خلاصة كتاب منهج الحكم في الإسلام

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

خلاصة كتاب منهج الحكم في الإسلام

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

ملخص كتاب
منهج الحكم في الإسلام (محمد أسد) ليبولد فايس
ظهر الكتاب كرسالة لبناء دستور إسلامي عند تأسيس دولة باكستان وانفصالها عن الهند، باللغة الإنجليزية والأردية سنة 1948م، وكان المؤلف حينها رئيساً لدائرة "إحياء النظم الإسلامية" وهي مؤسسة حكومية حديثة للدولة الناشئة، وكانت الحيرة في كتابة دستور للدولة الوليدة باكستان.
وكان هناك وجهتي نظر في ذلك:
الأولى: إقامة دستور إسلامي على الكتاب والسنة، كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسل، لكن بأسلوب قديم، يقدس الحاكم ويهيئ لاستبداده، مع التقاليد الاجتماعية القديمة التي تصر على عزل المرأة تماماً عن الحياة الاجتماعية والسياسية، مع اقتصاد بدائي قائم على حل كل مشاكله عن طريق الزكاة فقط.
والثانية: متحمسة لإقامة دستور إسلامي بالديمقراطيات الغربية، ليس له من الإسلام إلا الاسم، وبند دين الدولة الإسلام، ووزارة للشؤون الدينية.
وكانت مهمتنا تقريب وجهتي النظر إلى دستور إسلامي يناسب العصر الحديث ومعطياته، دون المساس بثوابت الإسلام ومبادئه السامية، فكان هذا الكتاب، ولما رجعنا إلى الكتب القديمة في هذا الباب، وأغلبها من العصر العباسي، وجدنا أن كثير من مشكلات عصرهم مع ما فيها من فقه، حاضرة، وتخص عصرهم ولا تلبي حاجات عصرنا في القرن العشرين.
فالمتقدمين والمتأخرين لم يسعفونا بحلول مناسبة، فآثرنا الرجوع إلى المصادر الأصلية في القرآن والسنة، وهي تسعفنا في رسم خطوط نظرية الإسلام في الحكم، بالإضافة إلى الفقه، وعلم الأصول، وترجمتي الإنجليزية لصحيح البخاري، فالقرآن قدم لي المبادئ الأساسية، أما الفروع فقد استخلصتها من سبعين حديثاً نبوياً، لها علاقة بالمظاهر الاجتماعية والسياسية، حيث استفاد واضعوا دستور باكستان من عملي قليلاً، لكن الأمل أن تجدَّ مستجدات، وتقدَّم أفكار المفكرين لعمل مماثل يهئ لدستور إسلامي يناسب عصرنا الحاضر؛ ويحل مشكلات الشعوب الإسلامية المعاصرة، فكتابي مجرد محاولة في هذا الباب.
قضيتنا- لماذا نريد الدولة الإسلامية؟
إذا كنا نسلم أن كل مظاهر الحياة الطبيعية انبثقت عن إرادة إلهية، فإن القرآن يُجْمِلُ بوضوح الغاية من الخلق، وهي تجاوب المخلوقات مع إرادة الخالق وخضوعها له، وبالنسبة للإنسان هذا الخضوع يسمى إسلاماً، مما يتطلب بداهة تكييف رغباته وسلوكه مع هذا المطلب، فمقاييس الخير والشر ثابتة في الأمر الإلهي، ومتبدلة في المفاهيم البشرية، ولهذا على الإنسان تكييف سلوكه ليكون صواباً مع إرادة الله تعالى، ولا تكفي الأوامر بالنزاهة دون تكييف جميع ألوان الحياة الاجتماعية والسياسية والقانونية مع هذه النزاهة؛ وهذه الأخلاق والقيم، وهذا ما يضمنه نظام الحكم في الإسلام.
إن أهليتنا للحياة وفق تعاليم الإسلام تترتب على استسلامنا لشريعته، والفرد لا يمكن أن يصوغ حياة إسلامية إلا مع صياغة المجتمع المسلم كذلك، والأخوة الإسلامية ينبغي ترجمتها إلى حركة اجتماعية إيجابية من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لماذا لا نرضى بدولة علمانية؟
عدد كبير من المسلمين يرغبون بنهضة على أسس إسلامية، وآخرين منهم مثقفين بثقافة غربية يعتبرون التقدم مرتبط بالعلمانية، وأن اقحام الدين فيه رجعية، متناسين أن هذه المشكلة – عدم التوافق مع الدين مشكلة غربية فقط- حيث استبدلوا الأخلاق بالمصلحة، وهذه تختلف بين الناس والأمم والظروف، فما يراه الرأسمالي غير ما يراه الاشتراكي، ولذا لا نجد في الغرب كله ما يمنع هذه الفوضى؛ أو يرسخ ما يمكن تسميته نظام مستقر، لافتقاد المرجعية المطلقة، التي تحدد ثابت الخير والشر في السلوك الإنساني، لإسعاده بُعَيْدَ اتفاق الأمة على ما هو عدل وظلم في شؤون الناس والحياة، والدِّين وحده يمكنه أن يحقق ذلك.
الدين والأخلاق:
جميع الأديان تعتبر العالم خلقه إله قادر مهيمن؛ وعلى الإنسان أن يكون في حالة توافق روحي مع إرادة الخالق، وافتقاد هذا الشعور عند الغربيين والعلمانيين اغتراراً بالتقدم العلمي؛ ما هو إلا سذاجة في أن تستقر الأمور بالعقل وحده وبالعلم وحده دون دين، لأنهم اصطدموا بمشكلات جديدة لا أجوبة لها في العلم، واكتشف كبار علماؤهم أن هذا الوهم العلماني ليس إلا مجرد أحلام صبيانية، لأن مسائل الأخلاق لا تقع في نطاق العلم بتاتاً، وهي بالتأكيد في نطاق الدين، والدين وحده يعطي الحياة البشرية المعنى، لأن الدولة التي تقوم على الدين تعطي فرصة السعادة للإنسان أكثر مما تعطيه الدولة العلمانية، وبالطبع الدولة الإسلامية تجمع بين تلبية مطالب الروح والمادة معاً، شرط أن تكون معطياتها السياسية مرنة لا جمود فيها.
مجال الشريعة الإسلامية:
نصوص القرآن والسنة تمثل الشريعة الحقيقية الخالدة، ونصوص الأمر والنهي واضحة وما عداها من المباح، واستشهد الكاتب بمقدمة لابن حزم في كتابه المحلى، واستشهد بحديث: « ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيءٍ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم من شيءٍ فدعوه» ر. مسلم.
وما لا يتغير بالزمن فصَّله القرآن تماماً، واجتهادنا ينبغي أن يكون في:
1- ما أوجزت الشريعة فيه دون تفصيل.
2- وضع مبادئ للأمور المباحة حسب الزمن والبيئة؛ وهو المسكوت عنه.
حاجتنا إلى البحث الحر:
التغير يلف حولنا بسرعة، والعالم يريد أن يعرف ما لدينا من دين وشريعة، والتغير سنة متسارعة مرادفة لكلمة الحركة، وهي فرصة ناجعة أو خاسرة للعالم الإسلامي إن لم ينتهزها، ومجاراتنا للغرب يطمس معالم إسلامنا، وعلينا أن ندع الاتكالية العقيمة، ونلتفت إلى بساطة وفطرية الخطاب الإسلامي في أصوله (القرآن والسنة) بصياغة واضحة ملائمة لظروفنا.
المصطلحات والسوابق التاريخية
الخطأ في استعمال المصطلحات الغربية:
مثال: الديمقراطية الغربية اليوم؛ غيرها أول ما نشأت في الإغريق واليونان، وتطورت عنها إلى أن وصلت اليوم إلى ما هو أقرب إلى الإسلام، لكن الإنسان الغربي يعرف هذا، بينما المسلم لا يعرف جذور هذا المصطلح وتطوره، فيُخشى من تقديس ثباته وهو بالأصل ليس كذلك، مما يربك الفكر لدى المتفكر والمفكر، وكثير من المصطلحات الغربية كذلك لها تاريخ، فإذا استخدِمت في بلاد الإسلام، تصبح لها مفاهيم مبهمة وشاذة عند تطبيقها، ومثلها مفهوم الاشتراكية كذلك يحوي الشيء ونقيضه، لما يراد منها في عدالة الاسلام الاجتماعية، ولهذا لا بد من التحرر من المصطلحات الغربية؛ أثناء عرض المبادئ والنظم الإسلامية.
النماذج السياسية في الإسلام:
أخطر من استعمال المصطلحات غير الإسلامية في الدولة الإسلامية الحديثة؛ اتخاذ الدول الاسلامية السابقة نموذجاً لتكراره اليوم، وإن الجمود في النظام السياسي لا يتفق مع ما يتطلبه التطور الاجتماعي الواعي السليم، بما فيه أيام الخلفاء الراشدين، والسبب أن القرآن والسنة لم ينصا على شكل معين ثابت للدولة، مع أن الشكل الدستوري واضح المعالم في القرآن، يناسب الظروف المتغيرة بحسبها، وهو ما نسميه المبادئ العامة، دون التعرض للفروع التطبيقية إلا فيما يناسب هذه المبادئ لكل عصر، وقد طوَّع عمر بن الخطاب  فن الإدارة الفارسي في تنظيم الدواوين؛ بما يشكل فهماً خالصاً لروح الشريعة والقرآن (كأنظمة إدارية).
الاقتداء بالصحابة:
الاقتداء في الارتقاء السلوكي والوجداني والأخلاقي مطلوب، لكنه لا يعني الاقتداء التام باجتهاداتهم الفردية الظرفية، لأنها نابعة من اجتهاد أولاً، ومن ظروف ثانياً، وهذا لا ينسحب على الأمة وأفرادها في جميع الشعوب والأزمان، لأن الوقوف على اجتهاداتهم يبطل مفهوم الاجتهاد ذاته، فيصبح أبدياً كأنه نص قطعي، وهو ما لم يقل به رسول الله، واجتهاداتنا الحالية – تحمل خبرات ثلاثة عشر قرناً للبشرية – قيدها الوحيد أن لا تتعارض مع النصوص القطعية، ولهذا اختلفت أساليب الخلفاء الراشدين في اختيار الحاكم المسلم من عهد وآخر من دولتهم الراشدة، طالما أن المبدأ واحد وهو الاختيار والانتخاب.
حكومة انتخابية وشورية
أهداف الدولة الإسلامية:
إيجاد الجهاز السياسي الذي يحقق وحدة الأمة وتعاون أفرادها كوسيلة لتحقيق الخير والعدل، وإبطال الباطل، لخلق بيئة تتيح لمواطنيها أن يعيشوا روحياً ومادياً في توافق مع فطرة الإسلام، وشرطه ليتحقق ذلك إقامة الأخوة "إنما المؤمنون أخوة" وفي السنة: " المؤمن للمؤمن.." "والمسلم أخ المسلم"، فأبطل الإسلام التعصب للقومية والاعتبارات الأرضية، والشرط الثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لإتاحة أكبر فرصة أن يحظوا بالحرية والأمن والكرامة ونشدان تطوير أنفسهم والتشجيع عليه، وحماية الوطن من العدوان، ونشر رسالة الإسلام في ربوع العالم على أوسع نطاق بالحكمة والحوار البناء.
مبادئ موجهة:
تكتسب الدولة الإسلامية الصفة الشرعية القانونية ب:
1- انفاذ الأحكام الشرعية العامة على محكوميها.
2- إضافة قوانين إدارية تحقق المطلب الأول دون أن تعارض نصاً شرعياً.
3- منح الثقة للحكومة الطائعة لله ورسوله، وسحبها إذا حادت عن ذلك.
4- حصول الحاكم على رضى الشعب عنه بالانتخاب، ليتحقق فيه قول الله: "منكم" وإلا فهو ليس منهم دون رضاهم، وهذا لا يكون من غير انتخاب.
مصدر السيادة في الدولة:
لا شك أن القيم المعنوية للدولة الإسلامية ومنها سيادتها، أثره كبير بعيد المدى في السلوك الاجتماعي، وافتقار المسلمين إلى الروح الوطنية لقرون، أدى لاضطراب القاعدة الروحية والفكرية لدولهم؛ فسَهُل عليهم قبول العسف من حكام مستبدين، لكن هذا لن يدوم بسبب تغيرات العصر الحالي، فلم يعد يسمح باستمرار الاستسلام السلبي للظلم، ولهذا تنادوا اليوم للقول بالسيادة المطلقة للشعب، لكن هذا كذلك فيه خطورة الخروج على أحكام الإسلام، في استبدال انحراف بانحراف معاكس، بينما هو في حقيقته رضا الشعب على قبول الإسلام كشريعة يُحكم بها، فتصبح سيادته مقيدة بالعقيدة، لأن حقيقة الملك هي لله سبحانه، فالمصدر الحقيقي لسيادة الدولة الإسلامية هو المشيئة الإلهية، وسلطة المجتمع أو الشعب أو الأمة بالوكالة، وحبلها بيد الله، والدولة نتيجة لإرادة الشعب، تخضع لإشرافه وتستمد سيادتها من الله، اذا التزمت الشرعية وتطبيق الشريعة.
رئيس الدولة:
هدف الدولة إقامة الشريعة، ولهذا لا يمكن إلا أن يكون رئيسها مسلماً ومخلصاً، لتطبيق تعاليم الإسلام الحنيف، ومخاوف التمييز بين رعاياها على أساس الدين لا معنى له، لأنه واقع لا بد منه للأغلبية، مع حفظ جميع حقوق الأقليات، عدا عن أن يرأسوا على المسلمين، لأن أي نظام له أيديولوجيا لا يعقل أن يضعوا (أيديولوجيتهم) في يد من لا يؤمن بها، لأن هذا أمر طبيعي ونفسي في البشر، سواء كان ديناً أو فكرة أو نظاماً، والقرآن دستورياً حدد ذلك بوضوح في قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) النساء: ٥٩ -فلا يمكن أن نعرِّضَ للخطر الدولة الإسلامية بدعوى تحرر مزوَّر كاذب، والذي يُختار لهذا المنصب، الأتقى، بنص دستوري حديثي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهناك شرطان لاختيار الرئيس، هما: الإسلام، والأتقى، أما شروط مدة الحكم وعزل الرئيس يضعها المجتمع وممثلي الأمة في تفاصيل دستورهم.
مبدأ الشورى:
الشورى وكيفية إنزالها على أرض الواقع، تركها الشارع لاجتهاد المجتهدين والعلماء والأمة في كل عصر، بملاءمة روح الشريعة، وهذا تشير إليه لفظة: (وأمرهم) في القرآن (شورى بينهم)، وهذا يكون بهيئات منتخبة تمثل المجموع لهذا الغرض، (وهو التشريع).
مجلس شورى منتخب:
لا بديل عن الانتخاب العام، وهي الوسيلة الوحيدة حالياً، لكن الخشية من المحسوبيات وشراء الأصوات عن طريق الأحزاب، لكن يمكن وضع بعض القيود لتعرية من يحرص على المنصب، لأن النبي  رفض تولية مثل هذا الشخص، ولكن من يحظى باحترام المجتمع له فرصة الفوز إذا أتيح له ذلك بوعي الأمة.
اختلاف الأراء:
لا بد منه في الطبيعة البشرية، وخاصة في الأمور الاجتهادية، لكن يمكن الاحتياط للتشريعات الخطيرة بأن لا يُقبَل أقل من موافقة ثلثي المجلس، ليكون أقرب إلى الإجماع والغالبية، مع مراعاة أنه يمكن للأقلية أن تكون على صواب أحياناً، والأغلبية على خطأ، لكن لا بديل عن هذا الإجراء لقول النبي : « عليكم بالجماعة والعامة» ر. أحمد، و «اتبعوا السواد الأعظم»، ويمكن تلافي الخطأ بالرجوع عنه إذا كان لنا وسيلة لرصد النتائج والآثار المترتبة على القرار والحكم.
العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية
يجمع بينهما شخص الرئيس والأمير في الإسلام، بينما في الديمقراطيات الغربية الفصل الحاد بينهما يعرقل عمل الإدارات الحكومية في كثير من الأحيان، ولهذا يتميز النظام الإسلامي عنها بأن الفصل بين السلطتين ليس تاماً تماماً، بل هناك خيط جامع بين السلطتين من خلال الأمير والرئيس، مع بقاء مراقبة السلطة التشريعية لأداء السلطة التنفيذية.
تحليل تاريخي:
في عهد الراشدين كان لهم شخصيات تشبه مجالس تشريعية وتشاورية من زعماء وحكماء القبائل، والشخصيات الكبيرة التي لو عرض أمر انتخابها لكانوا هم أنفسهم الممثلين، ولهذا لم يحتاجوا لهذا الإجراء، لأن حياة القبيلة كانت لا زالت مسيطرة، فسد هذا مسد المجلس التشريعي.
وبعد الراشدين خفتَ أثر القبيلة بدرجة ما، فاجتهد العلماء بإعمال الأمر بالشورى حسب القرآن، ولهذا روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن معنى العزم في القرآن فقال: « مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم» وقوله لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما:« لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما» ر. أحمد، لكن لا نكتفي بما كان في عهد الراشدين؛ لأنهم أفذاذ عصرهم، فلا مندوحة اليوم عن الشورية والانتخاب.
السلطة التنفيذية:
لها الإرادة الحرة في تسيير الأمور غير التي يُشرع لها مجلس الشورى، وهي قرارات عاجلة نافذة على ضوء الشريعة والقرآن والسنة.
جهاز الدولة:
يرأسه الأمير أو الرئيس الحاكم، يعاونه الوزراء ليس بطريقة الحكومة البرلمانية الخاضعة لمحاصصات حزبية تعرقل سيادته عليهم، بل بطريقة النظام الرئاسي، حيث يكونوا معاونين له، وهو يختارهم، والمجلس التشريعي مهمته محصورة في الثقة أو سحبها فقط، مع التشريع، وبهذا يكون الأمر في إدارة حكومية موحدة يرأسها الأمير أو الرئيس المنتخب، وهذا الإجراء يسهل استوزار غير المسلم في الوزارة، لأن المسؤولية تقع على الأمير والمجلس ، فيكون دور الوزير غير المسلم موظف تنفيذي فتُحَل مشكلة الأقليات، أما بالطريقة البرلمانية غير الرئاسية فيقع الاعتراض على كونه ولي أمر غير مسلم، ولهذا كانت الطريقة الثانية تحل هذا الاشكال. (النظام الرئاسي).
السلطتان التنفيذية والتشريعية كيف تكمل إحداهما الأخرى؟
يمكن لأعضاء المجلس التشريعي (مجلس الشورى) أن يكوِّنوا لجان متخصصة في مجالها؛ لمعاونة كل وزير حسب الاختصاص، فيتم التكامل بين التنفيذي والتشريعي في هذه الحال.
التحكيم بين السلطتين:
التنفيذية والتشريعية في حال الخلاف المستحكم بينهما، يعود الأمر إلى الله ورسوله، كما أمر القرآن، وهذا يحتاج لجنة محكمين شرعيين وسياسيين في آن معاً، على الحياد من الطرفين، وهذا ما يمكن تسميته (المحكمة العليا) ومهمتها: 1- الفصل في القضايا الشائكة والدستورية، تفصل في النزاع بين الأمير ومجلس الشورى.
2- إبطال أي قانون صدر من الجهتين، يعارض القرآن أو السنة، وهؤلاء يُختاروا من نوابغ القضاة والعلماء، عن طريق المجلس والأمير معاً مسبقاً أثناء تأسيس الدولة، وهؤلاء وظيفتهم محصَّنة مع رواتبهم المجزية، ولا يخضعون لسن تقاعد اعتيادي، ولا سلطان لأحد عليهم، وقراراتهم قطعية ملزمة للدولة والأمة بالأغلبية أو الاجماع، إلا إذا قررت اللجنة الغائها بأحكام أخرى معاكسة لظروف أو اجتهاد مغاير.
الشعب والحكومة
حق الطاعة:
إذا كانت الحكومة شرعية يجب على الجميع طاعتها، ولها أن تفرض على الرعية في أموالها وأبدانها للقيام بواجب حراسة الشريعة أموالاً وجهاداً وأعمالاً مقننة.
مسألة الجهاد:
أسيء فهم الجهاد كثيراً من قبل المسلمين وأعدائهم على السواء، والجهاد المشروع، هو جهاد دفاعي لأنه لحماية سبيل الله، ولا سبيل لله في جهاد إذا كان عدواناً وهذا صريح القرآن، فهو جهاد للغزاة وجهاد للمتمردين إذا كان في الداخل، وعلى غير المسلمين المشاركة أو دفع الجزية، لأنها لحمايتهم وحماية معتقداتهم وبلدهم، باستثناء من لا يكلف بالقتال منهم كالصغار والرهبان والنساء ..الخ.
حدود الطاعة:
حكم الطاعة للسلطة فريضة شرعية، وحدودها الاستطاعة، وكذلك بالمعروف لا مع المعصية، وحدود الطاعة هي أن يكون في محبتهم والتزامهم الشريعة، وإذا تحدت الحكومة الشريعة صراحة تعزل؛ لأن ذلك يعتبر كفراً بواحاً، وفي هذه الحال لا يجوز الخروج الفردي، بل لا بد من المحافظة على وحدة الأمة، ويصدر أمر عزل المخالف؛ عن طريق ممثليه الشرعيين، ولكن حتى في هذه الحال، فإن المجلس التشريعي لا يستطيع ذلك لمحدودية سلطته الدستورية، بينه وبين الحكومة التنفيذية، فيحتاج الأمر إلى قرار من المحكمة العليا، بتأييد المجلس التشريعي، لعزل الحكومة أو الأمير، أو إجراء استفتاء عن طريقها.
حرية الرأي:
مأمور به في القرآن والسنة، للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بصيغة جازمة، قال : « والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ..» ر. الترمذي، وفي حديث آخر: « كلا والله لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم..» ر. أبو داود، وأن الارتباط بين المستوى الاجتماعي المادي والخلقي واضح في المجتمع المسلم، لأن هذا قانون الله من سنن الله في الاتجاهين.
والاجتهاد الفكري للعمل على نهضة المجتمع المسلم فريضة إسلامية على كل فرد مكلف في المجتمع، على شرط أن لا تكون تلك الحرية للانحلال والاستخفاف بالشريعة، وإثارة الشغب أو الاستهتار بالمجتمع وقيمه الإسلامية.
حماية المواطنين:
كما أن من حق الدولة طاعة المواطنين لها، من حق المواطنين على الدولة حمايتهم ورعاية ممتلكاتهم ومصالحهم، ودستور الدولة ينص على هذه الحقوق جميعاً، بما فيها حرمة مساكنهم وخصوصياتهم، ولا يحجر على هذه الحرية والحقوق إلا بأمر القضاء النزيه.
التعليم ومجانيته:
الحقوق المذكورة سابقاً للفرد لا تتحقق بغير وعي وفهم يحققه التعليم لكل الأفراد وبالمجان، لأنه فرض على الدولة لرعاياها، بالحد الأدنى الذي يحقق الغرض.
الضمان الاقتصادي:
مطالبة الدولة رعاياها بالطاعة يقتضي كفالتهم كذلك، وهذا مدلول حديث: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..» وهي في سوية مسؤولية الأبوين عن أولادهم كذلك، وذلك بالحد الكريم، وتسخير الامكانات وإيجاد الفرص، والتعاضد والتعاون والتكافل، لحديث: « كاد الفقر أن يكون كفراً» الجامع الصغير، والأخوة الحقيقية بالعدالة الاجتماعية، وكل هذا كان مطبقاً في زمن الخلفاء الراشدين وزمن عمر، ومقولته قبيل وفاته: " والله لئن بقيت ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو في مكانه" طبقات ابن سعد.
ملاحظة: أجريت تجربة على عهد عمر على 30 شخصاً لمعرفة حاجتهم إلى الطعام اليومية ص165.
الخاتمة
عقبات في الطريق:
الإسلام أكبر من كونه دولة أو دستور أو مجتمع، لأنه نظام متكامل للحياة السعيدة بكل أبعادها.
والتطابق بين الإيمان والعمل لدى الفرد المسلم؛ لا تتم من غير مجتمع متكامل الأركان في النهضة والتنظيم والحركة والحياة، وجهل بعض المسلمين يجعلهم يظنون أن الشيء الكامل التام هو ما يأتي من الغرب المسيحي، وهذا غير صحيح، وذلك لعدم فهمهم عظمة وشمولية واتقان النظام الاسلامي والشريعة الإلهية، وظن بعض المسلمين ممن يتثقفون ويدرسون الإسلام على الأزمان الأخيرة من التخلف أو ما كان عليه الوضع قديماً جداً في أيامه الأولى دون مطابقته وتجديده بما يناسب العصر الحديث يبدون كالغرباء في مجتمعهم الحالي، بسبب تشددهم غير المبني على روح الإسلام وحداثته لكل عصر بما يناسبه، فيما يسمى المحافظون، وهم يحافظون لا على اليقينيات والقطعيات – وهو حق – بل يحافظون على اجتهاديات واجتهادات تناسب الماضي حسب ظروفه، ولا تناسب الحاضر لاختلاف علله وظروفه.
وكلا الفريقين السابقين لا يخدمون الإسلام الحق، فالغرب الصليبي يخشى من قيام الإسلام الجديد، والشرق التقليدي يخشى من قيام الإسلام الجديد، لأنه في زعمهم انحراف عن تقاليد اجتماعية لا علاقة لها بمبادئ القرآن ودستوره، ولا حتى بفهم الراشدين المرن لمقاصد السنة النبوية.
كلمة أخيرة:
لا ينبغي أن نهمل الرجوع إلى المصادر الأساسية للنصوص المتعلقة بحقوق الإنسان وكرامة التزامه بالشريعة، دون إضافات اجتهادية انتهت أزمانها، حتى نخلص إلى أحكام اجتماعية إسلامية خالدة، بغض النظر عن المدارس الاجتهادية والفرق الإسلامية المختلفة، بحيث يكون الجميع أفراداً مسلمين في المجتمع المسلم دون فئوية أو تعصب مذهبي، من خلال وضع موسوعة تشريعية فقهية اجتماعية حديثة.
كيف نضع الموسوعة؟
يجب أن تجمع الموسوعة الأحكام الشرعية العامة، التي على أساسها يمكن تأسيس أمة تعيش إسلامها من خلال:
أولاً- ينتخب مجلس الشورى عدداً من العلماء يمثلون المدارس الفقهية المختلفة، وهم على علم تام عميق بالقرآن والسنة ومقاصد التشريع، لجمع أحكام القرآن والسنة التي ينطبق عليها ما يلي:
1- المعنى اللغوي لكلمة نص.
2- تتضمن أمراً أو نهياً.
3- لها علاقة بالسلوك الاجتماعي.
ثانياً- تحديد الأحاديث الواضحة التي لا إشكال عليها في الرواية أو الدراية، ويكون المراد منها دائم وليس لظرف.
ثالثاً- أن توضع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث عن موضوع ما معاً، في سياق جمعي متكامل لها من القرآن والسنة التي تشرح وتبين بعضها بعضاً.
رابعاً- تجمع اللجنة الأحكام المستخرجة من القرآن والسنة بعد اعتمادها والاتفاق عليها في أبواب خاصة، تعالج مظاهر الحياة الاجتماعية أو السياسية للمسلمين في هذا العصر، وتعمم على مشاهير علماء العالم الإسلامي لإبداء مقترحاتهم ووجهات نظرهم الاجتهادية في المواضيع المنصوص عليها، لاستنباط أحكام معاصرة لها، على أن لا تكون قابلة للاجتهادات الخاصة، وإنما هي عامة تماماً لكل الأمة، ويشكل مجموعها القانون العام للقضاة ومجالس الشورى والأمة كافة والمسلمين.
خامساً- الآراء والاقتراحات من العلماء يستفاد منها في الصياغة النهائية للموسوعة قبل تقديمها لمجلس الشورى لاعتمادها كقانون عام نافذ في البلاد.
نحو آفاق جديدة:
إذا جمعت هذه الأحكام كنظام سياسي اجتماعي واضح لا خلاف عليه، سيصبح من واجب المسلمين جميعاً الثقة بهذه الأحكام والمنظومة المنبثقة عنها، أما الاجتهاد الدائم فهو لن يتوقف، لأنه سيسعى لدوام حركة الحياة الإسلامية والاجتماعية للمسلمين، بحسب تقدم نهضتهم وتجديد صناعة حضارتهم.
إن الأثر الضار الذي يتركه عدم وجود صورة واضحة للأحكام الشرعية القطعية - التي تنظم الحياة الدستورية والسياسية والاجتماعية – كبيراً، وهذا يجعلنا ندور في فلك التيه والحيرة والتردد والضياع والتشتت، وبالطبع سنجد مقاومة من المحافظين على كل قديم، ولديهم تعصب للماضي أو لبعض من يمثله، سيكون حجر عثرة في هذا الطريق، الذي لا بد منه للقيام بالنهضة المطلوبة التي يستحقها المستقبل المشرق للعالم الإسلامي، وكل ذلك لرفعة الإسلام، ولا شيء غير الإسلام العظيم، والسلام.
تلخيص: محمد نبيل كاظم.(صاحب الموقع).


محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

الإسلام السياسي لد. مصطفى محمود

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

تلخيص كتاب الإسلام السياسي والمعركة القادمةد. مصطفى محمودلا تقولوا: الديمقراطية كفر:
الغرب الصليبي الاستعماري استطاع أن يغوينا بعد هيمنته علينا وعلى مقدراتنا بالشيوعية تارة وبالرأسمالية تارة، وبالليبرالية أخرى، في جميع أقطار العالم الإسلامي شرقاً وغرباً، واستخدم كل الوسائل الحديثة في عالم التواصل والاتصال، وخطته في ذلك إقناعنا بالتمسك بالعقيدة دون الشريعة، لك المسجد والتعبد ولهم المدارس والجامعات وسائر القنوات المؤثرة الأخرى، ولئلا تقوم لنا قائمة أوحوا لنا بأن نعتبر الديمقراطية خصماً للإسلام، حتى نخسر معركة التدافع قبل وقوعها، أو قبل توفر وسائلها، مع أن الانتخاب والبيعة والشورى والاجتهاد، وإبداء الرأي هو من صلب الإسلام، والقول بعداء الديمقراطية، يؤدي أن يخسر المسلم حريته ودينه ووطنه وكل مقدراته التي كرمه الله بها، قبل أن يبدأ بأي نهضة ممكنة.
الإسلام السياسي:
حينما يصرح ساسة الغرب بأنهم لا يعادون الإسلام، فهم صادقين إذا كان الإسلام مقصوراً على التعبد والرهبنة والتصوف، لكن الإسلام الذي يشمل إدارة وتوجيه مناحي الحياة الشاملة، فرداً وجماعة ومجتمعا ودولة وحضارة وسياسة واقتصاد، فهم على قلب رجل واحد ضده، وكلما حاول الإسلام الخروج من إطار المسجد قمعوه بوحشية، وربما شاركهم في ذلك أعوانهم من أهل الإسلام، دون أن يجيشوا جيوشهم لتقوم بهذه المهمة، ولا يظن أحد أننا إذا اكتفينا بالصلاة والصوم سنسلم، فإن انحلالهم وشذوذهم يتسلل إلينا من النوافذ ومن تحت الأبواب المغلقة في بيوتنا وشوارعنا.
الفتنة الكبرى:
الأصولية المدعاة بأسماء ورايات متعددة، التي جعلت مجال نشاطها جله في ساحة أهل الإسلام، تناحراً وتشدداً، وصراعاً بل وميليشيات متحاربة في أفغانستان والصومال والعراق وليبيا ونيجريا وسوريا، وفرت للعدو كل ما يطمح إليه من تخريب داخل الصف الإسلامي، حتى غدا صفوفاً واصطفافاً ومدارس ولهجات ومناهج متضاربة متعارضة تحصد أهل الإسلام فكراً ودماءً، وتركنا أعداءنا ينفردون بإخواننا بلداً بلداً، حصاراً ودماراً وإبادة، حتى أكلوا الحشائش والجيف، في البوسنة وغيرها، ونحن نزعم أننا نؤمن بمصطلح القرآن مهاجرين وأنصار.
المستضعفون في الأرض:
المسلمون: الذين أهملوا كلمة أقرأ فهم لا يقرأون، وأهملوا كلمة الإخلاص، فصار لهم آلهة متعددة، من المال والجاه والطواغيت، وأهملوا العمل، مع أنه لا نجاة بغيره، وبهذه الثلاثة أصبحنا كالأيتام على موائد اللئام.
يوم الحشر:
في الدول المحترمة نصيب الفرد من المساحة الخضراء في بلده 25متر مربع، وفي القاهرة نصيبه لا يتعدى 16سنتمر فقط، وهذا يحرمه حتى التنفس، وقس على ذلك كل العشوائيات الأخرى في حق التعليم والغذاء والصحة والسكن والأمان والتقاعد لنعرف كم خدعنا طواغيتنا من أمثال جمال عبد الناصر وصدام حسين والقذافي وغيرهم، ممن أفسدوا الحرث والنسل في البلاد، ولا هم لهم سوى إدعاء الزعامة والبطولة والقائدالخالد المؤبد.
الحقيقة الواضحة كالنهار:
الغرب والشرق يتآمر علينا، بل ويولغ في ذبح أمهاتنا وأخواتنا وأطفالنا وأخواننا، بكل ألوان الأسلحة الفتاكة ويستخدم كل العلوم الحديثة ومكتشفاتها للقضاء على وجودنا، ونحن مع الأسف في مثل هذه السيطرة على وجودنا براً وبحراً وجواً، أول ما يهرع إليه أصوليوننا ومقاتلينا المخترقين إلى العظم، من أعمال النهوض بالإسلام وأهله، هو التشدد والتمظهر وتحويل إسلام العزة والتحرر والعلم إلى إسلام الحدود وقطع الأيدي والرقاب، والعدوان الداخلي بين صفوف المسلمين أنفسهم، وكل الهم تقصير الثوب، وإطالة اللحية، وكبت المسلمات في إجبارهم على النقاب، (في أول تمكين خادع) والتمسك بالهوامش دون الأصول والكليات، وهو تخليص المسلمين في البوسنة والأهواز والعراق ومنيمار والصين وغيرها من الذبح والإبادة الجماعية.
سقوط أمريكا:
سقطت مصداقية أمريكا الحرية وحقوق الإنسان، بصعود اليمين المتطرف الأصولي الصهيو إنجيلي، والعالم اليوم مليء بالأصوليات النازية والفاشية في أغلب الدول الأوربية والأسيوية، والأصولية الإسلامية المزعومة، كثير منها موجه بطرق ملتوية بخيوط غربية وأمريكية للتحكم في نشاذها وطاقتها، لتكون موجهة لهدم الإسلام أكثر من أن تكون طاقتها للعمل على نهضته، وأدخلت إيران على خط الصراع الإسلامي الإسلامي، فكان لها أكبر الأثر في تدمير خمس دول إسلامية وداخل جغرافيتها تكون ست دول ضاعت منها بوصلة الأمن والأمان والتحضر والنهضة الإسلامية المنشودة.
حرب الخليج:
أدارت أمريكا حرب صدام والخليج بدهاء منقطع النظير، أمام غباء واستبداد وجهل عربي منقطع النظير، وحصدت من وراء ذلك تفتيت الأقطار العربية والشعوب الإسلامية، لتكون في حالة من الخدر والإغماء الذي يجعلهم يستقبلون عدوهم المخطط والمنفذ لدمارهم بالأحضان، وهذا ما كسبه الغرب من عملية اقتتالنا وتفرقنا، وجهلنا بمخاطر العدو الحقيقي، إلى درجة أن أصبحت إسرائيل المحتلة لأقدس المقدسات اليوم صديقة وليست عدوة، وتكاليف هذه الحرب والحروب التابعة لها امتصت كل ما في شراييننا من دماء ودراهم، وليس هذا فحسب، بل دفنَّا مع كرامتنا وأموالنا ودمائنا ديننا وعقيدتنا، وأصبحنا نسبح بحمد بوذا وبولس ويسوع وبوش.
الشعارات بدل الأفعال:
شعارات باسم الزعيم، مجانية التعليم، والقناة للتأميم والسد العالي عالي، ولا صوت فوق صوت المعركة، والنتيجة: تكدس الطلاب من غير مقاعد، وتخرج أطباء دون إجراء أي عملية جراحية، وكتب قديمة غير متوفرة، وازدحام الشوارع بحيث يهدر الوقت ما بين الذهاب والعودة من العمل، والقناة لا تطوير فيها ولا تحسين مع عشرات السنين، والسد العالي كاد أن يسده الطمي، والمعركة مع العدو الصهيوني، بعد الزعم بأن الزعيم سيطعمهم لسمك البحر، دمرت كل طائراته في المطارات قبل أن تتحرك على مدارجها، والجيش قتل منه بالآلاف ودفنوا في الصحراء، ووقف الزعيم ليتباكى، ويعلن استقالته، وطابور المصفقين من العمال والموالين المدربين على التصفيق يهتفون لا أيها الزعيم أنت لم تنكسر لأن العدو غرضه ليس الوطن وإنما القيادة الحكيمة المتمثلة بشخصك العظيم الملهم الحي الذي لا ينحني للهزائم، أنت البطل أنت الرئيس... ( بتصرف ).
أضف رد جديد

العودة إلى ”كتب وكتَّاب“