النظام السياسي الإسلامي د.منير البياتي

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

النظام السياسي الإسلامي د.منير البياتي

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

بسم الله الرحمن الرحيمتلخيص كتاب "النظام السياسي الإسلامي" أ.د. منير حميد البياتي" الدولة لا تكون قانونية إلا إذا خضعت الهيئات الحاكمة لقواعد القانون التي تكسبها المشروعية والشرعية" وسلطة الحاكم ليست ذاتية له، بل هي سلطة القانون الذي يخضع هو له، ويمنحه هذه السلطة بقيودها".ما هو القانون؟ " هو النصوص الدستورية + تشريعات السلطة التشريعية + القرارات الإدارية من الجهات المختصة" ودولة القانون هي الخاضعة في نشاطها للقانون من حيث الإدارة، والقضاء، والتشريع"، ولتحقيق ذلك لا بد من ضمانات وهي:
أ): الفصل بين السلطات، ب): رقابة القضاء، ج): تطبيق النظام الديمقراطي.هذا الفصل بين السلطات هو الذي يحد من تسلطها، واستقلال القضاء أكبر وسيلة لمراقبتها، للحفاظ على حرية المحكومين وحقوقهم.
ثانياً- نشأة الدولة القانونية1): في العصور القديمة: بوجود القبائل الكبيرة الممتدة، تأله زعماؤها، وأصبحوا فراعنة، أو طغاة، والكهنة هم عرابوا القوانين لهذه القبائل والتجمعات، ودولة الإغريق والرومان مهد دولة القانون والأعراف القانونية، لم تُسلِّم بحق الفرد وحريته تجاه الحاكم، بل تجاه فرد آخر في مستواه فقط.
2): الدولة القانونية بظهور المسيحية: في إعلانها حرية الاعتقاد للفرد، وحرية إيمانه بالدين، وسلطته المباشرة بالخالق، دون أذن الحاكم، لكن بعد تمكن الكهان والكنيسة من نزع السلطة المطلقة للحاكم، أصبحت هي سلطاناً مطلقاً على الأفراد، بنفس الطريقة، وتراجعت سلطة القانون، إلى سلطة الكاهن والكنيسة، وبانهيار الأمبراطورية الرومانية 911م، ظهر الاقطاع الذي يحكم الأرض ومن عليها من البشر، (طوال العصور الوسطى) في ظل الحكم المطلق للسلطان.3): ظهور الإسلام ودولة القانون: في هذه الظروف الدولية ولدت في الجزيرة العربية أول دولة قانونية بمعيار العصر الحديث، أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلـم، تتمثل فيها:
أولاً- (1): الدستور، (2): تدرج القواعد القانونية، (3): خضوع الإدارة للقانون، (4): الاعتراف بالحقوق والحريات الفردية، مع كامل الضمانات للفصل بين السلطات الثلاث.ثانياً- قام رسول الله ص بالتصرف بمواقع وأحوال ووظائف متعددة: (1): النبي المبلغ عن الوحي، (2): الحاكم المتصرف بالمدينة وما حولها، (3): القاضي في فض المنازعات، والحكم بالعقوبات، (4): رب الأسرة مع أهله، (5): الفرد العادي بين الناس، وبهذا كانت دولته أول دولة قانونية في التاريخ.
4): دولة القانون في أوروبا عصر النهضة: بسقوط أمراء الإقطاع، وظهور الملوك طالب الناس بحرياتهم التي على الملك المحافظة عليها تجاه الاقطاع من ناحية، وظهورها بقالب الديمقراطية في إطار الفكر البروتستانتي تجاه مضطهديهم الكاثوليك، أخذاً من الإسلام الذي أقرها لأكثر من عشرة قرون، وظهرت فكرة السلطة عقد اجتماعي، مع وجود السلطان المطلق لملوك أوروبا.5): الدولة القانونية في العصور الحديثة: بانتشار أفكار الحرية والثورة على الحكم المطلق، أشعلت الثورة الفرنسية، حتى قال ميرابو: " إن القانون سيد العالم، وأن السيادة للجماعة والشعب، وليست للحاكم، وأن حرية الإنسان مقدسة، واندثر فكر الحكم المطلق للحاكم، إلى فكرة الأمين على مصلحة الجماعة والأمة، ويخضع للقانون.
مقومات الدولة القانونية في الإسلامأولاً- الدستور:تعريفه: " مجموعة القواعد التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها، ومدى سلطاتها إزاء الأفراد "
مصادره: 1): القرآن: في كثير من آياته، 2): السنة: في كثير من أحاديثها، وبنود وثيقة المدينة.3): الإجماع: الذي وقع من الصحابة في العهد الراشدي، وغيره إلى عهد سقوط الخلافة العثمانية، واليوم ينوب عنه إنشاء مجمع فقهي إسلامي عالمي، له وسائل اتصال ودورات انعقاد لتحقيق هذا الغرض، (على غرار بعض المنظمات الدولية النزيهة) م. ن.
4): الاجتهاد: من قبل ولي الأمر، أو المختص، أو المدارس الفقهية واجتهاداتها، مرفقاً بالدليل.مواده: بين وذكر بعضاً منها الإعلان الدستوري الأول في وثيقة المدينة، ثم بعض آيات القرآن، وبعض الأحاديث النبوية، وممارسة الخلفاء الراشدين، وإجماعات المجتهدين، وذكر أبو الأعلى المودودي أهمها:
1- مسألة الحاكمية لمن؟2-سلطات الدولة الثلاث والضوابط لها وبينها.3- حدود الدولة والولاء لها.
4-رسالة الدولة وأهدافها وسياساتها، والمبادئ.
5-كيفية إقامة الدولة وتسييرها.6- شروط ومؤهلات الولاة والقيمون عليها.7-الأسس المدنية للدولة والعضوية فيها.
8- الحقوق الأساسية للمواطنين.
9-الواجبات الأساسية على المواطنين.وذكر بعض الفقهاء مقاصد التشريع الفقهي والدستوري، الحفاظ على القواعد والمقاصد الخمسة: حفظ الدين + حفظ النفس + حفظ العقل + حفظ النسل + حفظ المال، وجعلها بعضهم في 47 مادة دستورية لتحقيقها، وجعلها ابن عاشور التونسي: 1- الفطرة، 2- السماحة، 3- المساواة، 4- الحرية، 5- علل ومقاصد الأحكام في كل باب.
تعديله: أ): تم بالنسخ في عهد الرسالة بالوحي، ب): البات القطعي لا تعديل فيه مطلقاً، ج): التعديل جائز في النص الاجتهادي، باجتهاد آخر لمصلحة أو ترجيح جديد، لأن مدار القانون والشريعة جلب المصالح ودرء المفاسد، (في حال تغير المصالح وتغير المفاسد) لأنه هذه تمثل روح شريعة الله وأغراضها، ولا يستغرب تبدل الأحكام بتبدل الأزمان، يقول القرافي المالكي: " الجمود على المنقولات أبداً إخلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف".تدرج القواعد القانونية: 1- قطعي الدلالة من القرآن مقدم على ظنيه، 2- وقطعي الدلالة من السنة مقدم على ظنيها، 3- والإجماع بدلالة القرآن، مقدم على الإجماع بدلالة السنة، 4- والنصي البات مقدم على الاجتهادي، 5- والدستوري مقدم على الإداري واللوائحي.
الإلزام القانوني: 1- أن تكون تصرفات الكافة محكومة بالقانون، 2- صدور القوانين الإدارية عن السلطات التشريعية المنتخبة، لحماية حقوق الناخبين، 3- القيم الأخلاقية في الحق والعدل ضمانة معنوية للرقابة الذاتية، وضمانة قانونية.الإدارة في النظام الإسلامي: وظيفتها الرئيسة: تطبيق شرع الله، قال تعالى: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)3/الأعراف، وقصة كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أحد عماله يرفض تعذيب الناس من أجل دفع ما عليهم من خراج، (كتاب الخراج لأبي يوسف/119)، وضمانات خضوع الإدارة للقانون بأمرين: 1- تولية القوي (الكفؤ) الأمين (العفيف)، 2- الرقابة الإدارية وتربية الضمير.
نظرية التولية في النظام الإسلاميتستند إلى قيمتي: القوة، والأمانة، كأساس لكل الولايات والمناصب، قال تعالى: (إن خير من استأجرت القوي الأمين)، ومن السنة: " طلب بعض أهل الكتاب من الرسول، أن يولي عليهم أميناً، فأرسل أبو عبيدة، وقال عمر: " ما غاب عنا، ولينا أهل القوة والأمانة عليه"، قال ابن تيمية: " ركنا الولاية: " القوة والأمانة"، وأن القوة في كل ولاية بحسبها: ففي الحرب: الشجاعة، وفي القضاء: العلم والعدل، وفي تحصيل الأموال: العفة والثقة، ومن ولى غير هؤلاء مع وجوده (فخائن) لله والناس.
الرقابة الإدارية في النظام الإسلامي: بالإضافة إلى الاختيار الأمثل، والولاية على القوة والأمانة، يضاف التعقب والمتابعة، والاستفسار والاطمئنان، على السير والسيرة، فعله النبي ص وخلفاؤه الراشدون، ومن بعدهم، واقترح أبو يوسف على الخليفة – المأمون- تعيين يوم في الشهر أو الشهرين، أو السنة، الجلوس لاستماع مظالم الناس، فينتشر بين العمال والموظفين خبره فيخافوا الفضيحة، ويهابوا المحاسبة، بدليل قول النبي ص: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، ومن ذلك جمع عمر عماله في موسم الحج، فينادى على الناس، إن كان لأحدهم مظلمة عليهم، ومن هذا قصة احدهم قوله: " أن عامله ضربه 100 سوط ظلماً، فأراد تمكينه منه لأخذ حقه، فاعترض عمرو بن العاص، لئلا تفقد الدولة والولاة الهيبة في الناس، فرُضِّيَ المظلوم بمائتين دينار بدلاً، فعفا وسامح، وكاد عمر أن يكلف عاملاً برعي الغنم في الفيافي، عقاباً على تقصيره، وأراد تمكين أحد الجنود من قود عشرين سوطاً وحلق شعره، من أبي موسى الأشعري، إلا أنه عفا لوجه الله، وقال عمر: " أيما عامل لي ظلم فبلغني مظلمته، فلم أغيرها فأنا ظلمته" وقال النبي صلى الله عليه وسلـم: " هدايا الأمراء غلول".وكان عمر يشترط على من يختاره من عماله:
1- أن لا يركب برذوناً.2- أن لا يلبس رقيقاً. 3- أن لا يأكل نقياً. 4- أن لا يغلق بابه على الناس، ولا يتخذ حاجباً.الاعتراف بالحقوق والحريات الفرديةمفهوم الحقوق في الدولة القانونية: " الحماية والنهوض لجميع من ينضوي تحت لوائها"، وتتطور هذاالمفهوم واتسع بنشوء عوامل جديدة لتحقيق ذلك، والفقه الحديث قسمها إلى:
1- حقوق تقليدية: (حقوق الإنسان) سلبية (الحماية).2- حقوق اجتماعية: (حقوق تكافلية) إيجابية (التزامات).
المبحث1:الأساس الفكري للحقوق والحريات في الإسلام: التكريم الإلهي للإنسان، (ولقد كرمنا بني آدم)، لإيصاله إلى حرية وإتقان عبادة الله الواحد، على أن يكون هناك توازن بين حقوق الأفراد وحقوق السلطات، لتحقيق هذا فلا يطغى الفرد على الجماعة، ولا الجماعة على الفرد.المبحث2: خصائص هذه الحقوق:
1- أنها منح إلهية: وليست طبيعية مجردة، أو من أحد غيره، وهي حرية ومسؤولية، ولها قدسية.2- الشمول والعموم: لجميع الحقوق التقليدية، والناشئة، وعموم الناس.
3- كاملة لا إلغاء لها: لأنها نابعة من أصل الشريعة، التي اكتملت بالنزول على الخاتم من الله.4- مقيدة وليست مطلقة: لارتباطها بحقوق وواجبات متعددة مشتركة مع الآخرين، أفراد ومجتمع.
مثال1: حق الملكية: مقيد بالمشروعية، في الكسب، ومشروعية في الإنفاق، والحقوق المتعلقة به.مثال2: حرية الرأي: وعلاقته بالشورى، والحسبة، وحرية الاعتقاد بشروط:
 أ): التناصح الخالص، ب): النقد بعلم لا باجتهاد، ج): حرمة الأعراض، د): منع الردة للإفساد، هـ): مراعاة حقوق الفرد والجماعة معاً.الحقوق التقليدية:اولاً- الحريات الشخصية: 1- أساسها التكريم، 2- حرية التنقل، 3-حق الأمن، 4- حرمة المسكن، 5- سرية المراسلات، 6- حماية المخالفين،ثانياً- حريات الفكر: 1- حرية العقيدة، 2- حرية التعليم ووجوبه، 3- حرية الصحافة المسؤولة قانونياً، 4- حرية الرأي، بشرطي الشورى والأمر بالمعروف.
ثالثاً- حريات التجمع: 1- الدينية، 2- العلمية، 3- الأفراح، 4- الندوات: لتحقيق المنافع لا للإضرار.رابعاً- الحريات الاقتصادية: 1- حق الملكية بالشروط القانونية، 2- حرية التجارة والصناعة المشروعة.
الحقوق والحريات الاجتماعيةشرعت في الغرب لكفالة العمال من طغيان أرباب رأس المال، حفاظاً على استقرار المجتمع من الثورات، بينما في الإٍسلام شرعت بمقتضى التكريم الإنساني الأساس، وهي: حق العمل، والإجازة، ورعاية الشيخوخة، والمرض والعجز، والتعليم، ورعاية الطفولة والمرأة والشباب.
1): كفالة الدولة والمجتمع لأفراده: لحديث: " إيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعاً، فقد برئت منهم ذمة الله" قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى)، من خلال ما يأتي: أ) الحث على العمل والكسب، ب) إعانة الدولة لغير القادرين، ج) كفالة العاجز والأرملة، د) الزكاة وما فوقها للمحتاجين.وهذا نص عليه في الإعلان الدستوري الأول في العهد النبوي: " وإن المؤمنين لا يتركون مفرحاً بينهم، أن يعطوه بالمعروف، من فداء أو عقل" والمُفرَح: المحتاج المثقل.
2): حق العمل: حماية وكفالة العامل، أ) حق تكوين النقابات: والتجمع لتحسين ظروف العمل دون تعسف، ب) وحق الإضراب بديله في شرعنا اللجوء إلى القضاء، لعدم الاضرار بالإنتاج والمجتمع، وأفتى الفقهاء وابن القيم، بإجبار أرباب الصناعات بأجر المثل، إذا كانت الحاجة ضرورية للمجتمع.3): مبدأ المساواة والعدل: أ) أمام القانون: لابن الأمير وابن الغفير، ب) أمام القضاء: دون تمييز، ج) أمام وظائف الدولة والفرص: والتقديم على أساس القوة الأهلية والجدارة، دون تمييز بلون أو عرق أو دين، د) في التكاليف والواجبات: الضرائب، والزكاة، والجندية، ونصت الوثيقة النبوية على ذلك بقولها: " وأن بينهم – يشمل مكونات المدينة بما فيهم اليهود- النصر على من دهم يثرب" .
ضمانات تحقيق الدولة القانونيةمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث: 1) السلطة التشريعية، 2) السلطة التنفيذية، 3) السلطة القضائية.
في الإسلام الضمانات أكثر من مجرد الفصل بين السلطات: وذلك لما يأتي:1): أن القانون خارج عن إرادة وسلطة المنفذ (إن الحكم إلا لله).
2): السلطة في الإسلام اختيار بناءً على الكفاءة: القوة والأمانة.3): المحاسبة في الإسلام شقين: أ)دنيوية + ب) أخروية.
4): ميزة الشريعة أن الفصل بين السلطات مرناً، وليس باتاً جامداً.وهناك ضمانات أخرى في كل ذلك، هي الشورى والتناصح، وصرح في تفسير الطبري عن ابن عطية: " الشورى من قواعد الشريعة، وعزائم الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين، فعزله واجب، وعلق القرطبي على ذلك بقوله: هذا ما لا خلاف فيه".
أولاً- السلطة التشريعية في الإسلاممجلس الشورى(1): وظيفته الاجتهاد والتقنين: لتلبية احتياجات المجتمع والدولة والناس، وليست في الأمور الاجتهادية الفقهية، وإنما في الأمور التنفيذية العملية، بعيدا عن المحكمات الثوابت الدستورية، والصغائر.(2): وظيفته تمثيل الأمة بالنيابة والوكالة: وأول من قام بهذا النقباء يوم بيعة العقبة الثانية، (الاثنا عشر) فكانوا كفلاء اثنان وسبعون رجلاً وامرأتان من الأنصار، وكان يمثل الأوس والخزرج في المدينة سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، واختار عمر ستة من أهل الشورى، نواباً عن الأمة لاختيار خليفة بعد موته، والدلالة على هذه الوظيفة ومشروعيتها، القرآن، والسنة، والإجماع، ومفهوم الفرض الكفائي، ولهم تسميات: أهل الاختيار، وأهل الاجتهاد، وأولو الأمر، وأهل الحل والعقد، والعلماء والأمراء، وسماهم ابن خلدون (أهل العصبة)، الذين لهم تاثير على الناس، ومن وراءهم، في السمع والطاعة، أما علماء الشريعة حصراً فهم أهل الفتوى، وذلك يجعلهم قسمان:
أ) شورى الفقهاء: للمسائل الشرعية.ب) شورى النقباء: للمسائل السياسية.
ج) والشورى الانتخابية اليوم ضرورة سداً للذرائع، وتحقيقاً لتمثيل جميع شرائح المجتمع، ويتم اختيارهم بالانتخابات العامة، والخاصة، حسب الأصول الدستورية، والقانونية، المتفق عليها.قال رسول الله ص عن غزوة مؤتة: " إن أصيب الثالث: فليرتضي المسلمون رجلاً منهم" الماوردي في الأحكام السلطانية، ص13، وابن سعد في الطبقات، 2/128.
قال عمر بن الخطاب، قبل موته بساعة لأبي طلحة: " يا أبا طلحة كن في خمسين من قومك من الأنصار، مع هؤلاء النفر - أصحاب الشورى- فلا تتركهم يمضي اليوم الثالث، حتى يؤمروا أحدهم" طبقات ابن سعد: 3/61، وهذا ترتيب من عمر وتخطيط لحماية أهل الشورى ومن يختاروه أميراً، (فن إدارة الأزمة).(3): مهام مجلس الشورى:
أ) استشارة الناس، ب) استشارة وجوه الناس، ج) استشارة الفقهاء والخبراء، د) استشارة ممثلي الشعب، هـ) اجراء استفتاء الشعب بأسره، حيث ورد في يوم حنين أن النبي ص استفتى الناس في رد سبي هوازن فقال: " إني لا أدري لعل فيكم من لا يرضى، فمروا عرفاءكم يرفعون ذلك إلي، فرفعت إليه العرفاء؛ أن قد رضوا وسلموا"، الطبقات لابن سعد: 2/155.(4): ثمرته وأهميته:
1) اشراك الأمة في سلطة من اختارته، 2) منع استبداد الحاكم وطغيانه، 3) تأليف القلوب حول القيادة ومنع الثورات، 4) تجنب خطأ القرارات، والوصول لأفضلها.(5): منهجية مجلس الشورى:
1) الاعتماد على تحقيق مقاصد الكتاب والسنة والشريعة في التيسير على الناس (إن الحكم إلا لله).2) الترجيح بالأكثرية في حال عدم الاجماع، وهو تفسير النبي ص حينما سأله عليٌ عن معنى العزم في الآية (فإذا عزمت فتوكل على الله)، فقال: " مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم" وقول النبي ص لأبي بكر وعمر: " لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما" وقوله ص: " اتبعوا السواد الأعظم" الترمذي.
3) الترجيح برأي الحاكم: بعد التشاور، لأنه هو المتحمل للمسؤولية، وهذا رأي ابن تيمية والمودودي، مستشهدين بموقف أبي بكر من المرتدين، لأن الحجة قد تكون مع القلة، خاصة أن الأمر اجتهادي، فإذا لم يتم الاقتناع برأي، فيلجأ الجميع إلى التحكيم.4) التحكيم: وسابقته تحكيم سعد بن معاذ في بني قريظة، وتحكيم عمر بن الخطاب بعد مشاورة الصحابة، عشرة من حكماء الأنصار- في مسألة منع توزيع أرض سواد العراق على الجند، وجعل خراجها لكل الأمة والأجيال- فوافقوه فأمضى قراره بذلك، والتحكيم يعتبر جزءً من القانون العام في كثير من المعاملات، ولجنة التحكيم المتضمنة قضاة وخبراء، تستند عادة إلى الكتاب والسنة والدستور والقوانين المرعية والإدارية ذات الصلة.
ملاحظة: كثير من القانونيين يرون أن المجالس التشريعية الغربية تمارس الاستبداد من خلال الأكثرية، بينما هي في الإسلام منضبطة بالكتاب والسنة والقيم، التي تضمن عدم الوقوع في هذا المنزلق، إذا توفرت الشفافية والمصداقية.ثانياً- السلطة التنفيذية في الإسلامالإمامة والخلافة تتم بالبيعة الرضائية، على شرط الحكم بالكتاب والسنة، والطاعة للإمام في المنشط والمكره، وتسميتها إمارة وأمير، أو خلافة وخليفة، وكل ذلك بعقد وتوكيل من الأمة، وبمسمى الولاية، وردت كلمة البيعة في القرآن (يبايعونك)، وفي السنة "من بايع أميراً..." والإجماع، كما فعل الصحابة في الخلافة الراشدية، وتجوز فيها النيابة والتوكيل، لأنها عقد، فتكون لأهل الحل والعقد والنقباء.(1): شروط الإمامة: 1)العدالة، 2)العلم، 3)سلامة الحواس والأعضاء، 4)القدرة والكفاءة، 5)الشجاعة، 6) القرشية، 7) الإسلام، 8)الرجولة. (والثلاثة الأخيرة فيها كلام اليوم).
(2): الأمة صاحبة الحق بالتولية والاختيار:1): القرآن يخاطب المسلمين جميعاً بواجبات لا نفاذ لها إلا بوحدة كلمتهم، وهذا لا تحقق له إلا
بوجود أمير يقودهم لتحقيقها، يختاروه بإرادتهم، بضوابط (القوي الأمين)، قال تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)..
2): أحاديث بيعة العقبة، وبيعة الشجرة، والرجوع إلى العرفاء يوم حنين، واختيار أمير لجيش مؤتة بعد مقتل الثالث، فاختاروا خالد بن الوليد، واختيار أمير السفر من ثلاثة، " وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" حيث انتخبوا أميراً عليهم كلما قضى أمير، في العهود الأربعة.3): الإجماع: في عهد الخلفاء الراشدين، يوم السقيفة، واقتراح أبي بكر بتولية عمر وموافقتهم، ومجلس شورى الستة يوم طعن عمر، فاختاروا عثمان، وتولية علي ومبايعته في المسجد بعد مقتل عثمان، رضي الله عنهم.
(3): عقد البيعة: الحكم الإسلامي يقوم على 1) شريعة، 2) أمة مسلمة، 3) أمير حاكم، ويرى ابن خلدون أن الغرض من ذلك، حماية الدين وسياسة الدنيا، من خلال العدل، الذي يعطي لكل ذي حق حقه، والظلم ليس أخذ المال فقط، وإنما الظلم منع الحقوق المؤدي إلى خراب العمران" المقدمة: 223، ومن ذلك تولية الأكفاء الأمناء، والمراقبة الدائمة لهم، ومن مهام الحاكم تطوير البلد، وتأمين مصالح العباد، والدفاع عن الناس وأمنهم.(4): وظيفة الحاكم:
1) النيابة والاستخلاف عن الله، وعن رسول الله، (عند الرازي، وابن الجوزي، والقرافي، والمودودي وآخرون)، لتطبيق كتاب الله، وسنة رسول الله.2) النيابة عن الأمة: ولهذا تصرفاته لا تزول بموته، (عند الماوردي، وابن تيمية، وابن عبد السلام، والمحدثون، والجمع بينهما أولى لعدم التعارض.
3) حدود سلطاته: مقيدة بما يلي: أ- القيام بحراسة الدين وسياسة الدنيا، ب- يلتزم بما يلزم الأمة به (وإن لم يؤمن أذاه خُلِع) عند ابن حزم، ج- جعل كلمة الله هي العليا (عند ابن تيمية)، د- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (عند ابن قيم الجوزية)، هـ- جلب المصالح ودرء المفاسد (عند العز ابن عبد السلام)، و- حمل الكافة على مقتضى الشرع (عند ابن خلدون)، ز- حفظ البيضة وإقامة الحدود وتحقيق المصالح (عند الشهرستاني والنسفي)، جمع الكلمة على أحد وجوه ما يجوز اجتهاداً (حسب المصلحة).قال أبوبكر الصديق: في قوله تعالى: (عليكم أنفسكم..)، قال النبي: " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه" البيهقي، وحديث: " ..ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق.." النووي، رياض الصالحين.
4) محاسبته: دنيوية وأخروية، لأن مرجعية الحاكم والمحكومين عقيدة التوحيد، والشريعة الخاتمة، التي تربي الضمير للحاكم والمحكوم، ويُسأل الحاكم إن أساء لأنه: أ) وكيل عن الأمة، ب) الأمة صاحبة القوامة الأصلية بالنصوص الشرعية، ج) إعطاء الشورى حق المشاورة، د) فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(الدين النصيحة)، هـ) في مرض وفاته ص دخل على الناس المسجد واستحلهم.ويرى ابن حزم وغيره: محاسبة الحاكم إن أساء بحكم الشرع، وهو رأي عمر بن الخطاب: في قوله: " فلن يعجز الناس أن يولوا رجلاً منهم، فإن استقام اتبعوه، وإن حنف قتلوه، فقال طلحة: وما عليك لو قلت: وإن تعوَّج عزلوه، قال: لا، القتل أنكل لمن بعده" (تاريخ ابن الأثير: ج:3/20)، وبعض المخالفات يكتفى بعقابه، وبعضها يعزل، ويعزل عند الماوردي بجرح عدالته، أو نقص في بدنه، والشافعي يرى عزله بالفسق والفجور، وكذا كل قاضٍ وأمير، وعند الباقلاني: يُخلَع بالكفر وترك الصلاة، وعند الرازي: الظالمون غير مؤتمنون، وقال الغزالي: " السلطان الظالم معزول، أو واجب العزل" الإحياء: 2/111، بالشروط الموضوعة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا يجر إلى ما هو أكبر، ويمكن تحديد مدة الولاية ببنود البيعة فتصبح شرطاً ملزماً.
ثالثاً- السلطة القضائية(1):القضاء هو السلطة التي تفض النزاعات بين الناس وتحمي الحقوق من عسف الإدارات والسلطات المتنوعة، وفي هذا تكون الدولة دولة قانون إن فعلت، لأن القضاء له سلطة على الجهاز التشريعي، والجهاز التنفيذي، وكذلك القضائي، وتوصيفه، نيابة عن الأمة لتطبيق العدالة، وهو نيابة عن الله لتطبيق الشريعة على الناس، والحكم بينهم بما أنزل على رسوله.
(2): نشأته: في المدينة المنورة، حيث أرسل رسول الله قضاة إلى نجران واليمن، وأرسل عمر إلى كل بلد قاضٍ، بالإضافة إلى إنشاء ديوان المظالم (قضاء إداري)، وحدد عمر قواعد الدستور القضائي الإسلامي، في رسالة أرسلها إلى قاضيه الكبير، أبي موسى الأشعري، مبيناً فيها كيف يحكم ويعدل بين الناس.(3): سلطته: تشمل الرقابة على تشريعات مجلس الشورى، ورد ما خالف الدستور، والقوانين، وما خالف الشريعة، ولا وجه له من الاجتهاد، ولمجلس القضاء الأعلى سلطة للرقابة على أعمال القضاة، وتوجيه الأحكام التي يحكموا بها، إن كانت متوافقة مع العدالة أو غير متوافقة.
(4): أنواع القضاء: بالإضافة إلى الأنواع التخصصية العالمية اليوم، هناك درجات من القضاء معروفة هي: 1) القضاء الاعتيادي، 2) القضاء الاستئناف، 3) القضاء النقض، 4) القضاء الإداري، 5) القضاء التظلمي (ديوان المظالم).(5): ديوان المظالم: سلطته أعلى لأن قضاته يكونوا من ذوي النفوذ، وليس كالقاضي العادي الذي قد يتحرج من مواجهة ذوي النفوذ وأصحاب السلطات العليا، وينظر في قضايا كثيرة تتعلق بدعاوى وغير دعاوى، مما يتعلق: بالسلطات العليا، والقضاة الجائرين، وحقوق العمال والموظفين، والضرائب على الناس، والأوقاف، والفصل بين السلطات الإدارية.
ضمانات نزاهة القضاء وسلطاته1): استقلال القضاء: يشهد له التاريخ الإسلامي، بأنه لا سلطة لأحد من الناس عليه، بما فيهم الأمير،
أو الوزير، بل هؤلاء أفراد أمامه كالرعية.2): شروط القاضي: كمال العقل- والعلم والاجتهاد- والعدالة والنزاهة، وأن لا يكون في حالة غضب.
3): مرجعيته: الكتاب، والسنة، والاجماع، والاجتهاد، ومشكلة القضاء الإسلامي اليوم، عدم تقنين التشريع الإسلامي، وكثرة مدارسه، (والحاجة إلى جعله في مواد متدرجة مفسرة ومدللة)، وقامت محاولة أولى أواخر الخلافة العثمانية في هذا الإطار، فدونت (مجلة الأحكام العدلية)، ولهذا نحن اليوم بحاجة أن تقوم المجالس التشريعية والشورى والمجالس الفقهية، العمل على تقنين الشريعة، بتسلسل ومواد ملائمة للعصر والناس اليوم.4): مسؤولية القاضي: مزدوجة: دينية ودنيوية، ويضمن إذا تعمد الجور، والضمان على بيت المال إذا كان اجتهاداً غير متعمد الخطأ، والحاكم بإمكانه عزل الأمير، وليس له عزل القاضي إذا لم يستحق.
تطبيق النظام الديمقراطيتعريفه: عُرِف بحكم الشعب في المدن اليونانية، وقصد به المواطنون الأصليون، ثم تتطور إلى النظام التمثيلي النيابي عن الشعب، والرجوع إيه في المهمات.
أثره: التحول إلى حكم دولة القانون، بغض الطرف عن الأفراد، ولو كانوا في أعلى سلم الحكم، وسيادة الشعب لا تتم بغير سيادة القانون وعلو كعبه، وتنفيذه على الجميع.وسائله: الاختيار عن طريق الانتخاب الحر، والاستفتاء، والاعتراض، والاقتراح، والإقالة، والعزل،
لتطبيق بنود القانون المجاز، المتفق على شرعيته، وكل هذه الاجراءات مدونة في الدستور، لحماية حقوق الشعب، وما يسمى بمنح الثقة أو سحبها.
تقييم النظام الديمقراطيلا يقارن بنظام الحكم في الإسلام، إلا في مسألتين: 1- الشورى، 2- والبيعة.
لأن التشريع الإسلامي ونظامه يغطي جميع جوانب الحياة مع ضمانات: 1- وضوح العقيدة، 2- وحسن الأخلاق، 3- والتعبد لله وحده.وهذه الثلاث مفقودة في الديمقراطية والأنظمة الوضعية، فالديمقراطية نظام محدود في الحكم، وعيوبه كثيرة منها:
1- تشريعها وشريعتها بشرية: فهي تشرعن لكل أنواع الجرائم والآثام والذنوب والمفاسد إذا حصلت على تأييد الغالبية، (لأن بإمكانها حماية المفاسد والمحرمات بالقانون).2- وسائلها للانتخاب: ( خلو من الضمانات الأخلاقية والمصداقية)، بينما في الشريعة هذه مضمونة النزاهة بالأحكام الشرعية، والقيم الأخلاقية.
3- ضمانة الأقليات: غير مؤكدة ولا معتبرة، ووصول الأغلبية إلى الحكم يجعلها مستبدة به، في مقابل من لا يحصلون عليها، وقد تكون غالبية صورية بطريقة التلاعب والاحتيال وشراء الضمائر.4- أساسها الكم: لا الكيف، فالنظام الديمقراطي يستطيع بخداع الجماهير والدعاية، أن يجعل خمسة أغبياء أو مجرمين، يتفوقون على خمسة علماء كبار ومخلصين عن طريق التصويت.
والتشابه في بعض الوسائل بين النظام الديمقراطي والإسلامي، لا يعني التماثل أو التطابق، لوجود فوارق كبيرة في الأهداف، والوسائل، والمقاصد، سواء كان في الترشيح (التصويت) أو الترشح (الحكم).اختيار الحاكم المسلمأولاً- اختيار الحاكم ووظيفته: (خليفة) في الإسلام واجب ديني، متعلق بالجماعة المسلمة، واختياره ضمنشروط محددة، قابلة للتطور بحسب تطور أحوال الأمة والوضع السياسي لها، في إطار الشورى والشريعة، لتحقيق المصالح العظمى من الاستخلاف في الأرض، وإعلاء كلمة الله وعبادته في الأرض.مفهوم البيعة والاختيار يتعلق بالأمة المسلمة، والحاكم ليس سوى ممثل لها، وراعياً لمصالحها بدلالة الأدلة التالية:1) الكتاب والسنة قال تعالى: (وأمرهم شورى بينهم).
2) كبار العلماء والصحابة أطبقوا على حق الأمة في اختيار أميرها (الحاكم).3) أن النبي ص قام بأمر البيعة في بيعة العقبة الثانية، وتحت الشجرة يوم الحديبية، وتكررت.
4) اختيار النقباء الاثني عشر يوم العقبة، وتعيين أسعد بن زرارة نقيب النقباء.5) إجماع الصحابة على اختيار أبي بكر يوم السقيفة، ومبايعته من الجميع في المسجد.
6) يرى ابن تيمية: " أن الإمامة تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، وليس بمجرد العهد والتوصية والاقتراح، كما فعل أبو بكر، وعمر، وغيرهما، فإذا بويع الموصى له، أو المرشح للمنصب، صار إماماً بالطاعة له والبيعة، لأنه بهذا يملك القدرة والسلطان على الناس، ومن وراء هؤلاء جميعاً الأمة بعمومها، فيما يشبه الاستفتاء الشعبي في المساجد والعواصم ".ثانياً- اختيار ممثلي الأمة: بالانتخاب من قبل الأمة، أو شرائح الأمة، بدلالة القرآن: (وأمرهم شورى بينهم)، والسنة: (نقباء بيعة العقبة، وعرفاء يوم حنين)، والاجماع: (بتمثيل مجلس شورى الستة) بعد طعن عمر، لتحقيق مقصد الشارع في إيجاد أهل الحل والعقد، لتحقيق الخلافة والاستخلاف، وما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب، طبق في العهد النبوي فكان تشريعاً، وفي العهد الراشدي فكان إجماعاً.ويتبع ذلك ويستلزم معرفة الحكم في:
1): حق الترشيح: لرئاسة الدولة أو مجلس الشورى، جائز خلاف الأصل – من طلب الولاية لا يولى- للضرورة، واتساع حجم الأمة ورقعتها، ولأن النبي يوسف عليه السلام فعله: (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)، والدعاية مشروطة ببيان البرامج والخطط والخبرات التي تنفع الأمة، والمنتخِبِين.2) حق الانتخاب: لكل مسلم مقبول الشهادة، لأنها شهادة وتزكية، والمرأة بايعت النبي في القرآن
وأخذ منها البيعة، فلها الانتخاب لهذا، وشرط المصوت المنتخب أن لا يكون مجاهراً بمعصية أو عليه حكم قضائي مسقط لشهادته.ثالثاً- مشاركة الأمة في السلطة: تتم بحسن اختيارها لحاكمها، وعن طريق مجلس الشورى وقراراته، وقد علَّم النبي أصحابه هذه المشاركة مباشرة، بسؤال العرفاء – موافقة المجاهدين على رد سبي هوازن- يوم حنين، وكذا مشاورة أهل المدينة في القتال داخلها أو التصدي لقريش خارجها، يوم أحد، واليوم تقوم المجالس التشريعية في الدول بهذه الأمور بشكل نظامي وقانوني.
رابعاً- حق الأمة في مراقبة الحاكم:1) لأن أصل السلطة منها، فلها الحق في مراقبة الوكيل عنها.
2) لأن الولاية عقد بيعة، فمن حق المبايِع مراقبة تصرف المبايَع للتأكد من شروط الإلتزام.3) الأمة مسؤولة أمام الله، ومراقبة وكيلها لدفع وتحمل هذه المسؤولية أمامه تعالى.
4) واجب الأمة النصح والتناصح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يشمل نصح الحاكم وما تكفل بالقيام به عن الأمة، والتي هي مبررات وجوده وتنصيبه، (الباقلاني)، التمهيد: 185، وحديث السفينة، الذي شبه النبي به الأمة بركابها، إذا أخذوا على يد من يريد خرقها، نجت ونجو جميعاَ.  خامساً- حق الأمة في عزل الحاكم: إذا عطل شرع الله، وخالف القانون الإسلامي، وأصر على ذلك، بسحب الثقة منه عن طريق ممثلي الأمة، (مجلس الشورى) وإذا كان ذلك مما يعد كفراً بواحاً جاز الثورة عليه وإسقاطه من قبل الأمة، وأن عزله واجب، وفصل ذلك في عشرات المراجع الشرعية، لأن من له حق تنصيبه له حق عزله كذلك.
ضمانات الخضوع للقانون في الإسلامالضمانة الأولى: ثنائية المسؤولية في المجتمع: أمراً بالمعروف للنفس والآخرين، ونهياً عن المنكر للنفس والآخرين، وهو ما يسمى: (نظام الحسبة)، لأن قوام الأمة وخيريتها منوطة به، (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، وثنائية الجزاء: دنيوي وأخروي.
الضمانة الثانية: الصفة الدينية للقانون الإسلامي: مما يجعله:1- بعيداً عن الهوى والمحاباة – لأن مصدره الوحي – والفقه وأصوله.
2- له قدسية واحترام وهيبة – لأنه من شعائر الله وطاعته.3- محبة وطاعة المحكومين له – لأنه مرتبط بالإيمان وأجر الآخرة.
الضمانة الثالثة: قيامه على الأخلاق والقيم النبيلة، المصلحة للفرد والجماعة، بالرقابتين السلطوية والذاتية (الضمير)، وذلك لاستناده على ثلاث ركائز:1)العقيدة: التي تعرف للفرد والمجتمع (الأمة) بأعلى حقائق الوجود، (التعريف بالله الخالق) مما يجعل هذه المعرفة حاجزاً أمام مخالفته أو الإضرار به، بمقدار تمكن هذا الاعتقاد في القلب، وضبط السلوك به، بينما هو معدوم في دولة القانون الغربية تماماً، مما يسهل ارتكاب الجرائم في السر، الذي لا رقيب عليه حسب زعمهم.
2)العبادات: فرائض ونوافل تزيد من ارتباط العباد بربهم، وتدفعهم للاستقامة وإصلاح النفوس، ولهذا كثير من أنواع الجرائم لا توجد في المجتمعات الاسلامية، بسبب هذا التعبد لله.3)الأخلاق: حصن حصين من السلوك النشاز، قال تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) وغياب الأخلاق في الدول الغربية والعلمانية لا يضمن الناس أن يكونوا أمناء، وعلى استقامة، لأن الشهوات تغلبهم مهما كان النظام محكماً، لعدم الرادع الأخلاقي الداخلي، والأخلاق العلمانية مجرد اتيكيت ظاهري، ينفع في أشياء، ويخفق في أخرى، لأنها غير ملزمة، ولا تصدر عن تشريع متكامل، وارتباط الأخلاق بالإيمان يجعلها رقابة إضافية مضاعفة،يؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلـم: " لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" (أحمد عن أنس).


أضف رد جديد

العودة إلى ”كتب وكتَّاب“