العالم الإسلامي من وجهة نظر هنري كيسنجر

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

العالم الإسلامي من وجهة نظر هنري كيسنجر

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

الحركة الإسلاموية والشرق الأوسطعالم في عين الفوضىملخص من كتاب " النظام العالمي" لوزير الخارجية الأمريكية " هنري كيسنجر".
الشرق الأوسط مهد الأديان الثلاثة، ومنها خرج الغزاة الفاتحين والأنبياء الطموحين، لتشييد إمبراطوريات كبرى، اكتسحت ما حولها، ولا زالت النداءات تخرج منه للإطاحة بالنظام الإقليمي والعالمي معاً، لرؤية كونية شاملة، وهو اليوم معلق بين أحلامه تلك، وعجزه عن التوحد مجدداً، للحاق بركب الأسرة الدولية أو الكفاح ضدها.
النظام العالمي الإسلامي: خرج من رحم غرب الجزيرة العربية، برؤية النبي محمد (ص) حيث أنهكت الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية كل منهما للآخر، فاكتسحهما الإسلام لينشر دينه إلى أقصى الشرق في الصين وأقصى الغرب أسبانيا وجنوب فرنسا، عبر التجار والغزاة معاً، بشكل لا يكاد العقل يتصوره، خاصة أنهم خلو من أي تحضر مؤهل لمثل هذا الاجتياح الكبير، في خلال قرن واحد تغير شكل العالم على أيدي هؤلاء الذين يدينون بصلوات خمس يومياً، من خلال واجب مقدس ليس فيه سوى ثلاث خيارات للشعوب المواجهة: الإسلام – أو الوصاية – أو الاجتياح (الفتح)، وتقدم الإسلام بدعوى توحيد البشرية من أجل السلام، من خلال كونه: ديناً أولاً – ودولة متعددة الإثنيات ثانياً – ونظاماً عالمياً جديداً ثالثاً، كل ذلك باسم الجهاد، لكن هذا كما يكون بالقلب، يكون باللسان، وباليدين، أو بالسيف، ومرت العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين بفترات تعايش مثمر، عبر الأنماط التجارية، والمعاهدات الدبلوماسية لتحقيق أهداف مشتركة، والمفهوم الثنائي للدولة يبرز في دستور إيران التي تستنفر الأقليات في عدد من الدول: لبنان – سورية – العراق – ليبيا – اليمن – أفغانستان – باكستان – ومثلها إيديولوجيا (داعش) كذلكوالمسيحية أقدمت على غزو وهداية الناس قسرياً عبر الحروب الصليبية، (وقضى الأسبان على حضارات الأمريكتين ) لكنها خبت بعد ذلك بالتطور، وأصبحت علمانية في إطار منظومة دولية، لكن العالم الإسلامي لا زال مسكوناً بمفهوم دولة الخلافة الكونية إلى عهد قريب من الإمبراطورية العثمانية، وآخرين بعد انهيارها فاصلين بين الالتزام الديني في الداخل، والسياسة الخارجية المتوائمة مع النظام الدولي من جهة أخرى، ودعاة وجهتي النظر لا زالت شخصياتهم معروفة في الاتجاهين خلال التسعين سنة الماضية، والمؤمنون بالإيديولوجيا الدينية ساعون في فرض تصوراتهم المستندة إلى النصوص المقدسة، وهم في حالة مجابهة مع العالم الخارجي.
معاهدة عدم الاعتداء – معاهدة الحديبية – كانت ذرائعية من أجل التقاط الأنفاس، وتحقيق تراكم القوة، بحيث لا تدوم أكثر من عشر سنوات، قابلة للتجديد، وكان الإسلام ينظر للدول الأخرى أنها غير شرعية، استناداً إلى شرعية سماوية للدولة الإسلامية، لكن كثير من الأراضي التي ضمت إلى دار الإسلام خرجت منها فيما بعد مثل: أسبانيا -صقلية – جنوب إيطاليا – الهند – إسرائيل – روسيا الجنوبية – تركستان الصين – وكثير من الأراضي بقيت إلى يومنا هذا في حظيرة دار الإسلام.
ما من مجتمع منفرد: بسلطة عالمية كونية، إلا وتشظى إلى دول ودويلات بعد ذلك، حتى الإسلام أصبح سنياً وشيعياً، وبعد ضعف الدولة المركزية في العهد نشأت كيانات فارسية – تركية – مغولية – منفصلة، مع ارتباط إسمي بالنظام الإسلامي، وأصبح لكل منها سياسته الخارجية المستقلة، وتوقف الزحف الإسلامي بصده من قبل الدفاع البيزنطي والأوروبي عام 732م في معركة بواتييه، وتتطور الدفاع إلى هجوم بالحملات الصليبية على القدس عام 1099م فاستولت على ممالك فيها لقرنين من الزمن، واسترجعت غرناطة وإسبانيا عام 1492م ، وتمددت الدولة العثمانية الصغيرة لتستولي على القسطنطينية 1453م وتوغلت في البلقان، والبلاد العربية والقفقاس، واستعادة هيمنة الأمبراطورية الإسلامية على أيدي العثمانيين على النظام العالمي، ودفعهم إلى ذلك القوة والجغرافيا الشاسعة، مما دفع فرنسا عام 1526م للاستنجاد بالسلطان العثماني ضد أعدائها، وكان أعداء فرنسا (آل هابسبورغ) قد حرضوا الشيعة الصفوية ضد الدولة العثمانية في فارس.
الإمبراطورية العثمانية: رجل أوروبا المريض: أواخر القرن الثامن عشر انعكس الأمر لصالح الأوربيين والروس في مهاجمة العثمانيين، من جهات متعددة، وذلك حين سيطرت - فئة الأصوليين المتزمتين التقليديين الرافضين لأي تحديث في الحياة – على البلاط الإمبراطوري، حتى غدت ما يعرف بالرجل المريض، فقطعت من أطرافها أقطار ذات وزن كمصر والبحر الأسود والبلقان، والبلاد العربية، وأصبحت الدول الأوربية تستخدم العثمانيين لحل صراعاتها وإيقاف تمدد بعضها على بعض، وجاءت الحرب العالمية الأولى فدخل العثمانيون مع ألمانيا في هذه الحرب ضد الدول الأوروبية، وانشغل المسلمون في الهند عن مساندة العثمانيين بسبب سعيهم للاستقلال، وكذلك في الجزيرة العربية استغلوا الظرف للانتفاضة على العثمانيين لتحقيق تطلعات وطنية وقومية، وانتهت الحرب بخسارة الألمان والعثمانيين 1918م.
النظام الوستفالي والعالم الإسلامي: اتفاقية سايكس بيكو 1916م قسمت البلاد العربية تحت الانتداب الفرنسي والبريطاني، ومعاهدة سيفر 1920م انهت الأمبراطورية العثمانية في حدود الأناضول، واستخدمت دول الانتداب الجماعات الطائفية الاثنية للتمكن من استعمار البلاد العربية، واستخدام التوترات فيما بينها من أجل حروب وصراعات لاحقة، وأعطيت فلسطين للحركة الصهيونية بمقتضى وعد بلفور 1917م، مع وعد غامض لشريف مكة بالمنطقة ذاتها، وتحولت تركيا 1924م إلى دولة علمانية، ولحق بها تيار عربي من دعاة " الوحدة العربية" لتكوين كيان سياسي موحد ثقافي مدني، في مقابل تيار آخر " الإسلام السياسي" لاعتماد الدين هوية حديثة، عبر عنها تنظيم " الإخوان المسلمين" الأكثر شيوعاً، وهم أشخاص رفيعي المستوى التعليمي، يسعون للحاق بالتطور العالمي دون الانتساب إلى الغرب.

ظهرت قوة الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية، وأطيح بالحكومات الإقطاعية والملكية في مصر – والعراق – وسورية – واليمن – وليبيا – عن طريق مؤسساتها العسكرية، فأقامت حكومات علمانية، من خلال رفع شعارات شعبوية قومية غير ديمقراطية، بزعامة " جمال عبد الناصر – وصدام حسين – وحافظ الأسد (استاذ الدهاء والتشدد) واستخدام هؤلاء شعارات الوحدة والقومية العربية بديلاً عن الطابع الإسلامي، واستخدموا القسوة والتطرف والرعب والأقليات لمناصرتهم وإحكام قبضتهم، وتصدى الإسلامويون لتجاوزات هؤلاء، بحجج من النصوص المقدسة، لذم الغرب والاتحاد السوفييتي بالتساوي، وتعاملت الحكومات مع هذه الحركات على أنها تخريبية سداً لباب أي تغيير يمكن أن تؤدي إليه تحركاتهم ومطالباتهم.
وتذبذبت ولاءات الدول العربية بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وكان محرك هذه الولاءات حجة مقاومة إسرائيل، مما سبب أربع حروب خاسرة، وانتصار للسلاح الإسرائيلي، ولم يحقق الولاء إلى هذه الجهة أو تلك أي من تطلعات الجماهير العربية، ولهذا خسر الاتحاد السوفييتي ولاء مصر بعد استلام السادات وعمل السلام مع إسرائيل مقابل استعادة سيناء، وبقي التخلف على حاله مما دفع السكان إلى اليأس من الإصلاح، فتكونت جماعات متطرفة تعد بالحل على أساس الدين، منهم الإخوان وحماس والقاعدة (سنة) وحزب الله اللبناني (شيعة).
الحركة الإسلاموية: المد الثوري- تفسيران فلسفيان: في ربيع 1947م أرسل حسن البنا الناشط الديني العصامي (واسع الاطلاع) رسالة بالغة اللباقة المتقنة إلى الملك المصري فاروق، يدعوه إلى محاربة تأثيرات النفوذ الأجنبي العلمانية، وكانت جماعته وتضم عشرات الآلاف معادية للهيمنة البريطانية، ودعمت ثورة 1937م في فلسطين وكسبت احتراماً إقليمياً، ودعا إلى إقامة نظام عالمي إسلامي جديد، بسبب فقدان النظام الغربي مشروعيته الأخلاقية، وانتقد منظمة عصبة الأمم وإخلافها في مواثيقها، ودعا إلى ولاء المسلم لوطنه ثم لكل المسلمين في العالم، ثم إلى إمبراطورية إسلامية شاملة (الخلافة)، وركز على أهمية التعامل مع غير المسلمين باحترام واعتدال، ما استقاموا في تعاملهم مع المسلمين، إلا أن سيد قطب في سجنه كتب " معالم في الطريق" وهو بيان حرب على النظام العالمي القائم، وأصبح نصاً تأسيسيا للحركة الإسلامية الحديثة، لإقامة نظام يقوم على تطبيق القرآن، ورفض الولاء لغيره، مع أن كثيرين لم يقبلوا طروحاته، إلا أن بعض الأتباع الملتزمين بدؤا بتشكيل نواة ما حلم به،لكن هذه الأفكار بقيت لدى بعض من يستنفر الناس من الأصوليين، كحقائق، مثل: حماس – حزب الله – الطالبان – حزب التحرير – بوكو حرام – جبهة النصرة – داعش – قتلة أنور السادات – وكثير من هؤلاء يرفضون أي نظام عالمي علماني، لأن دار الحرب يجب تغييرها والهيمنة عليها.
الربيع العربي والزلزال السوري: أنعشت انتفاضة الربيع العربي أواخر 2010م منطلقة من تونس ومصر آمال الشباب العربي، وأيدت أمريكا والغرب رسمياً هذه الثورة ضد الاستبداد؛ باعتبارها مطالب محقة لتحقيق الديمقراطية والحرية، لكن الولايات المتحدة لم تجد من هؤلاء من يؤسس لهذه الممارسة، خاصة أن الإخوان غير ديمقراطيين على الإطلاق، وبرهن الجيش ودين الأرياف أنهما أكثر تنظيماً من طبقة المدافعين عن الديمقراطية، وانزاح المشهد عن استبدادية الجيش، وتسلط الإيديولوجيا الإسلاموية، والمغازلة بين النزعة الوطنية والأصولية طغى على المشهد، وانتخب د. محمد مرسي رئيساً لمصر، وبوصوله للحكم، غض الطرف عن تصعيد الإسلاميين إزعاجاً للنساء، والأقليات، والمعارضين، فتتدخل الجيش وأسقط هذه التجربة، والولايات المتحدة ليست ملزمة بدعم انتفاضة شعبية لا تحقق الديمقراطية الحقيقية، وهذا يحكم العلاقة الأمريكية مع دول الخليج، كحلفاء مؤقتين، إلى أن تتطور مظاهرات شعبية، تدفع باتجاه إيجابيات إصلاح ليبرالي، ولقد ساهمت أمريكا في الثورات من خلال: دانت – عارضت – أزاحت حكومة مصر الاستبدادية، لكن التراث الغربي يشترط، أن يتمخض ذلك عن الحفاظ على المصالح الأمنية للغرب، دون أن تمس مشروعية الأنظمة الإنسانية، بالهيمنة الدينية، لأن ذلك يعتبر كارثة ومخاطرة مباشرة.
والثورة السورية لم تكن بعيدة عن أختها المصرية، ولهذا صرح أوباما آب/2011م بإزاحة الأسد، لتمكين الشعب السوري من نيل حقوقه الكونية، لكن عارضت روسيا بالفيتو، وكذلك لم يتوفر في المعارضة عناصر كافية ديمقراطية ومعتدلة، خاصة أن دولاً إقليمية أغرقت سوريا بالأسلحة، وتحول الصراع بين طوائف وداعمين خليجيين وإيرانيين، وليس بين مستبدين وديمقراطيين، والقوى الجهادية تقاتل وكأنها تبشر (بسفر الرؤيا، والرؤيا القيامية) ورفضت أمريكا ترجيح أي الكفتين، ودعت إلى تجنب الأسلحة الكيميائية، وكانت روسيا والصين تخشى انتقال عدوى الحرب السورية، إلى أقلياتها الإسلامية، ورات في جهاديي السنة الأكثر مهارة وتفانياً خطراً محدقاً عليها، ومع انزلاق وتشظي المعارضة، رأى النظام الإقليمي والدولي، احتواء الكارثة، ولكن بغداد انزلقت بدوافع طائفية في المقابل، ولولا ذلك لكان بإمكانها وقف الحرب الكارثية.
القضية الفلسطينية والنظام الدولي: استمرا في التشنج مع العملية السلمية مع إسرائيل، وما من جماعة إسلامية أو جهادية إلا وتحس بالإذلال والإهانة من سلب الأرض لإسرائيل باعتبار قبوله كفراً بالدين، مع محاولة الفلسطينيين والعرب الإقليميين، كسب حكم ذاتي فلسطيني، كانوا رفضوه عام 1947م، وحاول البعض القبول بنظام (وستفاليا) كما فعل ( السادات)، ولقي مصرعه على أيدي إسلامية في الجيش، ومثله كذلك قضى ( إسحاق رابين) اغتيالاً، ويوجد في لبنان وسورية وغزة وإيران (متطرفون) يدعون لإزالة إسرائيل، والأكثرية العربية تسعى لتدمير إسرائيل، وحتى بعض من يقبل بالتفاوض، فهو يريد هزيمتها على مراحل، واليوم تنشغل المنطقة بالخطر الإيراني، (الصراع السني/ الشيعي).
إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة، من رعاة النظام العالمي (الوستفالي) لكن البلاد العربية تنظر إليها على أسس المنظور الإسلامي، جغرافياً وتاريخياً، لكن يشدها الخوف من الجهاد من ناحية، ومن معالجة بعض اسبابه من ناحية أخرى.
المملكة العربية السعودية: بين حلفاء الأنظمة الغربية حليف مختلف وهو شريك يتمتع بالهدوء، وحاسم خلف الكواليس، في جل المشروعات الأمنية الإقليمية الكبرى، منذ الحرب العالمية، أعني المملكة السعودية، وهي بيئة عربية إسلامية تقليدية، تحكمها عائلتان توحدتا في دعم متبادل منذ القرن 18م، في تراتبية سياسية لأسرة آل سعود، ورعاية الشؤون الدينية لآل الشيخ، يجمع بينهما خادم الحرمين مكة والمدينة، باعتباره " حامي العقيدة" ، وموحد مهد الإسلام في الجزيرة على نمط الحماس الديني ونشوته الأولى بحرب مقدسة، على غرار الحكم الديني المطلق، والجرأة العسكرية، والحنكة السياسية المفعمة بالذكاء، كونت مملكة قلب العالم الإسلامي ومركزيته، بعد زوال (إزالة) الحكم التركي، بنظام قبلي أبوي محافظ (متطرف في المحافظة)، يذوب في هذه البوتقة فسيفساء من كل البلاد الإسلامية، يوحدهم رابط الإسلام، خاصة في شعيرة الحج، ومع ظهور البترول، أصبحت بلداً ثرياً جداً، لا نظير لها، مع سعة مساحتها، ووجود أقلية شيعية محايدة في منطقة إنتاج النفط الرئيسية، يتعايش حكامها مع (ضيق عين – طمع) جيرانهم في ثرواتهم، مع حذر من التحديث المتسرع، الذي قد يؤدي إلى خطورة في التغيير غير المعتاد، حفاظاً على الاستقرار.
أما سياستها الخارجية بقيت دائماً بعيدة عن الأضواء، في حيادية حذرة، مغطاة باللايقين تجاه الغرباء، كما في حظر البترول 1973م والجهاد ضد السوفييت في أفغانستان (1979- 1989م) بحيث يسرت العملية السلمية، وتركت المفاوضات للآخرين، مع الصداقة للولايات المتحدة، بالولاء العربي، بنوع من التفسير الطهري للإسلام، ووعي بجملة المخاطر الداخلية والخارجية، إلا أن عداءها لإيران ظل مكشوفاً.
ما من دولة شرق أوسطية كانت أكثر تعرضاً لتمزيق الانتفاضة الإسلاموية، وصعود إيران الثوري من السعودية، المشدودة إلى ولائها الرسمي (للمفاهيم الوستفالية) من ناحية والنقاء الديني الذي تتمتع به، من ناحية ثانية، ومناشدات النزعة الإسلاموية التي تفسد تلاحمها الداخلي من ناحية ثالثة.
عاد ابن لادن عام 1989م من أفغانستان محبطاً، واستلهم كتابات قطب، وأسس القاعدة لممارسة الجهاد ضد الدول الكرتونية المسيرة من الغرب على حد زعمه، لتأسيس خلافة إسلامية جديدة، وبدأ بسلسلة تفجيرات أخطرها في 11سبتمبر على مركز التجارة العالمية في واشنطن، وخطأ الأسرة السعودية الاستراتيجي، منذ الستينات، توظيف الحركة الإسلاموية الراديكالية في الخارج، ظناً منها أنها لن تتعرض للمخاطر داخلياً من جراء ذلك، ولكن الأسرة السعودية رأت مصالحها مع الغرب من خلال المشاركة في الاقتصاد العالمي، لكنها لا تطيق أي انحراف عن الأصولية الإسلامية، مع كونها حليف الولايات المتحدة، إلا أنها بقيت تروج لصيغة إسلامية منطوية على تمويل مدارس دينية باتجاه سلفي للتبشير به خارج المملكة، فأثمر تياراً جهادياً كاد أن يهدد الدولة السعودية نفسها.
وبقيت السعودية في حالة النأي بالنفس حالما كانت الدول السنية تقاد بدكتاتوريات عسكرية، لكن بظهور القاعدة وإيران، وتهديدات الإخوان في مصر، أصبح على السعودية مجابهة جبهتين سنية وشيعية، كل منهما ترغب بتقويض كيانها، والتنافس الشيعي السني حول الشرق الأوسط إلى ساحة زخم تدميري مهول، والموقف من السعودية وإيران يحسب في سياق صراع مذهبي سني شيعي من عشرة قرون، وأي تغيير داخل المملكة سيجر العالم الإسلامي، والنظام العالمي إلى مضاعفات خطيرة، قد تلجئ السعودية – إذا انسحبت أمريكا – إلى الصين أو الهند أو روسيا، وفي هذه الحالة لن تفرط أمريكا في جائزتها المحورية، التي يستهدفها الجهاد السني والشيعي على السواء.
انحطاط الدولة: يتم من خلال تفكك الدولة أو الدول بسبب الحروب الأهلية والميليشيات التي تلقى الدعم من طوائف أخرى عابرة لحدود الدولة، كما في العراق وسوريا، وهذا يفكك الدول إلى وحدات قبلية، وعشائرية، وطائفية، ومذهبية، وعند ثورة أو تغيير حكم، دون التوصل إلى سلطة جديدة شرعية مقبولة، سوف تواصل الميليشيات اشتباكاتها، ولا تستطيع الدولة المركزية في هذه الحالة السيطرة عليها، كحزب الله اللبناني، والقاعدة، وداعش، وطالبان، كما في سورية والعراق وليبيا والباكستان، ولا ترغب أمريكا بالحلول القسرية لحل هذه المعضلات، وقد تلجأ إلى خلطة تجمع بين الأمن من ناحية، والأخلاق من ناحية أخرى، لكنها لن تكون ناجحة مئة بالمئة.
انحل نظام صدام حسين الهمجي الخاضع لهيمنة السنة، فانقسمت العراق بين الطوائف، وما حدث في ليبيا - التي لم تعش تاريخاً مشتركاً إلا في ظل الاحتلال الإيطالي، بعد الإطاحة بالقذافي الدكتاتور- أن سارعت القبائل والأقاليم إلى ما يشبه الحكم الذاتي، من خلال الميليشيات، التي لم تستطع الحكومة المركزية من لجمها في الاندفاع نحو قلب أفريقيا مدججة بأسلحة ترسانة القذافي، لممارسة التطرف والجهاد، وهذا حدث في كثير من الدول الإسلامية عبر العالم، من مالي ونيجريا إلى الباكستان وأفغانستان، (ذكر المؤلف 15 دولة) منزلقة خارج النظام الدولي، وهذه الحروب المليشياوية يصبح الدين سلاحاً لها، وفي حال عجز الدولة يصبح الإمساك بالسلطة يتم عبر إغفال كلي لرخاء الإنسان وكرامته.
النزاع الحالي مذهبي وصراع جيوسياسي بين كتلة سنية: السعودية ودول الخليج، ومصر وتركيا، تواجه كتلة شيعية بقيادة إيران، وهم يستنجدون بأمريكا من جهة وروسيا من جهة أخرى، لكن من المغري لأمريكا ترك هذه الانتفاضات تستأنف مساراتها، لكن لن نؤيد الانزلاق للإقليم نحو طائفية شاملة، لأنه يعتبر تهديد لاستقرار العالم، الذي تقوده أمريكا وبلدان أخرى بوجهة نظر عالمية.
(النظام الوستفالي):اتفاقية سياسية بين الدول الأوروبية عام: 1648م، على حل مشاكلها وخلافاتها بالحوار، وليس الحرب]


أضف رد جديد

العودة إلى ”حرب على الإسلام“