تلخيص مذكرات رحلة الرحالة عبد الرشيد إبراهيم التتري الروسي

''

المشرف: محمد نبيل كاظم

قوانين المنتدى
''
أضف رد جديد
محمد نبيل كاظم
Site Admin
مشاركات: 790
اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm

تلخيص مذكرات رحلة الرحالة عبد الرشيد إبراهيم التتري الروسي

مشاركة بواسطة محمد نبيل كاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص مذكرات رحلة الرحالة عبد الرشيد إبراهيم التتري الروسي
إلى اليابان والصين وأوروبا والحجاز

مقدمة:
ولد هذا الشيخ (1846- 1944م) وكان يشغل منصب رئيس المجلس الروسي لمسلمي روسيا عام 1892م، ثم بدأ رحلة طويلة في كثير من البلدان الإسلامية والأوربية، وتعرض للسجن والتضييق عليه أكثر من مرة بسبب دفاعه عن المسلمين والإسلام، وأسس مطبعة في (بيترسبورغ) بروسيا، لنشر الكتب الإسلامية، وفي عام 1911م شارك في الجهاد مع الليبيين ضد إيطاليا، واستقر في تركيا بعد الثورة البلشفية عام 1917م، إلى أن جاءته دعوة من الملحق العسكري الياباني في السفارة اليابانية، عام 1933م، فاستقر في اليابان عام 1834م وأنشأ فيها جامع طوكيو وأمه عام 1938م، وحصل على اعتراف رسمي بالدين الإسلامي فيها، وترك بعد وفاته حوالي ثمانية مؤلفات كتب إسلامية.
الخلاصة في ترجمته: أنه كان عالماً بالشريعة، وضليعا بالسياسة، ومطلع على التاريخ، ومفكر واعي بما يحاك للمسلمين، وخالط كل أنواع الناس، على اختلاف مستوياتهم ومشاربهم، وتعلم اللغة اليابانية في 6 شهور، بالإضافة إلى العربية والتركية، والفارسية والروسية والصينية، وكان إعلامياً نبيهاً فأصدر جريدتين إسلاميتين، وكتب في كثير من الصحف، وتحدث في المحافل العامة، وعاش قرناً كاملاً، وأصل هذا الكتاب مجلدين كل منهما 500صفحة، ترجمه واختزله إلى العربية د. السامرائي، رئيس المركز الإسلامي الياباني. وكثير من المعلومات والأحداث فيه كانت حوالي عام 1909م.
الجزء الأول:
رحلة الشيخ تطوعية:
1-ضحى بأسرته وأودع أولاده في معية الله متوكلاً عليه، لإعلاء كلمته في الأرض بجهود متواضعة ذاتية.
2-حضر مؤتمراً في سمرقند وهو مرور ألفية الإمام الترمذي، أعادت فيه روسيا مخطوط مصحف ينسب لعثمان رضي الله عنه بحضور ممثلين وسفراء دول إسلامية.
3- قطع الشيخ مسافة ألف كم متنقلاً على دابة حتى وصل مدينة (ألما) لفقره وعوزه.
4- ذكر أن الروس كانوا إذا رغبوا بالسيطرة على بلد أغرقوه بسكان روس حتى يذوب الشعب الأصلي بثقافتهم ويمتزج.
5- التنصير في اليابان شارك فيه منصرون من كافة الدول الأوربية، أحدهم تنصر على يده 300ألف ياباني، مع بناء مدارس وكنائس، ولا يوجد للمسلمين فيها غيره يدعو إلى الله.
6- كتب المنصرون النصارى كتاباً سموه (محمد) كله افتراءات، وطبع منه ووزع 5 ملايين نسخة وزعت على اليابانيين، في المدن والقرى لتشويه الإسلام.
7- يصف بكاءه أمام أولاده وهو يودعهم ويوصيهم ببعضهم، بطريقة فيها حزن شديد على فراقهم، لصالح أمر الله ونشر دينه.
8- عينت روسيا قاضيا شرعياً (محمد يار سلطانوف) رئيساً لمحكمة شرعية، لا يعرف من الدين ولا من الشريعة ولا القراءة ولا الكتابة شيئاً لمدة 25 سنة.
9- قال لفرنسي إنكم عاملتم مسلمي الجزائر كالبهائم، وأهدرتم حقوقهم الإنسانية، وتزعمون أنفسكم شعب متحضر، حضارتكم مجرد قناع لسوءاتكم.
10- الشعوب التي حرمت التعليم المدرسي، ثم تناقش المعضلات السياسية الكبرى، كبائع البيض يبدي رأيه بالمجوهرات.
11- الإسلام يأبى خداع النساء واستغلالهن (سافرات) باسم حقوق المرأة لإشباع الغرائز.
أخلاق الحرب عند اليابانيين:
12- حكى لي مسلم روسي أسير عند اليابانيين في حرب 1905م بينهما، فأسرت اليابان عشرة آلاف روسي، منهم 750 مسلم، وزعتهم على سجون اليابان حسب معتقداتهم، وكان بين المسلمين 15 عالماً، سألونا عمن نختاره لإمامة الصلاة، وخصصوا لنا أماكن لها، وأخرى للقراءة والتعلم، والطعام، وزودونا بآلة طابعة للطباعة، وحددوا لنا 5 ساعات يومية للقراءة والكتابة، حولت من كان منا أمياً إلى قارئ وكاتب، وقالوا أنتم ضيوف لدينا الآن. (وهذا ذكرني بموقف النبي من أسرى بدر القراء)، كما أحزنني مشاركة المسلمين في حروب لصالح الكفرة والفجرة.
13- زار الشيخ قرية (داثان) الروسية فيها 300 بيت، ليس فيها امرأة واحدة.
14- التقى الشيخ بعالم بوذي شرح له مبادئ البوذية وذكر له أن في كتابهم ذكر اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يمكن أن ينكر نبوته.
15- تعرف الشيخ في روسيا على شاب يهودي روسي أسلم، مطلع القرن العشرين، وذكر له قاضٍ في بلدة (أوفا) الروسية، أن المهتدين فاق 86 ألف روسي، وذكر قصة مهتدي روسي، سجن لما أسلم، لكنه ناقشهم كالأسد في بطلان النصرانية، فأخلوا سبيله.
16- زار الشيخ مدرسة مسلمين في الصين، فسألهم عن اللغة العربية، فقال أحدهم: "أنا يعلم كلام عربي" فضحكت لتعبيره، وزار آخرين منهم يصلي بهم إمام لا يجيد قراءة الفاتحة، ووجد عنده بعض أمهات الكتب المخطوطة بالعربية في الفقه والبلاغة، وذكر أن عدد مسلمي الصين حوالي 80 مليون مسلم، (وهذا في بداية القرن العشرين) أقام عند مجموعة منهم، 6 أيام كانت أثقل عليه من 60 يوماً، وبعض إحصاءات (قناة إنجليزية: BON-NEWS ) أنهم 130 مليون صيني مسلم، لا تعترف بدينهم الحكومة الصينية.
17- والصيني يكره قص شعر الرأس، كأنه الموت، ولما رأيت أحدهم – يونس - بدون شعر قرب "بكين" سألته عن ذلك، فأخبرني أنه قرأ "روح البيان" فوجد فيه أن التزين بما يخص النساء حرام، فقصصت شعري، وتبعني أبي، وقامت دنيا الناس والحكومة والجرائد ضدنا، فلما أخبرناهم بنص "روح البيان" سكتوا عنا، قال الشيخ: "هذا جهل وتعصب وسخافة" فاستغل المستعمر الألماني، والفرنسي، عقوبة قص شعر الصينيين، فبكوا عليه، كأنه طعن في عقيدتهم الدينية، حتى المسلمين منهم، والعلماء، فناقشت أحدهم بذلك (بالأحاديث النبوية) فهرب مني واختفى.
18- ذكر الشيخ قصة ضابط روسي أسلم، وهو يعلم أن الجيش سيطرده من وظيفته، لكنه أصر بثبات وتحدي، ووجد طلاباً مسلمين في شمال الصين يدرسون النحو والصرف والفقه وهم لا يعرفون العربية، ولا حتى ما تجوز به الصلاة، وهذه مسؤولية الخلافة العثمانية، ومشيختها، مع أن ثلث سكان الصين مسلمين، وهذه من أخطاء إهمال الخلافة العثمانية للغة العربية، واهتمامها بالتركية فقط، فأضاع هؤلاء.
كيف كان الكوريون؟!
19- التقى الشيخ بكوريين في رحلته في الصين وروسيا يعملون حمالين – كالدواب تماماً – دون رحمة من أحد، وأرسلت عدداً من صورهم إلى أهلي في روسيا، فصادرتهم الحكومة الروسية - لكن في أيامنا الآن أين وصل الكوريون في التقدم والرفاهية؟! - وكان المنصرون الغربيون يستخدمون الخمور لرشوة الكوري حتى يتنصر.
20- (فوبيا التكفير) شددت الرقابة الروسية في مدينة (بترسبورغ) على الكتب الإسلامية، فحذفت كل كلمة مركبة من حروف (ك ف ر) (ك ا ف ر) (ك ف ا ر ة) حتى في القرآن وكتب الفقه والتصوف، فيطمسوها، وحذفوا مرة سورة الكافرون من القرآن.
21- قررت السفر ماشياً إلى طوكيو، فقطعت المسافة وهي 35 كم في ثمان ساعات، وسبقني إلى اليابان للدعوة ضابط مصري (أحمد فضلي بك) يتقن الفرنسية والإنجليزية، وسبق أن حارب في السودان، وتزوج من فتاة قروية يابانية فكانت أول من أسلم من النساء، وألقى أحمد فضلي محاضرة عن الإسلام في ألفي طالب جامعي بالإنجليزية، وكانت الريكشات التي يجرها الإنسان وسيلة نقل رئيسة في اليابان، (14 ألف ريكشة) في طوكيو وحدها، وذكرت الصحافة اليابانية أخبار الشيخ وأعماله باحترام وتقدير، ومن أصعب الأمور في اليابان أن تجد طعاماً غير السمك والرز المسلوق.
22- أعجب ما رأيت وزرت؛ سجناً هو مدرسة أو منتزه، أو مصنع، ومدخله كأنه قصر أو حديقة، وحسدت سجناءه على ما هم عليه، وأشاد بعناية اليابانيون بالسياح والسياحة، واهتمام كل بيت بشراء الصحف، والاعتداد بلغتهم الوطنية على صعوبتها.
23- أقوى من المدافع والبارود والدبابة والسفينة؛ الدين، وهذا ما يخيف الأوروبيين، واليابانيون تحلوا بآداب الإسلام دون أن يعرفوه، ولولا الأصنام لقلت إن اليابانيين مسلمين، وهذا يوحي بأن أصل ديانتهم البوذية سماوي ثم طمس، عدا ما فيه من أخلاق، ولهذا نهضوا بوطنهم، وتخلى الموظفون الكبار والأعيان عن نصف رواتبهم الشهرية لمدة 3 سنوات في سبيل نهضة اليابان.
24- كان الأوربيون يذلون الياباني في الميناء والأسواق ويعتدوا على أعراضهم وقال أحدهم: " نحن نسكت لهم من باب التسامح، والياباني يفكر طويلا قبل كلامه وفعله، والأمن مستتب في اليابان، ولا سرقات.
25- التقيت بمنصر في منغوليا عمل 20 سنة فلم يتنصر على يده سوى اثنان فقط، لكن كثيرون من اليابانيين يعجبون بالإسلام، وبعضهم يبايع عليه بتقليد السيف لأنه من عاداتهم في الولاء، وأحدهم أهداه سيفه التاريخي ليضعه في مكة عند الشريف حسين أمير مكة - كونه من سلالة النبي - فأوصلته إليه.
الجزء الثاني
رحلاته عبر الأقطار والبلدان:
1- سافرت إلى كوريا وكلما أدخل بيت لا أقابل أي امرأة، فسألت عنهن، فقيل لي إنهم في قسم الحريم من كل بيت، كما هو عند المسلمين يومها، ورجالهم يمنعون نساءهم من الاختلاط بالرجال، ويحتجبن على رؤوسهن، والشابات لا يظهرن وجوههن للرجال، وكثير منهن يلبسن البياض الساتر كما في بخارى وتركستان، وذكر لي كوريٌّ أن الحجاب كان أمراً طبيعياً في نساء كوريا منذ مائة عام، بين (1800-1900م)، ويشكو هذا الرجل الكوري من تصرفات الأوربيين السافلة تجاه نسائهم، حين يقدموا إلى بلدهم، ومن قارن الأوربيات قبل مائتي سنة لما وجدهن إلا محتشمات كباقي خلق الله في كل الشعوب، حتى أفسدوهن بالنهضة الأوربية الحديثة، وأفسدوا معهم نساء العالم أجمع.
2- وجدت كثيراً من السكارى بين الكوريين في الشوارع، ولم أجد سكيراً واحداً من اليابانيين في شوارعهم، وكانت الكوريتين واحدة قبل الحرب العالمية، 1918م، وكان التخلف فيهم يضرب أطنابه، وبيوتهم قذرة من عرائش القصب، وهم أفقر الناس، واستعمرتهم اليابان 35 سنة، لكن تبدل حالهم خلال 60 سنة، فأصبحت قوة اقتصادية عظمى، تنصر حوالي مليون كوري، وأغرتهم الكنائس بالخمور ليتنصروا.
3- والتقدم الياباني لم يمنعهم من شيوع الانتحار بدرجة فاقت العالم بأسره، ففي هام 2014م كان عدد المنتحرين 25 ألف منتحر، بمعدل 70 منتحر يومياً.
4- التقى الشيخ برجل صيني حج وأقام بمكة سنة كاملة، أخبره أن اخوانه المسلمين في الصين ليس بينهم وبين المجوس فرق، سوى كتابة (لا إله إلا الله) على أبواب بيوتهم، وأن كثيراً من العرب والسعوديين يذهبون إليهم للدعارة، وذكر له أسماء بعضهم قدموا من مكة والمدينة، يخدعون الصينيات بزواج وهو في حقيقته (زواج متعة وبغاء)، وخاصة من الصغيرات، واعترف أحد هؤلاء واسمه (سيد حسين) من مكة بأنه تزوج 16 مرة من بنات أبكار، وبعضهن لليلة واحدة أو ليلتين، وهذا شائع عن السعوديين في كل بلدان العالم، بشهادة الشيخ "عبد العزيز بن مرزوق الطريفي" السعودي، والتقى الشيخ براهب روسي منصر -نصراني - في صومعته الجبلية في الصين، فحاوره وكان مما قاله الراهب: لا يحبذنا الصينيون، ولهذا نشتري منهم أطفالهم ب (5-6)دولار، وأحيانا ب(50-60)دولار فننصرهم صغاراً فيتعلقون بنا، فنضمن عدم ارتدادهم إلى ديانتهم وأهلهم، وذلك بسبب الفقر، لكن الأوربيين يشترون أكثر منا وخاصة الأمريكان لهذا الغرض، وخلال 25 عاماً نصرنا حوالي 1200 صيني، وقريب منا يسكن مسلمون صينيون لا يتنصر منهم أحد، والأفيون أحد وسائل تنصير الصينيين.
5- الأطفال يبتهجون برؤية المسلم الأجنبي، ويعرفونه من قصر شاربه، لأنه من الدين عندهم، بخلاف اللحية، وكان الشيخ يوثق رحلاته وسفراته بالصور، لكن سرقت الحكومة الروسية كثير منها حين يرسلها لأهله، وانفجر في وجهه أحد مشايخ الصين ظاناً أنه خليجي متسول، فحاوره حتى أسكن غضبه، ويروي مشايخهم وعامتهم أن الإسلام دخل إليهم عهد النبي على يد الصحابي "سعد بن أبي وقاص" وهذا وهم اعتقادي نتيجة الجهل، شائع عند كل مسلمي الصين مع أنهم لا يحسنون قراءة الفاتحة للصلاة.
6- التقيت بالمفتي "عبد الرحمن الصيني" وكانت له أيادي بيضاء لخدمة الإسلام في بني قومه، واستطاع أن يقابل السلطان عبد الحميد في إسطنبول ويقنعه لإرسال معلمين لتعليم قومه قراءة القرآن بما يصحح صلاتهم، عبر المشيخة التركية، فاستجاب لطلبه، وأحدهم أسمه (الشيخ علي رضا أفندي) وافتتح مدارس إسلامية متواضعة لتعليم الإسلام في الصين، وحصل على ترخيص من أجل هذه المهمة.
7- يذكر الشيخ أفاعيل الأوربيين المستعمرين ألمان وفرنسيين، من النهب والسلب والتخريب في الصين، حيث سرق الألمان كل محتويات القصر الأمبراطوري وأدواته العلمية وما فيه من كتب ومخطوطات علمية، وفتشوا بيوت بكين القديمة ونهبوا كل ما وجدوه فيها من تحف وآثار، عدا الحيِّ الإسلامي فيها، حيث تعاون سكانه المسلمون مع الجنود المسلمون الروس في حماية بيوتهم فلم يقربوها، ولم يستطيعوا نهب شيء منها، حتى الأمبراطور لجأ إلى أحد المساجد بعد دخول الأوربيين قصره، فشكر إمام المسجد على تعاونه، وهذه وثيقة محفوظة إلى اليوم في ذلك المسجد.
8- التعصب سمة عند الصينيين مسلمين وغير مسلمين، أنكر عليَّ شاب مسلم صيني لأني شربت شاي مجوسي صيني، وكذلك نزع من يدي شاب آخر النقود التي كنت سأشتري بها بيضاً من صيني غير مسلم، فقلت له هذا لا يصح في الإسلام، فأخبرني أن المجوسي الصيني إذا مر بظل مسلم بادر إلى الاغتسال، فقلت في نفسي فليحيا التعصب، ولما زرت مسؤولاً صينياً رفيعاً من رجالات الدولة، هاجمني المسلمون بقولهم: "كيف تأكل طعام كافر نجس، لقوله تعالى: (إنما المشركون نجس)، لكن الرجل احتاط لوليمته، فاستدعى طباخاً مسلماً في بكين للوليمة، وذكرتها الصحف، ولولا ذلك لكنت ضحية الجهل والتعصب.
9- كتب الشيخ مقالات عدة نشرت في الصحافة اليابانية والصينية، ينتقد فيها أساليب الغرب في الاحتلال غير العسكري، بالمكر والاحتلال الفكري، دون إراقة الدماء، محذراً من أساليب الغرب الناعمة في احتلال الدول والاقتصاد والتفكير لدى الدول الضعيفة، (عمق فهم الشيخ للأحداث)، ودقة تدوينه لها، ومن ذلك تدوينه قصة مؤسس مدينة (هونغ كونغ) وهو "عبد الله فقير" مسلم صيني، كان يحتكر المؤسسات الكهربائية والمياه والحافلات والفنادق فيها، ثم تبرع بها للبلدية عند كبر سنه، ليكون للمسلم والمسلمين الأيادي البيضاء على المجتمع والدولة التي ينتمون إليها، لكن التاريخ يضيع بالنسيان.
10- دار حوار بين إيراني والشيخ، حول طباع الشعوب في الحرية أو العبودية، وأن الإنجليز أينما حلوا فهم يروضون الشعوب على الخنوع، فإذا فشلوا استخدموا المكر والدهاء لإبقاء سيطرتهم، وأن عموم الشرقيين يثقون بالغربيين ويستشيرونهم في سياسة وإعمار بلدانهم، وهذا خطأ فادح وقع فيه الشاه الإيراني والسلطان العثماني، وملوك الخليج وأمرائهم، وقحط الرجال في بلداننا أكبر عوامل تخلفنا وانهزامنا وتدهورنا.
11- المسافة التي قطعتها متنقلاً بين المدن والقرى الصينية هي: (14) ألف كم، خلال سنتين، صرفت فيها مائة ليرة فقط، تطبيقاً لفرض الكفاية القرآني (سيروا في الأرض)، الذي تكرر 13- 15 مرة.
12- حضر الشيخ مراسم دفن امبراطورة صينية بعد سنة من وفاتها، فرأى التبذير والإسراف المبالغ فيه لدفنها، لو أنفق على إصلاح شوارع مدينة بكين لكفاها، إنه الجهل وغياب الحكمة، وفي إسلامنا ثلاث قطع قماش ودفن في نفس اليوم، وكفى، والحمد لله على نعمة الإسلام.
13- انتقد تأثر محمد عبده الشيخ المصري بالغرب بإنكاره الملائكة والغيبيات، فلم يوافقه في شيء من هذا الانحراف، خاصة بعد زيارته لأوروبا، لكن الشيخ زار أوروبا كلها من إسطنبول إلى عشرات الدول، في أوروبا وآسيا وأفريقيا ومصر والحجاز والصين وسيبريا، وكانت المسافة تقارب (43653 كم) ودونت الكثير من مشاهداتي عنها، ولو كنت أتقن اللغة الإنجليزية لكانت لدي فرص معرفية كبيرة جداً، ولهذا أنا نادم على قلة ثقافتي اللغوية عدا ما أتقنته فيما بعد، ورصد الشيخ انتقال بعض عادات المجوس والنصارى إلى المسلمين ومنها نواقيس نصرانية على قبور المسلمين، في تركيا، وهي من الأرثوذكس.
14- أما رأيه في السلطان عبد الحميد، نقم عليه ما نشره أعداؤه من الماسون واليهود ضده، ومع ذلك وجد أغلب الشعوب الإسلامية تحب الأتراك وسلاطينهم، على رغم ما أصاب الأتراك من تحلل من الدين مؤخراً، وبعضهم كان يوزع صوراً لهؤلاء السلاطين في كل مكان.
15- أكبر ثروة لدى الدول الإسلامية، كانت ثروة الأوقاف، لكنها ضيعت بالإهمال والفساد ووقوعها في أيدي الفساق، وليس المحتاجين، ومن الأسباب عدم وجود فتاوى مناسبة عصرية لتفعيل أموال الأوقاف، وهي تحتاج بنوك خاصة بها، وإدارة اقتصادية حيوية ليستفاد من ريعها الهائل.
16- ياباني اسمه " ياما أوكا" يلحق الشيخ إلى الهند ليسلم على يديه، ويسافر معه، ويحج، لخدمة الإسلام، وسماه (عمر أفندي)، وذكر الشيخ أن الإنجليز جمعوا ثروتهم من نهب خيرات العالم الإسلامي ومن الهند وغيره، كما أن الإنجليز يزودوا شرطة الهند بعصاتين، إحداهما للقتل، وأخرى لضرب المسلمين في مساجدهم، وهال الشيخ شدة الفقر والجهل والأمراض والتخلف في الهند، في ظل الحكم البريطاني الذي يعيش على رفاهية عالية من خلال استغلال الهنود وظلمهم، مما دفعه أن يذهب ويقابل مدير الأمن العام في بومبي البريطاني، وأفرغ غضبه في وجهه عن مشاهداته في شوارع الهند ومدنها وتخلفها، في ظل أرقى دولة في التقدم والتحضر في العالم يومها، فكان جوابه: ذلك بسبب مقتضيات أديان الهنود، فرد عليه قائلاً: وهناك سبب آخر وهو ظلمكم لهذا الشعب ومعاملتكم لهم أدنى من معاملتكم للحيوانات.
17- سأل الشيخ كثير من الهنود وكبار السن منهم عن هذه الأحوال المزرية فيهم، فكان جواب الجميع، أن قبل دخول واحتلال الإنجليز لبلدنا لم تكن ترى في شوارعها هذا الفقر والمرض والتخلف، لأن الإنجليز يأخذون من المزارعين نصف انتاجهم، وليس نصف صافي دخلهم، والباقي تكاليف زراعتهم ورمق معيشتهم، والخسائر على الفلاح، وقرأت الكثير من الصحف تحدثت حول هذا الموضوع.
18- رأيت مسجداً يعود تاريخه إلى 600سنة، حوله الإنجليز إلى ثكنة للفرسان، وبنوا حوله الحمامات، وجعلوا محرابه بيت خلاء، وحرم المسجد حظيرة للخيول، وحكى له قاضٍ عدل في المحاكم، أن الإنجليز عزلوه، واستخدموه ب 15 روبية كشرطي في مسجد، وحرضوا عليه الناس لازدرائه – بنشر أفكار الانتساب إلى الوهابية - كما ألغى الإنجليز كثير من الأحكام الدينية والشرعية، ووضعوا أيديهم على أملاك الوقف الإسلامي، كما أن الإنجليز سعوا بشدة للتدخل وإسقاط الخلافة التركية والقضاء على الإسلام، وكان منطلقهم في السيطرة على البلاد العربية وتركيا والبلاد الإسلامية من احتلالهم للهند.
19- مشكلة المسلمين الكبرى الحماقة، والسذاجة، والذاكرة القصيرة والنسيان السريع، فنسوا جرائم الغرب والإنجليز والمستعمرين وعداوتهم للإسلام، فانبهروا بتقدمهم وأعجبوا بتسلطهم، فعظموا جلادهم وسجانهم وقاتلهم واحترموه وقلدوه، وأصبح المسلم يفتخر بالرطن بالإنجليزية، ويستحي من الانتساب والتفاخر بالعربية والإسلام، ومثال ذلك: في الجزائر وتونس والمغرب، وتفاخرهم بالفرنسيين والفرنسة، وقد أباد هؤلاء منهم أكثر من مليون مجاهد وإنسان، ومثلهم الهنود، الذين نهبهم ودمرهم الإنجليز، وهم يفتخرون بقاتليهم وسارقيهم ولغتهم وعاداتهم، يتفاخرون بسكة الحديد وبعض المباني الحكومية، (وكأن الكلب لم يأكل لهم عجيناً)، وردَّ عليَّ طالبُ علمٍ بغباء قائلاً: " إن الإنجليز هم صنعوا الهند الحديثة" متناسياً هذا وأمثاله ما نبكي عليه من فردوسنا الذي فقدناه في الأندلس، كما فقدنا مثله في الهند كذلك، لكن آفة المتخلف والمريض والضعيف النسيان.
20- ولا ننسى أن لمسلمي الهند فضل في طباعة آلاف كتب التراث الإسلامي والمصاحف، على أحسن وجه، في فترات ازدهار الحرية ونشاط مسلميها قبل تسلط العنصريون الهندوس على الحكم، بتحريض الإنجليز، ومع ذلك لا أرى في زمني دعاة متفرغين لنشر الإسلام، حتى في عاصمة خلافتهم الأخيرة إسطنبول، فضلاً عن المناطق الأخرى والدول الأخرى، عكس ما عليه التنصير المدعوم من الحكومات النصرانية والاستعمارية، ومع هذا يقبل الناس من كل الملل والشعوب على الدخول في هذا الدين العظيم المؤيد من الله تعالى، بالآلاف من الهندوس والنصارى ومن لا دين له حين يهديهم الله تعالى بطريقة لا تفسير لها، إلا أنها أمر الله نصرة لدينه، وهذا في عام 1909م ومطلع القرن العشرين، فكيف لو عرف ورأى الشيخ، الداعية أحمد ديدات، وذاكر نايك، ويوسف استيس، وليبولد فايس، وآخرون من كل شرائح المجتمعات الغربية والشرقية تدخل الإسلام وتتحول إلى دعاة على أعلى مستوى!’
21- استشرف الشيخ المستقبل بأن المسلمين والهندوس سيتحدون لطرد الإنجليز من الهند، فتحقق عام 1948م، كما تعاون اليابانيون مع الأندونسيين لطرد الهولنديين من أندونيسيا، سقطت تركيا الخلافة، حين وصل بها الأمر أن لا تجد من يحسن أن يكون مفتشاً على تذاكر الحافلات، أو بواباً على مؤسسة، فالجهل أبو المرض والتخلف والفقر والذل والهوان.
22- رصد الشيخ ما تقوم به حكومة هولندا، من نهب حجاج (جاوه) وحكومة فرنسا تنهب حجاج (تونس والجزائر والمغرب)، والإنجليز ينهبون حجاج (الهند ومصر)، والروس ينهبون حجاج (تركستان وإيران والصين والتتار، وبشكل رسمي، وغيرهم وغيرهم من الظلمة، والمسلمون مساكين لا حول لهم ولا قوة، وكان بعض هؤلاء الحجاج حين وقعت عيونهم على علم تركيا (الهلال والنجمة) على سفينتين حربيتين تركية، بكى بعضهم ورفع بعضهم يديه بالدعاء لحفظ السلطان والسلطنة، وذكر قصة عالم (محمد مراد أفندي) فقيه وصوفي ومؤلف وناشر كتب وله مصنفات بالعربية والفارسية والتركية مطبوعة ومخطوطة، مجاور لمكة نصف قرن، وله اطلاع على علوم الشريعة كافة، والأحاديث، وفي آخر عمره لم يحظ لمعيشته سوى بوظيفة بواب في رباط الحجاج التتار بمكة المكرمة، ليكون في ذل الحاجة وازدراء قيمة العلم والعلماء عند المسلمين، فوصلوا إلى ما وصلوا إليه من استهانة أعدائهم بهم.
23- لا تفسير في كفاية ثلاثة أفران قديمة في مكة كلها لأهلها وهم مائة ألف، وحجاجها وهم ثلاثمائة ألف وأكثر، إلا بأن ذلك حصيلة البركة، وأخذت قارورة ماء زمزم إلى بلدي وبقيت عندي 12 سنة لم تتغير ولم تتبدل، وجربتها في كثير من الأمراض فكان تأثيرها قطعي لدي، ومع ذلك دونت مشاهداتي للقاذورات في أماكن كثيرة في مسجد الخيف في منى، وجنة المعلا في مكة، والمشعر الحرام بمزدلفة، ولما نزلت أمطار غزيرة (سيل الحرم) تحولت ساحة المسجد الحرام إلا بركة نجاسات، حسبنا الله ونعم الوكيل.
24- وصل عدد أئمة الحرم المدني إلى أكثر من مائة إمام بالوراثة، وبعضهم أطفال، يأتي دورهم بالسنة مرة أو مرتين، وحين لا يحسن القراءة، فيعطي دراهم عدة لأحدهم فيؤم عنه، وهو يقبض راتب شهري لكل العام، لأن أباه كان إماماً للحرم، وزار الشيخ المسجد الأموي ونبه في كلمة للمصلين، بأن يتركوا التعصب لمذهب ومحرابه في المسجد، لأن الإسلام واحد، ولفت انتباه الشيخ كثرة المدارس الأجنبية في بيروت، اليسوعية والأمريكية، ومنها في سوريا كذلك، لإفساد أبناء المسلمين، وليس لتعليمهم.
25- وجد الشيخ في الصين عددا من الكتب الشرعية المترجمة للصينية، منها (مختصر المعاني) في علم البلاغة، وفي الفقه والنحو والصرف وعقائد النسفي، وهذا يدل على وجود علماء كبار من الصينين يتقنوا اللغتين: اللغة الأم واللغة العربية، والعلوم الشرعية.
26- حكم ولطائف: أ- إذا كان هناك قانون متفق عليه فهو أن اللص = لص في كل زمان، ب - ملايين الحمقى يمارسون حماقاتهم لخدمة حفنة من البشر اللئام، ج- لا تجد سفير صيني يغير لباسه الوطني في أوروبا، بينما الأتراك يخجلون من طرابيشهم فيلبسون قبعات أوروبية، د - كنت في رحلاتي في الصين ارسم حولي عند النوم في الجبال والعراء خطاً دائرياً بتراب أبيض فلا تتجاوزه الذئاب، لأنها تعرف معنى الحدود، عكس الأوربيين الذين هم أقل تحضراً من الذئاب، هـ - سرت أحد عشر يوماً على قدمي، فقطعت 586118 خطوة، وأقدِّر ما أقطعه من المسافات، بتلاوة جزء من القرآن يعادل 3 كم، و- قابلت هنا في الصين يهودي من مدينة حلب، ظننته من علماء تركيا لهيئته (جبة وعمامة)، فأخبرني بحزنه لإهمال مسجد هنا مهلهل يكاد يسقط، وهو باسم أحد العشرة المبشرين بالجنة، وقال: لو كان للنصارى لشيدوه ولو لم يكن له أصل في نسبته وتسميته.
27- للحصول على معلومات مؤكدة، تزيى بزي صيني كاشغري، وزار عدداً من الأديرة، واستقى معلومات من المنصرين، وتظاهر بالمسكنة، وكان يتقن لهجة أهل (كاشغر).
28- التقى بهنود يقال لهم (النوايط) قرشيو الأصل، خرجوا من المدينة المنورة، من ظلم الحجاج وولاته، واستوطنوا سواحل البحر الهندي.
29- لا شيء يطربني في هذه الحياة مثل مخالفتي لأوامر الحكومات، علماء العالم الإسلامي أصبحوا مثار الفساد وتفريق المسلمين، والإصلاح الحقيقي يبدأ بإصلاح هؤلاء العلماء، أكثر الناس مظلومية في العالم النساء، وهن في أوروبا أكثر من يتعرض للظلم، حتى من نسائنا.
30- هناك قوانين غريبة في الكون من سنن الله، فما يخشاه الناس كثيراً يقع، حتى أن السلطان عبد الحميد كان يخشى الخلع، فتأتيه قشعريرة من كلمة و(نخلع) في دعاء القنوت، حتى أنه ورد عنه: أن تحذف هذه الكلمة من هذا الدعاء، فوقع ما كان يخشاه فخلع. [ ورد على الشيخ آخرون بان السلطان كان مظلوماً في خلعه، كما ظلم عثمان رضي الله عنه بقتله وخلعه]. وفي الختام ذكر الشيخ ركوبه قطار بيروت – إسطنبول، مروراً بحلب، وأنه كان منتظماً ومريحاً، أوصلنا خلال ثلاثة أيام فقط إسطنبول، والحمد لله رب العالمين.
وأخيراً:
لخص الكتاب الأستاذ: سالم بن محمد القحطاني، 2018م في الدوحة (قطر)، من أصل مجلدين (أكثر من ألف صفحة) إلى 119 صفحة، وأنا بدوري محمد نبيل كاظم لخصت التلخيص من 119 صفحة إلى 8 صفحات فقط، لتيسير قراءتها للمشغولين بما لا يستحق من الانشغال، والحمد لله رب العالمين.

انتهى تلخيصه: يوم 19/6/2024م.
رابع يوم عيد الأضحى المبارك.
المرفقات
Abdurrashid_Ibrahimov.jpg
Abdurrashid_Ibrahimov.jpg (25.93 KiB) تمت المشاهدة 1462 مرةً


أضف رد جديد

العودة إلى ”السيرة والتراجم“