خلاصة كتاب "العبودية المختارة"

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

خلاصة كتاب "العبودية المختارة"

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

بسم الله الرحمن الرحيمملخص كتاب " العبودية المختارة"إتيان دو لا بويَسي " مرافعة قوية ضد الطغيان" ترجمة صالح الأشمر" الحل الإنساني لمشكلة السلطة"تطرح العبودية المختارة مسألة شرعية الحكام الذين يسميهم الكاتب:" أسياداً، أو طغاة" مهما كانت طريقة وصولهم إلى السلطة، سواء بالقوة أو الوراثة أو الانتخاب" وموضوع خضوع الشعوب غير المفهوم لشخص واحد، دفع هذا الفتى لأن يكتب هذه المقالة وهو في السادسة عشرة أو الثامنة عشرة من العمر، عام (1547م) وأصبح كاتباً وقاضياً فرنسياً "وعين مستشاراً في برلمان بوردو، من قبل الملك هنري الثاني، ونشرت عام (1576م) من قبل الكتبة البروتستانت، الذين كانوا يعارضون الملكية المطلقة، وذكر المؤلف فيها أسباب خضوع الناس لشخص لا يملك من القوة إلا ما أعطوه، وهي تصف أحوال الطغاة وحاشيتهم في العهد اليوناني والروماني، وكتب هذه المرافعة، أثناء الحرب الأهلية بين البروتستانت والكاثوليك، والانتفاضات التي قامت في المقاطعات الفرنسية المحرومة، وما تتعرض له من تعسف ضريبي وقمع دموي من قبل القوات الملكية، وتبين أن استمرار الخضوع سببه العادة والاعتياد، وليس الخوف أو قوة الطاغية، ويأتي الدين، يوظفه الطغاة لبقاء تسلطهم، ومعه قلة من المتملقين من الشعب نفسه، يمارس الطغيان بأمر المستبد، باستخدام خمسة منهم مثلاً، يخضعون خمسمائة، والخمسمائة يخضعون خمسة ملايين، حتى يصبح الجميع تحت سياط الجلاد الأول الفرد الواحد، ولهذا تجده في حالة خوف دائم، لو انتبه لها الشعب، لكفوا يده وأنهوا طغيانه بأن لا يمدوه بما يعينه على ظلمهم واستعبادهم.صالح الأشمر.
تقديميوضح الفتى في العبودية المختارة أن موافقة المستَرقِّين، لا قوة الطاغية هي التي تؤسس الطغيان، وإن قبول الشعوب باسترقاقها، المتأتي من رغبتها، ومن أنانيتها، ومن طمعها، هو الذي يتيح لواحد، تعضده شبكة هرمية متضامنة معه، يرضخ لها الجميع، وأن هذه الخصال المذمومة ليس أفضل من الفضائل اللاهوتية – الإحسان- في التخلص منها.
قال أحد أبطال اليونان: " لا أرى خيراً في تعدد الأسياد، كفى سيد واحد، وملك واحد" ومن البؤس الذي ليس كمثله بؤس، هو خضوع المرء لسيد لا يمكن أبداً الاطمئنان إلى صلاحه، لأن بمقدوره دائماً أن يكون شريراً متى أراد، وما تعدد الأسياد إلا مكابدة أقصى البؤس مراراً بعدد هؤلاء الأسياد.أما الآن فكل ما أريده هو أن أفهم كيف أمكن لكثير من الناس، والبلدات، والمدن، والأمم، أن تتحمل أحياناً، وطأة طاغية وحيد، لا يملك من القوة إلا ما أعطوه، ولا قدرة له على أذيتهم إلا بقدر ما أرادوا أن يتحملوا منه، ولا يستطيع أن يوقع بهم مكروهاً، إلا لأنهم يفضلون أن يعانوا منه الأمرين على أن يعارضوه، ومن المحزن أن ترى الملايين من الناس، يخدمون على نحو يرثى له، والنير في أعناقهم، لواحد، من دون أن يكونوا مكرهين على ذلك، يرهبون سطوته، مع أنه يعاملهم معاملة لا إنسانية وبوحشية.
إن نقطة ضعفنا البشرية هي أن يتوجب علينا الخضوع الدائم للقوة، وأن لا نكون نحن الأقوياء، وقد يكون لهذا ما يبرره في حالة خسارة حرب أمام عدو آخر، لكن مع ذلك في هذه الحالة ننتظر حظ أفضل للمستقبل، ومن الطبيعي أن نحب الفضيلة والبطولة، ممن يدافع عنا ويكرمنا، فننقص من راحتنا لراحته، وهذا ما يصنعه الناس مع وجهائهم وحكمائهم، إذا ما خدموا شعوبهم ودافعوا عن كرامتهم، فتكون هذه الامتيازات لها مقابل، أما أن تعطى له ليصنع بهم شراً وبؤساً، ويضطهدهم نساءً وأطفالاً ورجالاً، فلعمري هذا هو البخس والظلم عينه، وأن يجبن واحد أو أربعة عن الدفاع عن أنفسهم أمام واحد يمكننا القول أنهم يفتقدون الشجاعة، أما أن يجبن مئات الآلاف، بل الملايين عن الدفاع عن أنفسهم، أمام واحد يعامل أفضلهم معاملة القن والعبد، هذا لا يمكن تسميته جبناً، هذا يمكن تسميته بعدم الشعور بمعنى الحرية، لأنهم لو كانوا يشعرون بأنهم أحراراً لفعلوا، لأن الشعور بالحرية هي التي تدفع الإنسان أن يسمو بنفسه وقدراته، من أن يُذَل ويُهَان على ملئٍ من الناس.ولا حاجة لمحاربة الطاغية، فهو مهزوم من تلقاء ذاته، إن لم ترضَ البلاد باستعباده لها، كما لا يتعين انتزاع شيء منه، بل يكفي الامتناع عن إعطائه أي شيء، وما من داعٍ لأن تجهد البلاد نفسها لتفعل شيئاً لمصلحتها، شريطة أن لا تفعل شيئاً ضد مصلحتها، فالشعوب إذاً هي التي تسلس القياد لمضطهديها؛ لأنها لو كفت عن خدمته لضمنت خلاصها، إن الشعب يَستَرِق نفسه بنفسه، لأنه قرر أن يتخلى عن حريته، ويكون عبداً باختياره، وكان بإمكانه أن يعيش في ظل قوانين جيدة، وفضل بالرضا والسكوت، أن يُرضِي الطاغية، ولو كنا حينما نرى بؤسه وناره، أن لا نلقي بالحطب عليها لانطفأت من نفسها، والطغاة إذا لم يعطهم الناس شيئاً، ولم يطيعوهم، فمن دون قتال يصبحون عراة ومهزومين.
أيتها الشعوب المسكينة البائسة، المتمسكة بما يضرها ويسلبها خيراتها، بقبول من يُحكِم سيطرته عليكم، ليس له سوى عينين، ويدين، وجسد واحد، ولا يملك أكثر مما يملكه أقل واحد منكم، في مدنكم الكبيرة، وأنتم أعطيتموه ما يدمركم به، كل ما تزرعوه يحصده هو لقتلكم به وسجنكم واستعبادكم به، ثمار، وأبناء يقودهم إلى المجزرة، أنتم تشقون ليرتع هو في مسراته وملذاته، تضعفون أنفسكم ليزداد قوة عليكم، أوقفوا عونه سترون أنفسكم أحراراً بعدها، طاعة الوالدين نداء الطبيعة، والعقل يتعهدنا بالفضائل، والطبيعة وزيرة الله وحاضنة البشر جعلتنا على هيئة واحدة لنتعارف كأخوة، ويساند بعضنا بعضاً، ونحافظ على حريتنا، حتى الحيوان يأبى أن يوضع في قفص العبودية، ويدافع عن حريته بكل أسلحته ومخالبه.
الطغاة ثلاثة: واحد انتخبه الشعب، وآخر حكم بقوة السلاح، وثالث بالوراثة، الثاني والثالث مفهوم طغيانهم لأنهم رضعوه منذ البداية، أما الأول: يبدأ متواضعاً للشعب حتى إذا تمكن منح القوة لأبنائه فيصنعون ما صنع أقرانهم الآخرين، فالمنتخبون يعاملون الشعب كأنه ثور ينبغي تذليله، والعسكر كما لو أنه غنيمة لهم، والوارثون، كما لو أن الشعب عبيد ملك يمين، ولو ولد جيل جديد لا يعرف العبودية، فلن يختار سوى مقتضى العقل الحر على أن يُكره على طاعة فرد واحد، ما لم يكن هؤلاء بنو إسرائيل، الذين أقاموا عليهم طاغية من دون أن يكونوا مكرهين على ذلك، ويتملكني الغيظ من تاريخهم فأفرح بما حاق بهم من ويلات، والناس ترضخ للعبودية إما مكرهين، أو مخدوعين، حيث ينصبون من يخلصهم من أزمة وعدو، فيرتقي على رؤوسهم وأكتافهم، إلى ملك، ثم إلى طاغية. ويستغرب المرء كيف ينسى الشعب حريته ولا يستعيدها بعد فقدانها، حتى كأنه يشعر أنه ربح عبوديته، ويأتي جيل جديد يولد في هذه العبودية، لا يعرف ما معنى ولا طعم الحرية، فيعتبر أن ما هو فيه، هو الأمر الطبيعي جداً.
لا يمكننا أن ننكر أن فطرتنا تقول لنا هذا خير، وهذا شر، لكن لا بد من الاعتراف بأن سلطتها – الفطرة- أقل من سلطة العادة التي تحكمنا من غير وعي تام، فتصبح هي الحكم، خاصة إذا غذتها التربية فتصبح هي طبيعتنا، ويضعف تأثير الطبيعة الأصلية، كالأشجار الطبيعية إذا طعمت ببراعم ثمار أخرى، فتنتج الثمار المطعمة، بدل الأصلية، ولهذا أهل مدينة البندقية لا يقبلون التطعيم لفقد الحرية بتاتاً، ولو حرموا ثمار الدنيا، لا يستبدلوا بالحرية شيئاً، عكس أراضي ، حيث يولدون ليخدموا السلطان، هل يتساوى سكان البندقية، مع سكان زريبة بهائم ( يظهر الحقد على الإسلام في هذه العبارة) م. ن.وحده الإسبارطي كان يقول ما ينبغي قوله، لأنه لا يحتمل العبودية بعد أن تربى وذاق طعم الحرية، أما الفارسي لا يمكن أن يأسف على الحرية التي لم يمتلكها يوماً، ولهذا الذين ولدوا والقيد في أعناقهم هم أهل الرثاء، ولا يأسف العبد على حرية لم يملكها ولا ذاق طعمها قط، ولذلك كانت العادة هي السبب الأول للعبودية المختارة، وهناك من يولدون بفطرتهم لولم يعرفوا الحرية لتخيلوها بعقولهم والتذوا بتذوقها، لأن لهم طبيعة متمردة على العبودية، لا يتقبلوها مهما زينت لهم، وهذا ما أدركه سلطان الترك، أدرك أن الكتب والعقيدة هما ما يعطي الناس الإحساس والفهم ليتعارفوا ويكرهوا الطغيان، وأن اراضيه خالية من أهل العلم والمعرفة، (هنا يظهر حقده على الإسلام مرة أخرى) م. ن، وأن الأحرار لا تنفع حريتهم دون تواصل، وعمل، وحرية تعبير، وحرية تفكير، وتعاون، وما من جماعة تريد تحرير بلادها بنية صافية مخلصة وصادقة من الجور إلا كتب لهم النجاح، وساعدتهم الحرية في إثبات حضورها.
السبب الأول لقبول الناس بالعبودية طواعية هو أنهم يولدون مستعبدين، وينشأون على ذلك، ويضاف إليه تحول الناس تحت وطأة الطغاة إلى جبناء ومخنثين، ولا ريب في أن الحرية إذا ذهبت تذهب معها الشجاعة، ويفقدون معها الحيوية في كل شيء، وقلوبهم ضعيفة ورخوة، عاجزة عن كل أمر عظيم، ويزيد الطغاة الرعية خوراً على خور، ويستخدموا الأجانب في الحرب، ويدفعون لهم أجورهم، لأنهم لا يجرؤون على وضع السلاح بأيدي رعاياهم، الذين آذوهم، ولا يطمئن أبداً إلى استتباب سلطانه، ما لم يصل به الأمر إلى القضاء على آخر رجل ذي مكانة ونباهة في رعيته، أو أن يفعل ما فعله كسرى فارس بمدينة الليديين، بعد أن فتحها وثارت عليه، فعمد إلى حيلة ماكرة، وهي أمر بفتح مواخير وحانات للدعارة وشرب الخمور وبألعاب شعبية، فانغمس هؤلاء بهذه الأمور، فكفته أن يخنعوا وينسون مصالحهم وحريتهم، والطغاة لا يصرحوا بأنهم يريدون تخنيث رعاياهم، كما فعل ملك فارس، ولكنهم يسعون إلى تحقيق هذا خفية، والعامة من سكان المدن يرتابون ممن يحبهم، لكنهم سذج حيال من يخدعهم، بمجرد دغدغة مشاعرهم، وما دور التمثيل والمسارح والألعاب والأوسمة سوى طعوم لإبقاء الشعوب في فخ العبودية، بتنويم الشعوب بهذه التسالي، وكان الرومان يفسدون الدهماء بموائد الطعام العامة، وقليل من النبيذ ليصيح هؤلاء يعيش الملك، يعيش الملك، وينسى هؤلاء الرعاع أن هذا من أموالهم وقوتهم، وليس من مال الملك أو قوته، ومع كل ما فعله نيرون كالوحش بالناس، فإنهم حزنوا على وفاته، وتذكروا ولائمه التي كان يصطادهم بها، وهذا ما فعلوه مع يوليوس قيصر بعد موته، أقاموا له نصباً تذكارياً، كتب عليه " إلى أبي الشعب" مع أنه ألغى القوانين وأبطل الحريات، كأقسى طاغية، وبعض طغاة أشور، يختفون حتى يظن تابعيهم أنهم من عالم علوي سماوي، ومثلهم فراعنة مصر، إذا ظهروا، ظهروا بطقوس غريبة توحي أنهم ليسوا كباقي الناس، ويضع هؤلاء الطغاة الدين أمامهم ليحتموا به، ولو استطاعوا اقتباس شيء من الألوهية، لإسناد حياتهم الشريرة، لم يقصروا في ذلك، ( الملهم- المعصوم- العظيم- الفخامة- العظمة- القائد- الفذ) وتكفل الشعراء والمتملقين بهذه الصناعة المخادعة، ولا يكتفي الطغاة بخدمة الشعب لهم، بل يعملون على أن يخلص لهم كل الإخلاص، فليس الحرس والنبالة وحملة الأقواس، ولا الخيالة، أو كتائب المشاة، هم من يحمي الطاغية، وإنما عدد من الأشخاص بعدد أصابع اليد، واليدين، من خلَّص أعوانه، هم من يقود المئات والآلاف والملايين لتكون خاضعة للطاغية، وهم الطغاة الصغار، الذي يستعبدون من دونهم، حتى يكون الجميع مطأطئ الرأس للفرعون الكبير، وأعجب لمن يتقرب إلى الطاغية، فلا يحصد سوى الابتعاد عن الحرية، واحتضان العبودية بالذراعين، وإني أجد الفلاح والحرفي المسكين أكثر حرية من المتزلفين للطاغية، لأنه ما أن يدفع ما عليه، يعود بينه وبين نفسه وأهله حراً كريماً، ما أتعس من يبيع نفسه لطاغية، وقد ينقلب عليه في أي لحظة فيخسر حياته مع ما خسر من إنسانيته وكرامته، والحظوة عند سيد شرير لا تشكل ضماناً، حتى لو كان من الأقرباء، لأن الطاغية لا يُحِب، ولا يُحَب، لأن الصداقة الحقيقية تديمها الحياة الفاضلة، وتقيمها المساواة.لنتعلم إذن لمرة في عمرنا، أن نحسن التصرف، ولنرفع أعيننا نحو السماء، صوناً لكرامتنا، أو حباً بالفضيلة ذاتها، أو إذا تكلمنا عن علم، وعلى وجه اليقين، حباً بالله الكلي القدرة وإجلالاً له، وهو الشاهد الذي لا يغفل عن أفعالنا، والقاضي الذي يحكم بالعدل على أخطائنا، أما أنا فأعتقد ولستُ بمخدوع، أن الله الغفور الرحيم، لما كان الطغيان أبغض شيءٍ إليه، قد أعد للطغاة وشركائهم عقاباً خاصاً في الدار الآخرة.
بقلم: محمد نبيل كاظم.


أضف رد جديد

العودة إلى ”كتب وكتَّاب“