التعريف السديد بأبي الحسن الأشعري الحميد
قال الإمام الذهبي الشافعي رحمه الله في سير أعلام النبلاء: " العلامة أبو الحسن الأشعري: (260 - 324 هـ) إمام المتكلمين، كان عجباً في الذكآء وقوة الفهم، ولما برع في معرفة الاعتزال كرهه وتبرأ منه، ثم أخذ يرد على المعتزلة، ويهتك عوارهم" .
وقال قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان المؤرخ الكبير رحمه الله في وفيات الأعيان: " أبو الحسن الأشعري هو صاحب الأصول والقائم بنصرة مذهب السنة، وإليه تنسب الأشعرية، وشهرته تغني عن الإطالة في تعريفه، والقاضي أبو بكر الباقلاني ناصر مذهبه ومؤيد اعتقاده".
وقال السبكي في الطبقات: "واعلم أن أبا الحسن الأشعري، لم يبدع رأياً ولم يُنشِ مذهباً وإنما هو مقرر لمذاهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقا وتمسك به، وأقام الحجج والبراهين عليه فصار المقتدي به في ذلك، السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعريا، وهو شيخنا وقدوتنا إلى الله تعالى، شيخ طريقة أهل السنة والجماعة ، وإمام المتكلمين، وناصر سنة سيد المرسلين، والذاب عن الدين، والساعي في حفظ عقائد المسلمين، سعياً يبقى أثره إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين، إمام حبر، وتقي بر، حمى جناب الشرع من الحديث المفترى، وقام في نصرة ملة الإسلام، فنصرها نصراً مؤزرا".
ويقول الشيخ عز الدين بن عبد السلام في عقيدته: "واعتقاد الأشعري رحمه الله مشتمل على ما دلت عليه أسماء الله التسعة والتسعون ".
وقال العلامة ابن خلدون رحمه الله في المقدمة: " ثم لما كثرت العلوم والصنائع، وولع الناس بالتدوين والبحث في سائر الأنحاء، وألَّف المتكلمون في التنزيه، حدَثت بدعة المعتزلة، وكان ذلك سببا لانتهاض أهل السنة بالأدلة العقلية على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع، وقام بذلك أبو الحسن الأشعري إمام المتكلمين فتوسط بين الطرق ونفى التشبيه، وأثبت الصفات المعنوية، وقصر التنزيه على ما قصره عليه السلف، وشهدت له الأدلة المخصصة لعمومه".
خلاصة معتقده:
" وإجمال اعتقاد الأشعري رحمه الله تعالى، الذي هو اعتقاد أهل السنة والجماعة، ان الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له، ليس بجسم مصور، ولا جوهر محدود مقدر، ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شىء ﴿ ليس كمثله شىء وهو السميع البصير﴾، قديم لا بداية لوجوده، دائم لا يطرأ عليه فناء، لا يعجزه شىء، ولا تحيط به الجهات ، كان قبل أن كون المكان بلا مكان، وهو الآن على ما عليه كان، لا يقال متى كـان ولا أين كان؟ ولا كـيف، لا يتقيد بالزمان ولا يتخصص بالمكان، تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات، وانه سبحانه منزه عن الجلوس والمماسة والاستقرار، والتمكن والحلول والانتقال، لا تبلغه الأوهام ولا تدركـه الأفهام مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك، حي، عليم، قادر، سميع، بصير، متكلم، وكلامه قديم كسائر صفاته لأنه سبحانه مباين لجميع المخلوقات في الذات والصفات والأفعال، ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر، وأنه سبحانه وتعالى خلق الخلق وأعمالهم، وقدر أرزاقهم وآجالهم، لا دافع لما قضى ولا مانع لما أعطى، يفعل في ملكه ما يريد ﴿لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون﴾ ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه سبحانه موصوف بكل كمال يليق به، منزه عن كل نقص في حقه، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، مبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، صادق في كل ما يبلغه عن الله تعالى.
قال فيه أبو بكر أحمد المعروف بالخطيب البغدادي المؤرخ الكبير المتوفى سنة ( 463ه) في الجزء الحادي عشر من تاريخه المشهور صفحة (346): " أبو الحسن الأشعري المتكلم صاحب الكتب والتصانيف في الرد على الملحدة وغيرهم من المعتزلة والرافضة، والجهمية، والخوارج وسائر أصناف المبتدعة، إلى أن قال: وكانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله تعالى الأشعري فحجزهم في أقماع السمسم» .
قال ابن العماد الحنبلي رحمه الله في الشذرات الجزء الثاني صفحة (303): " ومما بيض به أبو الحسن الأشعري وجوه أهل السنة النبوية وسود به رايات أهل الاعتزال والجهمية، فأبان به وجه الحق الأبلج، ولصدور أهل الإيمان والعرفان أثلج، مناظرته مع شيخه الجبائي التي بها قصم ظهر كل مبتدع مراء".
قال القاضي ابن فرحون المالكي في الديباج المذهب: " كان - الأشعري - مالكياً صنف لأهل السنة التصانيف وأقام الحجج على إثبات السنن وما نفاه أهل البدع، فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودفع شبه المعتزلة ومن بعدهم من الملاحدة، وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة".
قال آخر شيوخ المشيخة للدولة العثمانية الشيخ العلامة محمد زاهد الكوثري رحمه الله: " فالأشعري والماتريدي هما إماما أهل السنة والجماعة في مشارق الأرض ومغاربها، لهم كتب لا تحصى، وغالب ما وقع بين هذين الإمامين من الخلاف من قبيل الخلاف اللفظي، وقد دونت عدة كتب في ذلك ، وقد أحسن تلخيصها البياضي في : ” إشارات المرام في عبارات الإمام”.
قال الإمام المفسر جلال الدين المحلي رحمه الله في البدر الطالع: " ونرى أن أبا الحسن الأشعري إمام في السنة أي الطريقة المعتقدة مقدم فيها على غيره، ولا التفات لمن تكلم فيه بما هو بريء منه".
قال الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله: " اتفق أصحاب الحديث أن أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، كان إماما من أئمة أصحاب الحديث، ومذهبه مذهب أصحاب الحديث، تكلم في أصول الديانات على طريقة أهل السنة، ورد على المخالفين من أهل الزيغ والبدعة، وكان على المعتزلة والروافض والمبتدعين من أهل القبلة والخارجين من الملة سيفا مسلولاً، ومن طعن فيه أو قدح، أو لعنه أو سبه، فقد بسط لسان السوء في جميع أهل السنة".
قال شيخ الإسلام الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله في إتمام الدراية: " نعتقد أن إمامنا الشافعي ومالكا وأبا حنيفة وأحمد رضي الله تعالى عنهم وسائر الأئمة على الهدى من ربهم في العقائد وغيرها، ونعتقد أن الإمام أبا الحسن الأشعري إمام في السنة أي الطريقة المعتقدة وقدموه فيها على غيره.
قال حافظ الشام ومحدثها الإمام ابن عساكر رحمه الله في كتابه " تبيين كذب المفتري": " وأكثر العلماء في جميع الأقطار عليه – يعني مذهب الأشعري – وأئمة الأمصار في سائر الأعصار يدعون إليه، وهل من الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية إلا موافق له أو منتسب إليه أو راضٍ بحميد سعيه في دين الله أو مثنٍ بكثرة العلم عليه".
قال عنه الإمام القاضي عياض المالكي رحمه الله في " ترتيب المدارك ": لما كثرت تواليفه وانتفع بقوله، وظهر لأهل الحديث والفقه ذبه عن سنن الدين، تعلق بكتبه أهل السنة، وأخذوا عنه ودرسوا عليه، وتفقهوا في طريقه، وكثر طلبته وأتباعه لتعلم تلك الطرق في الذب عن السنة، وبسط الحجج والأدلة ونصر الملة، فسموا باسمه، وتلاهم أتباعهم وطلبتهم فعُرفوا بذلك، وإنما كانوا يعرفون قبل ذلك بالمثبتة، سمة عرفتهم بها المعتزلة، إذ أثبتوا من السنة والشرع ما نفوه، فأهل السنة من أهل المشرق والمغرب بحججه يحتجون، وأثنوا على مذهبه وطريقته» .
قالَ أبو الحسن الأشعري في " كِتابِه الإبانةِ ": " فإن قالَ لنا قائِلٌ: قد أنْكَرْتُم قَوْلَ المُعْتَزِلةِ والقَدَريَّةِ والجهمية والحرورية، والرَّافِضةِ والمُرْجِئةِ، فعَرِّفونا قَوْلَكم الَّذي به تقَوْلونَ، وديانتَكم الَّتي بها تَدينونَ، قيلَ له: قَوْلُنا الَّذي نَقولُ به وديانتُنا الَّتي نَدينُ بها، التَّمَسُّكُ بكِتابِ اللهِ رَبِّنا عَزَّ وجَلَّ، وبسُنَّةِ نَبيِّنا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وما رُوِيَ عن السَّادةِ الصَّحابةِ والتَّابِعينَ وأئِمَّةِ الحَديثِ، ونحن بذلك مُعْتَصِمونَ، وبما كانَ يَقولُ به أبو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ -نَضَّرَ اللهُ وَجْهَه ورَفَعَ دَرَجتَه وأَجزَلَ مَثوبتَه - قائِلونَ، ولِما خالَفَ قَوْلَه مُخالِفونَ؛ لأنَّه الإمامُ الفاضِلُ، والرَّئيسُ الكامِلُ، الَّذي أبانَ اللهُ به الحَقَّ، ودَفَعَ به الضَّلالَ، وأَوضَحَ به المِنْهاجَ، وقَمَعَ به بِدَعَ المُبْتَدِعينَ، وزَيْعَ الزَّائِغينَ، وشَكَّ الشَّاكِّينَ، فرَحْمةُ اللهِ عليه مِن إمامٍ مُقدَّمٍ، وجَليلٍ مُعظَّمٍ، وكَبيرٍ مُفهِمٍ .
...............
التعريف السديد بأبي الحسن الأشعري الحميد
المشرف: محمد نبيل كاظم
قوانين المنتدى
''
''
-
- Site Admin
- مشاركات: 790
- اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm
-
- Site Admin
- مشاركات: 790
- اشترك في: الأحد نوفمبر 15, 2020 1:55 pm
Re: التعريف السديد بأبي الحسن الأشعري الحميد
[size=150]السؤال الكبير الهام المطروح اليوم:
لماذا الهجمة الشرسة الظالمة على هذا الإمام العلم من علماء أهل السنة والجماعة؟ ورميه بالبدعة والضلال!
الجواب لا يحتاج إلى كثير فكر وتفكير:
حيث نجد أن أعداء الإسلام - المستشرقون الإنجليز - والغربيون عموماً، تيقنوا من فشل خططهم في استعمار العالم العربي والإسلامي عسكرياً،
فلجأوا إلى حرب الإسلام من داخله، عن طريق النابتة اللامذهبية، التي أقنعوها بأن الإسلام يحتاج إلى تصحيح عقائده، وتصويب فقهه من جديد،
بالعودة إلى الكتاب والسنة مباشرة، دون الرجوع إلى السلف الأوائل، والأئمة الأوائل الذين نهلوا من معين الصحابة والتابعين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
(وهم الأئمة الأربعة: الإمام أبي حنيفة والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل،) وتلاميذهم الذين نشروا فقههم ومناهجهم الاجتهادية، في الأرض لألف عام،
وزعموا أن السلف هم: (ابن تيمية، وابن القيم، وابن عبد الوهاب، والألباني) وعلماء نجد حصراً، يتجاوزون بهم فقه سائر علماء الأمة، أو ينتقوا ما يوافق هؤلاء عليه،
ثم أخذوا في الطعن بالأئمة، وبكبار علماء الأمة، والطعن بأبي الحسن الأشعري، والماتريدي، والنووي، وابن عبد السلام، حتى لا يطلع الشباب والأحداث، على شريعة الله واجتهادات العلماء، فيكون بذلك سداً وحاجزاً بين الأجيال المعاصرة وتراث الأمة وفقهها، وفي بلدان أخرى كتركيا، غيروا الحروف العربية التي كتبت به كتب التراث،
فلم يعد يستطيع أحد قراءة ما كتبه الآباء والأجداد من الفقه والأحكام الشرعية، وتفسير القرآن وشرح الحديث، فصار الناس تلاميذ للعلمانية والمدارس العصرية، ولهذا نجد الخطة في طمس تاريخنا وتغييبه في بلاد الإسلام واحدة، بأساليب متعددة.
هذا ما يفسر الهجمة على الأشعرية والماتريدية وأئمة الفقه وكبار العلماء، والتشكيك باجتهاداتهم وعلومهم، وصولاً إلى تكفير المسلمين، واستباحة دمائهم وأموالهم، في الحروب التي يخطط لها المستعمر الغربي في بلاد أهل الإسلام، والوقود هم السذج ومن ثم المغفلين، ومن ثم الجهلة، ومن ثم أنصاف وأرباع طلبة العلم الشرعي، ومن ثم أصحاب الظلمة والطواغيت وجنودهم وحراسهم، المصفقين لكل ناعق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. [/size]
لماذا الهجمة الشرسة الظالمة على هذا الإمام العلم من علماء أهل السنة والجماعة؟ ورميه بالبدعة والضلال!
الجواب لا يحتاج إلى كثير فكر وتفكير:
حيث نجد أن أعداء الإسلام - المستشرقون الإنجليز - والغربيون عموماً، تيقنوا من فشل خططهم في استعمار العالم العربي والإسلامي عسكرياً،
فلجأوا إلى حرب الإسلام من داخله، عن طريق النابتة اللامذهبية، التي أقنعوها بأن الإسلام يحتاج إلى تصحيح عقائده، وتصويب فقهه من جديد،
بالعودة إلى الكتاب والسنة مباشرة، دون الرجوع إلى السلف الأوائل، والأئمة الأوائل الذين نهلوا من معين الصحابة والتابعين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
(وهم الأئمة الأربعة: الإمام أبي حنيفة والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل،) وتلاميذهم الذين نشروا فقههم ومناهجهم الاجتهادية، في الأرض لألف عام،
وزعموا أن السلف هم: (ابن تيمية، وابن القيم، وابن عبد الوهاب، والألباني) وعلماء نجد حصراً، يتجاوزون بهم فقه سائر علماء الأمة، أو ينتقوا ما يوافق هؤلاء عليه،
ثم أخذوا في الطعن بالأئمة، وبكبار علماء الأمة، والطعن بأبي الحسن الأشعري، والماتريدي، والنووي، وابن عبد السلام، حتى لا يطلع الشباب والأحداث، على شريعة الله واجتهادات العلماء، فيكون بذلك سداً وحاجزاً بين الأجيال المعاصرة وتراث الأمة وفقهها، وفي بلدان أخرى كتركيا، غيروا الحروف العربية التي كتبت به كتب التراث،
فلم يعد يستطيع أحد قراءة ما كتبه الآباء والأجداد من الفقه والأحكام الشرعية، وتفسير القرآن وشرح الحديث، فصار الناس تلاميذ للعلمانية والمدارس العصرية، ولهذا نجد الخطة في طمس تاريخنا وتغييبه في بلاد الإسلام واحدة، بأساليب متعددة.
هذا ما يفسر الهجمة على الأشعرية والماتريدية وأئمة الفقه وكبار العلماء، والتشكيك باجتهاداتهم وعلومهم، وصولاً إلى تكفير المسلمين، واستباحة دمائهم وأموالهم، في الحروب التي يخطط لها المستعمر الغربي في بلاد أهل الإسلام، والوقود هم السذج ومن ثم المغفلين، ومن ثم الجهلة، ومن ثم أنصاف وأرباع طلبة العلم الشرعي، ومن ثم أصحاب الظلمة والطواغيت وجنودهم وحراسهم، المصفقين لكل ناعق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. [/size]