تلخيص كتاب " لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 776
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

تلخيص كتاب " لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

تلخيص كتاب " لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟
تأليف أمير البيان " شكيب أرسلان" 1930م
المقدمة: بقلم محمد رشيد رضا: قال تعالى: ﴿إِنَّ للهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾.11/الرعد، أصل الكتاب طلب من محمد بسيوني عمران إمام جزيرة سمبس برنيو (بجاوة ملايو) للكتابة في هذا الموضوع في مجلة المنار.
الجواب: إن المسلمين في شتى بقاع العالم في حال ضعف مادي ومعنوي، حتى عمن يجاورهم من الناس، سوى أهل البوسنة هم في مستوى أعلى من جيرانهم النصارى، وكذلك مسلمي روسيا، ومسلمي الصين، أرقى من جيرانهم النصارى والبوذيين، يستثنى عرب سنغافورة، فهم أعظم ثروة حتى من الإنجليز، ومن كل جيرانهم، (ولم أتأكد من صحة هذا الخبر) ومع ذلك هناك حركة حيوية في العالم الإسلامي يتوجس الغرب من آثارها، لكنها لم تصل لتقدم الآخرين من الأمم.
أسباب ارتقاء المسلمين الماضي:
عائدة في مجملها إلى الديانة الإسلامية التي كانت قد ظهرت جديدًا في الجزيرة العربية فدانت بها قبائل العرب، وتحولوا بهدايتها من الفرقة إلى الوحدة، ومن الجاهلية إلى المدنية، ومن القسوة إلى الرحمة، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الواحد الأحد، وتبدلوا بأرواحهم الأولى أرواحًا جديدة، صيرتهم إلى ما صاروا إليه من عز ومنعة، ومجد وعرفان وثروة، وفتحوا نصف كرة الأرض في نصف قرن، ولولا الخلاف الذي عاد فدب بينهم منذ أواخر خلافة عثمان وفي خلافة علي — رضي الله عنهما — لكانوا أكملوا فتح العالم، ولم يقف في وجههم أحد، ولم يستقلوا على الحقيقة إلا عندما جاءهم الإسلام.
أسباب تراجع المسلمين:
قال تعالى: ﴿وَكَانَ حَقاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ والقرآن لم يتغير، وإنما المسلمون هم الذين تغيروا، والله تعالى أنذر بهذا فقال: ﴿إِنَّ للهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ، حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ ولو أيد الله مخلوقًا بدون عمل، لأيد محمدًا رسوله ولم يحوجه إلى القتال والنزال والنضال، واتباع سنن الكون الطبيعية للوصول إلى الغاية، وإقامة دولة الإسلام.
فليقل لي قائل: أية أمة مسلمة اليوم تقدُمُ على ما أقدمَ عليه هؤلاء النصارى من بيع النفوس، وإنفاق الأموال بدون حساب في سبيل أوطانهم ودولهم، في الحربين العالميتين، التي قتل فيها منهم ملايين من كل بلدانهم، حتى نعجب نحن لماذا آتاهم الله هذه النعمة والعظمة والثروة، وحرم المسلمين اليوم أقل جزء منها؟ ولقائل أن يقول: أن الأمة التركية فعلت مثل ذلك في حرب الاستقلال، وتبرع أهلها بالغالي والنفيس، أقول: نعم، ولهذا انتصروا، لكن غالب العالم الإسلامي اليوم يريد النصر والاستقلال، دون أن يدفع ضريبته وثمنه، فهيهات أن يتحقق لهم المراد، قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمؤمنون﴾، إن الله لا يقبل دعاء الكسالى القاعدين عن تلبية أمر الله وطاعته، وإن السلطان في الأرض، أشبه بالحرث في الأرض، فبقدر ما تشتغل فيها تعطيك، ومثال على ذلك فلسطين، جمع اليهود في أيام مليون جنيه، وعددهم 1% من المسلمين، وجمع المسلمون تبرعات 13 ألف جنيه، وهم يشكلون مائة ضعف عن اليهود، فمن أسخى بالتضحية لوطنه ودينه؟ الإنجليزي لا يشتري إلا من إنجليزي مثله إذا توفر وجوده، لينفع ابن بلده، فهل نصنع مثلهم؟
وحين مدت مصر يد العون لمجاهدي طرابلس ليبيا، ثبت أمام ثلاثة آلاف إيطالي، مائة وخمسون مجاهداً في واقعة " الفويهات" على باب بنغازي، من الفجر إلى غروب الشمس، فقتل من الطليان نصفهم، حوالي ألف وخمسمائة إيطالي، وأصاب الجنون سبعة من ضباطهم، وتحقق فيهم وعد الله (وَۚإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ )، وفي الريف المغربي أباد المجاهدون في وقعة واحدة 26 ألف جندي أسباني، وغنموا 170 مدفعاً، مع فقرهم الشديد وضعف تسليحهم، لكن إيمانهم وتضحيتهم وإخلاصهم غلب، حتى ساند الأسبانَ الفرنسيون، ثم الطيرانُ الأمريكي كذلك، والعرب كانوا يسمعون وكأنهم آذان من غير قلوب، كل ما جمعوا لمساندتهم 1500 جنيه لا غير، فهل بعد هذا الخذلان من خذلان؟
خيانة بعض المسلمين لدينهم وأوطانهم:
ولولا هذا التبرع بالخيانة، والتسرع إلى مظاهرة الأجنبي على ابن الملة، لما استأسد الأجنبي وصار يتحكم في المسلمين هذا التحكم الفاحش، ويتقاضاهم أن يخالفوا قواعد دينهم ومقتضى مصلحة دنياهم من أجل مصلحته، بل قام يحملهم على الموت لأجل الموت.
فإن الموت موتان: أحدهما: الموت لأجل الحياة؛ وهو الموت الذي حثَّ عليه القرآنُ الكريم المؤمنينَ إذا مدَّ العدو يده إليهم، وهو الموت الذي قال عنه الشاعر العربي:
تأخرتُ أستبقي الحياةَ فلمْ أجدْ لنفسي حياةً مثل أن أتقدَّما
وهو الموت الذي يموته الإفرنسي لأجل حياة فرنسة، والألماني لأجل حياة ألمانية، والإنكليزي في سبيل بريطانيا العظمى — وهلم جرّا — ويجده على نفسه واجبًا لا يتأخر عن أدائه طرفة عين.
وأما الموت الثاني: فهو موت الخيانة، لأجل خدمة الأعداء، وهو الموت الذي يموته المسلمون في خدمة الدول التي استولت على بلادهم؛ وذلك أنهم يموتون حتى ينصروها على أعدائها، كما يموت المغربي مثلًا حتى تنتصر فرنسة على ألمانية، ويموت الهندي حتى تتغلب إنكلترا على أي عدو لها، ويموت التتري في سبيل ظفر الروسية، والحال أنه بانتصار فرنسة على أعدائها تزداد في المغرب غطرسة وظلمًا وابتزازًا لأملاك المسلمين وهضمًا لحقوقهم؛ وذلك كما حصل بعد الحرب العامة؛ إذ ازداد طمع الفرنسيين في أهل المغرب، وحدثوا أنفسهم بتنصير البربر؛ ليدمجوهم في الشعب الفرنسي، ويأمنوا على مستقبل المغرب الذي صاروا يطلقون عليه لقب " إفريقية الإفرنسية "، وبالاختصار يموت المغربي على ضفاف الرين أو في سورية حتى يزداد موتًا في بلده، وذلاً ومهانة في أهله، ولو انحصرت هذه الأمور في العوام والجهلاء لعذرناهم بجهلهم، وقلنا: إنهم لا يدرون الكتاب ولا السنة ولا السياسة الدنيوية، ولا الأحوال العصرية، وإنهم إنما يساقون كما تساق بهيمة الأنعام إلى الذبح.
ولكن الأنكى هو خيانة الخواص، مثال ذلك الوزير المقري الذي هو أشد تعصبًا لقضية رفع الشريعة الإسلامية من بين البربر من الفرنسيس أنفسهم، ومثله البغدادي باشا فاس الذي طرح نحو مئة شخص من شبان فاس وجلدهم بالسياط؛ لكونهم اجتمعوا في جامع القرويين وأخذوا يرددون دعاء يا لطيف الطف بنا فيما جرت به المقادير، ولا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر" ومفتي فاس الخائن الذي أفتى بأن إلغاء الشرع الإسلامي من بين البربر ليس بإخراج للبربر من الإسلام، وهلم جرّا.
وفي سوريا حدث من بعض المعممين مثل ذلك في التعامل وخدمة فرنسا، ولهذا حق فينا قول الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾، لقد أصبح الفساد إلى حد أن أكبر أعداء المسلمين هم المسلمون، وإن المسلم إذا أراد أن يخدم ملته أو وطنه قد يخشى أن يبوح بالسر من ذلك لأخيه، المتعاون مع أعداء الإسلام بالوشاية، وجميع أعذارهم لا تتكئ على شيء من الحق، ولقد كانوا قادرين أن يخدموا ملتهم بسيوفهم، فإن لم يستطيعوا فبأقلامهم، فإن لم يستطيعوا فبألسنتهم، فإن لم يستطيعوا فبقلوبهم، وهذا ليس على إطلاقه، فإن الأمة الأفغانية مثلًا لا يمكن لأحد أن يخطب فيها في حب الأجانب علنًا ويبقى حيٍّا، والنجديون لا يوجد فيهم من يجرؤ أن يمالئ الأجانب على قومه، [ حتى أفسدهم اللاشريف حسين ملك الحجاز، ومحمد ابن سعود أمير نجد، فحرضوهم على قتال أخوانهم الأتراك، الحامية التركية في الجزيرة العربية، والخروج على خليفة المسلمين، لصالح بريطانيا، واليهود، والغرب الصليبي، بسبب أطماع شخصية] (المختزل)، والمصريون قد ارتقت تربيتهم السياسية كثيرًا عن ذي قبل؛ فأصبحت مجاهرة أحدهم بالميل للأجنبي، أو تفضيل حكم الأجنبي خطرًا عليه، فأما في سائر بلاد الإسلام فمن شاء من المسلمين أن يخلع الرسن ويجاهر بالعصيان (لصالح) عدو دينه وبلده فلا يخشى شرٍّا، ولا يحاذر قلقًا ولا أرقًا. [وما ذكرته في الجملة السابقة مصداقاً لما قاله المؤلف].
أفلمثل هؤلاء يقول الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأرَضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ، وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ، وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَۚعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾؟! حاشا لله أن ينصر هؤلاء!
الموازنة بين المسلمين والنصارى في البذل لنشر الدين:
لو قيل للنصارى الكاثوليك، نريد أن ننصر البربر فهيا للتبرع لهم، لبناء مدارس وكنائس ومستشفيات، فسيجمعوا الملايين بفترة وجيزة، ولو قيل للبروتستانت هيا مدوا لنا يد العون في تنصيرهم، لجمعوا أكثر من الكاثوليك، وبفترة أسرع، أما إذا قيل للمسلمين: إن أخوانكم البربر يكادوا أن يمرقوا من الإسلام لفقرهم وجهلهم، ونريد أن نرسل لهم علماء وكتب ووعاظ، لتثبيتهم على الإسلام، فكم سيجمع المسلمون لهذه المسألة الخطيرة، مقابل ما جمع من النصارى للتبشير والتنصير؟! سننصدم بالحقيقة المرة، مع أن المسلمين فيهم من التجار والأثرياء لو دفع الزكاة بصدق، لانتشل كل فقراء المسلمين في العالم، ومع هذا يوصف المسلمون بالتعصب، مع أن هذا المثال في التبرع لصالح كل ملة، يبين أن التعصب الحقيقي، في جانب النصارى، وكرم بذل المال فيهم، وليس بجانب المسلمين، ومع ذلك ينخدع بعض المخدوعين من المسلمين، فيصدقوا أن أوروبا رفست الدين، ولا تبالي به.
ملاحظة:
1- ورد أن – الملك ابن سعود- في محفل حافل بحجاج الأقطار - وقد طالبه مصري أزهري بمحاربة )الإنكليز والفرنسيس المعتدين على المسلمين ذاكرًا عداوتهم للإسلام ) قال: " الإنكليز والفرنسيس معذورون إذا عادونا؛ لأنه لا يجمعنا بهم جنس ولا دين ولا لغة ولا مصلحة، ولكن المصيبة التي لا عذر لأحد فيها أن المسلمين أصبحوا أعداء أنفسهم، وأنا والله لا أخاف الأجانب، وإنما أخاف المسلمين، فلو حاربت الإنكليز لما حاربوني إلا بجيش من المسلمين" [ لأنه متحالف معهم لمآربه].
2- شاع أن المنبوذين من الهنود يريدون فراق مذهب الهنادك، وأن منهم من )شرح الله صدره للإسلام، فأرسل الأستاذ الأكبر شيخ الأزهر وفدًا من علماء الشريعة إلى الهند؛ ليتحقق هل ثمة أمل في هداية المنبوذين هؤلاء، أم ذاك نفخ في غير ضرم، وعلم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها خبر إرسال هذه البعثة الأزهرية إلى الهند، ولم تتحرك همة واحد منهم إلى تخصيص ما يوازي القطمير، لأجل هداية هؤلاء المنبوذين الذين يزيد عددهم على ستين مليونًا، هذا بينما المبالغ التي يجمعها المسيحيون في كل عام لأجل تغذية التبشير المسيحي في آسيا وأفريقية تقدر بعشرين إلى ثلاثين مليون جنيه، فهل تطمع هذه الأمة المسلمة أن تجاري تلك الأمة المسيحية، وبينهما كل هذا الفرق؟! (ش).
أهم أسباب تأخر المسلمين:
1- الجهل، والعلم الناقص:
من أعظم أسباب تأخر المسلمين الجهل، الذي يجعل فيهم من لا يميز بين الخمر والخل، فيتقبل السفسطة قضية مسلمة، ولا يعرف أن يرد عليها، ومن أعظم أسباب تأخر المسلمين العلم الناقص، الذي هو أشد خطرًا من الجهل البسيط؛ لأن الجاهل إذا قيض الله له مرشدًا عالمًا أطاعه ولم يتفلسف عليه، فأما صاحب العلم الناقص فهو لا يدري ولا يقتنع بأنه لا يدري، وكما قيل: ابتلاؤكم بمجنون خير من ابتلائكم بنصف مجنون، أقول: ابتلاؤكم بجاهل خير من ابتلائكم بشبه عالم.
2- فساد الأخلاق:
ومن أعظم أسباب تأخر المسلمين فساد الأخلاق؛ بفقد الفضائل التي حث عليها القرآن، والعزائم التي حمل عليها سلف هذه الأمة وبها أدركوا ما أدركوه من الفلاح، والأخلاق في تكوين الأمم فوق المعارف، ولله در شوقي إذ قال: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.....فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
ومن أكبر عوامل تقهقر المسلمين فساد أخلاق أمرائهم بنوع خاص، وظن هؤلاء : إلا من رحم ربك، أن الأمة خلقت لهم، أن يفعلوا بها ما يشاءون، وقد رسخ فيهم هذا الفكر حتى إذا حاول محاول أن يقيمهم على الجادَّة بطشوا به؛ عبرة لغيره.
3- العلماء المتزلفون للأمراء الفاسدين:
المتقلبون في نعمائهم، الضاربون بالملاعق في حلوائهم، وأفتوا لهم بجواز قتل ذلك الناصح بحجة أنه شق عصا الطاعة، وخرج عن الجماعة، وغاب العلماء الزهاد المخلصون، بعد أن كانوا حصن الأمة، ولا يخافون في الله لومة لائم.
4- الوهن، والجبن، والهلع:
مع أن هذا يتناقض مع الإسلام، وشجاعة المسلم، وحبه الموت شهادة، في الدفاع عن ديار الإسلام وبيضته، ولا يأخذوا العبرة من أعدائهم الفرنجة، الذين يقاتلون من أجل أوطانهم ودنياهم.
5- اليأس والقنوط من رحمة الله ونصره:
الخوف من الفرنجة، والظن أنهم لا يغلبون ولو كانوا قلة، عكس ما كان عليه السلف، حتى أصبح الخور فلسفة حياة، فقال الشاعر:
يرى الجبناءُ أن الجُبنَ حَزمٌ.......وتلك خديعةُ الطبعِ اللئيمِ
- شبهات الجهلاء الجبناء وردها:
قولهم: أن الفرنجة صنعوا ما لا قبل للمسلمين به من الأسلحة الفتاكة، وهذه حجة واهية، لأن لكل عصر أسلحته، ثم أن قوة السلاح إنما هي بقوة عزيمة حامله، فإذا كان لدى المسلم العزيمة المناسبة، لأخذ السلاح من يد عدوه، وصنَّع مثله، أو المضاد له، كذلك، أو اشتراه ممن يبيعه، فإن السلاح يشترى، أو يصنع، أو يؤخذ من يد الجبان، بقوة عزيمة الشجاع، فهذه حجة لا تثبت قديماً ولا حديثاً، والنصر بيد الله، إذا صدقت العزائم، قال تعالى: ﴿وَكَانَ حَقٍّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وحال المسلمين اليوم أنهم تحولوا من مسلمين، إلى مستسلمين، وشتان بين المعنيين! ونسوا أن اليأس هو الكفر بعينه، والبخل في مناصرتهم أخوانهم، يُحِل فيهم الفقر بعدها فلا يجدوا من يساندهم، على قاعدة: (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)، يقول الشاعر:
هيهات لا خير في مال وفي نعم......قد احتفظتم بها إن أنفكم جدعا.
ويقول المتنبي: فلا مجد في الدنيا لمن قلَّ مالهُ .....ولا مال في الدنيا لمن قلَّ مجدهُ.
وحديث القصعة " يوشك أن تداعى عليكم الأمم..." يفسر حالنا اليوم تماماً، ومخالفتنا صريح القرآن في نصرة دين الله، ثم نتأمل منه سبحانه أن ينصرنا، هيهات هيهات!
6- ضياع الإسلام بين الجامدين والجاحدين:
أضاع الإسلام جاحد: يرى أعداءه الغرب هم قدوته، فيسعى إلى فرنجة المسلمين، فيلبس قميصاً ليس على مقاسه، ولا يليق بقيمه ومبادئه، مع أن الأمم جميعاً تفخر بماضيها وتتمسك بهويتها، إلا ما ثبت بيقين ضرره، وانتهاء مدة صلاحيته، والدليل محافظة كل من الشعوب الغربية على هوياتها الخاصة، حتى في الدولة الواحدة تجد أعراق وقوميات لا تتخلى عن كيانها المعنوي الثقافي الخاص بها، (الإيرلنديين في بريطانيا- والبريتون في فرنسا- والفلمنك في بلجيكا- وفي سويسرا ثلاثة قوميات محافظة- وفي الدنمارك – وهولاندا- والتشيك – والمجر- وبولونيا التي حكمها الروس ثلاث مائة سنة، فلم يذوبوا فيها- والليتوانيين – والكروات- والصرب- والبلغار )، وهذا كله في أوروبا فقط، وأضاع الإسلام جامد: على كل قديم دون تمحيص مناسبته لعصره وظروف قومه، ويأبى أي تغيير ينفع في إعادة مجد أمته، زاعماً أن الاقتداء بالكفار كفر على إطلاقه، حتى لو كان في استرداد ما سرقوه من حضارتنا وإسلامنا وقيمنا.
- اليابانيون عبرة للعرب:
من رسالة صحفي غربي في جريدة " جرنال دوجنيف" بتاريخ 20/ أكتوبر/ 1931م: إن الياباني يحب الفن قبل كل شيء، وإن رأيته ساعيًا في كسب المال فلأجل أن يلذذ بالمال أهواءه المنصرفة إلى الحسن والجمال، وقد انتقش في صفحة نفسه الشعور القومي الشديد عدا الميل إلى الجمال؛ لأنه يفتخر بكون اليابان في مدة ستين سنة فقط، صارت من طور أمة في القرون الوسطى إقطاعية الحكم، إلى أمة عظيمة من أعظم الأمم الصناعية، ومما لا ريب فيه أن الديانة اليابانية هي ذات دور عظيم في سياسة اليابان (ليتأمل القارئ) وهي في الحقيقة فلسفة مبنية على الاعتراف بكل ما تركه القدماء للخلف، فالياباني العصري قد ائتلف مع جميع احتياجات الحياة العصرية، لكن مع حفظ الميل الدائم إلى الرجوع إلى ماضيه ومع التمسك الشديد بقوميته، غير مجيب نداء التفرنج الذي لا يريد الياباني أن يأخذ منه إلا ( (Occidentalism، وما هو ضروري له لأجل مصارعة سائر الأمم بنجاح، ولا شك أن هذا مثال فريد في تاريخ أمم الشرق الأقصى.
وهناك هياكل دينية معظمة مخدومة بأشد ما يمكن من الحماسة الدينية والإيمان الثابت كما كانت منذ قرون، والحق أن هذا الاحترام الشديد الذي يشعر به اليابانيون لقديمهم ولمعبوداتهم هو الذي أقام عندهم حصنًا منيعًا دون المبادئ الشعوبية، والأفكار الشيوعية المضرة.
مر زمن في المغرب، ينال فيه اليهودي من الميزانية العامة، ما يساوي نيل أربعين مسلماً من أهلها، وينال الفرنسي في الجزائر ما يناله ستون مسلماً جزائرياً، مع أنها أموال المسلمين، فهل في هذا ذرة من العزة والكرامة؟! وما يؤخذ من أموال العرب يذهب قسط كبير منه إلى القسس والرهبان النصارى لتنصيرهم وتنصير أخوانهم في أفريقيا وآسيا، والخلاصة: أن المسلمين كلما آثروا السلامة ازدادوا موتاً وضعة، وكلما احتقروا الحياة الذليلة ازدادوا رفعة وحياة وعزة.
لماذا لا نسمي اليابان وأوروبا رجعية بتدينهما؟
على رغم تقدم اليابان، لم تتخلى عن عقائدها الدينية الضاربة في القدم ألفي سنة، ولا نقول عنها أنها رجعية، ومثل ذلك التزام إنكلترا وتمسكها بالكنيسة الإنكليكانية، ولا يقال عنها رجعية، والقارة الأوروبية مسيحية ومفتخرة بمسيحيتها، وكنائسها بالآلاف، ولا يقال عنها رجعية، وحتى اليهود في كل بقاع الدنيا يفتخرون بيهوديتهم، ويناصرون ديانتهم، وتوراتهم القديم، حتى أن النصارى يشاركوهم في هذا الاحترام لمقدساتهم، وإحياء لغتهم العبرية التي اندثرت منذ زمن بعيد، وجعلوا شباب يهود فلسطين المحتلة يتحدثون بها، ويزعم " وايزمان" أنها لغة الأنبياء، وكل شعوب الأرض تتمسك بتراثها، ويراد من المسلم أن يتخلى حتى عن جلده وثوبه ولسانه! مع أن بريطانيا العظمى في تطورها وديمقراطيتها وقوتها، بقيت سنوات في مجالس لورداتها وقساوستها ونبلائها تناقش مسألة تحول الخبز والخمر في العشاء الرباني والتناول في الكنائس إلى دم الرب المسيح وجسده، ولم يستحيوا من هذا على عادة زعماء دولنا العربية والإسلامية، في الاستحياء من دينهم ومقدساتهم التي هي حق مطلق منزل من الله بيقين الخبر، ويقين المخبر، وهؤلاء الأوربيون يستمسكوا بمعتقداتهم الخرافية، ويطالبوننا بالتخلي عن معتقدات ديننا الحق العظيم، ولو في تستر المرأة المسلمة العفيفة من خلال حجابها الجميل، الذي يعرفوه جيداً على رأس أعظم امرأة في دينهم وتاريخهم: " مريم ابنة عمران الطاهرة البتول"، فهم لا يطالبون راهباتهم بنزع الحجاب، لكنهم يطالبون المرأة المسلمة بنزع كامل ثيابها، وتعريتها لجعلها أضحوكة لهم ولشعوبهم.
غوائل الجامدين في الإسلام والمسلمين:
المسلم الجامد: مهد الطريق بجهله وتخلفه للمسلم الجاحد، وأعداء الأمة، أن يتحكموا بالبلاد والعباد، بسبب زهده المزعوم المبتور، مع أن هذا مخالف لصريح القرآن في قوله: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً﴾، وبهذا أصاب ملته وإسلامه بالبوار وحط منزلتهما عن التمكن في الأرض، وبخاصة ابتعاده عن اتقان العلوم الطبيعية، التي تمكن للدين والمسلمين، فصاروا أفقر الناس، وأجهل الناس، وأذل الناس، وأضعف الناس، متعللاً بالقضاء والقدر، وهو تعلل ظاهر البطلان، حتى ظن الغربيون أن المسلمين جبريون ودراويش، وآيات القرآن في نفي الكسل والجبر كثيرة جداً، وساق المؤلف أربعين آية في الحض على العمل والكسب والتفكر والاجتهاد، وصحابة رسول الله – أعلم الناس بالإسلام – فتحوا نصف العالم والكرة الأرضية في خمسين سنة فقط، ولو استمر أتباعهم من المسلمين على نهجهم لفتحوا العالم بأسره، لكنه الكسل والجمود المتسلل إلى العقول والنفوس.
كون المسلمين الجامدين فتنة لأعداء الإسلام وحجة عليه:
أصل الإسلام ثورة على القديم الفاسد، وجبٌّ للماضي القبيح، وقطع للعلائق مع غير الحقائق، ولهذا رفض إبراهيم معتقدات أبيه وقومه، ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أمُّةٍ، وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ﴾ 32/ الزخرف، وعلى هذا فالمسلم الحق، من يتأقلم مع كل جديد وتجديد ما لم يتعارض مع المسلمات من الحقائق والدين، مما ينفع العباد ويعمِّر البلاد، ولم يتأخر المسلمون إلا عندما فصلوا علوم الدين عن علوم الدنيا، وهي في القرآن الكريم مقترنة معاً، وتقترن السياسة في العبادة والتعبد، والجامدون فصلوا كل هذا عن الدين جهلاً وجموداً وعنجهية، قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾، وهذا يشمل كل أنواع الأسلحة المادية، والمعنوية، والتنظيمية.
مدنية الإسلام:
الإسلام والمدنية قرينان بنصوص القرآن، ولكن ضعف تأثير الدين قد يكون بسبب فساد أخلاق الناس، وضعف تأثير الدين فيهم، وخفوت روحانيته، وقد يكون بسبب تأخر المسلمين عن ركب التقدم، فينبهروا بمنجزات الآخرين، والملحدين، والدين ليس هو السبب، بل فساد فهم المسلمين لدينهم، وكذلك فقد الحماس الروحي الأصيل، والانغماس بالتوافه من زخارف الدنيا، وإهمال جوهر الحياة الإنسانية القائم على الأخلاق، والعلم، والتطور، والعمل، ويحيط بهذا كله الرقي الإنساني، والشعور بالعزة والكرامة، ومن ذلك الضعف غياب الشعور بالانتساب إلى جليس الملائكة أبونا آدم عليه السلام، والغرب بكل لغاته لديه تآليف لا تحصى في مدنية الإسلام، وأكبر دليل أن المدن الإسلامية من بغداد إلى دمشق والقاهرة، وحلب وسمرقند وأصفهان، والقيروان، وقرطبة، وتلمسان، وفاس، وغيرها كانت قبلة العالم وشعوب الأرض.
الرد على حساد المدنية الإسلامية المكابرين:
مفكري الغرب المنصفين أقروا بأن مدنية المسلمين نبعت من القرآن، وتفجرت من عقيدة التوحيد، وكانت الفتوحات الروحية والعقلية والمادية في العالم الإسلامي كالشمس للبشرية استضاءت بها، وهذا ما دفع نابليون بونابرت إلى القول: " إن العرب فتحوا الدنيا في نصف قرن لا غير"، وتراجع المسلمين كان بسبب رجوعهم إلى القبلية، وانتهاج طريقة حكم استبدادي وراثي، وتقليد الكسروية والقيصرية في الحكم، وجمود التفكير الاجتهادي لدى العلماء والنخبة، ومع تقدم الزمن، ضعفت أحوالهم في جميع المجالات، وكان ذلك من كسب أيديهم، حتى وقعوا في حبائل الاستعمار لأغلب بلدانهم.
اليونان والرومان قبل النصرانية وبعدها:
وضع اليونانيون قبل تنصرهم أسس الفلسفة، ولواء الآداب والمعرفة، فنبغ فيهم حكماء كثر، وفتح الإسكندر المقدوني أكثر دول العالم، من الغرب إلى الشرق، وبعد تنصر اليونان بدأ التراجع والتردي والانحطاط، حتى حكمتهم السلطنة العثمانية، وحقيقة انهيارهم لا علاقة للنصرانية به، بمقدار علاقة انحطاط الأخلاق، وانتشار الخلاعة والخنا، وشيوع الإلحاد، وهجوم البرابرة عليهم وهذه حالهم قضى على ما تبقى فيهم.
وكذلك انقضاض الفرنجة الصليبيون، والمغول المدمرون، على مدن الإسلام التي أنهكها الاقتتال الداخلي والانقسامات من حكامها، وتقاعس المسلمون عن الرقي إلى مستوى الأحداث التي أخذت تعصف بالعالم نتيجة كسلهم، وانغماسهم بالشهوات، وتركهم العلم والجهاد، فغلب باطل أعدائهم، حقهم الذي لم يراعوه حق رعايته، بعد أن كان الغربي يتباهى إذا تتلمذ على يد عالم عربي أو مسلم.
سبب تأخر أوروبا الماضي ونهضتها الحاضرة:
كانت أوروبا في القرون الوسطى ألف سنة تغط في ظلام دامس، وهي مستمسكة بنصرانيتها، ويتراشق الكاثوليك والبروتستانت المسؤولية عن ذلك، لكن المفكر الفرنسي فولتير قال عن " لوثير، وكلفين، وهما أبطال التنوير في أوروبا، كلاهما لا يصلح أن يكون حذاءً لمحمد" وهذا يجعل الدين ليس سبباً للتقدم أو التخلف، بمجرد مبادئه ووصاياه، وإنما طريقة تناوله واستثماره، بغض النظر عن صلاحيته، فإذا كان حقاً وصدقاً فيزيد في فرصة نجاح الناس بسببه، ولا يصح جعل الأديان معيار تقدم الأمم أو تخلفها، فهذه اليابان الوثنية تقدمت على رغم وثنيتها، لهذا فالإسلام مجرداً عن فهمه وتطبيقه بشكل سليم، لا يعتبر معياراً للتقدم، ولا معياراً للتخلف، ولكن الإسلام من أكبر عوامل التحضر والتقدم إذا فُهِم على الحقيقة كما فهمه جيل الرعيل الأول، ومن تلاهم، اسماً ورسماً وعملاً وفعلاً، بل ذكر علماء الغرب وحكمائه أن الإسلام كان سبباً لنهضة الغرب، وإعماله للعقل في فهم حقائق الحياة والدين، وهذا ما سبق إليه الإسلامُ وأهلهُ الغربَ بألف عام، ثم تراخوا فيه وأهملوه، فكان سبباً لتخلفهم.
حث القرآن على العلم:
إذا قرر المسلمون النهوض، فإن عشرات الآيات القرآنية تحثهم على العلم والكشف والإبداع، وحصر العلم في قال الله، وقال الرسول، مغالطة كبيرة، لأن الله أمر بتسخير الكون كله، والإعداد للقوة، والتعلم على إطلاقه، وحصره بالعلوم الشرعية جهل مركب من قائله، لأن العلوم الشرعية أدخلت الحساب، وأدخلت الطب، وأدخلت الفلك، والتعدين، في كثير من آيات وقصص القرآن، وإهمالها، تحريف للقرآن وإنكار لأقواله، وهذا كبيرة من الكبائر اعتقاداً وعبادة وسلوكاً، وليس هناك دولة تنهض دون أن يكون لها روح دينية تساعدها على النهوض، حتى لو كانت وثنية، فكيف إذا كان دين الله الحق المنزل المحفوظ، والقول بالنهضة الوطنية أو القومية المقصود به نهضة الأمة: عقيدة، وجغرافيا، وثقافة، وأخلاق، يُستَبسَل في سبيلها.
أسباب انحطاط المسلمين في العصر الأخير:
1- انعدام الثقة بالنفس: لأن أكبر عوامل الشفاء إرادة الشفاء، فالإعجاب المبالغ فيه بالغربي، يقتل روح العزة الحقيقية للمسلم، والظن بأن قوة الغرب ثابتة باللوح المحفوظ هراء، لأن الدنيا دوارة، على من أخذ بأسباب النهوض فيها، بغض النظر أنه من الشرق أو الغرب، ويضرب الكاتب مثالاً على ذلك، حين عزم السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بتمديد خط سكة حديد من دمشق إلى المدينة ومكة، في الحجاز، وكيف قاوم إنشاءه الإنجليز والفرنسيون وأتباعهم من العرب، وبطلت جميع حججهم المصطنعة المكذوبة، وتحقق ذلك على أحسن حال، ولما احتلت فلسطين وسوريا خرب المستعمر هذا الخط، لتقطيع أواصر العلاقات بين البلدان والأمصار العربية، حتى أشاعوا أن لا نجاح لمشروع زراعي أو اقتصادي أو تجاري، إلا إذا كان بإدارة يهودي أو أحد الفرنجة، وهذا اعتقاد فاسد، حتى يخلوا ميدان الاستغلال لبلادنا من قبل أعدائنا، وقد خطط طلعت باشا في مصر عشرات المشاريع الناجحة، حتى أصبحت قبلة للغربيين في سياحتهم وتنقلاتهم من أوروبا إلى مصر وغيرها، وبدأت الثقة تعود بالتدريج إلى الأمة بهذه المشاريع وأمثالها، بعد أن كان التفكير بها محض خيال.
2- الفوضى العارمة والتخلف: توالت على الحجاز وبلاده المقدسة فوضى عارمة، حتى أصبحت مضرب المثل للأوربيين بأن أقدس بلاد المسلمين لا حضارة فيها ولا مدنية ولا استقرار، مع أن هذا كان بسبب فساد أمرائه، ومتاجرتهم بالنسب القرشي الشريف، وليس بسبب إسلامه، ولقد ورد حديث: " ألا إن بعض آل بيتي يرون أنفسهم أولى الناس بي؛ وليس الأمر كذلك، إنما أوليائي المتقون؛ من كانوا وحيث كانوا، ألا إني لا أجيز لأهل بيتي أن يفسدوا ما أصلحت" (معناه معقول، وتخريجه مجهول) وهذا ما دفع أحد أمراء مماليك مصر أن ينذر أحد أمراء مكة حين فسدت سياسته بكتاب قال فيه: " اعلم أن الحسنة في نفسها حسنة؛ وهي من بيت النبوة أحسن، والسيئة في نفسها سيئة؛ وهي من بيت النبوة أسوأ، وقد بلغنا أنك بدلت حرم الأمن بالخيفة، وأتيت ما يحمرُّ له الوجه وتسودُّ الصحيفة، فإن وقفت عند حدك؛ وإلا أغمدنا فيك سيف جدِّك" .
خلاصة الجواب:
بقلم شكيب أرسلان: لوزان 11 نوفمبر 1930م
لا نجاح لأمة الإسلام من غير تضحية، بالمال والعمل والنفس، لتطبيق علومها وما تتعلمه لنهضتها، قال لي حكيم الشرق جمال الدين الأفغاني: " إن الوالد الشفيق يكون من أجهل الجهلاء، فإذا مرض ابنه اختار له أحذق الأطباء" فهذا يبين ضرورة العلم لأجهل الناس، ولهذا فبإمكان المسلمين إذا عزموا على النهوض، يمكنهم أن يبلغوا مبالغ الأوربيين، والأمريكيين، واليابانيون، بالعلم والرقي، بل ويتفوقوا عليهم، مع تمسكهم بإسلامهم، وليس هناك أضر من التشاؤم واليأس على أهل الإسلام، لأن العلم والعمل والإيمان شروط الفلاح، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَۚإِنَّ للهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ 69/ العنكبوت، والإحسان أعلى درجة في الإتقان.
بقلم: محمد نبيل كاظم.


أضف رد جديد

العودة إلى ”كتب وكتَّاب“