وهو كثير إلى درجة إقامة مؤتمرات علمية إعجازية عن القرآن يصرح عقبها بعض المحاضرين الأجانب، بأن هذا الذي يذكره القرآن ليس قول وعلم بشر، فيعلنون إسلامهم.
معجزات النبي الأخرى: رحلة الإسراء والمعراج – إنشقاق القمر له - ونبع الماء بين أصابعه – تكلم الشاة المشوية المسمومة له – تكثير التمر والطعام له أكثر من مرة – وغيرها من المعجزات الكثيرة الثابتة بمشاهدات وروايات ثابتة صحيحة مسندة.
وأراد اللورد لويد (المندوب السامي ) البريطاني في مصر زعزعة عقيدة المسلمين، ليستقر لهم السيطرة في احتلال بلاد المسلمبن، فعمد إلى تغيير قادة علماء الأزهر، وتنصيب المنبهرين بحضارة الغرب، ليغيروا مناهجه، التي تخرج – على زعمه – " من يحملون قدراً عظيماً من غرور التعصب الديني" فسارع المفتونون بتطبيق خطته الإصلاحية في الأزهر، بإنكار جميع معجزات النبي ، والإبقاء على معجزة القرآن فقط، وكتب الشيخ محمد عبده المعروف بالإصلاحي، تفسيراً للنبوة والرسالة مقطوعة الصلة بالوحي والسماء، وهذا ما صرح به شيخ الأزهر " مصطفى المراغي" استجابة لطلبات وخطة دهاء الاحتلال الإنجليزي، لهدم الإسلام بالتدريج.
المعجزة في ميزان العلم:
العلم بمعناه الخاص والمعجزة: لا اختصاص له في ذلك، وهو ليس من موضوعاته، لأنها لا تخضع للتجربة والمشاهدة الحية، مع أن العلم بطريقة تفسير وجود الكون أقر بوجود الله الخالق سبحانه، بالاستقراء التام والاستنتاج، لكنه يجعل ذلك جانباً، ويعود إلى إنكار المعجزات، حسب رؤيته العلمية المبتورة، (التجريب فقط).
والعلم بمعناه العام والمعجزة: يقول الفيلسوف مالبرانش: " إنما نرى توالي الحادثات ولا نرى الرابط الذي يربط أحد الطرفين بالآخر، لكونها شيئاً إلهياً لا يوجد مثله في المخلوق"، ويقول العالم الإنجليزي: وليم جونز: " القدرة التي خلقت العالم، لا تعجز عن حذف شيء منه، أو إضافة شيء إليه، ومن السهل أن يقال عنه غير متصور عند العقل، ولكن الذي يقال عنه إنه غير متصور، ليس غير متصور إلى درجة وجود العالم".
وعلى هذا الاعتبار نعلم أن كل مظاهر الكون وأجرامها وحركاتها معجزات خفت الانبهار بها بالاعتياد، ولهذا اختارت الإذاعة الإسرائيلية رمضان 1968م كتاب حسين هيكل في السيرة النبوية، لقراءة مقاطع منه، لأنه كتبه بطريق الغربيين في النظر إلى " الإسلام الإصلاحي" الذي يرضي الغرب وأعداء الإسلام إمعاناً في التحريف للقضاء على عظمته في نفوس أتباعه بالتدريج.
المعجزة في ميزان الدين والقرآن: ذكر القرآن بعضاً من معجزات النبي الكبرى كحدث الإسراء والمعراج، وانشقاق القمر، ونصرة المسلمين بالملائكة في معركة بدر، وأنكر على المشركين طلباتهم الاستهزائية بالمعجزات، ونحن نصدق علمياً إخبارياً بشروط توثيق الأخبار الصحيحة، التي يصل بعضها ومجملها إلى حد التواتر، الذي يكفر جاحده، ويستهين بعقله ناكره، وما لم يصل حد التواتر في خبره، لا يكفر ناكره.
خامساً- النبوة لا تأتي عن طريق الكسب: قال تعالى: ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) 124/الأنعام، وإثبات الألوهية وأن الكون من صنعه، أعظم برهان على النبوة، [ وهذا ما نراه في عالم الكيانات الاجتماعية في الدول والأمم والجماعات، حيث يمثل أعلى سلطة فيها ( كرئيس وزعيم وشيخ ) ممثل عنه يرسله إلى الناس والدول والكيانات لتقديم وجهة نظره ورسالته إليها) أفيستكثروا على الله أن يبتعث رسولاً لتحقيق غرض مماثل، وهو الإبلاغ عن رسالة الله إليهم لينقذهم من الضلال والنار! وأن لا أحد يستطيع أن يقوم بهذا الدور من غير إذنه تعالى.
خاتمة
في الفرق بين الإسلام والإيمان
فالإسلام هو إعلان الاستسلام الظاهري لله وشريعته الخاتمة، ويعبر عنها باللسان وأعمال الجوارح، أما الإيمان فهو الإقرار القلبي والتصديق بالباطن لله وشريعته الخاتمة، ويعبر عن ذلك بجزم النية والقصد في الذهن والفكر، ولهذا يمكن أن يقال عن الإسلام عمل، وعن الإيمان نية وتصديق.
القسم الثالث: الكونيـــــات
بعد أن انتهينا من الألوهية، والنبوة، نأتي إلى الموجودات الكونية، وهي:
أولاً- الإنسان:
أ- الإنسان أفضل المخلوقات وأشرفها: وثبت ذلك بدليلين: الخبر الصادق – وبرهان العقل الواضح.
- الخبر الصادق: قوله تعالى: ( ولقد كرمنا بني آدم..)70/الإسراء، واستثنى البعض الملائكة، في الأفضلية.
- برهان العقل: 1- وهي أن النفس البشرية أودع فيها قوى لا توجد في أيٍ من المخلوقات وهي العقل والعلم،
2- تسخير الكون وأجرامه وما فيه للإنسان، وخدمة الإنسان وسيطرته. 3- الصفات التي وهبها الإنسان كالعلم والتملك والإرادة والسيطرة والتحكم، وهي في ذات الله اتم وأسمى.
ب- خلق من تراب وأبوه آدم: وإثبات ذلك واضح في الخبر الصادق من القرآن والسنة، قال تعالى: ( خلق الإنسان من صلصال كالفخار ) 14/ الرحمن.
ج- خلق الإنسان في أحسن تقويم: لا يخضع للتجربة لعجز الإنسان عن خلق ذبابة، أو جناحها، أو خلية حية واحدة، كما فعل الروس على مدى 35 عاماً، وقرروا استحالة ذلك، ولهذا كانت المعرفة بخلق آدم المعجز كما هو عليه أبناؤه وذريته من بعده، مما نراه بالتوالد والتكاثر الزواجي، الخبر اليقيني الذي أخبرنا به الله تعالى في القرآن، قال تعالى: ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) 4/التين.
د- ضحد نظرية النشوء والارتقاء: كل ما يقوله أصحاب فرضية النشوء والارتقاء، مجرد افتراض أو نظرية لا برهان ولا دليل علمي مؤكد عليها، خاصة أنها تتعلق بالإنسان الأول الذي خلقه الله من آلاف أو ملايين السنين، بينما خبر السماء عبر الكتب السماوية كلها والقرآن، هي دليل علمي خبري مؤكد بيقينية إثبات صدقية القرآن.
- اللاماركية: لمارك قالت: بأن الظروف الطبيعية والبيئة، تؤثر في وظائف الأعضاء، ومع الزمن تغيرها.
- نقد اللاماركية: بأن التغير إذا كان لفائدة الحيوان فلماذا انقرضت بعضها، بدل أن تتطور، وما يظن أنه تطور في بعض المخلوقات، إنما هو في الصفات الجينية، تنتقل للأحفاد، والرئيس منه لا يتغير مع الظروف، وما ذكر أمر جزئي في وظيفة محدودة، والتغير النوعي الكامل لا دليل عليه حتى الآن.
- الداروينية: عام 1871م في كتابه "أصل الأنواع" فسر كلام الاقتصادي مالتوس، في صراع الناس على الغذاء والموارد، فيبقى الأصلح الذي هو الأقوى، فيكون نوعاً من الاصطفاء، وأن الإنسان حكمت فيه التطورات فارتقى من حيوانات مشابهة، حتى غدا مختلفاً عن الكل.
- نقد الداروينية: 1- الواقع يقول أن البقاء متوفر للصالح وغير الصالح، حتى لأضعف الكائنات.
2- الموت الذي يحصد الأقوياء والضعفاء، والنجاة التي تبقي الأقوياء والضعفاء كذلك لا علاقة لها بالأصلح.
3- القانون الذي استند إليه داروون لا يميز بين الصالح والاصلح والضعيف، لأن الآلية غير انتقائية.
4- يناقض القانون " الطبيعة" على زعمهم، التي أوجدت الضعيف جداً والقوي جداً، فكيف تقضي على مخلوقها؟
5- يعترف دارون بأن التطور الذي أصاب الإنسان لم يفلح به أصله – المزعوم- القرد، وبأنه لا جواب للسؤال.
6- آلاف الحيوانات من العصر الجليدي إلى اليوم لم تتغير بتاتاً، فأين التطور على رغم تبدل الظروف.
7- لا وجود لكائنات متطورة جديدة في طور ما عن القديمة، بل نجد ثبات الأنواع في الماهية، آلاف السنين.
- الداروينية الجديدة: قالت بأن التراكم التطوري يؤدي إلى حدوث طفرة جينية مغيرة مؤثرة، وليس اصطفاء.
- نقد الداروينية الجديدة: بالقول أن الطفرة انتقاصية مع أن التطور استمراري، فالطفرة تنسف فكرة التطور.
- الموقف العلمي: من هذه المسألة " خلق آدم وأطوار خلقه" إما أنه يخضع للبرهان التجريبي، إذا كان الأمر يتعلق بخلق ووجود مادة، وتركيب من مركبات الطبيعة، كما يزعمون، فالمختبر والتجربة هو الحكم، وإذا لم يستطع المختبر والتجريب أن يقدم لنا بصيص ضوء في هذه المسألة، فالتحليلات المسماة علمية، لتطور الكائنات الحية، وغير الحية، إذا لم تتم باستقراء تام، واستنتاجات خالصة، فمعنى ذلك أننا أمام فرضيات لا ترقى لمستوى النظرية، فلا يتبقى أمام العالم الذي يحترم عقله، إلا أن يتوجه إلى السبيل الثاني من سبل العلمية، وهي التحقق الخبري إن وجد، وهذا ما بينه القرآن والسنة، والكتب السماوية الأخرى، في أن الإنسان خلق وسوي على هيته التكريمة، بعقل يعي، ومعرفة علمه الله إياه، وذلك صريح القرآن الثابت بالخبر المتواتر، ولهذا نطوي صفحة التشكك في كيفية خلق آدم، لنتعامل مع الواقع الصادق، لا مع الخيال الخرافي، المجافية للعقل والمنطق والعلم، بغرض نسف الحقائق الدينية لأنها لا تروق للبعض، لصغر عقولهم، أو لتحيزهم ضد أي مقولة تنسب التكريم والاحترام والقدسية للإنسان وغير الإنسان، لعقد في نفوسهم تجاه الدين والمقدس.
قال تعالى: ( ما أشهدتهم خلق السموات والأرض، ولا خلق أنفسهم، وما كنت متخذ المضلين عضداً ) 51/الكهف.
- التدرج بين الأجناس والخلائق: شيء آخر غير فكرة التطور، بتطور كائن إلى كائن آخر، فالتدرج من السنن الربانية، كما ذكر أكثر من عالم مسلم، يقول ابن خلدون: " انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ بالمعادن، ثم النبات، ثم الحيوان، عل هيئة بديعة من التدرج،....ألخ. وأكد هذا ابن مسكويه، في كتابه " الفوز الأصغر" ص90.
ثانياً- الملائكة: من الكونيات، لأن كثير من الأنبياء وهم بشر رأوهم وحتى غير الأنبياء رأوهم بصورة إنسانية، وعلموا بعضهم أمور دينهم، ونصروا بعض المظلومين عياناً، فليس لنا تكذيب الصدق والبرهان الإخباري، وإلا فليس في العالم شيء يمكن أن نصدقه بعد ذلك، - مع تمحيص الخبر بأعلى درجات التمحيص والمصداقية – وقد أخبر وجودهم القرآن والسنة في مواضع كثيرة، واعتبر الإيمان بهم من أركان الإيمان.
صفاتهم: القرآن ذكر بعض صفاتهم: كالعبودية لله، الطاعة التامة لأوامره تعالى، لهم أجنحة، مخلوقون من نور خاص، قدراتهم كبيرة، القدرة على التشكل بشكل إنسان.
وظائفهم: إبلاغ كلام الله وكتبه، حمل العرش، رعاية الجنة، وحراسة النار، مراقبة عباد الله، وتسجيل أعمالهم، حفظ الإنسان وحمايته، قبض الأرواح، مسبحون، ملك الجبال...الخ.
ثالثاً- الجان: يتعلق حديثنا هنا بوجودهم وخلقهم، وهذا ما يثبته الخبر اليقيني الإجمالي في القرآن الكريم، أما غير ذلك من صفاتهم وأدوارهم، فسبيله الخبر الظني وهذا لا يغني من الحق شيئاً، لأنه مجرد استئناس وليس بيقين، ولهذا اختلف العلماء فيه كثيراً، قال تعالى: ( وخلق الجان من مارج من نار ) 15/ الرحمن، والإيمان بوجودهم واجب، وإنكار وجودهم سخف وكفر محض، [ لأن من أنكر نواة الذرة والكتروناتها، وصف بالجاهل، مع أن ملايين الناس والعلماء يموتون ولا يرونها، ويؤمنون بوجودها، لمجرد أنها ذكرت في الكتب المدرسية، ومن لا يؤمن بالله، يهدم كل ما أتى عن طريقه من القرآن والرسول، وحتى العقل، لأن الله مصدر الخلق ومصدر العلم، وهؤلاء الذين يدعون العلمية، هم أول من ينكر نتائجها إذا لم ترق لهم، ولم تتوافق مع هواهم، ومذاهبهم الإلحادية في الحياة، ويتبعهم أبناء جلدتنا المنبهرون تقليداً لهم، مع أن أساتذة هؤلاء من الغربيين، المنكرين لوجودات غيبية كالملائكة والجن، هم من عاد يدعي التواصل مع الأرواح والأشباح من خلال دراسات وهمية، لا يثبتها علم حقيقي، ولا برهان مضطرد، إن يتبعون إلا الظن والتخيلات، وجماعتنا المنبهرين بما في الغرب، يكذبوا إن كذب هؤلاء، ويصدقوا إن صدق هؤلاء، يتبعون جحر الضب ] م. ن. وقد ضرب العرب مثلاً لهؤلاء المتبجحين وهم ليسوا بأهل: " أستٌ في الماء، ورأس في السماء".
رابعاً- قانون السببية في الكون:
أ- استجلاء قانون السببية في الكون وتحليله: من المعلوم احتياج كل المخلوقات إلى غيرها، فالمحتاج إليه يسمى سبباً أو علة، والمقدم إليه ذلك مسبب أو معلول، وهذا واضح بين عالم الإنسان، والنبات، والحيوان، والجماد، ولكن بالتتبع تقل الأسباب، فمن ذلك الشجرة [ وعشرات الأسباب لحياتها، ترجع إلى سبب صغير كبير في آن معاً هو البذرة ] م. ن، ولو أمعنا التدقيق أكثر سنصل إلى سبب مسبب أوحد لكل الأسباب هو الله الخالق واجب الوجود سبحانه.
ب- السببية والممكنات: لو أن السبب حقيقي في التسبيب بمعنى إيجاد وتأثير كلي ذاتي منه، لكانت واجبة الوجود، وهذا غير صحيح بالكلية، لأن الأسباب نفسها حادثة، ومسببة عن غيرها، فليست إلا مسببات نسبية، وروابط لسلسلة مسببات، من فعل الله وحده، هي في الحقيقة روابط أكثر منها مسببات مجردة، وهو ما يسمى بالرابط الشرطي عند بافلوف، وعند الغزالي سماها أسباباً جعلية لا سببية بالمعنى الكامل، أي جعلها الله كذلك.
ج- الحكمة من قانون السببية: هو تحقيق الجعلية للترابط والانسجام والتناسق ليكوِّن النظام الكوني، فيتعلم الناس فهم الأشياء والترقي بها، مما يدل دلالة واضحة على عظمة الله الخالق مسبب الأسباب وخالقها.
د- ما يجب على المسلم اعتقاده: أن الله هو الخالق، وهو مسبب الأسباب، والأسباب مجرد روابط جعليه غير حتمية إلا من خلال الاستقراء، قال تعالى: ( إنما أمره إذا أراد شيئاً، أن يقول له كن فيكون).
وإذا نسبنا السببية والتأثير للسنن والقوانين والمؤثرات، مع علمنا بأن الله هو واضع ذلك وجاعله فيها، فلا حرج ولا تثريب، لأن الله أراد لنا أن نسبر غور المخلوقات لنسخرها، ونستدل منها على عظمة نعم الله علينا من خلالها، لتحقيق العبودية لله أولاً- والتعاون بين الناس ثانياً- وتحقيق الخير والنفع للناس والمحتاجين ثالثاً. وبذلك تتحقق السعادة في الدارين رابعاً.
القسم الرابع: الغيبيات
الغيبيات ما لا يمكن معرفته إلا عن طريق الخبر اليقيني، أما ما يتعلق بالإيمان بالله ورسوله والملائكة والكتب السماوية، فإنها تدرك بالعقل والتفكير، عن طريق الحواس، من خلال البراهين العقلية والاستقراء، أما ما لا يمكن إدراكه بالحواس والعقل، فسبيل الإيمان به الأخبار المؤكدة الصادقة، وهي ما يتعلق بأشراط الساعة والحساب والجنة والنار.
كيف يطبق المنهج العلمي في اعتقاد الغيبيات؟ أمثلة مقربة للفهم: قال لك الطبيب في عيادته: إن كأس الماء الذي في يدك ملوث وغير صالح للشرب، فتكف فوراً عن تناوله، وبلغك عن دائرة الأرصاد الجوية أن خسوفاً سيظهر على سطح القمر، في ليلة معينة ستصدقهم في ذلك لأن المصادر المختصة أخبرت بذلك، أذيع في وسائل الإعلام الرسمية، أن الكهرباء ستقطع في ساعة معينة من يوم محدد، فتأخذ الأهبة وتستعد لذلك.
فلماذا صدقت هؤلاء، وبأي برهان علمي؟ 1- صدقت هذه الأخبار لورودها من جهات مختصة علمياً بذلك، وقامت الأدلة العلمية، على أنهم أهل اختصاص في هذا المجال، 2- يقينك بأن هذه الأخبار صادقة لأنها صادرة عن جهات رسمية تتحمل مسؤوليتها، 3- يتحول الإخبار بما ذكر من خلال مصادر موثوقة، إلى خبر يقيني ولو لم يقع مضمونها بعد لغيابها، وهذا نسميه (أمور غيبية)، وهذا ما يحدث في عقول الشعب عندما يسمعون بوجود عقوبات صارمة بالقانون، لمن يرتكب جنايات وجرائم، مع أنها لم تقع بعد، ولو لم يصدق الناس، لما كان للقانون أي أثر مستقبلي، (غيبي)، وبالطبع من لا يؤمن بالله وقدرته ورسالته وكتبه، يصعب إقناعه بالغيبيات، إلا بعد أن يؤمن بما ذكرنا أولاً، لأن هذا الاعتقاد مبني على ذلك اليقين أصلاً، وهذه الحقائق هي:
أولاً- حقائق تتعلق بالموت: الحقيقة التي لا ينكرها أحد من الناس كائناً من كان، ويخضع للإيمان بها وتصديق مستلزماتها المؤمن والكافر على حد سواء، وهي أمر محسوس ملموس، لكن توابعه في كيفية وقوعه، ومصير من يقع عليه أمره، أثناءه وفيما بعد، هو من الغيب الذي لا يعرف إلا بالأخبار الصادقة من مصادر الصدق اليقينية، في القرآن والأحاديث الصحيحة.
أ- ملك الموت وقبضه الأرواح: الذي يتوفى الأنفس خالقها، وهو الله تعالى، ولحكمته وكل ملكاً مختصاً يقبض الأرواح، حين يجيء أجلها، سمي (ملك الموت)، له أعوان من الملائكة آخرين.
ب- سؤال القبر: يسأل الميت ملكان عن دينه ونبيه وإيمانه، وهذا ثبت بأدلة من الأحاديث الصحيحة بلغت حد التواتر، وذكر القبر للتغليب، والسؤال لكل ميت دفن في القبر، أو لم يدفن.
ج- عذاب القبر ونعيمه: ثابت بالأخبار اليقينية من القرآن، قال تعالى: ( فكيف إذا توفتهم الملائكة، يضربون وجوههم وأدبارهم) 27/محمد، وقوله: (النار يعرضون عليها غدواً وعشياً، ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) 46/غافر، وهذا يسمى البرزخ، ويكون العذاب للروح والجسد، والقول لأحدهما لا دليل عليه.
د- بطلان التناسخ: ينسفه ما ورد من طريقة سل الروح وقبضها من قبل الملائكة المختصين بهذا، وما يتعرض له الميت من أسئلة امتحان الإيمان في القبر، يؤكد أن لا نسخ لحياة الميت، في مخلوق آخر، وإلا لما سئل عن دينه وإسلامه بعد موته الأول، ولما ذكر مقعده من الجنة أو النار كذلك، وهذه خرافات الوثنية والطوطمية.
ثانياً- أشراط الساعة: موعد الساعة غيب مطلق لا يعلمه سوى الله تعالى، يومه تطوى السموات والأرض، وينتهي نظام الكون الحالي، ليبدأ نظام آخر يقام فيه ميزان العدل بين الخلائق، ولهذا مقدمات هي:
العلامات الكبرى: وهي قسمان: الأول منها: ثابت بالخبر المتواتر الذي يؤدي إلى اليقين، والثاني: منقول بالخبر الآحاد، الذي يلزمنا تصديقه، لكن ليس على من أنكره جريرة كبيرة، والقسم الأول:
1- ظهور الدجال: من يهود يدعي الألوهية، وهو أعور بعين واحدة، لديه خوارق، فمن صدقه هلك، يخرج بين الشام والعراق، يمكث أربعين يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم،...يأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فينزل عيسى عليه السلام فيقتله بمدينة اللد من فلسطين، مكتوب على جبهته كافر، وهذا لا سبيل إلى تصديقه سوى الأخبار الصادقة من السنة الشريفة.
2- نزول عيسى ابن مريم: من السماء إلى الأرض، يطبق فيها على الناس الشريعة الخاتمة، قال تعالى: (وإنه لعلم للساعة، فلا تمترن بها)، وحديث الشيخان عن النبي: " والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم، حكماً عدلاً..." وفي حديث حذيفة بن أسيد الغفاري عن النبي: " قال: إنها لن تقوم حتى تروا عشر آيات: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: بالمشرق والمغرب وجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم". ر. مسلم وآخرون، [كتاب التصريح بما تواتر من نزول المسيح، للشيخ محمد أنور شاه الهندي، تحقيق الشيخ أبو غدة.
يمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون.
3- ظهور يأجوج ومأجوج: أقوام من البشر، تنشر الفساد والدمار في الأرض، عند اقتراب الساعة، ذكرت قصتهم في القرآن، وفي الحديث، يمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ماءها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء.." ولا تتحدد الروايات أكثر من ذلك عنهم، سوى أن ظهورهم من علامات الساعة.
4- ظهور دابة الأرض: قبيل الساعة يكلم الناس ويصفهم بالكفر أو الإيمان، قال تعالى: ( أخرجنا لهم دابة من الأرض، تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) 82/ النمل. وذكرتها الأحاديث الثابتة.
5- طلوع الشمس من مغربها: تفردت بذكره السنة الصحيحة، وهناك أحداث حصلت ووقعت فيما يتعلق بالعلامات الصغرى ليوم القيامة.
ثالثاً- يوم القيامة وأحداثه: هي الساعة واللحظة التي ينتهي بها نظام الكون ليستبدل بنظام آخر، هو يوم القيامة الذي فيه يحاسب الناس فيدخل السعداء المؤمنون الجنة، ويستقر الأشقياء الكافرون والعصاة السعير.
كيف تقوم الساعة وتنتهي الحياة: بنفخة صورٍ يصعق فيه المخلوقات، عدا من شاء الله، قال تعالى: (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه، ومن أصدق من الله حديثاً) 87/النساء، وقال: (ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون) 51/ يس. وبين الله أنه جامع لأجزاء الإنسان بعد تفرقها وموته، مرة
ثانية يوم القيامة، ومحييه للحساب، وبيد كل واحد من الناس كتاب أعماله ينطق بكل ما فعل.
هول الموقف وعظائمه: قال تعالى: ( إن زلزلة الساعة شيء عظيم) 1/ الحج، على العصاة، قال تعالى: (لا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة ) وهم السبعة الذين أخبر عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم في ظل الله تعالى، وتوزن أعمال العباد يوم القيامة، فمن رجحت كفة خيره نجا، ومن ثقلت كفة شره، خاب وخسر.
الصراط والاجتياز عليه: جسر فوق جهنم إلى الجنة، يمر منه الناس، فمن تناوشته الكلاليب، سقط في النار، ويتمنى الكفار أي شيء يكون إلا ان يدخلوا النار وأهوالها.
الشفاعة والحوض: رحمة الله بعباده من غير الكفرة، وشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، بتقصير الموقف، وشفاعته لبعض العصاة، وكذلك يأذن الله للأنبياء والشهداء والصالحين بشفاعات من هذا النوع، ومنح الله النبي المقام المحمود، عند الكوثر يشفع لأمته.
الجنة والنار والخلود في كل منهما: وصف الله الجنة ونعيمها والنار وعذابها بأوصاف غاية في الدقة والتفصيل والبيان، لئلا يكون لجاحد مراوغ حجة في إنكار ماديتهما وواقعيتهما المحسوسة، بالإضافة إلى تقديم البشرى بهذا للصالحين، والتحذير والتخويف للفاسدين المفسدين الكافرين، مع بيان حقيقة الخلود فيهما لمن استقر مقامه فيهما، ولم يشمله التطهير والمغفرة من النار بعد ولوجها.

لخصه: محمد نبيل كاظم. 2023م.


أضف رد جديد

العودة إلى ”كتب وكتَّاب“